منشور حظر مؤرخ بالسنة الخامسة الشهر الثاني عشر من عهد الملك «نقطانب» الثاني
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج13 ص 294 ــ 296
2025-06-17
468
وفي عام 1894 نقل الأثري «دارسي» نقشًا محفورًا على صخرة في الجبل الواقع جنوبي «العرابة المدفونة» في مواجهة قرية «غابات»، وهذا النقش كان محفورًا على ما يظهر في محجر قديم مكشوف، (راجع: Rec. Trav. 16, p. 126-127)، غير أنَّ تجار الآثار قطعوا هذا النقش وباعوه لمتحف «برلين»، ولكن مما يؤسَف له أنه أصابه أضرارٌ عند القطع، وضاع منه جزء.
وقد تناول الأثريُّ «بورخاردت» هذا المنشور بالبحث، (راجعْ: A.Z., 44 (1907-8) p. 55–58)، كما نشر صورة الحجر المنشور بعد قطعه من الجبل.
وصف الحجر: يبلغ ارتفاعُهُ 73 سنتيمترًا وعرضُهُ من 48 إلى 50 سنتيمترًا، وقد ضاع منه بعضُ أجزائه وكتابة النقش على وجه عام خشنة.
يشاهد في أعلى اللوحة أمام الآلهة «أوزير» و«حور» و«إزيس» و«نفتيس» الملك «نقطانب» الثاني ومعه النقش التالي:
(1) رب الأرضين سنزم-اب-رع ستب-ن-أنحور».
(2) رب التيجان «نخت حور حبت».
(3) مُعطَى كل الحياة والثبات والقوة مثل «رع».
وينحصرُ نَشَاطُ الملِك في كونه في هذا المنظر يقوم بتقديم البخور والماء البارد لوالده، ويشاهد خلف الملك الصيغة العادية التالية: «كل الحماية والحياة خلفه مثل «رع»، ويقول «أوزير» سيد أهل الغرب والإله العظيم رب «العرابة» للملك: «إني أُعطيك كل الحياة والقوة»، ويقول «أوزير» حامي والده للملك: «إني أعطيك كل القوة»، وتقف خلف «حور» الإلهة «إزيس» العظيمة المقدسة ربة السماء، ونقش أمام «نفتيس» اسمها «نب حت».
وفي الجُزء الأسفل من اللوحة يأتي متن المنشور الذي يتألف من ثلاثة عشر سطرًا، ويلاحظ أن أحد عشر منها سليمة، أما السطران الباقيان فقدْ ضاعا عند نشر الحجر من مكانه الأصلي، ولكن حفظا لنا في المتن الذي نقله «دارسي» عن الأصل قبل إزالته من مكانه، وهاك الترجمة: (1) السنة الخامسة الشهر الرابع من فصل الصيف في عهد جلالة الملك «حور»، (2) محبوب الأرضين ملك الوجه القبلي والوجه البحري رب الأرضين «سنزم-اب-رع ستب-ن-أنحور» بن رع رب التيجان «نخت حور حبت» عاش أبديًّا، (3) المحبوب من «أوزير» أول أهل الغرب والإله العظيم رب «العرابة»، لقد أتى إنسانٌ ليقول لجلالة «حور» الملك إن جبل «العرابة» المقدس الذي يقطع منه الحجر هو الذي يوجد بين الصقرين اللذين يحملان هذا الجبل المقدس؛ وذلك لم يحدث قط من قبل، وعلى ذلك أمر جلالة «حور» بأن لا يقطع أي حجر من هذا الجبل المقدس الذي بالمكان المسمى «حامي سيده»، وأن أي إنسان سيوجدُ فيه (أي في مكان «قطع الأحجار») يقوم بقطع حجر من هذا الجبل فلا بد أن ينفذ فيه العقاب بسبب ذلك وهو بتر عضو منه كما يحدث مع كل من يرتكب جريمة ضد مكان مقدس (…) الملك المكافأ بكل (العافية) والصحة …»
تعليق: هذا المنشور — كما يظهر — صدر في السنة الخامسة والخمسين بعد الثلاثمائة قبل الميلاد، والذي أصدره هو الملك «نقطانب» الثاني، ويلاحظ هنا أن «بورخاردت» عندما كتب عن هذا المتن كان المؤرخون والأثريون يعدون الملك «نخت حور حبت» «نقطانب» الأول، ولكن الكشوف الحديثة أظهرت أنه «نقطانب» الثاني، ومِن ثم قلبت الأوضاع والتواريخ في كل الكتب التي كتبت عن هذين الملكين، ومما هو جديرٌ بالذكر هنا أن الملك «نقطانب» الثاني قد اتخذ لقبه بوصفه «حلو قلب رع» والمختار من الإله «أنحور»، وهذا الإلهُ الأخير كان إله الحرب، وقد اتخذه ملوك الأسرة الخامسة والعشرين إله حرب وتعبدوا إليه كثيرًا، (راجع: مصر القديمة، الجزء الحادي عشر)، ولا غرابة أن يتخذه هنا «نقطانب» الثاني إلهًا له ويضعه في لقبه؛ فقد كان ملكًا حربيًّا قام بحروب طاحنة مع الفرس.
أما موضوع المنشور الذي أصدره «نقطانب» في هذا المتن فهو عبارة عن ظلامة خاصة بقطع أحجار من مكان مُقَدَّس في غرب «العرابة المدفونة»، وهذا المكان يقعُ بين «الصقرين»، ولا بد أنَّ هذا مكانٌ يقعُ بجوار المكان الذي وُجدت فيه هذه اللوحة؛ أي في الجبل الواقع جنوبي «العرابة المدفونة» في مواجهة قرية «غابات» ولا بد أن يتصور الإنسان تحت الصقرين خارجتين لجبلين، ولا شك في أن هذه التسمية قد يرجع اشتقاقُها إلى شكل المكان، أو أنها ترجع إلى خُرافة قديمة.
ومما يَلفت النظرَ هنا أنه لم يذكر اسم صاحب الشكوى غير أنه لا بد أن نفهم أن الظلامة قد أتت من جانب كهنة «العرابة» الذين يسكنون بجوار هذا المحجر، وقد كانوا على يقين من إجابة طلبهم؛ لأن «العرابة» كانت الموطن الأول الذي عبد فيه الإله «أنحور» (أنوريس) الذي اختار «نقطانب» ليكون ملكًا على البلاد في تلك الفترة العصيبة من تاريخها.
وأخيرًا يلحظ أنه لم يذكر العضو الذي كان لا بد أن يبتر كما هي العادة في المتون الأُخرى، ومن ثم نفهم أنَّ أَقَلَّ حَدٍّ للعقاب قد ذُكر، وأن شدة العقوبة قد تُركت لتقدير القاضي الذي كان سيفصل في أي تعدٍّ على هذا المحجر، ومتنُ اللوحة يَدُلُّ على مقدار نُفُوذ الكهنة في هذا العهد.
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة