مدة نزول الوحي
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص65-67
2025-06-25
757
عن ابن عباس وعائشة قالا لبث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشر [1]. في خبر طويل عن المفضل بن عمر أن الصادق (عليه السلام) قال: يا مفضل أن القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة والله يقول:
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الدخان: 3-5] وقال: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان: 32] قال المفضل: يا مولاي فهذا تنزيله الذي ذكره الله في كتابه وكيف ظهر الوحي في ثلاث وعشرين سنة؟ قال: نعم يا مفضل أعطاه الله القرآن في شهر رمضان وكان لا يبلغه إلا في وقت استحقاق الخطاب ولا يؤذيه إلا في وقت أمر ونهي فهبط جبرائيل (عليه السلام) بالوحي فبلغ ما يؤمر وقوله: { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} [القيامة: 16] فقال المفضل: أشهد أنكم من علم الله علمتم وبقدرته قدرتم وبحكمه نطقتم وبأمره تعملون [2].
ثم هناك روايات تؤكد أن فترة نزول القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) استغرقت عشرين عاما وهذا يعني أن ثلاث سنوات الأولى - لما انقطع عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي -لم يدخلوها في فترة تتابع الوحي. وقد أجمع فقهاؤنا وعلماؤنا الأوائل على ذلك وهكذا تسالم عليه علماء الجمهور ففي المستدرك بإسناده عن سعيد بن المسيب قال أنزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ابن ثلاث وأربعين سنة. أي أنزل عليه القرآن بصورة مستمرة وتتابع عليه الوحي منذ السنة الثالثة من بعثته المباركة وإلا مسلم عند الجميع أن بعثته بالرسالة كانت بعدما أنهى الأربعين من عمره الشريف. قال الشعبي: فرق الله
تنزيله فكان بين أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين سنة (أسباب النزول ص3). وأيضا قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين فكان يعلمه الكلمة والشيء ولم ينزل القرآن فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبرائيل فترك القرآن على لسانه عشرين سنة عشرا بمكة وعشرا بالمدينة فمات (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو ابن ثلاث وستين سنة [3].
وعلى هذا التفصيل يثبت أول الوحي في 27 رجب ونزول القرآن تتابعا في شهر رمضان المبارك قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] نزل فيها القرآن هي مردّدة بين ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين كيفما كان فإن ليلة القدر منحصرة في العشر الأخير من شهر رمضان.
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ} [الدخان: 3] {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] هذه الليلة التي نزل فيها القرآن هي مرددة بين ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين كيفما كان فإن ليلة القدر منحصرة في العشر الأخير من شهر رمضان.
وفي هذا التحديد يوجد نقاش هل أنه نزل جملة واحدة إلى سماء الدنيا أم نزل منجما حسب الأحداث والمناسبات؟ في ذلك روايات عديدة بعضها تؤكد المعنى الأول، كما يذهب إليه الصدوق قال: نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر جملة واحدة إلى البيت المعمور في السماء الرابعة ثم نزل من البيت المعمور مدة عشرين سنة وإن الله أعطى نبيه العلم جملة واحدة ثم قال له {وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ } [طه: 114]وأكد هذا المعنى الطبري في تفسيره حيث يروي عن السدي عن ابن عباس قال شهر رمضان والليلة المباركة ليلة القدر فإن ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في رمضان نزل القرآن جملة واحدة من الزبر إلى البيت المعمور وهي مواقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ثم نزل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ذلك... [4].
وروى السيوطي عدة روايات منها بسنده عن ابن عباس قال أنزل القرآن ليلة القدر جملة واحدة إلى السماء الدنيا ووضع في بيت العزة ثم أنزل نجوما على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عشرين سنة وهذا هو أصح الأقوال وأشهرها ([5]). ثم يؤكد ذلك من طرقنا العياشي في تفسيره 1/ 80 والكليني في الكافي 2/ 638 - 629 والطوسي في تهذيب الأحكام 4/ 193. إلا أن جملة من المحققين لا يرتضون ذلك ويدعون أن هذه الروايات هي أخبار آحاد لا تفيد علما ولا تصلح عملا. وحاولوا أن يأولوا تلك الأخبار ويختاروا المعنى الثاني وهو نزول القرآن منجما.
[3] الإتقان 1/ 40 وتاريخ اليعقوبي 2/ 18 والبداية 3/ 4
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة