أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-03
![]()
التاريخ: 2023-05-26
![]()
التاريخ: 2024-12-10
![]()
التاريخ: 25-11-2014
![]() |
قد عرفنا موضع كلّ مِن الرجل والمرأة في الحياة العائليّة وِفق ما رَسَمها الإسلام ، نعرف مَبلغ الخسارة التي تتحمّلُها على أَثر فِقدان عضوها من ذكرٍ أو أُنثى ، إنّها إذا افتقدت أنثى فقد خَسِرتْ كافِلةَ العائلة ومربِّيتَها التي تفيض عليها بالعطف والحَنان وفي رِفقٍ ومُداراةٍ ، أمّا إذا افتقدت ذكراً فقد خَسِرت حاميها وكافلَ مؤونتِها ، وخَسِرت أضعافَ ما خَسِرت عند فِقدان أُنثى .
والدية جُبران للخَسارة إلى حدٍّ ممكن ومعقول ، ومِن ثَمّ تحاسب على قَدَر ما خَسِره المُجنى عليه عرفيّاً ، وقد قدّره الشارع الحكيم بمقادير هو أعلم بتكافؤها مع مقادير الخسارة الواردة ، فليس هناك تفضيل وإنّما هو تدبير إلهٍ حكيم .
والمَزعومة في حديث المواريث جَرَت هنا أيضاً وهي كأُختها مرفوضة ولا سيّما على وجه التنبيه الأخير .
والغريب ـ هنا ـ ما شذَّ عن بعض المُعاصرينَ مِن القول بتساوي دية المرأة مع الرجلِ إطلاقاً ، سواء كان في النفس أو الطَّرف ؛ نظراً لإطلاق أدلّة الدية وعدم دليل معتبر
على التفريق فيما حَسب ، وهكذا زَعْمُ التساوي في القِصاص من غير ردّ التفاضل (1) ، وهو خلاف إجماع الفقهاء عامّتهم وخاصّتهم :
قال ابن رُشْد الأندلسي : واتّفقوا على أنّ دية المرأة نصفُ دية الرجل في النفس ، واختلفوا في الشِّجاج وأعضائها ، فقال جمهور فقهاء المدينة : تساوي المرأة الرجل في عقلها والشِّجَاج والأعضاء إلى أنْ تبلغ ثُلُث الدية ، فإذا بلغت ثُلُث الدية عادت ديتُها إلى النصف مِن دية الرجل ، أعني دية أعضائها مِن أعضائه . ومِثال ذلك أنّ في كلّ إصبعٍ مِن أصابعها عشراً مِن الإبل ، وفي اثنين منها عشرون ، وفي ثلاثة ثلاثون ، وفي أربعة عشرون .
وقال بعض الفقهاء : على النصف مطلقاً قياساً ، وسأل ربيعة بن أبي عبد الرحمان ـ المعروف بربيعة الرأي ـ سعيد بن المُسيّب : كم في أربعٍ مِن أصابعها ؟ قال : عشرون ، قال ربيعة : قلت : حين عَظُم جُرحُها واشتدّت بليّتُها نَقَص عقلُها ( أي ديتها ) ! قال سعيد : أَعراقيٌّ أنت ؟ [ حيث تقيس ] قلت : بل عالِم متثبِّت أو جاهِل متعلِّم ، فقال سعيد : هي السُنّة (2) .
رَوَوْا عن الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( أنّ دية المرأة على النصف من دية الرجل ) .
ورَوَوا عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( المرأة تُعاقِل الرجل إلى ثُلُث الدية ) (3) .
قال عَميد الطائفة الشيخ المفيد أبو عبد اللّه مُحمّد بن مُحمّد بن النعمان : والمرأة تُساوي الرجل في دِيات الأعضاء والجوارح حتّى تَبلغ ثُلُث الدية ، فإذا بلغته رجعت إلى النصف من دِيات الرجال ، مثال ذلك : أنّ في إصبعِ الرَّجُل إذا قُطعت عشراً من الإبل ، وكذلك في إصبع المرأة سواء ، وفي الإصبعين منهما عشرون ، وفي ثلاث أصابع منهما ثلاثون ، وفي أربع أصابع الرجل أربعون من الإبل ، وفي المرأة عشرون ؛ لأنّها زادت على الثُلُث فرجعت بعد الزيادة إلى أصل دية المرأة ـ وهي النصف من دِيات الرجال ـ ثُمّ على الحساب كلّما زادت أصابِعُها وجوارحها وأعضاؤها على الثُلُث رجعت إلى النصف... قال :
وبذلك ثَبَتت السُنّة عن نبيّ الهدى ( صلّى اللّه عليه وآله ) وبه تواترت الأخبار عن الأئمة مِن آله ( عليهم السلام ) (4) .
وبذلك صرّحت صحيحة أبان عن الصادق ( عليه السلام ) وقد أجاب الإمام في دفع استغراب أبان ما أجابَ سعيد بن المسيّب لربيعة الرأي ، قال ( عليه السلام ) : ( يا أبان ، إنّك أخذتني بالقياس ، والسُنّة إذا قِيست مُحِق الدِّين ) (5) .
وقال شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي : دية المرأة نصف دية الرجل ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال ابن عليّة والأصم ـ مِن العامّة ـ : هما سواء في الدية ، قال : دليلنا إجماع الفِرقة . وأيضاً رُوي عن النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) ذلك ، وروى معاذ نحوَ هذا عن رسول اللّه ، وهو إجماع الأُمّة ، وروى ذلك عن عليّ عليه الصلاة والسلام .
قال : المرأة تُعاقل الرجل إلى ثُلُث ديتها في الأَرُوش المُقدَّرة ، فإذا بلغته فعلى النصف... قال: دليلنا إجماع الفِرقة وأخبارهم . وفسّر السُنّة في كلام سعيد بسُنّة النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وإجماع الصحابة والتابعين (6) .
وقال السيّد العاملي : وإجماعنا محصّل ومحكّي في كلام جماعة ، وفي الرياض : أنّ حكايتَه مستفيضة حدّ الاستفاضة مضافاً إلى الصِّحاح المستفيضة وغيرها مِن المُعتَبَرة التي كادت تكون مُتواترةً ، ولم يُنقل الخلاف عن أحدٍ مِن علماء المسلمين سِوى ما عن ابن عليّة والأصمّ على ما حكاه الشيخ (7) .
أمّا الروايات عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) فبالغة حدّ التواتر وفيها الصِّحاح وذوات الاعتبار على حدّ الاستفاضة كما ذكره السيّد الطباطبائي صاحب الرياض .
روى محمّد بن يعقوب الكُليني بإسناده الصحيح عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( ودية المرأة نصف دية الرجل ) (8) .
وأيضاً بإسناده الصحيح عنه ( عليه السلام ) في رجلٍ قَتَل امرأةً متعمِّداً ، قال : ( إنْ شاء أهلُها أنْ يَقتُلوه ويؤَدُّوا إلى أهلِه نصفَ الدية ، وإنْ شاءوا أخذوا نصفَ الدية : خمسة آلاف درهم ) (9) .
وفي الصحيح أيضاً : سُئل عن رجلٍ قتل امرأةً خطأً ، قال : ( عليه الدية خمسة آلاف درهم ) (10) .
وروى الشيخ بإسنادٍ صحيح عن الإمام أبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) في الرجل يَقتل المرأة ، قال : ( إنْ شاءَ أولياؤُها قَتَلوه وغَرِموا خمسةَ آلاف درهم لأولياء المقتول ، وإن شاءوا أخذوا خمسة آلاف درهم من القاتل ) (11) .
وأَورَد الحرّ العاملي في الباب 5 من أبواب الديات (12) والباب 33 من أبواب القِصاص في النفس (13) أحاديث متضافرة جلّها صِحاح في أنّ دية المرأة نصفُ دية الرجل سواء في الخطأ أو العَمْد ، وكذلك في ردِّ التفاضل إذا كان القاتل رجلاً .
وأورد في الباب 44 من أبواب دِيات الأعضاء (14) والباب 3 من أبواب دِيات الشِّجَاج والجِراحات (15) أنّ المرأة تُعاقل الرجل إلى أن تبلغ ثُلُث الدية فإذا جاوزت الثُلُث رجعت إلى النصف ، حديثٌ متضافر بل متواتر .
وعليه ، فلا مجال للتشكيك في المسألة من الناحية الفقهيّة حَسَب ضوابط الأُصول .
__________________________
1. منتخب الأحكام ليوسف الصانعي ، ص249 ، م797 .
2. بداية المجتهد لابن رُشد ، ج2 ، ص460 .
3. الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري ، ج5 ، ص371 .
4. المقنعة للمفيد ، ص764 ، ووسائل الشيعة ، ج29 ، ص353 .
5. وسائل الشيعة ، ج29 ، ص352 ، باب 44 من أبواب دِيات الأعضاء .
6. كتاب الخلاف للطوسي ، ج2 ، ص390 ـ 391 ، مسألة 63 و64 .
7. مفتاح الكرامة للسيّد العالمي ، ج10 ، 368 .
8. الكافي ، ج7 ، ص298 ، رقم 1، ووسائل الشيعة ، ج29 ، ص205 ، باب 5 من أبواب الديات .
9. الكافي ، ص299 ، رقم 4 .
10. المصدر : رقم 5 .
11. تهذيب الأحكام للطوسي ، ج10 ، ص182 ، رقم 713 .
12. وسائل الشيعة ، ج29 ، ص205 ـ 206 وفيه أربعة أحاديث ، ط آل البيت .
13. المصدر : ص80 ـ 87 وفيه 21 حديثاً .
14. المصدر : ص352 ـ 353 وفيه ثلاثة أحاديث .
15. المصدر : ص383 ـ 384 وفيه حديثان .
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|