وتتصل هذه المحددات بالدور المتوقع للاعلام ان يقوم به في التاثير، وهذا يتطلب بدوره معرفة وخبرة بإمكانيات الوسائل الاعلامية، والمؤسسات التي تدعمها والكوادر البشرية التي تتطلع بها. واهم هذه المحددات:

1. ان دور الاعلام في التأثير في الجماهير، لم يعد موضع شك.. الا ان درجة التأثير ترتبط ارتباطا كبيرا بالفروق الاساسية بين البشر، واطاراتهم المرجعية، واهتماماتهم التي تحدد درجة تقبلهم لما يقرأون، ويسمعون ويشاهدون.
2. ان دور الاعلام في التأثير في النظم السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية يتوقف على حد كبير في وضعية وسائل الاعلام من نظام الى آخر.. وهي وضعية تحدد طبيعة ونوع واحتياجات كل مجتمع لوسائل اعلامه، والدور المنتظر منها، وهي مسألة تختلف من مجتمع الى اخر.
3. ان التحديد الدقيق والواعي لإمكانيات كل وسيلة من وسائل الاعلام في التوعية بالقضايا وطرح الموضوعات والاقناع بالرؤى الخاصة، ونشر الثقافة والمعرفة يتطلب مراعاة خصائص كل وسيلة ومدى ملائمتها لمعالجة قضايا وموضوعات معينة من حيث نوع الرسالة، ومصدرها وخصائص الجمهور المستهدف، وما الى ذلك.
4. التخطيط العلمي للدور المنتظر احداثه للاعلام في مجال معين، يختلف من مجال الى اخر، ومن مرحلة الى اخرى. فقد يكون دور الاعلام المتخصص في مرحلة معينة زيادة الاهتمام ببعض الموضوعات، وفي مرحلة اخرى النوعية، وفي مرحلة ثالثة احداث الاستجابة وهكذا.
5. ضرورة وجود مؤسسات اعلامية متخصصة بقنواتها وبرامجها وكتبها وصفحها ومجلاتها، وهذا يتطلب اعادة النظر في البناء المؤسسي لوسائل الاعلام بما يتلائم مع روح التخصص التي تعتبر احد السمات الاساسية لهذا العنصر.
6. التأكد من وجود كوادر اعلامية متخصصة في المجالات المختلفة من حيث الحرفية والخبرة والدراسة التي أجريت على القائمين بالاتصال في مجال الاعلام البيئي وهو احد اهم مجالات الاعلام المتخصص انهم يعانون من جملة مشاكل ابرزها: افتقارهم للثقافة البيئية السليمة والخبرة والمهارة الفنية التي تمكنهم من تبسيط المعلومات البيئة المتخصصة، علاوة على افتقاد القدرة على عرضها بصورة مقنعة للرأي العام)(1).
7. ان تطوير الاداء المهني للإعلاميين العاملين في مجالات الاعلام المتخصص، يتطلب على المدى القريب تدريبهم وتأهيلهم واحتكاكهم بالعلماء والخبراء في المجالات المتخصصة من خلال المؤتمرات والسيمنارات وحلقات النقاش التي تجمع الاعلاميين بالعلماء في مختلف المجالات، وبذلك تتكون لديهم قاعدة معرفية متخصصة. أما على المدى وأي الوسائل تناسب الجمهور الذي يود مصدر ال رسالة مخاطبة.

فاذا كان مصدر الرسالة بحاجة الى وسيلة سريعة الانتشار، واكثر قدرة على تعليم الناس، ولا تحتاج الى مستوى معين من التعليم فان الاذاعة المرئية تعتبر اكثر الوسائل ملائمة.

واذا كانت الصحافة تحتاج الى مستوى معين من التعليم، وتصلح لمعالجة الموضوعات المتشعبة، فان الامر في الاذاعة المسموعة يختلف، وبينما الاذاعة المرئية تصلح لمعالجة مختلف موضوعات الحياة لاعتمادها على الكلمة والصورة، ولكونها وسيلة اتصال مواجهي، فان السينما تزيد من فاعلية الرسالة حيث عنصر الحركة يضيف بعدا جديداً يجعلها اكثر قدرة على معالجة المواضيع المعقدة والطويلة والمتعددة الجوانب.

وبالطبع، فان وظائف الاعلام المتخصص ومحدداته لا تقف عند هذا الحد، ذلك ان مجالات الاعلام المتخصص تتعدد بتعدد مجالات الحياة واهتمامات الناس واذواقهم وحاجاتهم الى المعرفة. ومن هنا، فان الوظائف والادوار والمحددات وان كانت تعتمد على ما هو متعارف عليه في مجال الدراسات الاعلامية، الا ان تفاصيل هذه الوظائف والادوار والمتطلبات تختلف من مجال الى اخر حسب طبيعة المجال واهميته بالنسبة للجمهور. وفي ذلك تلعب الخبرة والقدرات الفنية والمهنية والتخصصية بما لا يخل بجوهرها وتقديمها في نفس الوقت بصورة جذابة ومقنعة للجمهور.

وخلاصة القول: ان نجاح وفاعلية وسائل الاعلام في القيام بمسؤولياتها في مجالات الاعلام المتخصص، يتوقف الى حد كبير على الادراك والوعي بأهمية هذه المحددات ووضوحها في أذهان القائمين بالاتصال من الصحفيين والاعلاميين والمخططين والمنفذين للبرامج والمواد المسموعة والمرئية والمكتوبة.. اذ يجب ان تتوفر فيهم عناصر ثلاثة هي:

1. مستوى ثقافي وعلمي متميز في المجال المتخصصة ومتابعة مستمرة لكل ما هو جديد.
2. خبرة وقدرة على تقديم الرسائل الاعلامية المتخصصة بمستوى فني رفيع يعكس الامكانيات الذاتية لمقدم الرسالة الاعلامية على السيطرة على ادواته الفنية.
3. حماس شخصي وواعي لدى مقدم الرسالة الاعلامية المتخصصة، فالحماس يعطي للعمل –أيا كان نوعه- لمسة صدق يكون لها تأثير كبير على الجمهور(2).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. عواطف عبد الرحمن، البيئة في اطار التعليم الاعلامي، ندوة الاعلام والبيئة في افريقيا، تحديات المستقبل، القاهرة 19_23 أكتوبر 1992، ص4.

1. د. أميمة كامل، الاعلام المسموع والمرئي وقضايا البيئة في مصر، ندوة الاعلام والبيئة في أفريقيا: تحديات المستقبل، القاهرة، 19-23 اكتوبر 1992، ص6.