غواية عجل السامري
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص370-374.
2025-06-17
436
غواية عجل السامري
قال تعالى : {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ (87) فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ (88) أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا (89) وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي (90) قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى (91) قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (92) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي (93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95) قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا } [طه : 85 - 98].
قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ السَّامِرِيُّ وعبدوا العجل وله خوار . فقال موسى عليه السّلام : يا ربّ ، العجل من السامري ، فالخوار ممّن ؟ فقال : « مني - يا موسى - إني لما رأيتهم قد ولّوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة ».
فَرَجَعَ مُوسى كما حكى اللّه عزّ وجلّ إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَفَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ، ثمّ رمى بالألواح وأخذ بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي فقال هارون كما حكى اللّه : يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي « 1 ».
وقال علي بن سالم ، قال أبي : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : أخبرني عن هارون لم قال لموسى عليه السّلام : يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي ، ولم يقل يا بن أبي ؟
فقال : « إنّ العداوة بين الإخوة أكثر ما تكون إذا كانوا بني علات « 2 » ، ومتى كانوا بني أم قلت العداوة إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه ، فقال هارون لأخيه : يا أخي الذي ولدته أمي ، ولم تلدني غير أمه ، لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ، ولم يقل يا بن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتّى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه اللّه منهم ، وإنما تستبعد العداوة بين بني أم واحدة ».
قال : قلت : فلم أخذ برأس أخيه يجرّه إليه وبلحيته ، ولم يكن له في اتخاذهم العجل وعبادتهم له ذنب.
فقال : « إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك ، ولم يلحق بموسى ، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، ألا ترى أنه قال له موسى : يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي ؟ ! قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا ، وإني خشيت أن تقول : فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي » « 3 ».
نرجع إلى رواية علي بن إبراهيم : قال له بنو إسرائيل : ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا قال : ما خالفناك وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يعني من حليهم فَقَذَفْناها قال : يعني التراب الذي جاء به السامريّ طرحناه في جوفه ثم أخرج السامريّ العجل وله خوار.
فقال له موسى : فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ ؟
قال السامري : بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فَنَبَذْتُها أي أمسكتها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أي زيّنت .
فأخرج موسى العجل وأحرقه بالنار وألقاه في البحر ، ثم قال موسى عليه السّلام للسامريّ : فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ ، أي ما دمت حيّا وعقبك ، هذه العلامة فيكم قائمة أن تقولوا : لا مساس ، حتى تعرفوا أنكم سامريّة لا يقربكم الناس . فهم إلى الساعة بمصر والشام معروفون ب ( لا مساس ).
ثمّ همّ موسى عليه السّلام بقتل السامريّ فأوحى اللّه إليه : « لا تقتله - يا موسى - فإنّه سخيّ » . فقال له موسى عليه السّلام انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً .
وقال : وإن من عبد العجل أنكر عند موسى عليه السّلام : أنه لم يسجد له ، فأمر موسى عليه السّلام أن يبرد العجل بالمبارد ، وألقى برادته في الماء ، ثمّ أمر بني إسرائيل أن يشرب كلّ واحد منهم من ذلك الماء ، فالذين كانوا سجدوا يظهر له من البرادة شيء فعند ذلك اثبات من خالف ممّن ثبت على إيمانه « 4 ».
_____________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 61.
( 2 ) أولاد العلات : الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد . « النهاية : ج 3 ، ص 291 ».
( 3 ) علل الشرائع : ص 68 ، ح 1 .
( 4 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 63 .
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة