إن الذرة هي العنصر الرئيسي المكون لأي مادة، والتي على أساسها تتحدد سمات المادة وخواصها وترسم سياسات وطبيعة علاقاتها وتفاعلاتها مع ذرات المواد الأخرى لبناء جسيمات المركبات الكيميائية التي تُعرف بالجزيئات Molecules، وتُعد ذرات وجزيئات المواد، التي تنخفض مقاييس أحجامها إلى مستوى النانومتر بمنزلة أحجار الزوايا المستخدمة في تشييد صرح تكنولوجيا النانو.

ومثلما يهيمن العازف الماهر على الخطوط الأساسية للحن والتلاعب Manipulation بأوتار قيثارته لإخراج اهتمامهم بتحسين ومضاعفة أروع الجمل الموسيقية، فإن تكنولوجيا النانو قد هيمنت على خواص المادة وسلوكها، وذلك من خلال قدرتها على إعادة تنظيم وترتيب ذرات المادة Atomic Arrangement والتلاعب بجزيئاتها، مع التحكم في بنية هياكلها الداخلية عن طريق تصغير مقاييس أبعاد حبيباتها Grain Sizes المكونة لتلك الهياكل. ومن ثم فقد أضحت المادة الواحدة، بعد سيناريو التغيير التراجيدي هذا، تبدو وكأنها مادة مختلفة تتمتع بخواص وصفات متميزة.

وفي هذا الصدد قدمت تكنولوجيا النانو الكثير من التقنيات المبتكرة والسبل الميسرة التي تمكننا من التحكم في البناء الذري Atomic Structure الداخلي للمادة، وتطوير نمط ترتيب الذرات بمواقع الشبكات البلورية Crystal Lattices مما أدى إلى طفرة هائلة في منهاجية علوم المواد أدت إلى ميلاد أنواع جديدة من المواد غير النمطية التي تختلف في خواصها عن أترابها من المواد التقليدية. ويرتبط النجاح في تفهم علم النانو وتكنولوجيتها بمدى إدراكنا وتفهمنا لبنية المادة وترتيب ذراتها الداخلية.