أحدها يوجب الكفارة ، سواء فعله عامدا أو ساهيا.
والثاني يوجبها مع العمد دون النسيان.
والثالث فيه الإثم دون الكفارة.
فالأول: هو الصيد بلا خلاف بين الجمهور ، فمن قتل صيدا له مثل ، أو ذبحه ، وكان حرا كامل العقل ، محلا في الحرم ، أو محرما في الحل ، فعليه فداؤه بمثله من النعم ، بدليل الإجماع من الطائفة وطريقة الاحتياط وأيضا قوله تعالى : (فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ). (1) الآية ، فأوجب مثلا من النعم ، وذلك يبطل قول من قال : الواجب قيمة الصيد.
وإن كان محرما في الحرم فعليه الفداء والقيمة ، أو الفداء مضاعفا ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة ، وأيضا فالجزاء إذا لزم المحل في الحرم ، والمحرم في الحل ، وجب اجتماع الجزاءين باجتماع الأمرين : الإحرام والحرم.
وإن كان مملوكا فكفارته على مالكه إن كان إحرامه بإذنه ، وعليه إن كان بغير إذنه بالصوم ، لأن العبد لا يملك شيئا فيلزمه مثل أو قيمة.
وإن كان غير كامل العقل فكفارته على وليه ، لأنه الذي أدخله في الإحرام ، وليس بواجب عليه ، والدليل على ذلك إجماع الطائفة.
وتكرار القتل يوجب تكرار الكفارة بغير خلاف بين أصحابنا إذا كان القاتل ناسيا ، ومنهم من قال : هذا حكمه إن كان متعمدا ، ومنهم من قال : إن تعمد القتل مرة ثانية لم يلزمه كفارة ، بل يكون ممن ينتقم الله منه كما ذكره تعالى (2) والأول أحوط ، وكونه ممن ينتقم الله منه إذا عاد ، لا ينافي وجوب الكفارة عليه.
والمثل في النعامة بدنة بلا خلاف ، فإن لم يجد فقيمتها ، فإن لم يجد فض قيمة البدنة على البر وصام عن كل نصف صاع يوما ، بدليل الإجماع من الطائفة وطريقة الاحتياط.
والمثل في حمار الوحش أو بقرة الوحش ، بقرة ، وفي الظبي شاة بلا خلاف ، وفي الأرنب والثعلب عندنا شاة ، وحكم من لم يجد ذلك حكم ما قدمناه ، ويجوز لمن لم يجد الفداء والقيمة ، أن يصوم للنعامة ستين يوما ، وللبقرة ثلاثين يوما ، وللظبي وما أشبهه ثلاثة أيام.
ومن صام بالقيمة أقل مما ذكرناه من المدة أجزأه ، وإن اقتضى ذلك زيادة عليها لم يلزمه أن يصوم الزيادة ، ومن عجز عن صوم الستين أو الثلاثين ، صام مكان كل عشرة أيام ثلاثة ، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
وفي كل حمامة من حمام الحرم ، أو إخراج شيء من حمامه منه ، أو تنفيره فلا يرجع ، شاة ، وفي فرخها حمل (3)، وفي كل بيضة لها درهم ، وفي حمامة الحل درهم ، وفي فرخها نصف درهم ، وفي كل بيضة لها ربع درهم ، وفي كل بيضة من بيض النعام إذا كان قد تحرك فيها الفرخ فصيل ، فإن لم يتحرك فإرسال فحولة الإبل على إناثها بعدد ما كسر ، فما نتج منها كان ذلك هديا ، فإن لم يكن لمن فعل ذلك إبل ، فعليه لكل بيضة شاة ، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ، وفي بيض الدراج والحجل (4) إرسال فحولة الغنم في إناثها بعدد البيض فما نتج فهو هدي ، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
ومن رمى صيدا فغاب عنه ولم يعلم حاله ، فعليه فداؤه ، بدليل الإجماع المتكرر وطريقة الاحتياط ، فإن رآه بعد ذلك كسيرا فعليه ما بين قيمته صحيحا وكسيرا ، وقد روى (5) أن في كسر أحد قرني الغزال ربع قيمته ، وفيهما جميعا النصف ، وفي إحدى عينيه إذا فقئت نصف قيمته ، وفيهما معا الكل ، وفي يديه من الحكم ما في عينيه ، وكذا في رجليه.
وفي الجرادة أو الزنبور كف من طعام ، وفي الكثير من ذلك دم شاة ، وفي القنفذ والضب واليربوع حمل قد فطم ورعى ، كل ذلك بدليل الإجماع المشار إليه.
وفي قتل الأسد ابتداء لا على وجه المدافعة كبش بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) (6) الآية ، واسم الصيد يقع على السبع المتوحش ، قال الشاعر:
ليث تردى زبية فاصطيدا ...
ولا شبهة في أن العرب كانت تصطاد السباع وتأكلها ، وتسميها صيدا ، وتقول : سيد الصيد الأسد ، وورد الحظر لا يوجب سلب الاسم.
ومن قتل ما لا مثل له من الصيد كالعصفور أو ما أشبهه ، فعليه قيمته ، أو عدلها صياما ، وحكم المشارك في قتل الصيد حكم المنفرد ، بدليل الإجماع الماضي ذكره وطريقة الاحتياط ، وأيضا قوله تعالى (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً) (7) ، إذ المشارك قاتل ، ويجري ذلك مجرى قوله سبحانه (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) (8) ، ولا خلاف أن الجماعة إذا اشتركت في القتل ، كان على كل واحد منهم كفارة.
وحكم من دل على صيد فقتل حكم القاتل ، لمثل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط ، لأنه لا خلاف أنه منهي عن الدلالة ، ولا يقين ببراءة ذمته إذا دل على صيد فقتل إلا بالكفارة.
ويحتج على المخالف بما روي من طرقهم عن علي عليه السلام وابن عباس أنهما جعلا على محرم ـ أشار إلى حلال ببيض نعام ـ الجزاء (9) وعن عمر وعبد الرحمن بن عوف (10) أنهما جعلا على محرم ـ أشار إلى ظبي فقتله صاحبه ـ دم شاة ، ولا مخالف لهم ، وهذا دليل الإجماع على أصل المخالف.
وأما الضرب الثاني الذي لا يلزم الكفارة فيه إلا مع العمد ، فما عدا الصيد مما نذكره الآن ، وقلنا بسقوطها مع النسيان ، للإجماع الماضي ذكره ، ويحتج على المخالف بما روي من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه (11)، والمراد رفع أحكام الأفعال ، ومن أحكامها لزوم الكفارة ، وقولهم يخص ذلك برفع الإثم يحتاج إلى دليل.
ثم إن رفع الإثم عن الخاطئ مستفاد من قوله تعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ) (12)،
فمن قبل زوجته من غير شهوة فعليه شاة ، فإن قبلها أو لاعبها بشهوة فأمنى فعليه بدنة ، ومن نظر إلى غير أهله فأمنى ، فعليه إن كان موسرا بدنة ، فإن لم يقدر فبقرة ، فإن لم يقدر فشاة ، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام ، وفي الوطء في الفرج في إحرام المتعة قبل طوافها أو سعيها مع فسادها ، بدنة ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط ، بلا خلاف.
والوطء في الفرج في إحرام الحج قبل الوقوف بعرفة ، فساده بلا خلاف ، ويلزم المضي فيه ، بلا خلاف إلا من داود (13) ، وقوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) (14) ، يبطل قوله ، لأنه لم يفرق في الأمر بالإتمام بين ما فسد وبين ما لم يفسد ، ويجب عليه مع ذلك بدنة ، بدليل الإجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط ، ويحتج على أبي حنيفة في قوله : شاة ، بما روي من طرقهم عن عمر وابن عباس من قولهما : من وطئ قبل التحليل أفسد حجه وعليه ناقة (15) ، ولا مخالف لهما.
وحكم الوطء في الفرج بعد عرفة وقبل الوقوف بالمشعر عندنا حكم الوطء قبل عرفة ، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط ، وأيضا فقد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر على ما سندل عليه ، وأنه ينوب في تمام الحج عن الوقوف بعرفة لمن لم يدركه ، وكل من قال بذلك ، قال بفساد الحج بالجماع قبله ، فالتفرقة بين الأمرين يبطلهما الإجماع ، ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بالمزدلفة:
من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه (16) ، فعلق تمام الحج بالوقوف بالموقفين ، وما رووه من قوله عليه السلام : من وقف بعرفة فقد تم حجه (17) وقوله : الحج عرفة (18) ، خبر واحد لا يحتج علينا به ، ويعارضه ما قدمناه ، ويجوز حمل قوله : الحج عرفة ، على أن المراد به معظم الحج عرفة ، وقوله : (فقد تم حجه) على أن المراد أنه قارب التمام ، كما حملنا كلنا على ذلك قوله عليه السلام : إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته. (19)
وفي الوطء بعد الوقوف بالمشعر وقبل التحليل بدنة ، ولا يفسد الحج بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا فإفساد الحج يفتقر إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه ، فأما وطء المرأة في دبرها ، وإتيان الغلام والبهيمة ، فلا خلاف بين أصحابنا أن فيه بدنة ، واختلفوا في هل يفسد الحج إذا وقع قبل عرفة أو قبل المشعر أم لا؟ فمن قال : يفسده ، دليله طريقة الاحتياط ، ومن قال : لا يفسده ، دليله أن الأصل الصحة وبراءة الذمة من القضاء.
وتكرار الوطء يوجب تكرار الكفارة وهي بدنة ، سواء كان في مجلس واحد أم لا ، وسواء كفر عن الأول أم لا ، بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط ، وليس للمخالف أن يقول : إن الحج قد فسد بالوطء الأول ، والثاني لم يفسده ، فلا يجب به كفارة ، لأنه وإن فسد بالأول فحرمته باقية بدليل وجوب المضي فيه ، فتعلقت الكفارة بالمستأنف منه.
ومن وطأ زوجة له أو أمة وطئا يفسد الحج فرق بينهما ، ولم يجتمعا حتى يعودا إلى الموضع الذي وطأها فيه من الطريق ، وإذا جاءا من قابل فبلغا ذلك المكان ، فرق بينهما ولم يجتمعا حتى يبلغ الهدي محله ، بدليل الإجماع المشار إليه.
ويعارض المخالف بما روي عن عمر وابن عباس من قولهما : إذا وطأ الرجل زوجته فقضيا من قابل ، وبلغا الموضع الذي وطأها فيه فرق بينهما (20) ، ولم يعرف راد لقولهما.
وفي أكل شيء من الصيد ، أو بيضة ، أو شم أحد ما ذكرناه من أجناس الطيب ، أو أكل طعام فيه شيء من ذلك ، دم شاة ، وكذا في تظليل المحمل ، وتغطية رأس الرجل ، ووجه المرأة مع الاختيار ، عن كل يوم دم شاة ، ومع الاضطرار لجملة الأيام دم شاة ، بدليل ما قدمناه من الإجماع ، وطريقة الاحتياط.
وفي قص كل ظفر من أظفار يديه مد من طعام ما لم يكملهما ، فإن كملهما فدم شاة ، بدليل الإجماع المتكرر ، وأيضا فما قلناه لا خلاف في لزوم الدم به ، وليس على لزومه فيما دونه دليل ، فوجب نفيه ، وهذا حكم أظفار رجليه إن قصهما في مجلس آخر ، فإن قص الجميع في مجلس واحد لم يلزمه إلا دم واحد.
وإن جادل ثلاث مرات فما زاد صادقا ، أو مرة كاذبا ، فعليه دم شاة ، وفي مرتين كاذبا دم بقرة ، وفي ثلاث مرات فما زاد بدنة ، وفي لبس المخيط إن كان ثوبا واحدا أو ثيابا جماعة في مجلس واحد ، دم شاة ، فإن لبس في كل مجلس ثوبا ، فعليه من الشياه بعدد الثياب ، وينزع الثوب من قبل رجليه ، كل ذلك بدليل الإجماع المتردد وطريقة الاحتياط.
وفي حلق الرأس دم شاة ، أو إطعام ستة مساكين ، أو صيام ثلاثة أيام بلا خلاف ، وفي قص الشارب ، أو حلق العانة أو الإبطين ، دم شاة ، وفي حلق أحد إبطيه إطعام ثلاثة مساكين ، وفي إسقاط شيء من شعر رأسه أو لحيته ، إذا مسهما في غير طهارة ، كف من طعام ، وكذلك في إزالة القمل عنه أو قتله ، وفي حك الجسم حتى يدمي مد من طعام.
وفي قلع الشجرة الكبيرة من أصلها من الشجر الذي عيناه في الحرم دم بقرة ، وفي الصغيرة شاة ، وفي قطع البعض من ذلك ، أو قطع حشيشه ، ما تيسر من الصدقة ، ومن عقد وهو محرم على امرأة نكاحا لمحرم فدخل بها ، كان على العاقد بدنة وذلك بدليل ما قدمناه من الإجماع وطريقة الاحتياط.
وأما الضرب الثالث الذي فيه الإثم دون الكفارة ، فما عدا ما ذكرنا لزوم الكفارة فيه ، وقلنا ذلك للإجماع المتكرر ذكره ، ولأن لزوم الكفارة يفتقر إلى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدل على ذلك ، ويكره للمحرم من الطيب ما خالف الأجناس التي قدمنا ذكرها ، وليس ذلك بمحظور ، لأن حظره يفتقر إلى دليل شرعي ، وليس في الشرع ما يدل عليه.
ويكره الاكتحال والخضاب للزينة والنظر في المرآة ، بدليل الإجماع المشار إليه ، ويحتج على المخالف بقوله عليه السلام : الحاج أشعث أغبر (21) ، وذلك ينافي هذه الأشياء ، فأما الاكتحال بما فيه طيب فمن أصحابنا من قال : إنه مكروه (22) ، والظاهر أنه محظور ، لإجماع الأمة على أن المحرم لا يجوز له الطيب ، ولم يفصلوا بين أن يكون في كحل أو غيره ، وما ورد من النهي عن الطيب عام في كل ذلك ، وطريقة الاحتياط تقتضيه.
___________________
(1) المائدة : 95.
(2) لاحظ المختلف : 4 ـ 122 من الطبع الحديث.
(3) الحمل ـ بفتحتين ـ : ولد الضائنة في السنة الأولى. المصباح المنير.
(4) الحجل : طائر في حجم الحمام أحمر المنقار والرجلين. المنجد. وفي (ج) : (القبج) وكلاهما بمعنى.
(5) لاحظ الوسائل : 9 ب 28 من أبواب كفارة الصيد ، ح 3.
(6) المائدة : 95.
(7) المائدة : 95.
(8) النساء : 92.
(9) لاحظ المغني لابن قدامة والشرح الكبير : 3 ـ 286.
(10) أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف ، روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعنه أولاده وابن عباس ، مات سنة 32 ، أو 31 ه ـ ، لاحظ أسد الغابة : 3 ـ 313 وتهذيب التهذيب : 6 ـ 220 .
(11) الجامع الصغير : 2 ـ 16 ، وسنن الدار قطني : 4 ـ 171 وسنن البيهقي : 7 ـ 356 ، وكنز العمال : 12 ـ 155.
(12) الأحزاب : 5.
(13) أبو سليمان داود بن علي بن داود بن خلف الأصفهاني ، هو أول من استعمل قول الظاهر وأخذ بالكتاب والسنة والغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس ، مات سنة 270 ه ـ ، الفهرست لابن النديم : 271.
(14) البقرة : 196.
(15) لاحظ المغني لابن قدامة : 3 ـ 513 و 514.
(16) جامع الأصول لابن الأثير : 3 ـ 68.
(17+18) جامع الأصول : 3 ـ 69 و 70 وسنن البيهقي : 5 ـ 116.
(19) لم نجد النص في المجامع الحديثية نعم نقله السيد المرتضى في الانتصار ص 97 وصاحب الجواهر في كتاب الحج وهذا نصه : (إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته) جواهر الكلام : 20 ـ 353.
(20) المغني لابن قدامة والشرح الكبير : 3 ـ 315.
(21) الجامع الصغير : 1 ـ 583 برقم 3773 وكنز العمال : 5 ـ 25 برقم 11892 ولفظ الحديث : (الحاج الشعث التفل) ونقله الشيخ في الخلاف ، كتاب الحج ، المسألة 106 كما في المتن.
(22) لاحظ المختلف : 4 ـ 76 من الطبع الحديث.
الاكثر قراءة في الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة