أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-04
![]()
التاريخ: 2024-09-30
![]()
التاريخ: 2024-05-16
![]()
التاريخ: 2024-12-26
![]() |
يقع معبد «وادي مياه»، أو «وادي عباد» — وهو المعروف عند علماء الآثار بمعبد «الردسية» — على مسيرة خمسة وثلاثين ميلًا شرقي «إدفو» على الطريق القاحلة المؤدية إلى مناجم الذهب القريبة من البحر الأحمر، وهذا المعبد قد نحته «سيتي الأول»، وأطلق عليه هذا الاسم «لبسيوس»؛ لأنه قد وصل إليه عن طريق بلدة «الرديسية» التي تبعد عنه حوالي أربعين ميلًا تقريبًا، والواقع أن هذا المعبد كان معروفًا قبل عهد «ليسيوس»، وقد وصل إليه بحاثون أثريون قبله، ووصفوه، واسمه الأصلي هو «وادي مياه«(1)، أو «الكنايس»، وهذا الاسم الأخير قد أطلق عليه من اسم المعبد الذي كان في نظر السكان هناك يشبه الكنيسة. وتدل نقوش هذا المعبد على أنه نُقر في واجهة صخرية عالية في «وادي مياه»، أو «وادي عباد» الذي يمتد في الصحراء قبالة «إدفو». والواقع أن الظل الظليل الذي ترسله الصخور الشامخة على رقعة الصحراء هناك قد جعلت تلك البقعة محط رحال طبعيًّا للذين يخترقون هذه الطريق المجدبة؛ ومن المحتمل أنه كانت هناك مستعمرة منذ الأزمان السحيقة في القدم، يدل على ذلك ما نشاهده من صور القوارب المقدسة الجميلة المنقوشة في الصخور الواقعة شرقي المعبد، ويرجع تاريخها إلى عهد الأسر الأولى المصرية، ويلاحظ أن هذه القوارب قد نسبت للإله «مين» الذي كان يُعد من أهم المعبودات في الصحراء الشرقية، وكذلك نجد أن «منموسي» نائب الفرعون في «كوش»، والذي عاش في عهد «أمنحتب الثالث» قد نقش اسمه على هذه الصخور (2).
شكل 1: معبد وادي مياه (الردسية).
وقد كانت الطريق في عهد «سيتي الأول» قد أصبحت عسيرة شاقة وعرة بسبب قلة الماء؛ من أجل ذلك قام هذا الفرعون بحفر بئر في هذه الجهة أطلق عليها بئر «سيتي مرنبتاح»، وخرائب هذه البئر لم تزَل ظاهرة حتى الآن، وسنجد في نقوش هذا المعبد وصفًا شيقًا لهذه البئر جاء على لسان الفرعون. فيحدثنا فيه عن عطفه الأبوي، ورعايته لمصالح مواطنيه، والسهر على ما فيه راحتهم وسلامتهم، إذ قد جاس خلال هذه الصحراء بنفسه — كما يقول المتن — باحثًا عن أحسن مكان ليحفر فيه بئر للسابلة، يستقون منه في أثناء ارتيادهم الصحراء إلى مناجم الذهب فيها، والواقع أن هذا الحادث على ما نظن لا يخرج عن صياغة واقعة عادية في قالب فصيح منمق بالألفاظ الخلابة، والتعابير الأخاذة؛ مما كان يصوغه لأولئك الفراعنة طائفة درِّبت عليه، ونُشئت على تسطير مثل هذه الحوادث، وإحاطتها بهالة من التزلف، والمبالغة، والإغراق في المديح؛ حتى إننا نفقد أحيانًا الحقائق التاريخية التي تكون قد غرقت في مثل هذه الألفاظ الجوفاء، ومن ثم تختلط الحقيقة بالخيال، وتغطي على التاريخ الخرافات اللفظية؛ فيصبح نسيًا منسيًّا. والواقع أنه عندما كان يرغب الفرعون في إقامة أثر، أو الشروع في عمل كانت العادة أن الفرعون بعد الافتتاح الرسمي يمثل جالسًا يستشير قلبه الصالح الآلهة، أو الشعب، ثم يبتدئ بنفسه تنفيذ هذا العمل الصالح، وتقدَّم أمامه تفاصيله، ثم يتبع ذلك مدائح العظماء الذين يكونون قد التفوا حوله؛ ليعرض عليهم ما أوحى به قلبه إليه؛ فيشيدون بعظمته، وأصالة رأيه، ونشاطه بما لم يسمع به من قبل. ويلاحظ أن الدور الذي قام به «سيتي الأول» في «وادي مياه» شخصيًّا كان من هذا النوع من التمثيل، غير أنه لدينا وثائق رسمية تجعلنا في شكٍّ من أن «سيتي» كان يمثل هذا الحادث أيضًا، وهذه الوثيقة تحدثنا بأنه قد قام بزيارة هذا المنجم فعلًا. وهكذا يقف المؤرِّخ حائرًا بين التصديق والتكذيب، وإن كانت أفعال هؤلاء الملوك تجعل الإنسان يميل إلى الرأي الأخير. وبعد هذه الزيارة المزعومة بزمن قصير استقرَّ الرأي على ما يظهر على إقامة معبد، ومساكن للعمال، وكانت البئر التي حُفرت هناك تعرف — كما قلنا — ببئر «سيتي مرنبتاح» (تاخنمت سيتي مرنبتاح).
...........................................
1- راجع ما كتب عن اسم هذا الوادي وموقعه في مجلة B. L. F. A. O., Tome. XVII, p. 1–38 & J. E. A., Vol. IV, 241–251.
2- راجع: Rec. Trav. XIII, pl. 4. Fig. I.
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
أصواتٌ قرآنية واعدة .. أكثر من 80 برعماً يشارك في المحفل القرآني الرمضاني بالصحن الحيدري الشريف
|
|
|