المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

بمختلف الألوان
لقد فاضلَ الله سبحانه وتعالى بحسب حكمته في التشريع بين الشهور كما فاضلَ بين الأيّام، وكما فاضل بين السّاعات لأجل أن تكون هذه الفضيلة منبّهات للإنسان على مزيدٍ من الجد والتبصّر والاستعداد للحياة الأخرى. فلو كان الإنسان مدعوّاً إلى عمل الخير في جميع الأوقات على وجهٍ واحدٍ لم يكن له حافز على استثمار... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات ادبية
متحف أبي
عدد المقالات : 27
مُتْحَفُ أَبي
بقلم : صادق مهدي حسن
وَسَطَ قَريَةٍ نائيَةٍ مُطِلَّةٍ عَلى ضِفَافِ الفُراتِ يَتَخَلَّلُها طَريقٌ يَسْلُكُهُ جَمْعٌ مِنَ الزّائِرينَ.. ثَلاثَةُ أصْدِقاءٍ يَحُثُونَ خُطاهُم بِهِمَّةٍ نَحْوَ كَعْبَةِ الأحْرارِ وَعُنْوانُ الفِداءِ.. إلى حَيْث (هَدير الجِّراحِ وَزَهْوَ الدَّمِ العَلَويِّ الأَبي)..
:- أذانُ المَغْرِبِ يَقْتَرِبُ يا شَباب، لِمَ لا نَأخُذُ قِسْطَاً مِنَ الرّاحَةِ كَيْ نَتَأَهَّبَ للصَّلاةِ وَنَبيْتُ اللَّيْلَةَ في إحْدَى الحُسَينِيَّاتِ أو الـمَواكِبِ العامِرةِ بِخِدْمَةِ زُوّارِ سَيِّدِ الشُهَدَاءِ ما زالَ الطَّريقُ طَوِيْلاً.. وَلَكِنْ لَدَيْنا فُسْحَةُ وَقْتٍ لِنَصِلَ كَرْبَلاءَ قَبْلَ يَومِ الأربَعين.. ألَيْسَ كَذلِكَ
:-"نَعَمْ أبا جَعْفَر.. سَنَحُطُّ رِحالَنا عِنْدَ أوَّلِ مَنْ يَعْتَرِضُ مَسِيرَنَا لِيَسْتَضيفَنا هَذهِ اللَّيْلَة".. لَمْ يَكْتَمِلِ الِحوَارُ حَتّى هَتَفَ بِنِا صَوْتٌ مِنْ زُقاقٍ جَانِبِيٍّ قَرِيبٍ:"حَيّاكُمُ الله.. أهْلَاً وَمَرْحَبَاً بِالزّائِرينَ.. تَوَقَّفوا بِاللهِ عَلَيْكُم.. أُقْسِمُ عَلَيْكُم بِالزَّهْراءِ لا تَحْرِمُونَا شَرَفَ خِدْمَتِكُم اليَوم".. هَرْوَلَ إِلَينَا، أَمْسَكَ عَلَيْنَا الطَّريقَ، اخْتَطَفَ حَقَائِبَنَا، وْاصْطَحَبَنا مُغْتَبِطَاً إلى مَضَيْفٍ واسِعٍ خُطَّ عَلى مَدْخَلِهِ (وَأُزْلِفَتِ ٱلجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ).. مُغْرِقَاً إيّانَا بِسَيْلٍ مِنْ حَفاوَةِ التَّرحِيبِ وَالتَّبْجِيل.. تَسابَقَ عَلى خِدْمَتِنَا أَرْبَعَةُ إِخْوَةٍ بِأعْمَارٍ مُتَقارِبَةٍ.. وقد غَمَرَتْنَا حِيَنهَا راحَةُ لَمْ نَعْهَدْها أو نَعْتَدْها، فَكَأَنَّنَا لَمْ نَبْدَأْ مَسِيرَنَا قَبْلَ عِدَّةِ أَيّامٍ. تَصَدَّرَتْ ذلكَ المجْلِسَ الرَّحيْبَ صُورَةٌ بَهِيَّة للمَرْجِعِ الأعلى مُلْتَقِيَاً بِكَوكَبَةٍ مِنْ جَرْحَى الحَشْدِ الشَّعْبيِّ البَواسِلِ مُزْدانَةً بِعِبارَتِهِ الأبَويَّةِ الحانِيَّةِ (أَنْتُمْ فَخْرَنا وَعِزُّنَا وَمَنْ نُباهِي بِهِ سَائِرَ الأُمَمِ)..
بَعْدَ الاسْتِرَاحَةِ وَتَناوُلِ العَشاءِ وَبَيْنَمَا كُنَّا نَتَبادَلُ أَطْرافَ الحَديثِ.. قال الابنُ الأكبَرُ: بُنِيَ هذا المضِيفُ بِوَصيَّةٍ مِنْ أبي الشَّهِيد مُحَمَّد (رَحِمَهُ الله) الذي نَذَرَ حَياتِهِ لِخِدْمَةِ الإمَامِ الحُسَينِ (عَلَيْهِ السَّلام)، وَمَضَى شَهِيدَاً عْلى يَدِ الدَّواعِشِ الأوْغَادِ في لَيْلَةِ القَدْرِ الكُبْرى قَبْلَ سَنَواتٍ..كانَتِ الشَّهادَةُ أَغْلى وأّعزَّ أُمْنِيَاتِه واسْتَأثَرَتْ بِجُلِّ دَعَوَاتِهِ وَمُناجَاتِهِ في صَلاةِ اللَّيلِ وَصَلاةِ الغُفَيْلَةِ، بَلْ وفي كُلِّ قنوتٍ وَسُجودٍ ظَلَّ يُردِّدُ بِشَوقِ التَّائِقين "وَثَبِّتْ لي قَدَمَ صِدْق عِنْدَكَ مَعَ الْحُسَيْنِ وَأصحَابِ الْحُسَيْنِ..."
أبو جَعْفَر(بِصَوْتٍ مُتَهَدِّجٍ وَعَبْرَةٍ مُتَكَسِّرَةٍ):"هَلّا حَدَّثْتُمُوني عَنْ أَبيكُمُ.. عَنْ بُطُولاتِهِ وَمآثِرِهِ في سَاحاتِ الجِّهادِ.. مَاذَا قَصَّ لَكُمْ وَمَا وَصَلَكُم عَنْهُ"
الابْنُ الأوْسَطُ يُشِيرُ إلى بَابٍ في إحْدَى جَوَانِبِ المضِيفِ:"حُبَّاً وَكَرَامَةً يَا عَم.. فَلنَجْلِسْ هًنَاكَ في (مُتْحَفِ أَبي)، لِنَعِيشَ جَانِبَاً مِنْ ذِكْرَيَاتِهِ، بَيْنَ كُتُبه وصُوَرِهِ".
(الابنُ الأَكْبَرُ وَهُوَ يُشَغِّلُ شَاشَةً كَبِيرَةً داخِلَ المتْحَفِ):"مَا أَجْمَلَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ قِصَّة شَاهِدٌ.. وَإليْكُمُ حِكَايَة الاسْتِشْهَادِ يَرْوِيَهَا صَدِيقَهُ الجَّريْحُ حَسَن"..
(لَقْدْ كَانَتْ لَيْلَةً قُدْسِيَّةً مُعَطَّرَةً بِمِسْكِ البَارُودِ، تَسْبِيْحُهَا وَأَذْكارُهَا أَزيزُ الرَّصاصِ وَتَهَجُّدُهَا دَويُّ القَنَابِلِ، أَقَمْنَا صَلَواتِهَا عَلى سَواتِرِ التَّفَاني وَالوَلاءِ، مَا أَسْفَرَ فَجْرُهَا إلا وَإخْوَتي (فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ). حِينَ حَلَّ غُروبُ تِلْكَ اللَّيلَةِ المبَارَكَةِ كانَتْ مِنْطَقَةُ تَمرَكُزِنَا هادِئَةً إلا مِنْ صَوْتِ بَعْضِ البَنادِقِ البَعِيدَةِ الـمُتَفَرِّقَةِ، أدَّى الـمُجاهِدونَ الصَلاةَ تِباعَاً تحَسُّبَاً لأيِّ هُجُومٍ غَادِرٍ، طَلَبْنَا مِنْ (مُحَمَّدٍ) أَنْ يَؤمَّنَا أنا وَ(كَريم) و(فاضِل) لِنَحْظَى بِجَزِيلِ أَجْرِ صَلاة الجَّمَاعَةِ، ثُمَّ شَرَعْنَا بِأعْمالِ اللَّيْلَةِ الثّالِثَةِ وَالعِشْرين، وَبَعْدَ الـمَغْرِبِ بِنَحْوِ سَاعَةٍ وَنِصْف شَنَّ شِرْذِمَةٌ مِنَ الأعْدَاءِ هُجُوُمَاً عَلى فَوْجِنَا، وَقَدْ أُرعِبُوا بِتَصَدٍّ أُسْطُوريٍّ مِنْ أَبْطَالِ الحَشْدِ الشَّعْبِيِّ الأشَاوسِ..
بَيْنَمَا كانَ مُحَمَّدٌ يَرمِي العَدُوَّ بِسِلاحِهِ الـ (بي كي سي)، تَهَجَّدَ بِفَقَراتٍ مِنْ دُعاء الجَوشَنِ الكَبير وَرَدَّدَ بِوَجْدِ الـمُخْلِصِينَ (سُبْحانَكَ يا لا اِلهَ إلاّ أنْتَ الْغَوْثَ، الْغَوْثَ خَلِّصْنا مِنَ النّارِ يا رَبِّ)، أمّا كَريمُ فَعَرَفْتُهُ شَغُوفَاً بـ(اَللّهُمَّ إنّا نَرْغَبُ إلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة، تُعِزُّ بِهَا الإسْلامَ وَأهْلَهُ..) فَلَمْ تَنْقَطِعْ شَفَتَاهُ عَنْهَا، وَعَلى نَغَمِ رَشَّاشَتِهِ كانَ فَاضِلُ يُرَتِّلُ سُورَةَ الرّومِ وَتَهَلَّلَ ابْتِهاجَاً لَمّا وَصَلَ آخِرَها ((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ))، أَمّا أَنا (والكَلامُ لِحَسَن) فَخَتَمْتُ القُرآنَ عَشَراتِ الـمَرَّاتِ إذْ لَمْ أَنْفَكَ عَنْ قِراءَةِ سُورَةِ الإخلاصِ الـمُبارَكَة، ومُعَقِّبَاً بِالصَّلاةِ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيّبينَ الطَّاهِرينَ.. أُصِيْبَ مُحَمَّدٌ في كَتِفِهِ أوَّلَ الأمْرِ فَلَمْ يَأبَه لِجُرْحِهِ النَّازِفِ وَاسْتَمَرَّ بِقِتَالِهِ البُطُوليِّ مِّمَا شَكَّلَ لَنَا حَافِزَاً كَبِيرَاً عَلى القِتَالِ بِعَزيْمَةٍ لا تَلينُ، كَانَ يَضْحَكُ قَائِلَاً: جِذْعُ النَّخْلَةِ لا يَأبَهُ لِوَخْزِ الأشْواكِ.. نَعَمْ، هَكَذَا عَرَفْتُ مُحَمَّدَاً، مَعَ كُلِّ مَا واجَهَهُ مِنْ مَصَاعِبَ اقْتِصادِيَّةٍ وَاجْتِمَاعِيَّةٍ وَسِياسِيَّةٍ في الزَّمَنِ الغَابِر إلا أَنَّهُ بَقِيَ صُلْبَ الشَّكِيمَةِ ثَابِتَ الجَنانِ مُتَسَلِّحَاً بِأَوثَقِ عُرَى الإيمانِ.
أُصِيْبَ كَرِيمٌ بِعَيْنِهِ اليُمْنَى.. احْتَضَنَهُ فَاضِلُ فَحَرَّكَ كَريمُ شِفَاهَهُ هَامِسَاً آخِرَ أَنْفَاسِهِ: لَقَدْ عَثَرْتُ عَلى حَيَاتِي يا رِفَاقَ العُمْرِ الطَّيّبِينَ.. سَلامٌ عَلَيْكُمْ جَميعَاً، فَهَا أنا بَيْنَ يَدَيْ قَمَرِ بَني هَاشِم (عليه السلام)، وَفَاضَتْ رُوحُهُ الطَّاهِرَةُ في تِلْكَ الحَالِ، لَقَدْ كانَ كَريمُ اسْمَاً عَلى مُسَمّى والإيثَارُ أبهَى سَجَايَاه، وَيَعْجَزُ البَيانُ عَنْ وَصْفِ سُرورِهِ حِيْنَ أَصْدَرَتِ الـمَرْجِعِيَّةُ فَتْوَى الجِّهادِ، وَلَسْتُ أَنْسَى هِتَافَهُ بَيْنَنا (لقد وَلّى عَهْدُ الـمَوْتِ، عَجِّلوا نَحْوَ الحَيَاة).
(يَجْهَشُ حَسَنْ بَاكِيَاً بِصَوتٍ عالٍ) ذلِكَ آخِرُ مَا أَذْكُرُهُ مِنْ تِلْكَ اللَّيلَةِ الرَّمَضانِيَّةِ.. وَجَدْتُ نَفْسِي في الـمُسْتَشفَى بَعْدَ أَنْ أَفَقْتُ مِنْ غَيبُوبَةٍ دامَتْ يَومَينِ حَيْثُ أُخْبِرتُ بِاْسْتِشْهادِ مُحَمَّدٍ وَفَاضِلٍ قُبَيلَ صَلاةِ الفَجْرِ.. وَتِلكَ أَوَّلُ مَرَّةٍ لا أَجِدُهُمْ مَعِيَ عِنْدَ الشِّدَّةِ، فَيَا لَهَا مِنْ وَحْشَةٍ لا تُطاقُ( ..
لَمْ نَتَمَالَكَ دُمُوعَنَا بَلْ وَنَشِيْجَنَا الذي خَالَطَ بُكاءَ الـمُجَاهِدِ الـمُخْلِصِ الوَفيِّ مُرَتِّلاً ذلِكَ السَّردِ الشَّجِيِّ.
وَعِنْدَ التَّجوالِ بَيْنَ أركانِ (الـمُتْحَفِ)..شَاهَدْنَا مَعرِضَ صِوَرٍ مُتَسَلْسِلٍ لـِمَراحِلٍ مِنْ حَياةِ الشَّهيدِ مُحَمَّدٍ، وَلَوْحَاتٍ إبْدَاعيَّةٍ جَمَعَهَا هُوَ أَوْ أَبْنَاؤُهُ مِنْ هُنَا وَهُنَاك، وَتَسَمَّرَتْ أَقْدَامُنَا أَمَامَ لَوْحَةٍ سَاحِرَةٍ رُسِمَ عَلى يَمينِهَا أَباهُم رَافِعَاً رايَة (نَصْرٌ مِنَ اللهِ وفَتحٌ قَريبٌ) وَعَلى يَسَارِهَا صُوْرَةٌ لِبعضِ الـمُقَاتِلينَ وَبَيَنَهُم خَارِطَةُ العِراقِ وَسَطَ قَلْبٍ كَبِير كُتِبَ عَلَيهِ:
(حُييتي مُعَلِّمَتي العَزيزَةِ، فَمِنْ دَرسِكِ تَعَلَّمْنَا الدُّعَاءَ للجَّيْشِ وَالـحَشْدَ الشَّعْبِيَ كُلَّ يَومٍ .
مَا أَعْظَمَكَ أَبيَ الشَّهيد، عَلَّمْتَنَا كَيْفَ نَبْذِلُ الرّوحَ مِنْ أَجْلِ الوَطَنْ .
لله قَلْبُكِ أُمي الغَالِيَة، كُنْتِ سَدَّاً مِنَ الصَّبْرِ عِنْدَ أَقْسَى الشَّدائِدْ .
شُكْرَاً.. شُكرَاً ثم شُكْرَاً..أَيُّها الأبطالُ الشَّامِخونَ عَلى السَّواتِر، فَبِفَضْلِكُمُ احْتَفَلْنَا بِعِيدِ الـمُعَلِّم آمِنِينَ..)
قالَ الابنُ الأصْغَرُ: هَذه اللَّوْحَةُ مِنْ مُسَابَقَةٍ للرَّسْمِ في عِيْدِ الـمُعلِّمِ، رَسَمَتْهَا ابْنَةُ عَمّي قَبْلَ بِضْعِ سَنَواتٍ وَكانَتْ يَومَهَا الفَائِزَةَ بِالـمَرْكَزِ الأوَّل..
ثُم مَرَرْنَا جَنْبَ خُزانَةٍ كَبيرةٍ لِلأقْراصِ الـمُدْمَجَةِ وَأَشْرِطَةِ التَّسْجِيلِ القَديمَةِ لأَساطِينِ الـمِنْبَرِ الـحـُسَينيِّ.. "هَذهِ أَعَزُّ مُقْتَنَياتِهِ إلى قَلْبِهِ، إذْ كانَ مُواضِبَاً عَلى الاسْتِمَاعِ لِهذه الـمُحَاضَراتِ القَيِّمَةِ وَطالَمَا أَوْصَانَا أَلّا نُقَصِّرَ في ذَلِك، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ مِرَارَا (هَذِهِ الـمَجالِسُ الـمُسَجَّلَةُ أَعْظَمُ النِّعَمِ في زَمَنٍ عَزَّ فِيهِ تَحْصيلُ الكُتُبِ وَإقَامَة الشَّعائِرِ وَإحْيَاءِ أَمْرِ أَهْلِ البَيْتِ عليهم السلام)"
الجَّانِبِ الآخَرِ.. ضَمَّ مَكْتَبَةً عامِرَةً بِأرْوَعِ عَنَاوِينِ الفِكْرِ وَبحُورِ الـمَعْرِفَة، وفي رَفٍّ مِنْهَا قَرَأْنَا شَيئَاً مِنْ رَسَائِلِهِ وَمُذَكَّراتِهِ الجِهَاِدَّيةِ وَأَقاصِيصِهِ التي حَرَصَ عَلى تَدْويِنِهَا كُلَّمَا سَنَحَتْ لَهُ الفرصة.. مَلاحِمٌ يَسْجُدُ لـَهَا القَلْبُ وَالعَقْلُ زَهْوَاً.. يُشَمُ بَيْنَ أَسْطُرِهَا عِطْرَ الوَجْدِ في تَقْدِيِسِ الوَطَنِ.. وِمِنْ خَوَاطِرِهِ الهَادِرَةِ الـمُجَلْجِلَة:
(وَمَا أدراكَ مَا الفَتْوَى سَيَكْتُبُ التّاريْخُ عَنْهَا بِفَخْرٍ عَظِيمٍ: هِيَ وِسَامُ أَلَقٍ وضَعَهُ ابْنُ الزَّهْراءِ عَلى جَبِيني، هِيَ شَمْسُ هُدَىً أَشْرَقَتْ لِتَهْدِمَ غَيَاهِبَ الـمَكْرِ بِعِراقِ الصّابِرين، هِيَ عَصَا مُوسَى التي تَلْقَفُ ما يَأفِكونَ، هِيَ سَيْفُ أمِيري عَلِيٍّ حينَ يَفْلِقُ هَامَاِتِ النِّفَاقِ وَيَفْرِي الـمُشركِينَ وَالبُغاةِ، هِيَ صَرْخَةٌ مُدَوِيَةٌ تُلَبّي النِدَاءَ الـحُسَيني الخَالِدَ إلى يَوم النُشُورِ (هَلْ مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرُنَا)، هِيَ رَايَةٌ مِنْ رايَاتِ القَائِمِ الـمُؤمَّل وَالعَدْلِ الـمُنْتَظَرِ بإذْنِ الله..
سَيَكْتُبُ التّأريخُ مَزْهُوَّاً عَلى صَحَائِفِ النُّورِ أَنَّ فِتْيَةً وَشِيْبَاً ذَابُوا بِالـهُدَى وَجُنّوا بالشَّهادَةِ كَمَا جُنَّ عَابِسٌ بِحُبِّ الـحُسَين عليه السلام، (لَبِسُوا القُلُوُبَ عَلى الدُّرُوعِ)، أَبَوا الرّكوعَ إلا للهِ تَعَالى فَأرْخَصُوا في سَبِيلِهِ أَعْمَارَهُمْ وَمَا مَلَكُوا.. يَتَنَافَسُونَ عَلى بَذْلِ دِمَائِهم الـزَّكِـَّيةِ لِيُزَلْزِلُوا بِفَيْضِهَا أَركانَ الكُفْرِ وِالإلحادِ.. إِنَّها مَعْرَكَةُ طَفٍّ جَديدَة.. فِيهَا أَلْفُ حُرٍّ.. ألْفُ حَبيبٍ.. أَلْفُ جَوْنٍ.. بَلْ يَزيدُونَ.
سَيَكْتُبُ التّأريخُ - رَضِيَ الـمُرجِفُونَ أَمْ غَضِبُوا- شَهَادَةَ القَاصِيَ وَالدّانِي.. شَهَادَةَ العَدُوِّ قَبْلَ الصَّدِيقِ، أَنَّ الفَتْوَى أَبْهَرَتِ العَالَمَ أَجْمَعَ بِمَا حَمَلَهُ مَنْ أَجابَ نِدائَهَا مِنْ عَقِيدَة مُخْلِصَةٍ فَكانُوا قُوَّةً ضَارِبَةً لا قِبْلَ للدواعش الغادِرينَ بِمَا أَحْرَزَتْهُ مِنْ انتِصَاراتٍ تِلوَ انتصَاراتٍ..
سَيَكْتُبُ التّأريخُ أَنَّ الفَتْوى وحَّدَتْ وَجَمَعَتْ العراقيين الشُّرَفَاءَ، فَما الحَشْدُ الشَّعْبي الـمُبَارك إلا مَزيجٌ لِكُلِّ الأطْيَافِ.. (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ) فَبُورِكَ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلَبّى دَاعيَ الجِهادِ.. وَالسَّلامُ عَلى سَيِّد الـمُجاهِدينَ أَمِيرِ الـمُؤمِنينَ حَيْثُ يَقُول: "إِنَّ اَلْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اَلْجَنَّةِ فَتَحَهُ اَللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ لِبَاسُ اَلتَّقْوَى وَدِرْعُ اَللَّهِ اَلْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ اَلْوَثِيقَةُ")
مِسْكُ الخِتَامِ.. طَالَعَتْنَا صُورَةٌ مُؤطَّرَةٌ لِوَصِيَّةِ الشَّهيد:"أَبْنَائِيَ الأحِبَّة.. الـمَرْجِعِيَّةَ ثم الـمَرْجِعِيَّةَ ثم الـمَرْجِعِيَّةَ، فَهِيَ فَنَارُ الهُدى الذي يَهْدي السَّفِينَةَ إذا اشْتَدَّتْ أمْواجُ الفِتَنِ، وَهِيَ السَّبيلُ الأبْلَجُ إلى التَّمَسُكِ بِهَدْيِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرينَ"
سُبْحَانَ مَنْ لا يَنْبَغي التَّسْبِيْحُ إلا لَه.. مُعْظمُ الأيَّامِ تَمُرُّ كَمَرِّ السَّحَابْ أمّا تِلكَ الليلة فَلَمْ تَكُنْ كَأيِّ سُوَيْعَاتٍ عابِرَةٍ مِنْ لَيَالي العُمْرِ بل دَهراً زاخراً بالعطاء.. ولِبَهاءِ مَا رِأَيْنَا، مَا زِلْتُ أتَسَاءَلُ إلى اليَومْ، أكُنّا في الأرْضِ حَقَّاً أَمْ في رياضِ الخُلْدِ وَالـمَأوَى

(تمت)
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ دقيقتين
2025/04/15م
أولا- تعريف التثقيف الصحي : تتعدد تعاريف التثقيف الصحي ونذكر منها ما يلي: - عملية إعلامية هدفها حثُّ الناس على تبنّي نمط حياة وممارسات صحية سليمة. - عملية يتحقق عن طريقها رفع الوعي الصحي عن طريق تزويد الفرد بالمعلومات والخبرات بقصد التأثير في معرفته و ميوله و سلوكه من حيث صحته و صحة المجتمع الذي يعيش... المزيد
عدد المقالات : 4
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 1 اسبوع
2025/04/06م
يقصد بتجاوز حق الدفاع الشرعي هو انعدام التناسب بين فعل الدافع وبين الخطر الذي يهدد المدافع فلا يبيح حق الدفاع الشرعي احداث ضرر اشد مما يستلزمه هذا الدفاع وفقاً لنص المادة ٤٥ من قانون العقوبات . ويستوي في التجاوز في الدفاع الشرعي ان يكون فعل المدافع فعل عمدي او كان خطأ او على سبيل الاعتقاد خطأ بانه كان... المزيد
عدد المقالات : 140
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/04م
تسمى هذه الفتحات بالعيون الباكية وتعمد السومريون وضعها أثناء بناءهم للزقورات لكي تستخرج مياه الامطار عند هطولها على الزقورة فتعمل كالمرازيب في وقتنا الحاضر و يخرج ماء المطر كما تخرج الدموع من العيون ، و لهذا يسميها السومريون اصحاب الذوق الفني الراقي (العيون السومرية الدامعة) و ما يثير الانتباه ان... المزيد
عدد المقالات : 43
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/03م
ما بين نوائب الدهر والصبر الجميل... النبي أيوب (عليه السلام) معلمٌ حضاريٌ في مدينة بابل تقرير زيد علي كريم الكفلي ضربت العرب المثل في هذا الرجل المبتلى فكلما أصاب إنسان من مصيبة أو بلاء أوصوه بأن يصبر كصبر أيوب وأخذ الناس يتنفس معنى الصبر وهم يتذكرون قصته ويستلهمون منها دروساً ، وقد ضرب هذا المثل بسبب... المزيد
عدد المقالات : 69
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 دقائق
2025/04/15م
(أبو محمد) منذ الصباح يجلس أمام التلفزيون، أوشكت الجمعة  علی الانتهاء وهو مازال مشغولا بمتابعة  خبر اكتشاف الهيكل العظمي للرجل المشؤوم منذ زمن بعيد كان هناك رجل مشؤوم ،يقال :إنه في اليوم الذي تبين أن أمه حامل به ، حاصرت مجموعة من الكلاب أباه واقتطعت أهم ما يبقيه علی قيد الرجولة فبقي عليلا يحيا... المزيد
عدد المقالات : 23
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 دقائق
2025/04/15م
التجدد مذهب المبدع المتمكن ، ومسلك الشاعر المجيد ؛ فهو لا يكرر ما يقول ولا ما يسطر من قصيد .. حالاته الإبداعية بلا ذاكرة .. وان شئت قل خارج الذاكرة ، فتجده دائم الإبداع في تجديد وانتقال بين عوالم الشعر. نجد هذا جليا لدى شاعرنا الأستاذ محمد مغاوري ؛ فهو يطل علينا من وراء تلال سرابية من الشعر الوهمي الذي... المزيد
عدد المقالات : 4
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/04/13م
في قريةٍ بعيدةٍ، كانَ هناكَ طِفلٌ يُدعى "فارس"، شغوفًا بالطبيعةِ، ويحبُّ استكشافَ الغاباتِ المحيطةِ بقريتهِ. في أحدِ الأيامِ، بينَما كانَ يسيرُ في الغابةِ، رأى زهرةً جميلةً وفريدةً لم يرَ مثلَها منْ قبلُ. كانتْ تتوهّجُ بألوانٍ مختلفةٍ كأنّها زهرةٌ من عالمٍ آخَر. اقتربَ فارسٌ مِنها بحذرٍ، وإذا... المزيد
عدد المقالات : 9
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/04/13م
كلُّ شيء في حياتنا كان خلسةً، نخشی الضوء، نخشی المرايا، نخشی وجه  النهر الناطق نخشی الأبواب المفتحة، نخشی الليل رغم سباته، نخشی الفجر رغم حضوره نخشی القادم، تُری هل فكرتم كيف كنّا نعيش كنا نحيا ولم نكن نعيش فحياتنا مجرد أنفاس تركض مسرعةً، تتلفت تخاف علی رصيدها المُلاحَق، الهارب من فوهات البعث... المزيد
عدد المقالات : 23
علمية
أولا- مفهوم الأرغونوميا: من الناحية اللغوية ، كلمة أرغونوميا جاءت من الكلمة اليونانية Ergonomics وتعني "قواعد العمل" ، أي مجموعة القواعد التي تضبط أنشطة العمل. أما من الناحية الاصطلاحية فقد اختلفت التعاريف وتعددت المصطلحات التي تناولها الباحثون في... المزيد
ان الامراض والمشاكل الصحية التي ترتبط بالدم عديدة ومتنوعة ولذلك لا بد من وجود فحوصات مختبرية تساعد في الكشف عن هذه المشاكل لتعطي الطبيب التفاصيل الكاملة عن مكونات الدم لإعطاء العلاج المناسب للحالة . ويعد فحص صورة الدم الكاملة ( Complete blood count)... المزيد
عزيزي القارئ تخيل أنك تستطيع علاج مرض السرطان أو الالتهابات المزمنة دون التأثير على الخلايا السليمة في جسمك، بل إن الدواء يصل مباشرة إلى الخلايا المصابة فقط، دون أن يُسبب أي آثار جانبية. هذا ما تعد به تقنية توصيل الأدوية المستهدف باستخدام... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
حسن كاظم الفتال
2025/03/06
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ إن من العظمة لهذا...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)
2025/03/11
( القيامة عرس المتقين )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com