علماء الشيعة الحقيقيّون كانوا يُسايرون أُصول أعاظم التصوّف
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص304-306
2025-09-25
229
يجب أن نقول لجناب المرحوم النوريّ: أن التمسّك بقصر النظر والنزوع إلى الحضيض، ونسبة السجايا الصحيحة والواقعيّة كالوصول والاتّحاد والفَناء إلى أولياء الله من أمثال بايزيد وشقيق ومَعروف وهم التلامذة الأخصّاء والمُتربّين في مدرسة أئمّتنا الأطهار، ثمّ تعليم ذلك كلّه بعلامة البطلان وختمه بختام البدعة واتّهامه في مقاصدهم ونواياهم السامية، كلّ ذلك لا يُنهي العمل ولا يَحلّ الأمر أو الادّعاء.
لقد كان الشيخ أبو الفتوح الرازيّ والشهيد الثاني والسيّد ابن طاووس أيضاً يسيرون وراء مثل هذه المقاصد الراقية، وكان الفَناء والوحدة والوصول إلى حضرة ربّ العزّة مُنتهى آمالهم وغاية امنياتهم.
إن قصّة العرفان والهيجان وسلوك السبيل الإلهيّ لا تنتهي عند هذا العدد من العلماء الأجلاء والأحبار النبلاء في الإسلام. فجميع العلماء الحقيقيّون أمثال ابن فهد الحلّيّ، والملّا صدرا الشيرازيّ وتلميذيه الفاضلين الفيض الكاشانيّ والفيّاض اللاهيجانيّ، والحكيم السبزواريّ، والسيّد مهدي بحر العلوم، والشهيد الأوّل، والمجلسيّ الأوّل، والعالِمَينِ النبيلينِ الأوحدين: الحاجّ الملّا مهدي النراقيّ ونجله الحاجّ الملّا أحمد النراقيّ، والاستاذ آية الحقّ وسند العرفان ووصيّ الشيخ الأنصاريّ السيّد على الشوشتريّ، والآخوند الملّا حسين قلي الهَمَدانيّ وتلاميذه ذوي المجد والاعتبار: الآقا السيّد أحمد الطهرانيّ الكربلائيّ والحاجّ الشيخ محمّد البهاريّ والحاجّ الميرزا آقا جواد الملكيّ التبريزيّ والسيّد سعيد الحبّوبيّ النجفيّ، جميع هؤلاء وكثير غيرهم كانوا من هذه الزمرة.
جميعهم كان يقول بوحدة الوجود والوصول والفَناء، وقد أثنى جميعهم على بايزيد ومعروف وكلّ كلامهم وحديثهم ومرامهم نابع من مصدر واحد. فكيف يتسنّى للبعض والحال كذلك تشويه سمعتهم وتلطيخ سجلّهم بما لا يرضاه الله؟! كيف يمكن تجاهل هؤلاء الذين كان عملهم وعقيدتهم يعكسان عمل وعقيدة أئمّة الشيعة العظام؟! كيف يمكن تغطية العقول والأذهان بنسبة ما هو خلاف الواقع إلى العرفاء الصادقين والحكماء المتّقين من أمثال محيي الدين والملّا صدرا الشيرازيّ؟! هل من سبيل إلى محو اسم السيّد حيدر الآمليّ من سجلّ أتباع هذه المدرسة الجليلة القدر؟ إنّه حقّاً العالِم الأوحد للشيعة وفخر العالَم والبشريّة جمعاء إلى يوم الدين الذي قام بشرح كلام محيي الدين بن عربي.
فهل من المنطقيّ أن يقوم الأجانب بالبحث عن كتبه القيّمة والنفيسة مثل «نصّ النصوص» و«نقد النقود» وتفسير «المحيط الأعظم والبحر الخضم في تأويل كتاب الله العزيز المُحكَم» وطبعها ونشرها ويضعوها في متناول أهل التحقيق في الداخل والخارج لدراستها ومطالعتها؛ في حين قد مضت سبعة قرون على تأليف تلك الكتب ونحن الشيعة محرومون من مطالعتها وإدراكها وفهمها والعمل بها؟! وإنّه لأمر محيّر أن يغفل المحدّث النوريّ عن ذِكر اسم كتاب «أوصاف الأشراف» ومواضيعه، في حين أن حرفته الأصليّة ومهنته الأساسيّة الببليوغرافيا[1] والإلمام بالنفيس من الكتب الخطّيّة وتآليف السالفين! فهذا الكتاب (أي «أوصاف الأشراف») المختصر والشامل والمفيد، ومن مؤلّفات معلّم البشر، والعقل الحادي عشر، فخر الفلاسفة والحكماء، ذخر الشيعة والعلماء، ومدار العلم والدراية، ومنار الفهم والرواية: الخواجة نصير الدين الطوسيّ رضوان الله تعالى عليه، يحوي على ستّة أبواب تدور حول مسألة السلوك إلى الله. التوكّل، الرضا، التسليم، التوحيد، الاتّحاد، الوحدة. وبسبب عدم إمكانيّة تقسيم موضوع الفناء، والذي يشكّل موضوع الباب السادس، فقد تمّ تخصيص الباب المذكور بأكمله لذلك الموضوع.
وقد جاء في الفصل الخامس من الباب الخامس، في موضوع الاتّحاد المنتهي بالوصول، على ذكر مسائل قيّمة وقد ذكرناها بالكامل.
[1] -Bibliog raphy ويعني فنّ وصفّ الكتب والمخطوطات أو التعريف بها.( م)
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة