في أن المغول آفة الحضارة، وفي ذكر ما أوقعوه فيها، وانحطاط العلوم بانحطاط السلطة والثروة. |
![]() ![]() |
أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-9-2019
![]()
التاريخ: 2024-01-07
![]()
التاريخ: 2023-11-26
![]()
التاريخ: 7-1-2019
![]() |
كما أن للأجسام أمراضًا قد تقضي عليها في بعض الأحيان، وكما أن بين النباتات نباتات أخرى مضرة لآكلها، بل سامة له، كذلك للحضارة أقوامًا مُضرة بها، بل مُتلفة لها في بعض الأحوال؛ فالمغول أو المغل هُم من هذا القبيل؛ أي إنهم مُتلِفون للعمران مُهلِكون للمجتمع البشري كما شاهدناهم عند هبوطهم بغداد، ففعلوا من الأفاعيل ما يرتعد لها فرائص الإنسانية من قتلٍ ونهبٍ وإفسادٍ وإحراقٍ ومُنكراتٍ ليس للقلم إمكان أن يُدوِّنها أو يصفها. وأعمالهم هذه لم تكن أعمال أمس، أو في هذه الأمصار الشرقية فقط، بل كانت كذلك منذ الأعصُر الواغلة في القِدَم، إلا أن التاريخ لم يعرف من أمرهم شيئًا مُثبتًا إلا مُنذ عهد تموجين الذي سمَّى نفسه «جنكيز خان»، فلما هلك اقتسم مملكته أبناؤه الأربعة، وهم: جوجي، وجغطاي، وتولاي، وأوكتاي، وكانت الكلمة النافذة والسطوة العاملة لأوكتاي، وهو الذي فتح الصين في سنة 1234م، وأرهب وأرعب خلقًا جَمًّا، ومن الصين ذهب إلى كوه قاف (قوقاس، أو قفقاسية)، وغزا «باطو» ابن أخيه جوجي بلاد روسية، وأخذ موسكو في سنة 1237م، وأوغل في ديار المجر، ثم عاد أدراجه إلى بلاده المغولية عند وفاة أوكتاي في سنة 1241م. وقام بعده كويوك، ثم منكو بن تولاي سنة 1250م، فأمعن منكو في هند الصين، بينما كان أخوه هولاكو يأخذ أم العراق بغداد. وخلف منكو قبلاي (1259–1294)، وقلب دولة «سنغ» الصينية وأنشأ دولة «يوين» المغولية في سنة 1279م، فامتدَّت رقعته من بلاد الروس إلى ديار اليابان، ومن المحيط الشمالي إلى هند الصين. ولما طُرد اليوينيون من بكين حاضرة الصين لكثرة مَن قام عليهم من الثوار احتلَّ عرشهم آل «منغ» سنة 1386–1388، وحينئذٍ أصبح لكل طائفة منهم تاريخ مستقل خاص بها. وفي هذا التاريخ لا ترى من الحسنات شيئًا، بل تراه مكتوبًا بأحرُف من دم على صُحُف سوداء، سوَّدتها فظائعهم ومظالمهم وشنائعهم التي تقشعرُّ لذكرها الأبدان؛ فالذي أنزلوه من البلايا والرزايا في ديار النهرين أنزلوا مثله في سائر الأمصار العامرة، فصيَّروها غامرة. وأنت تعلم أن البلاد التي لا يتسنَّى لها الراحة لا يتسنَّى لها المعاملة والمتاجرة، ولا المبايعة والمقايضة، ولا الزراعة والصناعة، فتغدو فقيرة بحكم الحال. وإذا افتقرَت البلاد قام أهلها يغزو بعضهم بعضًا ليعيشوا، فيأخذ القويُّ ما يجده لحاجته عند الضعيف. وعلى هذه الصورة تنحطُّ البلاد، ويذلُّ سُكانها ويقِلُّون إن لم ينقرضوا، وما ذلك إلا آفة الجهل، وما آفة الجهل إلا الأقوام المنحطة التي لا تريد الرقي، كما لا تريد أن تَدين لسيد عاقل حكيم كما تظهر هذه الحقيقة لأدنى تأمُّل.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|