من هو الإعلامي القادر على محاربة الشائعة؟
المؤلف:
الدكتور بطرس خالد
المصدر:
الإعلام والحرب النفسية
الجزء والصفحة:
ص 146- 148
2025-12-06
27
من هو الإعلامي القادر على محاربة الشائعة؟
إذا كانت الشائعة عدواً فلا بد من وجود من يتصدى لهذا العدو، وإذا كان الإعلام هو الوسيلة للتصدي للشائعة فإن رجل الإعلام هو الذي يخوض المعركة ضد الشائعة، فما المطلوب مِن مَن يتصدى لهذه المهمة الصعبة والهامة؟
- إن رجل الإعلام المعد إعداداً جيداً والمتدرب تدريباً سليماً والذي يمتلك اللباقة والثقافة والكفاءة المهنية والمصداقية عند الناس هو الذي يجب أن يتصدى لهذه المهمة.
- إنه ذلك الإعلامي الذي يفهم عمله ويدرك خصائص الوسيلة الإعلامية التي يعمل فيها، ويحيط بالمهمة التي كلف بها، إنه الذي يسأل أهل العلم، ويقرأ الكتب، ويقابل الناس ويدرس اهتماماتهم، ومستوياتهم، وبالتالي يقدم عملاً مدروساً ومقنعاً ومعززاً بالصوت والصورة وحديث أهل الخبرة من السياسيين أو الاختصاصيين، ويطرح كل الأسئلة التي في الأذهان، ويغطي كل جوانب الحدث أو الشخصية مصدر الشائعة، ولا يكتفي بالأمور التقليدية بل يحاول أن يخلص المجتمع من الشائعات وشرورها.
- ومثل هذا الشخص يجب ألا يعمل منفرداً بل يجب أن يكون له أو معه فريق عمل متخصص من ذوي الاحتراف المهني حتى يخرج العمل الذي يناقش شائعة ما متكاملاً، فيتناولها بالتحليل والعرض من كل النواحي الفنية والإبداعية، لأن الإعلام يجب أن يكون في إطار جذاب يقنع بقول الحق وبالصورة الناطقة وبالمشهد المتكامل سواء في الصحافة أو في الإذاعة أو التلفزيون، ولا يقتصر دوره على مرحلة بعينها (زمن ومكان الشائعة) وإنما يكون دوره متصلاً ومستمراً حتى يصبح ما يقدمه من عمل رائداً ذا مصداقية، وعملاً إعلامياً متكاملاً بذخيرة معلوماتية رائعة ومفيدة، وعملاً ذا مرجعية يلجأ إليه الناس ويتذكرونه كلما تناهت إلى أسماعهم شائعة مغرضة.
كما يقوم أهل الإعلام باقتفاء أثر الشائعة لتقديم الدواء الناجح وللحد من آثار الشائعات التي لن تتوقف ما دامت الحياة تسير بالناس وبأحلامهم وبأطماعهم، وبطموحاتهم، وبمخاوفهم، وبآمالهم، وبتطلعاتهم، وبتناقضاتهم، ويتداخل مصالحهم، وفي ظل وجود المنافسة بين الأفراد والجماعات والأمم والشعوب.
ودائماً الوقاية خير من العلاج، وخير وسيلة لمقاومة الشائعة على مستوى الدولة هي تحصين شعب تلك الدولة عن طريق دعم إيمانه بوطنه وأهدافه، كما يجب توعية الجمهور، وإيقاظ الضمائر، وكل هذه الواجبات تقع مسؤوليتها على عاتق الإعلام بالتضامن والتعاون والتنسيق مع جهات أخرى فاعلة في مجالات التوجيه والإرشاد والثقافة، وتظهر هنا أهمية التنشئة والتربية والتعليم فهذه العوامل تعتبر أساساً للتنشئة الصالحة ليصبح كل فرد عارفاً بأمور وأحوال وطنه وعاقداً العهد على حمايته، ومتسلحاً بالولاء الواعي والانتماء الصادق والارتباط الفكري المتين والمبني على الحقائق الناصعة.
كما يجب أن يتجاوز دور الإعلام الخطب والمساجلات والأطروحات الفكرية المحضة إلى توحيد مواقف الشعوب تجاه الشائعات والعمل على رصد آثارها والحد من أضرارها من خلال التنويع في التناول والتعدد في أسلوب الطرح والمعالجة، فيمكن استثمار أشكال الإعلام وأساليب الترفيه المختلفة والاستفادة من العروض المسرحية والدرامية والموسيقى والأغاني والأناشيد الوطنية فهي تؤثر على الناس وترفع الروح المعنوية للشعوب، ويمكن للدراما والكوميديا أن تتناولا الشائعات بطريقة غير مباشرة فتفندها وتدحضها، ويضاف إلى ذلك دور الإعلام الرئيسي في مواجهة الأكاذيب والشائعات بالحقائق الناصعة التي تؤيدها الوثائق والمستندات وما تتضمنه الأفلام التسجيلية والوثائقية.
ولكي تنجح وسائل الإعلام في حرب الشائعة يجب أن تكون محاربة الشائعات بالتحصين الذي أشرت إليه من قبل وبالتعبئة النفسية للجماهير على أن يتم كل ذلك في إطار من التخطيط الإعلامي القائم على البحث العلمي، مع قياس النتائج وتقويم الآثار في كل خطوة من الخطوات حتى يتم العمل في نظام دقيق مدروس بعيداً عن الارتجال المربك.
الاكثر قراءة في الدعاية والحرب النفسية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة