أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-07-2015
![]()
التاريخ: 13-2-2018
![]()
التاريخ: 1-07-2015
![]()
التاريخ: 11-08-2015
![]() |
إن بني أمية وكل أتباعهم ومن كان تحت سيطرتهم، ثم بعد ذلك بني أيوب ولمدة عشرات السنين، قد اتخذوا يوم عاشوراء عيدا، وأول من فعل ذلك الحجاج برضا وبمرأى ومسمع من الخليفة عبد الملك بن مروان. وبمرأى ومسمع من بقايا الصحابة، وجميع التابعين.
ولم نجد اعتراضا من أحد منهم، ولا من أي من علماء الأمة، وصلحائها ـ باستثناء أهل البيت الذين كانوا يعملون بمبدأ التقية آنئذ ـ لا في تلك الفترة، ولا في زمان بني أيوب وبعده.
ولا سيما وأنهم يروون أمورا، وحوادث عظيمة، اتفق وقوعها في هذا اليوم، من قبل: توبة الله فيه على آدم، واستواء السفينة على الجودي، ونحو ذلك. (1)
وياليتهم اكتفوا بذلك، بل لقد تعدوا ذلك إلى الافتاء بحرمة لعن يزيد، وعدم جواز تكفيره، وقالوا: إنه من جملة المؤمنين. (2) كما أن الجمهور قد خالفوا في جواز لعنه بالتعيين. (3)
بل يقول الشبراوي الشافعي، عن الغزالي، وابن العربي: «فإن كلاهما قد بالغ في تحريم سبه ولعنه، لكن كلاهما مردود، لأنه مبني على صحة بيعة يزيد لسبقها، والذي عليه المحققون خلاف ما قالاه». (4)
أضف الى ذلك: أن عمر بن عبد العزيز قد ضرب ذلك الذي وصف يزيد بـ «أمير المؤمنين» عشرين سوطا (5) كما أن الإمام أحمد بن حنبل قد حكم أيضا بكفر يزيد. (6)
ثم زادوا في الطنبور نغمة، فقالوا: «يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين، وحكاياته».. قال ذلك الغزالي وغيره. (7) وليس ذلك ببعيد على من لا يرى بأسا بالسكوت حتى عن لعن إبليس، كما عن ابن ابي شريف، بل قال الرملي: ينبغي لنا أن لا نلعنه. (8)
واما تحريم التحزن والتجمع في يوم عاشوراء.. (9) فلعله أهون تلكم الشرور، بعد أن كانوا وما زالوا يهاجمون مجالس عزاء الامام الحسين عليه السلام، ويقتلون من يقدرون عليه من المشاركين فيها، بل ويحرقون المساجد، ويفعلون الأفاعيل في سبيل ذلك... (10)
وأما اعتبار عاشوراء عيدا، فتوضحه النصوص التالية:
قال زكريا القزويني: «فزعم بنو أمية أنهم اتخذوه عيدا، فتزينوا فيه، وأقاموا الضيافات. والشيعة اتخذوه يوم عزاء ينوحون فيه، ويجتنبون الزينة.
وأهل السنة يزعمون: «أن الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة». (11)
«ومن اغتسل فيه لم يمرض ذلك العام، ومن وسع على عياله وسع الله عليه سائر سنته». (12) وقال عن شهر صفر: «اليوم الأول منه عيد بني أمية، أدخلت فيه رأس الحسين رضي الله عنده بدمشق». (13)
وقال البيروني، بعد ذكر ما جرى على الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء:
«فأما بنو أمية، فقد لبسوا فيه ما تجدد، وتزينوا، واكتحلوا، وعيدوا، وأقاموا الولائم والضيافات، وأطعموا الحلاوات والطيبات، وجرى الرسم في العامة على ذلك أيام ملكهم، وبقي فيهم بعد زواله عنهم.
وأما الشيعة فإنهم ينوحون ويبكون، أسفا لقتل سيد الشهداء فيه». (14)
ويقول المقريزي: «.. فلما زالت الدولة اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور، يوسعون فيه على عيالهم، وينبسطون في المطاعم، ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون، ويدخلون الحمام، جريا على عادة أهل الشام، التي سنها الحجاج في أيام عبد الملك بن مروان، ليرغموا به آناف شيعة علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، الذين يتخذون يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن علي، لأنه قتل فيه..».
قال: «وقد أدركنا بقايا مما عمله بنو أيوب، من اتخاذ عاشوراء يوم سرور وتبسط» (15).
أما ابن حجر الهيثمي والزرندي، فيقولان في معرض نهيهما عن الندب، والنياحة، والحزن يوم عاشوراء، الذي هو من بدع الرافضة ونهيهما عن العمل ببدع الناصبة، المتعصبين على أهل البيت، أو الجهال، المقابلين الفاسد بالفاسد، والبدعة بالبدعة، والشر بالشر، من إظهار غاية الفرح واتخاذه عيدا، وإظهار الزينة فيه، كالخضاب، والاكتحال، ولبس جديد الثياب، وتوسيع النفقات، وطبخ الأطعمة والحبوب الخارجة عن العبادات، واعتقادهم: أن ذلك من السنة والمعتاد..» (16).
وحتى ابن تيمية نجده ينكر هذا الأمر، فيقول: «.. وإظهار الفرح والسرور يوم عاشوراء، وتوسيع النفقات فيه هو من البدع المحدثة، المقابلة للرافضة». (17)
هذا.. وقد ورد في زيارة عاشوراء المروية عن الامام الباقر عليه السلام قوله: «اللهم، إن هذا يوم تبركت به بنو أمية، وابن آكلة الأكباد». (18)
التزلف الوقح :
وأضاف ابن تيمية إلى عبارته آنفة الذكر قوله: «.. وقد وضعت في ذلك أحاديث مكذوبة في فضائل ما يصنع فيه، من الاغتسال والاكتحال الخ..». (19)
وقال: «.. وأحدث فيه بعض الناس أشياء، مستندة إلى أحاديث موضوعة لا أصل لها مثل فضل الاغتسال فيه، أو التكحل، أو المصافحة.
وهذه الأشياء ونحوها من الأمور المبتدعة، كلها مكروهة، وإنما المستحب صومه ونقول: قد عرفت أن صومه مكذوب أيضا.
وقد روي في التوسع فيه على العيال آثار معروفة، أعلى ما فيها حديث إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، قال: «بلغنا، أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء، وسع الله عليه سائر سنته». رواه ابن عيينة.
وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله. والأشبه ان هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة، فإن هؤلاء أعدوا يوم عاشوراء مأتما، فوضع أولئك فيه آثارا تقتضي التوسع فيه، واتخاذه عيدا». (20)
بل لقد بلغ بهم الأمر: أن رووا في تفسير آية: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ } [طه: 59] عن ابن عباس «يوم الزينة يوم عاشوراء». (21)
وعن ابن عمر، عنه (صلى الله عليه واله): «من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة، ومن تصدق يومئذ بصدقة، أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة» يعني يوم عاشوراء. (22)
بل تقدم أن أهل السنة يزعمون: «أن الاكتحال في هذا اليوم مانع من الرمد في تلك السنة». (23)
أما ابن الحاج.. فذكر: أنه يستحب يوم عاشوراء: «التوسعة فيه على الأهل والأقارب، واليتامى، والمساكين، وزيادة النفقة والصدقة مندوب إليها، بحيث لا يجهل ذلك». (24)
وبعد أن ذكر أشياء تفعل في هذا اليوم لم تعرف عن السلف، كذبح الدجاج وطبخ الحبوب، وزيارة القبور، ويدخل النساء الجامع العتيق بمصر، وهن في حال الزينة الحسنة، والتحلي، والتبرج للرجال، وكشف بعض أبدانهن، ويقمن فيه من أول النهار إلى الزوال ـ إلى أن قال:
«ومن البدع التي أحدثها النساء فيه استعمال الحناء على كل حال، فمن لم يفعلها منهن، فكأنها ما قامت بحق عاشوراء.
ومن البدع أيضا محرهن فيه الكتان، وتسريحه، وغزله، وتبييضه في ذلك اليوم بعينه، ويشلنه ليخطن به الكفن. ويزعمن أن منكرا ونكيرا لا يأتيان من كفنها مخيط بذلك الغزل..
إلى أن قال... ومما أحدثوه فيه من البدع: البخور، فمن لم يشتره منهم في ذلك اليوم، ويتبخر به، فكأنه أرتكب أمرا عظيما، وكونه سنة عندهن، لابد من فعلها، وأدخارهن له طول السنة، يتبركن به، ويتبخرن إلى أن يأتي مثله يوم عاشوراء الثاني. ويزعمون أنه إذا بخر به المسجون خرج من سجنه، وأنه يبرئ من العين، والنظرة، والمصاب، والموعوك الخ...» (25) ثم يذكر ما يفعلونه في أول رجب، وأول جمعة، وليلة المعراج، والنصف من شعبان فليراجعه من أراد.
التهافت في كلام ابن الحجاج :
وأخيرا.. فبينما نرى ابن الحجاج يشن حملة شعواء على عمل المولد النبوي، على اعتبار أنه بنفسه بدعة لا رخصة فيها من الشارع، فضلا عما يصاحبه من أمور محرمة أو مرجوحة بنظر الشارع، نجده يستحين شعرا لابن السماط يوسف بن علي المتوفى سنة 690 هـ، يصرح فيه بأنه يعتبر يوم المولد النبوي من الأعياد، حيث
يقول :
أعلمت أنك يا ربيع الأول * تاج على هام الزمان مكلل
مستعذب الالمام مرتقب اللقا * كل الفضائل حين تقبل تقبل
ما عدت إلا كنت عيدا ثالثا * بل أنت أحلى في العيون وأجمل
شرفا بمولد مصطفى لما بدا * أخفى الأهلة وجهه المتهلل
وحويت من أصبحت ظرف زمانه * ظرفا به في برد حسنك ترفل
وملكت أنفسها بلطف شمائل * بنسيمها نفس العليل تعلل
وإذا حدا الحادي بمنزلة الحمى * فالقصد سكان الحمى لا المنزل
فضل الشهور علا مفاخرها فإن * فخرت بأطولها فأنت الأطول
إلى أن قال:
واستكمل البشرى فإنك لم تزل * لك في القلوب مكانة لا تجهل
لم لا وعشرك واثنتان أريننا * قمرا به شمس الضحى لا تعدل
الابيات . (26)
________________
1 ـ راجع على سبيل المثال: عجائب المخلوقات، بهامش حياة الحيوان / ج 1 / ص 114.
2 ـ الصواعق المحرقة / ص 221، وإحياء علوم الدين / ج 3 / ص 125، وراجع العواصم من القواصم، وهوامشه لترى دفاعهم المستميت عن يزيد لعنه الله تعالى.
3 ـ الإتحاف بحب الأشراف / ص 62.
4 ـ الإتحاف بحب الأشراف / ص 68.
5 ـ الصواعق المحرقة / ص 222، وتاريخ الخلفاء، ص 209.
6 ـ الإتحاف بحب الأشراف / ص 68 و 63.
7 ـ الصواعق المحرقة / ص 221.
8 ـ الإتحاف بحب الاشراف / ص 67 / 68.
9 ـ إقتضاء الصراط المستقيم / ص 299 / 300 ونظم درر السمطين / ص 228.
10 ـ راجع: المنتظم، وشذرات الذهب، والكامل لابن الأثير، والبداية والنهاية، وهم يتحدثون عن الفتن في بغداد بين أهل السنة والرافضة في مطلع كل عام، بمناسبة عاشوراء.
11 ـ عجاب المخلوقات، بهامش حياة الحيوان م ج 1 / ص 115 ونظم درر السمطين / ص 230.
12 ـ نظم درر السمطين / ص 230.
13 ـ المصدر السابق.
14 ـ الكنى والألقاب / ج 1 / ص 431، وراجع: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 1 / ص 137 عن الآثار الباقية، للبيروني ط اوربا / ص 329.
15 ـ الخطط والآثار / ج 1: ص 490، و0الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 1 / ص 138 عنه.
16 ـ الصواعق المحرقة / ص 181 / 182 ونظم درر السمطين ص 228 / 229 / 230.
17 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 301.
18 ـ مصابيح الجنان / ص 291.
19 ـ اقتضاء الصراط المستقيم / ص 301، وراجع: نظم درر السمطين ص 230.
20 ـ إقتضاء الصراط المستقيم / ص 300، وللاطلاع على بعض هذه الأحاديث راجع: نوادر الأصول / ص 246، والسيرة الحلبية / ج 2 / ص 134، واللالى المصنوعة / ج 1 / ص 108 ـ 116، وتذكرة الموضوعات / ص 118 ونظم درر السمطين ص 230.
21 ـ الدر المنثور / ج 4 / ص 303، عن سعيد بن منصور، وعببد بن حميد، وابن المنذر، وراجع عجائب المخلوقات، بهامش حياة الحيوان / ج 1 / ص 114.
22 ـ الدر المنثور / ج 4 / ص 303 عن ابن المنذر.
23 ـ عجائب المخلوقات بهامش حياة الحيوان / ج 1 / ص 115، وراجع / الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري / ج 1 / ص 138، والصواعق المحرقة / ص 182 ونظم درر السمطين ص 230.
24 ـ المدخل لابن الحاج / ج 1 / ص 289.
25 ـ المدخل / ج 1 / ص 291، وراجع ص 290.
26 ـ راجع المدخل لابن الحاج / ج 2 / ص 44 / 45.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|