الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
عمود الشعر وأثره في طبيعة المحاكاة
المؤلف:
د. عصام قصبجي
المصدر:
أصول النقد العربي القديم
الجزء والصفحة:
ص215-216
14-08-2015
2645
يلوح ان ما درج عليه النقاد من مصطلح "عمود" الشعر، يوحي بضرب من الجمود يجعل غاية الشعر ان يحاكي انموذجاً معيناً لا قبل له بالخروج عليه، وما هو إلا ان ينهج نهج هذا العمود حتى يستقيم على جادة الصواب، ويفتح امامه سبيل القبول، والويل لمن يخطر بباله، او تنازعه نفسه، إلى ما يعد مروقاً من سلطانه الذي تهفو إليه افئدة النقاد، لما يمثله من الذوق الشعري العربي، فكأن عمود الشعر في حقيقته عمود الذات، وما الطواف به إلا طواف بما ينطوي عليه من قيم تجلت في الشعر رمزاً حضارياً على ان معيار هذا العمود لم يستنبط غالباً من مفهوم جمالي معين، وانما استنبط من مفهوم شعري معين هو مفهوم الشعر الجاهلي الذي صيغت معظم مبادئ النقد في قالبه، بحيث افضى الامر إلى ان أصبحت غاية النقاد وضع معيار لا لمحاكاة الشاعر للطبيعة مظهراً وجوهراً، وانما لمحاكاة الشاعر للنموذج القديم مظهراً وجوهراً، فقد اغفل النقاد حرية الشاعر في محاكاته ما شاء من معالم طبيعته الخاصة، والزموه ان يحاكي ما حاكاه القدماء، وبالطريق التي حاكوه بها ايضاً ولو انهم اجازوا ان يحاكي الشاعر المحدث ما عاينه فيما يحيط به ــ كما اجازوا ذلك للشاعر القديم ــ والزموه ان يتبع سبيل الاقدمين في اسلوب محاكاته فحسب، لساغ لهم ذلك واحتمل، اما ان ينكروا عليه الكلام في الاجاص والتفاح، ويؤثروا له الكلام في القيصوم والحثجاث، لمجرد كلام الجاهلي فيها(1)، فذلك ما لا سبيل إلى قبوله، لأنه يفضي لا محالة إلى جمود الخيال الشعري على رسوم معينة لا يعدوها، وفي ذلك ما فيه من وأد التطور وحقاً لم يكن ذلك شأن النقاد اذا وجد منهم من التمس للمحدثين عذراً في وصف ما يرونه، وذاد عنهم أسنة النقد(2)، بيد ان محاكاة القديم ظلت المعيار الامثل دائماً، باسمها يلام المحدثون، وباسمها ايضاً يمدحون، وليس للخيال المحدث إلا ان يوافق في صورة وطريقته خيال القدماء.
ولا مراء في ان
محاكاة النموذج الادبي القديم ليست بدعاً من الامر، بل لعلها تحمد عندما تتعلق
بالنماذج المثلى، وهو ما انتهى إليه مفهوم المحاكاة في النقد الاوروبي كما يقول
الدكتور محمد مصطفى هدارة(3)، ولكن المشكلة هي ان يفرض النموذج القديم
فرضاً يحرم الشاعر من التعبير عن مشاعره الخاصة، بحيث يحاكي الآخرين، ولا يتاح له
ان يحاكي ذاته، فيبتعد عن الصدق، ويظهر إلى ان ينهج نهج القدماء في معانيهم واخيلتهم،
كي يظفر برضا النقاد.
________________
(1) ابن قتيبة:
الشعر والشعراء، تحقيق احمد محمد شاكر، دار المعارف 1966 ص77.
(2) انظر مثلاً
دفاع ابن سنان بحماسة بالغة في: سر الفصاحة ص261-267.
(3) انظر مقالته:
نظرية المحاكاة بين السرقة والفن، في كتابه مقالات في النقد الادبي دار القلم، دون
تاريخ ص31-38.
الاكثر قراءة في النقد القديم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
