أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-1-2016
![]()
التاريخ: 27-04-2015
![]()
التاريخ: 18-11-2014
![]()
التاريخ: 18-11-2014
![]() |
أ ـ اللُّغة :
للنّسْخ معانٍ متعدّدةٍ ذُكرت في كتب اللُّغة وهي تدور بين (النقل) و(الإزالة) و(الإبطال).
فتقول : (نسخ زيد الكتاب إذا نقله عن معارضه).
ونسخ النحل إذا نقله من خليّةٍ إلى أُخرى ، وتقول : نسخ الشيب شبابه ، إذا أزاله وحلّ محلّه.
وتقول : نسخت الريح آثار القوم ، إذا أبطلتها وعفت عليها (1).
واللُّغويون حين يذكرون هذه المعاني المتعدّدة يختلفون في أيّ واحدٍ منها هو المعنى الحقيقي للكلمة ، أو أنّها بأجمعها معانٍ حقيقية؟
وتمييز المعنى الحقيقي للكلمة عن المعنى المجازي ليس في الواقع من الأهمّيّة بقدْر تحديد المعنى اللُّغوي الذي ينسجم مع فكرة النّسْخ ذاتها ، وبهذا الصدد نجد أنّ الإزالة هي أوفق المعاني اللُّغوية انسجاماً مع الفكرة التي عرضناها عن النّسْخ ، خصوصاً إذا لاحظنا أنّ فكرة النّسْخ في القرآن الكريم ورد التعبير عنها بمواد مختلفة تنسجم كلها مع الإزالة ، لأن كل واقعة لا يمكن أن تخلو من الحكم الشرعي ، فإذا أُزيل حكم فلا بد ان يحل محله حكم آخر.
وأمّا في القرآن كقوله تعالى :
{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا...} [البقرة : 106].
وقوله تعالى :
{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد : 39].
وقوله تعالى :
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل : 101].
فنجد الإزالة هي المعنى الذي ينسجم مع المحو والتبديل أيضاً.
ب ـ الاصطلاح :
وحين نلاحظ كلمة النّسْخ في إطلاقات علماء القرآن والمفسّرين نجد الكلمة قد مرّت بمراحل متعدّدة من التطوّر حتّى انتهى الأمر بها إلى خصوص الفكرة التي عرضناها سابقاً.
وهذه المراحل تبدأ منذ العصور الأُولى لهذا العلم ، حيث كان يطلق بعض الصحابة كلمة النّسْخ على مجرّد مخالفة آيةٍ لأُخرى في الظهور اللّفظي ، حتّى لو كانت هذه المخالفة على نحو العموم والخصوص من وجه أو نحو التخصيص ، أو كانت إحدى الآيتين مطلقة والأُخرى مقيّدة.
وهذه السعة في الإطلاق قد تكون نتيجةً للتوسّع في فهم أصل الفكرة ، كما يمكن أن تكون نتيجة فهمٍ ساذجٍ لبعض الآيات القرآنية.
ومن هنا وقع الاختلاف بين علماء القرآن في تعيين الآيات المنسوخة والآيات الناسخة ، فنجد بعضهم يتوسّع في تعدادها ، وبعضهم الآخر يقتصر على كميّةٍ محدودةٍ منها.
ولكن بعد مُضي مدّةٍ من الزمن على الدراسات القرآنية نرى بعض العلماء يحاول أن يميّز بين النّسْخ وبين (التقييد) و(التخصيص) و(البيان) ، ويُقصر النّسْخ على الفكرة التي عرضناها سابقاً؛ وقيل : إنّ أوّل محاولة في ذلك كانت من قِبَل (الشافعي).
وقد ذكر الأُصوليون للنّسخ تعاريف كثيرة أصبحت بعد ذلك مجالاً واسعاً للمناقشة والنقد ، ولكنّنا نقتصر هنا على ما ذكره السيد الخوئي (رحمه الله) من تعريف للنّسْخ؛ لأنّه يفي بالمقصود.
النّسْخ : (رفع أمرٍ ثابتٍ في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفية ـ كالوجوب والحرمة ـ أم من الأحكام الوضعية كالصحّة والبُطلان ، وسواء أكان من المناصب الإلهيّة ، أم من غيرها من الأُمور التي ترجع إلى الله تعالى بما أنّه شارع) (2).
ويُلاحظ في هذا العريف أنّ الرفع في النّسْخ إنّما يكون لأمرٍ ثابتٍ في أصل الشريعة ، ولذا فلا يكون شاملاً لمثل ارتفاع الحكم الشرعي الذي يكون بسبب انتهاء موضوعه : كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان ، أو ارتفاع ملكيّة شخصٍ لماله بسبب موته ؛ فإنّ هذا النوع من ارتفاع الحكم لا يُسمّى نَسْخاً ، ولا نجد من يخالف في إمكانه ووقوعه؛ وقد أوضح السيد الخوئي (رحمه الله) لنا الفرق بين الارتفاع الذي يكون نسْخاً ، والارتفاع الذي لا يكون من النسْخ في شيءٍ وذلك بالبيان التالي :
إنّ الحكم المجعول في الشريعة المقدّسة له مرحلتان من الثبوت :
الأُولى :
ثبوت الحكم في عالم التشريع والإنشاء ، والحكم في هذه المرحلة يكون مشرعاً على نحو (القضيّة الحقيقية) حيث لا يفرّق في صدقها وثبوتها وجود الموضوع في الخارج وعدم وجوده ، وإنّما يكون قوام ثبوت الحكم ووجوده فيها بفرض وجود الموضوع.
فإذا قال الشارع : شرب الخمر حرام (مثلاً) فليس معناه أنّ هنا خمراً في الخارج وأنّ هذا الخمر محكومٌ بحُرمة شربه ، وإنّما معناه أنّ الخمر متى ما فُرض وجوده في الخارج فشربه محكومٌ بالحُرْمة في الشريعة ، سواء كان في الخارج خمر بالفعل أم لم يكن ، ورفع مثل هذا الحكم في هذه المرحلة من ثبوته لا يكون إلاّ بالنّسْخ.
الثانية :
ثبوت الحكم في الخارج بأن يتحوّل إلى حكمٍ فعليٍّ بسبب فعليّة موضوعه وتحقّقه خارجاً ، كما إذا تحقّق وجود الخمر خارجاً في مثالنا السابق ، فإنّ الحرمة المجعولة في الشريعة للخمر تكون ثابتةً له بالفعل خارجاً ، وهذه الحرمة تكون مرتهنةً في وجودها بوجود الموضوع خارجاً وتستمرّ باستمراره ، فإذا انعدم الموضوع أو ارتفع كما إذا انقلب خَلاًّ مثلاً ، فلا ريب في ارتفاع تلك الحُرْمة الفعليّة التي كانت ثابتةً للخمر حال خمريّته وتحل محلّها الحلّيّة للخَل (3).
وهذا الارتفاع للحكم ليس من النّسْخ في شيء ، وليس لأحدٍ شكٌ في جوازه ولا في وقوعه.
__________________________
(1) راجع بذا الصدد لسان العرب 4 : 28 ط. بولاق.
(2) البيان للسيّد الخوئي : 277. طبعة دار الزهراء ـ بيروت.
(3) البيان للسيّد الخوئي : 278. طبعة دار الزهراء ـ بيروت.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|