حقيقة اختيار الانسان وارادته في ضل السنن التاريخية
المؤلف:
السيد محمد باقر الصدر .اعداد : ش مهدي شمس الدين
المصدر:
السنن التاريخية في القران
الجزء والصفحة:
ص74- 75.
22-04-2015
2456
التأكيد على هذه الحقيقة في مجال استعراض سنن التاريخ مهم جدا، اذ سوف يأتى ان شاء اللّه تعالى، ان البحث في سنن التاريخ خلق وهما عند كثير من المفكرين، أن هناك تعارضا وتناقضا بين حرية الانسان واختياره وبين سنن التاريخ، فإما أن نقول بأن للتاريخ سننه وقوانينه، وبهذا نتنازل عن إرادة الانسان واختياره وحريته، وإما أن نسلم بأن الانسان كائن حر مريد مختار، وبهذا يجب أن نلغي سنن التاريخ وقوانينه، ونقول بأن هذه الساحة التاريخية قد أعفيت من القوانين التي تحكم بقية الساحات الكونية.
هذا الوهم، وهم التعارض والتناقض بين فكرة السنة التاريخية أو القانون التاريخي، وبين فكرة اختيار الانسان وحريته، كان من الضروري للقرآن الكريم أن يزيحه وهو يعالج هذه النقطة بالذات.
ومن هنا أكد سبحانه وتعالى، على أن المحور في تسلسل الأحداث والقضايا انما هو إرادة الانسان، وسوف أتناول ان شاء اللّه فيما بعد، الطريقة الفنية في كيفية التوفيق بين سنن التاريخ وإرادة الانسان، وكيف استطاع القرآن لكريم أن يجمع بين هذين الأمرين، من خلال فحص للصيغ التي يمكن في اطارها صياغة السنة التاريخية، لكن يكفي الآن أن نستمع إلى قوله تعالى :
{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد : 11].
{وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا } [الجن : 16].
.. {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } [الكهف : 59].
انظروا كيف أن السنن التاريخية لا تجري من فوق رأس الانسان بل تجري من تحت يده، فان اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وان لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا، اذن ، هناك مواقف ايجابية للإنسان تمثل حريته واختياره وتصميمه، وهذه المواقف تستتبع ضمن علاقات السنن التاريخية، جزاءاتها ومعلولاتها المناسبة، فاختيار الانسان إذن، له موضعه الرئيسي في الساحة التاريخية، والنظرية القرآنية لا تفصل الانسان عن دوره الايجابي، ولا تعطل فيه ارادته وحريته واختياره، وانما تؤكد أكثر فأكثر مسئوليته على الساحة التاريخية.
الاكثر قراءة في قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة