لقد ازدهرت التجارة في العصور الوسطى وبشكل خاص في المدن الإيطالية(1) التي ظهر بها ما يسمى بطوائف التجار، حيث تختار كل طائفة من بين أعضائها رئيسا يسمى بالقنصل ليتولى الفصل في المنازعات التي تنشأ بين تجار الطائفة وفقا للأعراف والعادات السائدة آنذاك، الأمر الذي ساهم فيما بعد بنشوء أول التقنيات التجارية.

وفي هذه المرحلة ظهرت فكرة إنشاء السجل التجاري حيث تعود أصوله التاريخية للقرن الثالث عشر، عندما كانت طوائف التجار في إيطاليا تقيد أسماء أعضائها في مدونة خاصة فلم يكن ذلك للعلنية والإشهار، وانما من أجل تنظيم داخلي لشؤونها ولحصر التجار ودعوتهم إلى اجتماعات دورية ومطالبتهم برسوم القيد في سجلاتها، وبعد مرور الزمن أصبحت المدونة تسجيلا للعلنية والإشهار ووسيلة لمعرفة التجار ومراكزهم المالية، ومن ثم بات نظام السجلات التجارية معروفا في أغلب التشريعات (2).

"وهناك من أرجع أصل الدفاتر التجارية إلى النظام الطائفي الذي كان يميز التجارة في القرون الوسطى حيث قننت لائحة ( جواك سافراريه) في فرنسا في عام 1763م وكانت عبارة عن تقنين لعادات وأعراف التجار، وكان ظهور أول دفتر تجاري منظم بشكل واضح في القرن الخامس عشر في 1449 م عن طريق الإيطالي "لونا باكيللوا" وهو دفتر اليومية" (3).

ثم توالت المؤلفات في هذا الموضوع طيلة القرنين السادس والسابع عشر في إيطاليا ومنها كتاب الفقيه ( ستيفن) الذي خطا خطوة جديدة بشأن بيان أنواع الدفاتر  التجارية، ويعتبر هذا المؤلف بعد ( لونا باكيللو) المؤسس الثاني للمحاسبة التجارية من خلال الدفتر التجاري (4).

____________ 

1- مثل فينيسيا وجنوا وبياز وفلورنسا. انظر: العكيلي، عزيز، مرجع سابق، ص 37.

2- المصري، حسني 1986. القانون التجاري، الكتاب الأول، مقدمة القانون التجاري، نظرية الأعمال التجارية  والتجار والمحل التجاري، جامعة عين شمس، مصر، ط 1، ص 37

3- الفقي، محمد السيد 2000 . دروس في القانون التجاري الجديد، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية،  ط 1، ص 205

4-  المحمود، أحمد 1994. شرح قانون التجارة اللبناني، ج 6، دار صادر، بيروت، ص 344.