أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-06
![]()
التاريخ: 2025-02-09
![]()
التاريخ: 2024-02-27
![]()
التاريخ: 2024-03-23
![]() |
كانت الواحات ضمن أملاك الدولة المصرية في عهد الأسرة الثانية والعشرين، كما أوضحنا ذلك في الجزء التاسع من هذه الموسوعة. غير أن سلطانها كان قد ضعف بسبب ما حل بمصر من تفكك وانحلال في عهد أواخر الأسرة الثانية والعشرين والثالثة والعشرين والرابعة والعشرين، وأوائل الخامسة والعشرين، وكانت هذه الأسرات كلها تحكم سويًّا في مصر في آن واحد، ولا غرابة في ذلك فقد كانت البلاد في الواقع في هذه الفترة مقسمة عدة دويلات صغيرة وصلت في خلالها إلى أكثر من ثماني عشرة دويلة، وبخاصة في الدلتا.
ولقد كشف لنا عن هذه الحالة المفزعة من الانقسام ما جاء على لوحة الملك «بيعنخي» الكوشي (1). حقًّا ورد في نقوش الأسرة الخامسة والعشرين ما يدل على نفوذ ملوك كوش على هذه الواحات، بعد استقرار سلطانهم على البلاد ولَمِّ شملها، غير أنه لم تصل إلينا نقوش بارزة في هذا الصدد (2)، وكل ما عثر عليه من عهد الأسرة الخامسة والعشرين بعض قطع من مقصورة أقامها الملك «تهرقا» في الواحة، وقد استعمل الأهالي هذه الأحجار في مبانيهم الحديثة، ولا يبعد أن هناك آثارًا كثيرة له لم يكشف عنها بعد، وبخاصة أن «تهرقا» قد أشار إلى ثراء الواحات في نقوشه التي تركها لنا.
أما في عهد الأسرة السادسة والعشرين، فقد كان هناك اتصال وثيق بين مصر والواحات، وبخاصة في الواحتين البحرية وسيوة. وترجع هذه العلاقات إلى أزمان سحيقة في القدم في عهد الملكين «إبريز» و«أحمس الثاني»؛ وقد كان عهد الأخير يعد عصرًا ذهبيًّا بالنسبة للواحات (3).
وقد تحدثنا فيما سبق عن الحروب التي قامت بين «إبريز» بقيادة «أحمس»، الذي اغتصب الملك منه فيما بعد وبين المستعمرة الإغريقية التي كانت قائمة في عهده في بلاد لوبيا (سيريني)، وقد كان من جراء ذلك أن هزم الجيش المصري للأسباب التي ذكرناها فيما سبق، وتولى بعد ذلك «أحمس» عرش الملك بعد أن خلع سيده «إبريز». وقد كانت الواحات آخذة في التقدم فعلًا في عهد الملك «إبريز»، إذ كانت العلاقات بينها وبين مصر آخذة في الظهور بصورة محسة، فقد أقيم في عهده معبد (4) لا تزال بقاياه موجودة.
وقد كان «أحمس» الثاني بعد توليه الملك على تمام الأهبة، والحيطة في أن تكون علاقته مع الواحات وطيدة سليمة، وأن يكون هو المسيطر عليها؛ لأنها كانت المفتاح الخارجي لمصر، وبخاصة طرق القوافل المؤدية إلى بلاد النوبة والسودان، ومن أجل ذلك عمل على أن تكون هذه النقط الاستراتيجية والتجارية في الصحراء تابعة له، وسعى في أن يوليها عنايته، ويعمل على بث الأمن والثراء في أرجائها، وعلى إقامة المعاقل لصد أي عدوان من جيرانه الذين كانوا في غربيها. وسنحاول فيما يلي أن نظهر إلى أي حد حقق كل هذه الأغراض.
ففي واحة «سيوة» التي تعد أقرب محط خارجي لبلاد «لوبيا» أقام «أحمس الثاني» حصنًا على صخرة كان من الصعب مهاجمته، كما أقام في داخل هذا المعقل معبدًا، غير أنه لم توجد فيه نقوش إلا في حجرة واحدة، وقد وجد فيه طغراء مهشمة بعض الشيء نسبها الأستاذ «ستيندروف» إلى الملك «أكوريس» أحد ملوك الأسرة الثلاثين، غير أن الأستاذ «أحمد فخري» يقول: إنها للملك «أحمس» (5). وهذا المعبد قد أقامه مدير البلاد الأجنبية المسمى «ستخارديس»، الذي مثل على أحد جدران هذا المعبد، وهو يضع ريشة في شعره وهي العلامة المميزة للوبيين. وعلى مدى الأيام أصبح كهنة معبد «سيوة» على شهرة عظيمة بسبب وحي الإله «آمون» المعروف.
وكذلك نالت كل من الواحة الداخلة والخارجة قسطًا من عناية الملك «أحمس»، غير أن آثارهما لم تفحص بعد بصورة تمكننا من إثبات الأعمال التي قام بها هذا الفرعون في هاتين الجهتين، وعلى أية حال فإن معبد «هيبيس» الكبير الواقع في الواحة الخارجة قد بدئ العمل فيه في عهد الأسرة السادسة والعشرين، ومن المحتمل أن ذلك كان في عهد «أحمس الثاني»، ومهما يكن من أمر فإن نقوش هذا المعبد لم يكن قد تم العمل فيها قبل العهد الفارسي؛ وذلك لأن اسم الملك «دارا» يشاهد على جدرانه (6).
هذا ونجد أن الواحات الأخرى قد أخذت في أسباب الثراء، ولا أدل على ذلك من أن بعض السكان أخذوا في إقامة مقابر فيها تضارع التي كانت تقام في مدن وادي النيل نفسه، ففي «الواحة البحرية» عثر على أربع مقابر يرجع عهدها إلى الأسرة السادسة والعشرين كان أصحابها من الذين يشغلون مكانةً عليا في الواحة، ونعلم أنه كان منهما اثنان يشغلان وظيفة كاهن وهم: (1) «بدعشتر» الكاهن الأكبر للإلهين «خنسو» و«حور»، (2) «باتي»، وهو كاهن «خنسو» وحاجب «آمون»، وقد كان حفيد الكاهن «بدعشتر» و(3) «زد أمنوف عنخ»، وقبره بالقرب من «قعرت قصر سليم» شرقي «البويطي»، وأخيرًا (4) قبر «باناننتيو» ويقع غربي الأخير.
هذا وتدل النقوش المكشوفة في هذه الجهة على أن الكاهن الثاني المسمى «زدخنسوف عنخ» قد أصبح كاهن معابد الواحة البحرية وحاكمها؛ وقد أقام فيها معبدين عظيمين باسم «أحمس الثاني»، وكان هذا الحاكم من الثراء بحيث أقام لنفسه هناك تماثيل كبيرة من المرمر، وقد عثر على اثنين منهما، وكذلك أقام عدة مقاصير في الواحة البحرية على مقربة من عين «المفتلا». وقد كشف عن أربع منها. وقد أقيمت هذه المقاصير من الحجر واللبنات ونقشت جدرانها وزينت بالألوان، ويشاهد عليها مناظر كثيرة يرى فيها «أحمس» يتبعه حاكم الواحة البحرية الموالي له، كما تشاهد عدة آلهة من الذين كانوا يعبدون هناك، ومما يؤسف له جد الأسف أن قبر هذا الحاكم العظيم لم يعثر عليه بعد، ولكن من جهة أخرى كشف عن مقابر ثلاثة من أقربائه عثر عليهم الدكتور «أحمد فخري».
وهذه المقابر تدل على ما كانت تتمتع به هذه الأسرة من ثروة عظيمة حتى قبل عهد الملك «أحمس الثاني»، إذ في الواقع يرجع إقامة بعضها إلى عهد الملك «إبريز».
..............................................
1-راجع: الجزء الحادي عشر.
2-راجع: مصر القديمة الجزء الحادي عشر، وراجع كذلك: Fakhry, Bahria Oasis, II, P. 73–80 with Fig. 53–64 & Pls. XL VIII
3-راجع: Porter & Moss, VII, P. 299–311.
4-راجع: Ahmed Fakhry, Die Kapelle aus der Zeit des Apries in der Oase Bahria in Archiv Fur Aegypt, Arch I (April, 1, 1938) P. 97 ff
5-راجع: The Necropolis of Gabal el Mota, A. S., XL, P. 786.
6-راجع: Bahria Oasis, Ibid, P. 21.
|
|
لشعر لامع وكثيف وصحي.. وصفة تكشف "سرا آسيويا" قديما
|
|
|
|
|
كيفية الحفاظ على فرامل السيارة لضمان الأمان المثالي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تجري القرعة الخاصة بأداء مناسك الحج لمنتسبيها
|
|
|