أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2014
![]()
التاريخ: 12-4-2018
![]()
التاريخ: 9-08-2015
![]()
التاريخ: 20-11-2014
![]() |
من الامور المختلف فيها بين المسلمين القضاء والقدر المنسوبين إلى اللّه تعالى :
قال المجبرة إن القضاء والقدر الإلهيين هما خلق الأفعال من قبل اللّه خيرا كانت أو شرا وإلزام العباد بها دون أن يكون للعباد فيها إرادة واختيار، وقالوا إن اللّه تعالى هو الذي قضى وقدر أي خلق وألزم كل ما يتعلق بعباده من الأفعال والأعمال فهو الذي قدّر الكفر على الكافرين وقضى به عليهم وهو الذي قدر الإيمان على المؤمنين وقضى به عليهم دون أن يكون للعباد قدرة على المخالفة أو يكون لهم اختيار في العمل والترك.
وقالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية وتبعهم في ذلك المعتزلة إن اللّه تعالى منزه عن فعل القبيح ومنه الإضلال والكفر وان عدله وغناه عن العباد ينافيان إجبار خلقه على ارتكاب الشر والقبيح ومنهما الكفر والضلال، وأن حكمته تنافي إلزام العباد بما نهاهم عنه وحملهم على الفعل الذي لا يرتضيه، وقد تقدم الدليل على ذلك في البحث عن الجبر والتفويض .
وقالوا إن للقضاء والقدر معاني غير الخلق والإجبار :
- فمن معاني القضاء الأمر والإيجاب كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] أي أمر وأوجب على العباد أن يعبدوه ولا يعبدوا غيره، فلو كان القضاء إلزاما بالجبر لما نهاهم عن عبادة غيره .
- ومن معاني القضاء، الحكم كقوله تعالى: {لَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} [الشورى: 14]. أي لحكم فيما بينهم .
- ومنها إتمام الشيء والوفاء به ، كقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ } [القصص: 29]. أي لما أتم ووفي الأجل الذي كان بينه وبين شعيب .
- ومنها الأخبار والإعلام كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} [الإسراء: 4]. أي أخبرناهم وأعلمناهم .
- ومنها الخلق كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12] أي خلقهن.
- ومن معاني القضاء الإرادة، كقوله تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [البقرة: 117].
وللقدر كما للقضاء معاني شتى :
- منها التقدير والتحديد، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ} [المؤمنون: 18]. وقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ } [الحجر: 21].
- ومن معانيه الإعلام والأخبار، كقوله تعالى: {إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ} [النمل: 57]. أعلمنا وأخبرنا عنها أنها من الغابرين .
- ومنها الخلق كقوله تعالى: {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ } [فصلت: 10] .
- ومنها التضيق ، كقوله تعالى: {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} [الفجر: 16] أي ضيق عليه رزقه.
- ومنها الكتابة كقول الشاعر:
واعلم بأن ذو الجلال قدره في الصحف الاولى التي قد سطره .
وهناك معاني أخر للقضاء والقدر، وكلها لا تدل على أن اللّه تعالى قضى على بعض عباده الكفر وقدر على بعض آخر الإيمان بحيث لا يسعهم مخالفة ما قضى به وقدره عليهم كما يقول المجبرة وأحسن دليل على إبطال ما ذهبوا إليه هو أن المسلمين جميعا متفقون على وجوب الرضا بقدر اللّه وقضاه، فلو كان الكفر والضلال مقدّرين على العباد لوجب الرضا بهما، والرضا بما لا يرضى اللّه عنه باطل بالإجماع وقبيح عقلا، فمن قوله تعالى: { إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} [الزمر: 7].
وانّا ذكرنا في الجزء الأول من عقائد الإمامية في جواب من قال إن أفعال العباد وما وجد واقع بقضاء اللّه وقدره إن أردت إن اللّه تعالى قضى عليهم بها أي حكم عليهم بها وألزمها عباده وأوجبها أو بيّن مقاديرها من حسنها وقبحها ومباحها وحظرها وفرضها ونفلها فهو صحيح لا غبار عليه، قد دل عليه الكتاب والسنة وحكم به العقل الصحيح، وكذا إن أريد به أنه بينها وكتبها وعلم أنه سيفعلونها لأنه تعالى قد كتب ذلك أجمع في اللوح المحفوظ وبينته لملائكته، وعلى هذا ينطبق وجوب الرضا بقضاء اللّه وقدره، وإن أريد أنه قضاها وقدرها بمعنى أنه تعالى خلقها وأوجدها، فباطل لأنه تعالى لو خلق الطاعة والمعصية لسقط اللوم عن العاصي، ولم يستحق المطيع ثوابا على عمله، وأما أفعال اللّه تعالى فنقول أنها كلها بقدر أي سابقة في علمه تعالى.
وقد أوضح الإمام علي بن أبي طالب عليه السّلام القضاء والقدر لأحد أعيان الشيعة وهو أصبغ بن نباتة وكان من الملازمين له كما في الخبر المشهور.
إن أصبغ بن نباتة قام إلى الإمام علي بعد انصرافه من حرب الشام فقال:
يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرنا إلى الشام أكان بقضاء اللّه وقدره؟ فقال الإمام عليه السّلام: ولذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما وطئنا موطنا ولا هبطنا واديا ولا علونا قلعة إلا بقضاء اللّه وقدره، فقال أصبغ: عند اللّه احتسب عنائي ما أرى لي من أجر، فقال الإمام: مه أيها الشيخ بل عظم اللّه أجوركم في سيركم وأنتم سائرون، وفي منصرفكم وأنتم منصرفون، ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليها مضطرين، فقال أصبغ: كيف والقضاء والقدر ساقانا إلى ذلك، فقال الإمام: ويحك ظننت قضاء لازما وقدرا محتوما لو كان ذلك لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد والأمر والنهي، ولم تأت لائمة من اللّه لمذنب ولا محمدة لمحسن، ولم يكن المحسن أولى بالمدح من المسيء ولا المسيء أولى بالذم من المحسن، تلك مقالة عبدة الأوثان وجنود الشيطان وشهود الزور وأهل العمى عن الصواب وهم قدرية هذه الامة ومجوسها، إن اللّه تعالى أمر تخييرا ونهى تحذيرا وكلف مسيرا لم يعص اللّه مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يرسل الرسل عبثا ولم يخلق السموات والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار. فقال أصبغ: وما القضاء والقدر اللذان ما سرنا إلا لهما، فقال الإمام:
هو الأمر من اللّه تعالى والحكم، وتلى قوله تعالى: ({وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23]، فقام أصبغ وهو يقول:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النشور من الرحمن رضوانا
أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا جزاك ربك عنا منه إحسانا .
وفي الصحيح عن الإمام الصادق عليه السّلام سادس الأئمة قال: إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن اللّه تعالى أجبر الناس على المعاصي، فهذا قد ظلم اللّه في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الأمر مفوّض إليهم، فهذا قد وهن اللّه في سلطانه فهو كافر، ورجل يقول إن اللّه كلف العباد ما يطيقون، ولم يكلفهم ما لا يطيقون، وإذا أحسن حمد اللّه وإذا اساء استغفر اللّه فهو مسلم بالغ.
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
جامعة سومر: حفل تخرج طلبة الجامعات يسهم بتنمية الروح الوطنية ويشجع على المثابرة والاجتهاد
|
|
|