الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تأثير الذنوب والمعاصي
المؤلف:
محمد باقر الدلفي
المصدر:
كل ما يحتاجه المؤمن لترك الذنوب
الجزء والصفحة:
ص 62 ــ 67
2025-06-15
40
أن لفعل الذنوب والمعاصي أثر كبير في الدنيا والآخرة، والذنوب والمعاصي التي يقوم بها الإنسان فروعها كثيرة فمنها ما يعد من ضمن الكبائر والعياذ بالله ومنها ما هو أقل، ولكن في الواقع المعاصي والذنوب تكون هي مهما حدث ومها اختلفت مسمياتها، ينجذب الإنسان إلى فعل المعاصي والذنوب بفعل شيئين وهما الشيطان الرجيم، والنفس الأمارة بالسوء، وعلى الرغم من أن الجميع يعتقد أن الشيطان هو العامل الرئيسي في ارتكاب المعاصي إلا أن هذا الأمر ليس بالصحيح وذلك لأن كيد الشيطان ضعيف وليس له سلطان على بني آدم، وبمجرد ما يقوم الشيطان بالوسوسة للمسلم بفعل المعصية، ويستعيذ بالله منه يذهب، أما النفس الأمارة بالسوء فلا تذهب إلا بالتزكية والجهاد، ولذلك نجد أنه في شهر رمضان هناك من يرتكب المعاصي والذنوب على الرغم من أن الشياطين تكون مصفدة أو مقيدة محبوسة في شهر رمضان، وذلك يدل على أن النفس الأمارة بالسوء هي الأقوى والمسيطرة على الأنسان، لذلك علينا دائماً بتقوى الله ومجاهدة النفس.
إن مخالفة الإرشادات الصحية التي يصفها الطبيب، وعدم اعتماد العلاج المناسب يؤديان إلى ظهور آثار وعوارض على صحة الإنسان قد تودي بحياته. وكذلك مخالفته الأوامر الربانية وارتكابه للذنوب فإنَّهما يؤديان إلى ظهور آثار وعوارض على صحته النفسية.
للذنوب تأثير قوي جداً على قلب الأنسان كتأثير المرض على جسد الأنسان لان الذنوب وكثرتها تميت القلب واليك حديث يكون بداية لكلامنا عن تأثير الذنوب على القلوب
قال الإمام الباقر (عليه السلام): (ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنباً خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا تغطى البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبداً، وهو قول الله ـ عز وجل ـ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]).
هذا الحديث يوضح جزء مهم عن مدى تأثير الذنب على قلب الأنسان يقول فيه أن المؤمن قلبه ابيض فأن فعل ذنبا خرجت نقطة سوداء في وسط هذا البياض فأن تاب واستغفر محي ذلك السواد وأن أستمر بالذنوب تظهر نقطة سوداء أخرى وأخرى إلى أن يصبح القلب الأبيض كله سواد وهذا قولة تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] (1).
ادن الذنب يعتبر نقطة سوداء بقلب المؤمن والأمام الباقر (عليه السلام) يقول: (ما من شيء أفسد للقلب من خطيئة، إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أعلاه أسفله) (2).
أفسد شيء للقلب هو الذنب والذنب مرض يجب أن يعالج قبل أن يودي بصاحبه إلى التهلكة وعلينا أن نعلم أن دور القلب مهم وضروري في معرفة الله وعبادة الله والأيمان بالله وكل إيمانك متعلق بالقلب.
فهنالك من لا يسمع ولا يرى ولا يعقل ولا يفهم وهذا لا يعني أنه لا يسمع أي شيء كلا بل أنه يسمع ولكن لا يسمع الحقيقة ولا يراها ولا يعقلها على سبيل المثال فرعون يمتلك قلب وسمع وبصر ولكن مختوم عليها فلا يسمع بها ولا يرى ولا يعقل، رأى الكثير من معجزات موسى ولم يؤمن بها وذلك لأنه اعمى لا يرى الحقيقة والله (عز وجل) يقول في محكم كتابه: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] (3).
وهذه الآية توضح مدى تأكيد رب العالمين على أن يوضح أن العيون أو الأبصار ليست مهمه وضرورية كعيون القلب التي فيها تعرف الحقيقة، وهنالك رواية لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول فيها: (فقد البصر أهون من فقدان البصيرة) (4).
ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (ليس الأعمى من يعمى بصره، إنما الأعمى من تعمى بصيرته).
أن فرعون لم تعمى عينه التي يرى فيها الأجزاء المادية ولكن عمي قلبه الذي فيه يرى الحقيقة ويعلمها ويجب أن لا ننكر أن الله يقول: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
وهذا تأكيد واضح ومفهوم يقول الله قلوب يعقلون بها أي بالقلب تعقل وتفهم وتعلم وتدرك الحقائق والقلوب التي أشير اليها هي في الصدر لأن الله أكد في كتابه الكريم أن القلوب هي التي في الصدر وذلك قوله تعالى: {وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46].
للتوضيح الدماغ ايضاً له دور كبير ولكن دور القلب أكبر في الأيمان والحب وغيرها واليك رواية توضح أكثر، عن الأمام الصادق (عليه السلام) قال: (موضع العقل الدماغ، والقسوة والرقة في القلب) (5).
ما السبب الذي جعل فرعون لا يؤمن بنبي الله موسى؟
أقول لك أن السبب الرئيسي ليس الشيطان وإنما مرض القلب وذلك بسبب كثرة ذنوب وجرائم فرعون جعلته مريض القلب لذلك فأن قلبه اعمى لا يرى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7].
أن الله عندما رأى فرعون يرتكب الكثير من الجرائم والمعاصي وأصبح قلبه كله سواد مريضاً: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة: 10]، عندما أصبح قلب فرعون مريضاً وانتشر المرض في كل قلبه حتى أصبح قلبه قاسياً ختم عليه أي بمعنى انطفئ نوره: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: 40].
أصبح قلب فرعون مريضاً لذلك ختم على قلبه وايضاً على سمعه وبصره حتى أصبح لا يرى ولا يسمع الحقيقة ولا يعقلها ولا يفهمها ولا يؤمن بها وينكرها بقلبه.
يجب أن نعلم أن حتى الأيمان لا يمكن أن يكون باللسان أو بالإقرار الا بأقرار القلب وذلك قولة تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: 41].
أنهم قوم قالوا نحن امنا بالله ولكن بقلوبهم أنكار لما يقولون لذلك لم يقبل الله عملهم ألا بأقرار القلب لذلك فأن للقلب دور مهم بعبادة الله والأيمان به أن الله جعل قبول الأعمال تبعاً للقلب فأنه لم يقبل أيمان قوم أقروا بأفواههم ولم تقر قلوبهم أضافة إلى أنه قبل من قوم اجبروا على الكفر بأفواههم وقلوبهم مطمئنة وذلك قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النحل: 106]، كفروا بالله بعد أيمانهم لانهم أجبروا على ذلك ولكن قلوبهم مؤمنة بالله لذلك لا يحاسبهم الله لأنه يعلم انهم مؤمنين.
لذلك فأن تأثير الذنوب على القلب كتأثير المرض على الجسد، أن مرض القلب يؤدي بصاحبه إلى التهلكة ويضله عن طريق الحق وكثرة الذنوب تمرض القلب وتجعله قاسياً على حسب نوع الذنوب يكون التأثير على القلب.
الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) يقول: (ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب) (6):
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): (أصبر على مرارة الحق وإياك أن تنخدع لحلاوة الباطل).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ كتاب الكافي، ج 2، ص 273.
2ـ المصدر السابق، ص 268.
3ـ ميزان الحكمة، ج 1، ح 1735.
4ـ المصدر السابق، ح 1736.
5ـ المصدر السابق، ج 8، ح 16906.
6ـ بحار الانوار، ج 67، ص 55.