النحو
اقسام الكلام
الكلام وما يتالف منه
الجمل وانواعها
اقسام الفعل وعلاماته
المعرب والمبني
أنواع الإعراب
علامات الاسم
الأسماء الستة
النكرة والمعرفة
الأفعال الخمسة
المثنى
جمع المذكر السالم
جمع المؤنث السالم
العلم
الضمائر
اسم الإشارة
الاسم الموصول
المعرف بـ (ال)
المبتدا والخبر
كان وأخواتها
المشبهات بـ(ليس)
كاد واخواتها (أفعال المقاربة)
إن وأخواتها
لا النافية للجنس
ظن وأخواتها
الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل
الأفعال الناصبة لمفعولين
الفاعل
نائب الفاعل
تعدي الفعل ولزومه
العامل والمعمول واشتغالهما
التنازع والاشتغال
المفعول المطلق
المفعول فيه
المفعول لأجله
المفعول به
المفعول معه
الاستثناء
الحال
التمييز
الحروف وأنواعها
الإضافة
المصدر وانواعه
اسم الفاعل
اسم المفعول
صيغة المبالغة
الصفة المشبهة بالفعل
اسم التفضيل
التعجب
أفعال المدح والذم
النعت (الصفة)
التوكيد
العطف
البدل
النداء
الاستفهام
الاستغاثة
الندبة
الترخيم
الاختصاص
الإغراء والتحذير
أسماء الأفعال وأسماء الأصوات
نون التوكيد
الممنوع من الصرف
الفعل المضارع وأحواله
القسم
أدوات الجزم
العدد
الحكاية
الشرط وجوابه
الصرف
موضوع علم الصرف وميدانه
تعريف علم الصرف
بين الصرف والنحو
فائدة علم الصرف
الميزان الصرفي
الفعل المجرد وأبوابه
الفعل المزيد وأبوابه
أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)
اسناد الفعل الى الضمائر
توكيد الفعل
تصريف الاسماء
الفعل المبني للمجهول
المقصور والممدود والمنقوص
جمع التكسير
المصادر وابنيتها
اسم الفاعل
صيغة المبالغة
اسم المفعول
الصفة المشبهة
اسم التفضيل
اسما الزمان والمكان
اسم المرة
اسم الآلة
اسم الهيئة
المصدر الميمي
النسب
التصغير
الابدال
الاعلال
الفعل الصحيح والمعتل
الفعل الجامد والمتصرف
الإمالة
الوقف
الادغام
القلب المكاني
الحذف
المدارس النحوية
النحو ونشأته
دوافع نشأة النحو العربي
اراء حول النحو العربي واصالته
النحو العربي و واضعه
أوائل النحويين
المدرسة البصرية
بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في البصرة وطابعه
أهم نحاة المدرسة البصرية
جهود علماء المدرسة البصرية
كتاب سيبويه
جهود الخليل بن احمد الفراهيدي
كتاب المقتضب - للمبرد
المدرسة الكوفية
بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الكوفة وطابعه
أهم نحاة المدرسة الكوفية
جهود علماء المدرسة الكوفية
جهود الكسائي
الفراء وكتاب (معاني القرآن)
الخلاف بين البصريين والكوفيين
الخلاف اسبابه ونتائجه
الخلاف في المصطلح
الخلاف في المنهج
الخلاف في المسائل النحوية
المدرسة البغدادية
بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في بغداد وطابعه
أهم نحاة المدرسة البغدادية
جهود علماء المدرسة البغدادية
المفصل للزمخشري
شرح الرضي على الكافية
جهود الزجاجي
جهود السيرافي
جهود ابن جني
جهود ابو البركات ابن الانباري
المدرسة المصرية
بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو المصري وطابعه
أهم نحاة المدرسة المصرية
جهود علماء المدرسة المصرية
كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك
جهود ابن هشام الانصاري
جهود السيوطي
شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك
المدرسة الاندلسية
بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها
نشأة النحو في الاندلس وطابعه
أهم نحاة المدرسة الاندلسية
جهود علماء المدرسة الاندلسية
كتاب الرد على النحاة
جهود ابن مالك
اللغة العربية
لمحة عامة عن اللغة العربية
العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)
العربية الجنوبية (العربية اليمنية)
اللغة المشتركة (الفصحى)
فقه اللغة
مصطلح فقه اللغة ومفهومه
اهداف فقه اللغة وموضوعاته
بين فقه اللغة وعلم اللغة
جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة
جهود القدامى
جهود المحدثين
اللغة ونظريات نشأتها
حول اللغة ونظريات نشأتها
نظرية التوقيف والإلهام
نظرية التواضع والاصطلاح
نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح
نظرية محاكات أصوات الطبيعة
نظرية الغريزة والانفعال
نظرية محاكات الاصوات معانيها
نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية
نظريات تقسيم اللغات
تقسيم ماكس مولر
تقسيم شليجل
فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)
لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية
موطن الساميين الاول
خصائص اللغات الجزرية المشتركة
اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية
تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)
اللغات الشرقية
اللغات الغربية
اللهجات العربية
معنى اللهجة
اهمية دراسة اللهجات العربية
أشهر اللهجات العربية وخصائصها
كيف تتكون اللهجات
اللهجات الشاذة والقابها
خصائص اللغة العربية
الترادف
الاشتراك اللفظي
التضاد
الاشتقاق
مقدمة حول الاشتقاق
الاشتقاق الصغير
الاشتقاق الكبير
الاشتقاق الاكبر
اشتقاق الكبار - النحت
التعرب - الدخيل
الإعراب
مناسبة الحروف لمعانيها
صيغ اوزان العربية
الخط العربي
الخط العربي وأصله، اعجامه
الكتابة قبل الاسلام
الكتابة بعد الاسلام
عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه
أصوات اللغة العربية
الأصوات اللغوية
جهود العرب القدامى في علم الصوت
اعضاء الجهاز النطقي
مخارج الاصوات العربية
صفات الاصوات العربية
المعاجم العربية
علم اللغة
مدخل إلى علم اللغة
ماهية علم اللغة
الجهود اللغوية عند العرب
الجهود اللغوية عند غير العرب
مناهج البحث في اللغة
المنهج الوصفي
المنهج التوليدي
المنهج النحوي
المنهج الصرفي
منهج الدلالة
منهج الدراسات الانسانية
منهج التشكيل الصوتي
علم اللغة والعلوم الأخرى
علم اللغة وعلم النفس
علم اللغة وعلم الاجتماع
علم اللغة والانثروبولوجيا
علم اللغة و الجغرافية
مستويات علم اللغة
المستوى الصوتي
المستوى الصرفي
المستوى الدلالي
المستوى النحوي
وظيفة اللغة
اللغة والكتابة
اللغة والكلام
تكون اللغات الانسانية
اللغة واللغات
اللهجات
اللغات المشتركة
القرابة اللغوية
احتكاك اللغات
قضايا لغوية أخرى
علم الدلالة
ماهية علم الدلالة وتعريفه
نشأة علم الدلالة
مفهوم الدلالة
جهود القدامى في الدراسات الدلالية
جهود الجاحظ
جهود الجرجاني
جهود الآمدي
جهود اخرى
جهود ابن جني
مقدمة حول جهود العرب
التطور الدلالي
ماهية التطور الدلالي
اسباب التطور الدلالي
تخصيص الدلالة
تعميم الدلالة
انتقال الدلالة
رقي الدلالة
انحطاط الدلالة
اسباب التغير الدلالي
التحول نحو المعاني المتضادة
الدال و المدلول
الدلالة والمجاز
تحليل المعنى
المشكلات الدلالية
ماهية المشكلات الدلالية
التضاد
المشترك اللفظي
غموض المعنى
تغير المعنى
قضايا دلالية اخرى
نظريات علم الدلالة الحديثة
نظرية السياق
نظرية الحقول الدلالية
النظرية التصورية
النظرية التحليلية
نظريات اخرى
النظرية الاشارية
مقدمة حول النظريات الدلالية
أخرى
نشأة اللغة عند الانسان (المراحل الأولى التي اجتازتها اللغة الإنسانية)
المؤلف:
د. علي عبد الواحد وافي
المصدر:
علم اللغة
الجزء والصفحة:
ص110- 119
3-12-2018
11486
المراحل الأولى التي اجتازتها اللغة الإنسانية
تقدَّم أن اللغة الإنسانية قد نشأت ناقصة ساذجة مبهمة في نواحي أصواتها ومدلولاتها وقواعدها، ثم سارت بالتدريج في سبيل الارتقاء.
وقد اختلف الباحثون اختلافًا كبيرًا في بيان المراحل الأولى التي اجتازتها في هذا السبيل.
فبعضهم نظر إلى الموضوع من الناحية الصوتية؛ فحاول أن يشكف
ص110
عما كانت عليه أصوات اللغة الإنسانية في مبدأ نشأتها, وعن مراحل ارتقائها, وقد ذهب معظم هؤلاء إلى أن اللغة قد سارت بهذا الصدد في ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة الصراخ Le Cri:
وفي هذه المرحلة لم يكن في أصوات اللغة الإنسانية أصوات مد -وهي الأصوات التي نرمز إليها بحروف اللين, ولا أصوات ساكنة -وهي الأصوات التي نرمز إليها بالحروف الساكنة، وإنما كانت مؤلفة من أصوات مبهمة تشبه أصوات التعبير الطبيعي عن الانفعال؛ كالضحك والبكاء والصراخ، وأصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة والأشياء؛ كدوي الريح وحنين الرعد وخرير الماء وحفيف الشجر وجعجعة الرحى وصوت القطع والضرب ... وهلم جرا.
والمرحلة الثانية: مرحلة المد Vocalisation: وفيها ظهرت أصوات اللين في اللغة الإنسانية.
والمرحلة الثالثة: مرحلة المقاطع Articulation: وفيها ظهرت الأصوات الساكنة في اللغة الإنسانية "الباء، التاء، الثاء.... إلخ".
ويعتمد أصحاب هذه النظرية في تأييدها على أمور مستمدة من لغة الطفل ولغات الأمم البدائية:
أما فيما يتعلق بالطفل؛ فقد ظهر أن أصواته تجتاز المراحل نفسها التي ذكرها أصحاب هذه النظرية, فأصواته في المبدأ يتألف معظمها من الصراخ والأصوات المبهمة المشبهة لأصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة، ثم تكثر لديه في المرحلة التالية أصوات المد، وفي آخر مرحلة يجتازها قبل أن يظهر لديه التقليد اللغوي، وهي المرحلة التي يسميها علماء النفس بمرحلة: "التمرينات النطقية"، تكثر في نطقه الأصوات الساكنة(2).
ص111
وقد أشرنا فيما سبق إلى أن كثيرًا من العلماء يرى أن المراحل التي يجتازها الطفل في مظهر ما من مظاهر حياته تمثل المراحل التي اجتازها النوع الإنساني في هذا المظهر(3).
وأما فيما يتعلق بلغات الأمم البدائية: فقد لوحظ في كثير منها, أن الأصوات المبهمة وأصوات المد تفوق كثيرًا الأصوات الساكنة في كميتها وأهميتها في الدلالة(3), وقد تقدَّم أن هذه الأمم -لبعدها عن تيارات الحضارة وبقائها بمعزل عن أسباب النهضات الاجتماعية- تمثل إلى حد كبير الأساليب الإنسانية في عهودها الأولى(4).
وليس من بين هذه الأدلة ما يمكن عده برهانًا قاطعًا على صحة هذه النظرية, بل إن معظم المحدثين من علماء اللغة يقطعون بفسادها, وحجتهم في ذلك أنه لا يوجد من بين اللغات الإنسانية المعروفة -سواء في ذلك اللغات الحية والميتة، الراقية والساذجة- لغة خالية من أصوات اللين أو من الأصوات الساكنة, وأنه من المتعذر تصور لغة إنسانية عارية عن أحد هذين النوعين, هذا إلى أن ظهور الأصوات ذات المقاطع "الأصوات الساكنة" في لغة الإنسان, لم يكن ليتوقف على ارتقاء في لغته, أو على تطور صوتي, أو على مراحل يجتازها في هذا السبيل, كما يزعم أصحاب هذه النظرية؛ لأن الأصوات ذات المقاطع توجد عند كثير من فصائل الحيوانات نفسها، كما سبقت الإشارة إلى ذلك(5).
وبعضهم نظر إلى الموضوع من ناحية مفردات اللغة ودلالة بعضها
ص112
على معانٍ جزئية, وبعضها الآخر على معانٍ كلية، وحاول أن يبين أيّ القسمين كان أسبق ظهورًا من الآخر.
وقد اختلف هؤلاء فيما بينهم, وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: -وعلى رأسه مكس مولر- يرى أن اللغة الإنسانية قد بدأت بألفاظ دالة على معانٍ كلية، ثم انشعبت عن هذه الألفاظ الكلمات الدالة على المعاني الجزئية, ودليلهم على هذا أن الأصول المشتركة التي ترجع إليها المفردات في جميع اللغات الهندية - الأوربية, والتي تمثل في نظرهم اللغة الإنسانية في أقدم عصورها، تدل على معانٍ كلية, كما سبقت الإشارة إلى ذلك(7).
وقد ناقشنا هذه النظرية فيما تقدم فتبين فسادها، وظهر أن هذه الأصوات لا تمثل اللغة الإنسانية في عهودها الأولى، وأنها بقايا من لغة راقية لم تصل إليها الأمم الإنسانية إلّا بعد أن اجتازت في حياتها اللغوية مراحل طويلة، وأن بعض الباحثين يذهب إلى أبعد من هذا, فيقرر أننا بصدد أصول نظرية لم تكن يومًا ما لغة كلام(8).
وبعضهم يبحث في هذا التطور من ناحية ثالثةٍ قريبة من بعض الوجوه من الناحية السابقة، فيتساءل عن المراحل التي ظهر فيها كل من الاسم والصفة والفعل والحرف في الكلام الإنساني, وأشهر نظرية بهذا الصدد هي نظرية العلامة ريبو Ribot, التي تقرر أن الصفة هي أول ما ظهر في اللغة الإنسانية، ثم تلتها أسماء المعاني وأسماء الذوات، ثم ظهرت الأفعال, وبظهور الأفعال دخلت اللغة الإنسانية في أهم مرحلة من مراحل رقيها، فلا يخفى أهمية الأفعال في الحديث وكثرة وظائفها في الدلالة، ثم اختتمت مراحل الارتقاء بظهور الحروف(9).
ص113
وقد اعتمد في تأييد نظريته هذه على أدلة كثيرة, بعضها يرجع إلى لغة الطفل ولغات الأمم البدائية، وبعضها إلى بحوث إيتيمولوجية "دراسة أصول الكلمات" أو نفسية, فمن ذلك أن الأصول الهندية الأوربية التي كشفها "مكس مولر", يتألف معظمها من كلمات دالة على الصفات، وفي هذا دليل على أن الصفات كانت أسبق الكلمات ظهورًا في اللغة الإنسانية، وأن معظم أسماء المعاني وأسماء الذوات مشتقة في كثير من اللغات من كلمات دالة على صفات، وفي هذا دليل على أن الأسماء لم تظهر في اللغة الإنسانية إلّا بعد ظهور الصفات، وأن معظم الأفعال في اللغات الهندية الأوروبية مأخوذة من كلمات دالة على صفات أو أسماء, مضاف إليها بعض أصوات من ضمائر، وفي هذا دليل على أن الأفعال قد ظهرت بعد ظهور الصفات والأسماء، وأن كثيرًا من لغات الأمم البدائية مجردة من الحروف(10)، وأن لغة الطفل لا تظهر فيها الحروف إلّا في آخر مرحلة من مراحلها، ففي المرحلة الأولى ينطق الطفل بأجزاء الجملة عارية عن الحروف وعن علامات الربط(11)، وفي خلو اللغات البدائية ولغة الطفل في مراحلها الأولى من الكلمات الدالة على الحروف دليل على أنها كانت آخر ما ظهر في اللغات الإنسانية.
وليس من بين هذه الأدلة ما ينهض برهانًا قاطعًا على صحة هذه النظرية، بل إنها ظاهرة الخطأ في بعض نواحيها، وخاصة إذ تقرر أن الصفات كانت أسبق ظهورًا في اللغة الإنسانية من أسماء الذوات, ففي هذه الناحية توجه إليها المآخذ نفسها التي وجهناها إلى نظرية مكس مولر(12).
ص114
وبعضهم يبحث في هذا التطور من ناحية رابعة تتعلق بقواعد الصرف والتنظيم "المورفولوجيا والسنتكس(13)".
وأشهر نظرية بهذا الصدد, هي النظرية التي قال بها العلامة شليجل Schlegel, وتابعه فيها جمهرة كبيرة من علماء اللغة, وهي تقسم اللغات الإنسانية في هذه الناحية إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: اللغات المتصرفة Flexionnelles ou a Flexion, أو التحليلة Analytiquew: ويمتاز هذ االقسم من ناحية "المورفولوجيا" بأن كلماته تتغير معانيها بتغير أبنيتها، ومن ناحية "السنتكس" بأن أجزاء الجملة يتصل بعضها ببعض بروابط مستقلة(14) تدل على مختلف العلاقات, وذلك كاللغة العربية؛ فإن كلماتها تتغير معانيها بتغير بنيتها؛ فتقول عِلْم للدلالة على المصدر، وعَلِمَ للدلالة على الفعل الماضي، وعَلَّمَ للدلالة على تعدي الفعل، واعْلَمْ للدلالة على الأمر، والعلوم للدلالة على جمع العلم، والمعلوم للدلالة على ما وقع عليه العلم، والعلَّامة للدلالة على وسيلة العلم ... وهلم جرا. هذا من ناحية الصرف, وأما من ناحية التنظيم: فإن عناصر جملها يتصل بعضها ببعض عن طريق روابط مستقلة تشير إلى مختلف العلاقات؛ فتقول مثلًا: ذهب محمد وعلي من المنزل إلى الجامعة, فتأتي بواو قصيرة ونون زائدتين بعد دال محمد للدلالة على أنه أحدث الحدث، وتأتي بالواو العاطفة بين محمد وعلي للدلالة على عطف عنصر من عناصر الجملة على آخر، وبمن للدلالة على الابتداء، وبإلي للدلالة على الانتهاء, وما قيل في اللغة العربية يقال مثله في بقية اللغات السامية, وفي اللغات الهندية - الأوروبية.
ص115
وسميت هذه الطائفة من اللغات "بالمتصرفة" لتغير أبنيتها بتغير المعاني، و"بالتحليلية" لما تتخذه حيال الجملة من تحليل أجزائها وربطها بعضها ببعض بروابط تدل على العلاقات.
القسم الثاني: اللغات اللصقية أو الوصلية: Agglutinantes ou Agglomerrantes ou Synthetiques: ويمتاز هذا القسم من ناحيتي المورفولوجيا والسنتكس, بأن تغير معنى الأصل وعلاقته بما عداه من أجزاء الجملة يشار إليهما بحروف تلصق به, وتوضع هذه الحروف أحيانًا قبل الأصل, فتسمى: "سابقة Prefixes"، وأحيانًا بعده فتسمى "لاحقة(15) Suffixes", وبعض هذه الحروف ليس له دلالة مستقلة، ولكن معظمها كان في الأصل كلمات ذات دلالة, ثم فقدت معانيها وأصبحت لا تستخدم إلّا مساعدة للدلالة على تغير معنى الأصل الذي تلصق به, أو للإشارة إلى علاقته بما عداه من أجزاء الجملة, ومن أشهر لغات هذه الفصيلة اللغة اليابانية واللغة التركية, وبعض لغات الأمم البدائية؛ كلغة الأيروكويين(16) lroquois, والبنتوين(17) Bantous.
وسميت هذه اللغات "باللصقية" أو "الوصلية" للطريقة التي تتبعها
ص116
حيال الأصل؛ إذ تلصق به حروفًا زائدة عن حروفه, لتوضيح المعنى المقصود منه, أو للإشارة إلى علاقته بما عداه من أجزاء الجملة.
القسم الثالث: اللغات غير المتصرفة Mono-syllabiques, أو "العازلة" lsolantes: ويمتاز هذا القسم من ناحية "المورفولوجيا"، بأن كلماته غير قابلة للتصرف, لا عن طريق تغيير البنية ولا عن طريق لصق حروف بالأصل، فكل كلمة تلازم صورة واحدة وتدل عل معنى ثابت لا يتغير, ويمتاز من ناحية "السنتكس" بعدم وجود روابط بين أجزاء الجملة للدلالة على وظيفة كل منها وعلاقته بما عداه، بل توضع هذه الأجزاء بعضها بجانب بعض، وتستفاد وظائفها وعلاقاتها من ترتيبها أو من سياق الكلام, ويدخل في هذا القسم اللغة الصينية وكثير من لغات الأمم البدائية.
وسميت هذه اللغات بغير المتصرفة؛ لأن كلماتها لا تتصرف ولا يتغير معناها "بالعازلة"؛ لأنها تعزل أجزاء الجملة بعضها عن بعض, ولا تصرح بما يربطها من علاقات.
ويرى أصحاب هذه النظرية أن اللغة الإنسانية في مبدأ نشأتها كانت من النوع الثالث "اللغات غير المتصرفة"، ثم ارتقت إلى النوع الثاني "اللغات اللصقية"، ولم تصل إلى حالة النوع الأول "اللغات المتصرفة" إلّا في آخر مرحلة قطعتها في هذا السبيل, غير أن بعض اللغات الإنسانية قد وقفت في نموها فلم تتجاوز المرحلة الأولى كاللغة الصينية، أو لم تتجاوز المرحلة الثانية كاليابانية والتركية.
ويستدل على صحة هذه النظرية بأدلة مستمدة من لغة الطفل ولغات الأمم البدائية, على النحو الذي تقدَّم شرحه في النظريات السابقة.
ولكن ليس من بين أدلتها ما ينهض برهانًا قاطعًا على صحتها, بل قامت أدلة كثيرة على خطئها, فمن ذلك أن الأساليب الثلاثة التي تعرض
ص117
لها "التصرف واللصق والعزل" توجد مجتمعة في كل لغة إنسانية، وأنه من المتعذر أن نعثر على لغة عارية عن أسلوب منها.
فاللغة العربية، كما يوجد بها مظاهر من أسلوب التصرف والتحليل كما تقدم، يوجد بها مظاهر كثيرة من الأسلوبين الآخرين؛ فهي تسير على طريقة اللصق بالحروف "اللاحقة" و"السابقة" في حالات كثيرة؛ كجمع المذكر السالم وجمع المؤنث السالم والتعدي بالهمزة "قائم قائمون, زينب زينبات, قام على، وأقام على الصلاة" ... وهلم جرا. وتسير كذلك على طريقة العزل في كثير من التراكيب؛ فبعض الجمل الاسمية والجمل الفعلية لا ترتبط عناصرها بعضها ببعض بأي رابطة ملفوظ، وإنما تفهم العلاقة بينها من ترتيبها أو من السياق مثل "ضرب موسى عيسى"، وجميع الجمل على هذا النحو في اللغات العامية المتشعبة عن العربية، فقد تجردت جميعها من علامات الإعراب الدالة على وظائف الكلمات, وعلاقة أجزاء الجملة بعضها ببعض.
وكذلك جميع اللغات الهندية - الأوربية. فالإنجليزية والفرنسية مثلًَا تسيران أحيانًا على طريقة التصريف والتحليل.
Je vois, je voyais, je vis, nous voyons, la vue, vous voyez que la Linguistique est une science sociale.
l see, l saw, l have seen, to see, the sight, you see that the Science of Languages is a social one
وتسيران أحيانًا على طريقة اللصق:
j a joute, Jajouterai - tigre, tigresse
l care, l cared - cariful, carefulness
وتسيران أحيانًا على طريقة العزل:
Tom beats Dick- pierre bat Paul
"ففي هذه الجملة لا يميز الفاعل من المفعول إلّا مجرد ترتيبه".
ومثل هذا يقال في جميع اللغات الإنسانية, فلسنا إذن بصدد فصائل لغوية متميزة، بل بصدد أساليب مستخدمة في جميع اللغات.
ص118
____________________
(1) انظر صفحات 103-106.
(2) سنتكلم عن هذا الموضوع بتفصيل في الفصل الثاني من هذا الباب.
(3)انظر أول صفحة 106 وتعليقها الأول.
(4) ففي لغات القيجيين والهوتنتوت ولغات بعض قبائل من السكان الأصليين لأمريكا الشمالية تكثر الأصوات المبهمة المشبهة لأصوات الحيوانات ومظاهر الطبيعة, وفي لغات السياميين والصينيين مثلًا نرى أن معظم ظواهر الدلالة تتصل بحروف المد، فكلمة "ها" مثلًا معناها: البحث في لغة السياميين, فإذا مدت ألفها قليلًا وفتح الفم في نطقها a أصبح معناها الوباء، وإذا مدت قليلًا بدون فتح الفم أصبح معناها خمسة.
V Ribot on cit p 78.
(5) انظر صفحة 106.
(6) انظر صفحة 94 وتوابعها.
(7) انظر صفحة 100.
(8) انظر صفحتي 102، 103.
(9) انظر Ribot op cip pp 88-96..
(10) سيأتي الكلام عن ذلك في اللغات غير المتصرفة "انظر صفحتي 117، 118".
(11) سيأتي الكلام على ذلك بتفصيل في الفصل الثاني من هذ الباب.
(12) انظر صفحتي 102، 103.
(13) انظر صفحات 8-10.
(14) نقصد باستقلال الروابط زيادتها عن أصوات الكلمة؛ فالواو القصيرة "الضمة" والنون الساكنة الملحقتان بكلمة "محمد" في: جاء محمد "محمدن" تعتبران من الروابط المستقلة، وهما تشيران في هذا التركيب إلى أن مدلول محمد هو الذي أحدث الحدث.
(15) يختلف هذا الأسلوب باختلاف اللغات, فبعض اللغات اللصقية تستخدم الحروف "السابقة" كاللغة البنتوية، وبعضها يستخدم الحروف "اللاحقة" كالتركية, فمنزل في التركية مثلًا يقال له: أو Ew، فإذا أردت أن تقول خارج المنزل ألصقت بآخره دالًا مكسورة, ونونًا للدلالة على المجاوزة؛ فتقول: أودن Ewden، وإذا أردت جمعه ألصقت بآخره لامًا مكسورة وراء, فتقول: أولر Ewler، وإذا أردت أن تقول: خارج المنازل, ألصقت بالجمع الدال والنون الدالتين على المجاورة, فتقول أولردن Ewlerden.
وقد تجتمع الطريقتان في لغة واحدة, فتستخدم أحيانًا الحروف السابقة, وأحيانًا الحروف اللاحقة.
(16) عشائر من الهنود الحمر "السكان الأصليين لأمريكا الشمالية", وقد يلحق بالأصل الواحد في لغتهم عدد كبير من هذه الحروف للدلالة على كثير من العلاقات والمعاني، فتصبح الكلمة الواحدة كثيرة الأصوات كبيرة المدلول؛ فقد روى العلامة ريبو, أنه توجد في لغتهم كلمة واحدة تدل على ما يأتي: "اطلب نقودًا من هؤلاء الذين جاءوا ليشتروا مني الأقمشة, ويكثر كذلك هذا النوع من الكلمات الطويلة بلغة الإسكيمو V Ribot op cit 89.
(17) يطلق هذا الاسم على سكان القسم الجنوبي بأفريقيا الاستوائية "ما عدا قبيلتي الهوتانتوت والبوشيمان Hottentots Bochimaans, وترجع لغاتهم إلى فصيلة واحدة على الرغم من اختلاف أصولهم الشعبية.