قوم عذبوا من بعد نوح عليه السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص75-77.
2025-06-02
537
قوم عذبوا من بعد نوح عليه السلام
قال تعالى : { ثُمَّ أَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون : 31 - 40].
قال الشيخ الطبرسي ( رحمه اللّه تعالى ) : ثم عطف سبحانه على قصة نوح ، فقال : ثُمَّ أَنْشَأْنا مِنْ بَعْدِهِمْ أي : أحدثنا وخلقنا من بعد قوم نوح قَرْناً آخَرِينَ أي : جماعة آخرين من الناس . والقرن : أهل العصر على مقارنة بعضهم لبعض . قيل : يعني عادا قوم هود ، لأنه المبعوث بعد نوح .
وقيل : يعني ثمود لأنهم أهلكوا بالصيحة . . . {فَأَرْسَلْنا فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ} سبق تفسيره « 1 ».
{وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ} أي :
بالبعث والجزاء وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا أي : نعمناهم فيها بضروب الملاذ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ من الأشربة فليس هو أولى بالرسالة منا وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ فيما يدعوكم إليه إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ باتباعه أَيَعِدُكُمْ هذا الرسول أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً وصرتم بعد الموت رميما أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ من قبوركم أحياء هَيْهاتَ فيه ضمير مرتفع عائد إلى قوله أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ والمعنى : هيهات هو أي بعد إخراجكم جدا حتى امتنع . هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ قال ابن عباس : بعدا بعدا لما توعدون . وقال الكلبي : بعيد بعيد ما يعدكم ليوم البعث إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا أي : ليس الحياة إلا الحياة التي نحن فيها القريبة منا نَمُوتُ وَنَحْيا أي : يموت قوم منا ، ويحيا قوم ، ولا نبعث .
وقيل : يموت الآباء ، ويحيا الأبناء . . . وقيل : يموت قوم ويولد قوم . وَما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ بعد ذلك إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أي : اختلق كذبا . وَما نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ أي : بمصدقين فيما يقول {قالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ} تقدم بيانه « 2 ».
قالَ أي : قال اللّه سبحانه عَمَّا قَلِيلٍ أي : عن قليل من الزمان والوقت ، يعني عند الموت أو عند نزول العذاب .
وما هاهنا مزيدة لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ هذا وعيد لهم ، واللام للقسم « 3 ».
_____________
( 1 ) آية : 23 .
( 2 ) آية : 26 .
( 3) التبيان : ج 7 ، ص 190 .
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة