أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-5-2021
![]()
التاريخ: 25-4-2022
![]()
التاريخ:
![]()
التاريخ: 10-4-2022
![]() |
إن من أهم ما يتوجه إليه المحاور في حوار، التزام الحسنى في القول والمجادلة ففي محكم التنزيل (وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن) (الاسراء / 53): (وجادلهم بالتي هي احسن) (النحل / 125).
(وقولوا للناس حسنا) (البقرة / 83).
فحق العاقل اللبيب طالب الحق، أن ينأى بنفسه عن أسلوب الطعن والتجريح والهزء والسخرية، وألوان الاحتقار والإثارة والاستفزاز
ومن لطائف التوجيهات الإلهية لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم في هذا الباب، الانصراف عن التعنيف في الرد على أهل الباطل، حيث قال الله لنبيه:
(وان جادلوك فقل الله اعلم بما تعملون * الله يحكم بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه تختلفون) (الحج/٦٨- ٦٩).
وقوله: (وانا أو إياكم لعلى هدى او في ضلال مبين)، (سبأ/24) مع أن بطلانهم ظاهر، وحجتهم داحضة.
ويلحق بهذا الأصل: تجنب أسلوب التحدي والتعسف في الحديث، ويعتمد إيقاع الخصم في الإحراج، ولو كانت الحجة بينة والدليل دامغاً. فإن كسب القلوب مقدم على كسب المواقف، وقد تفحم الخصم ولكنك لا تقنعه، وقد تسكته بحجة ولكنك لا تكسب تسليمه وإذعانه، وأسلوب التحدي يمنع التسليم، ولو وجدت القناعة العقلية، والحرص على القلوب واستلال السخائم أهم وأولى عند المنصف العاقل من استكثار الأعداء واستكفاء الإناء، وإنك لتعلم أن إغلاظ القول، ورفع الصوت، وانتفاخ الأوداج، لا يولد إلا غيظاً وحقداً وحنقا، ومن أجل هذا فليحرص المحاور، ألا يرفع صوته أكثر من الحاجة فهذا رعونة وإيذاء للنفس وللغير، ورفع الصوت لا يقوي حجة ولا يجلب دليلاً ولا يقيم برهاناً ، بل إن صاحب الصوت العالي لم يغل صوته- في الغالب- إلا لضعف حجته وقلة بضاعته، فيستر عجزه بالصراخ ويواري ضعفه بالعويل، وهدوء الصوت عنوان العقل والاتزان، والفكر المنظم والنقد الموضوعي، والثقة الواثقة.
على أن الإنسان قد يحتاج إلى التغيير من نبرات صوته حسب استدعاء المقام ونوع الأسلوب، لينسجم الصوت مع المقام والأسلوب، استفهامياً كان، آو تقريرياً أو إنكارياً أو تعجبياً ، أو غير ذلك، مما يدفع الملل والسآمة، ويعين على إيصال الفكرة، ويجدد التنبيه لدى المشاركين والمتابعين.
على أن هناك بعض الحالات الاستثنائية التي يسوغ فيها اللجوء إلى الإفحام وإسكات الطرف الآخر، وذلك فيما إذا استطال وتجاوز الحد، وطغى وظلم وعادى الحق، وكابر مصابرة بينة، وفي مثل هذا جاءت الآية الكريمة:
(ولا تجادلوا اهل الكتاب الا بالتي هي احسن الا الذين ظلموا منهم) (العنكبوت / 46).
(لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم) (النساء: من الآية / 148).
ففي حالات الظلم والبغي والتجاوز، قد يسمح بالهجوم الحاد المركز على الخصم وإحراجه، وتسفيه رأيه، لأنه يمثل الباطل، وحسن أن يرى الناس الباطل مهزوماً مدحوراً،
وقبل مغادرة هذه الفقرة من الأدب، لا بد من الإشارة إلى ما ينبغي من العبد من استخدام ضمير المتكلم أفراداً أو جمعا، فلا يقول: فعلت وقلت، وفي رأيي، ودرسنا، وفي تجربتنا، فهذا ثقيل في نفوس المتابعين، وهو عنوان على الإعجاب بالنفس، وقد يؤثر على الإخلاص وحسن القصد، والناس تشمئز من المتعالم المتعالي، ومن اللائق أن يبدلها بضمير الغيبة فيقول: يبدو للدارس، وتدل تجارب العاملين، ويقول المختصون، وفي رأي أهل الشأن، ونحو ذلك.
وأخيرا فمن غاية الأدب واللباقة في القول وادارة الحوار ألا يفترض في صاحبه الذكاء المفرط، فيكلمه بعبارات مختزلة، وإشارات بعيدة، ومن ثم فلا يفهم، كما لا يفترض فيه الغباء والسذاجة، أو الجهل المطبق، فيبالغ في شرح مالا يحتاج إلى شرح وتبسيط مالا يحتاج إلى بسط.
ولا شك أن لناس بين ذلك درجات في عقولهم وفهمهم، فهذا عقله متسع بنفس رحبة، وهذا ضيق العطن، وآخر يميل إلى الأحوط في جانب التضييق، وآخر يميل إلى التوسيع، وهذه العقليات والمدارك تؤثر في فهم ما يقال، فذو العقل اللماح يستوعب ويفهم حرفية النص وفحواه ومراد المتكلم وما بين السطور، وآخر دون ذلك بمسافات.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|