تمثل ابليس في اربع صور
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 3، ص54-56.
2025-10-26
22
تمثل ابليس في اربع صور
قال تعالى : {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الأنفال : 48].
قال أبو المقدّم ثعلبة بن زيد الأنصاريّ ، سمعت جابر بن عبد اللّه بن حرام الأنصاري ( رحمه اللّه ) يقول : تمثّل إبليس ( لعنه اللّه ) في أربع صور : تمثّل يوم بدر في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي ، فقال لقريش : لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ . وتصوّر يوم العقبة في صورة منبّه بن الحجّاج ، فنادى أن محمدا والصّباة معه عند العقبة فأدركوهم ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم للأنصار : « لا تخافوا فإن صوته لن يعدوه » . وتصوّر يوم اجتماع قريش في دار النّدوة في صورة شيخ من أهل نجد ، وأشار عليهم في أمرهم ، فأنزل اللّه تعالى : {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال : 30] . وتصوّر يوم قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في صورة المغيرة بن شعبة ، فقال : أيها الناس ، لا تجعلوها كسروانيّة ولا قيصرانيّة ، وسّعوها تتّسع ، فلا تردّوا إلى بني هاشم فتنتظر بها الحبالى « 1 ».
وقال الطّبرسي : قيل : إنهم لما التقوا ، كان إبليس في صفّ المشركين ، آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه ، فقال له الحارث بن هشام : يا سراقة ، إلى أين ، أتخذلنا على هذه الحالة ؟ فقال له : إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ . فقال : واللّه ، ما ترى إلّا جعاسيس « 2 » يثرب ، فدفع في صدر الحارث وانطلق وانهزم الناس ، فلمّا قدموا مكة ، قالوا : هزم الناس سراقة ، فبلغ ذلك سراقة ، فقال : واللّه ، ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم . فقالوا : إنك أتيتنا يوم كذا ، فحلف لهم ، فلمّا أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان . قال :
روي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليه السّلام « 3 ».
وروى ذلك أيضا ابن شهرآشوب ، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهما السّلام إلّا أنّ في روايته : « فقال له الحارث : يا سراقة بن جعشم ، أتخذلنا على هذه الحالة ؟ » « 4 » وقد مضى أيضا في حديث القصّة « 5 ».
وقال عليّ بن الحسين عليه السّلام : « لمّا عطش القوم يوم بدر انطلق عليّ عليه السّلام بالقربة يستسقي ، وهو على القليب ، إذ جاءت ريح شديدة ثم مضت ، فلبث ما بدا له ، ثمّ جاءت ريح أخرى ثم مضت ، ثم جاءته أخرى كادت أن تشغله وهو على القليب ، ثم جلس حتى مضت . فلمّا رجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أخبره بذلك ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم . أمّا الرّيح الأولى فيها جبرئيل مع ألف من الملائكة ، والثانية فيها ميكائيل مع ألف من الملائكة ، والثالثة فيها إسرافيل مع ألف من الملائكة ، وقد سلّموا عليك ، وهم مددلنا ، وهم الذين رآهم إبليس فنكص على عقبيه ، يمشي القهقرى حين يقول : إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ » « 6 ».
________________
( 1 ) الأمالي 1 : 180 .
( 2) الجعاسيس : جمع جعسوس ، اللئيم في الخلقة والخلق . « لسان العرب - جعس - 6 : 39 » .
( 3 ) مجمع البيان : ج 4 ، ص 844 .
( 4 ) المناقب : ج 1 ، ص 188 .
( 5 ) تقدم في الحديث ( 2 ) من تفسير الآيات ( 2 - 6 ) من هذه السورة .
( 6 ) تفسير العيّاشي : ج 2 ، ص 65 ، ح 70 .
الاكثر قراءة في آداب قراءة القرآن
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة