أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-13
![]()
التاريخ: 2023-12-13
![]()
التاريخ: 10-11-2016
![]()
التاريخ: 2023-12-13
![]() |
لعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن نصوص "جام 669، 670، 671"، هي آخر النصوص التي نقرأ فيها اسم الإله الموقاة، إله سبأ الكبير، وقد عثر عليها في معبده المعروف بـ "أوام" في مأرب، وترجع إلى أيام "ثاران يهنعم" وابنه "ملكيكرب يهأمن"(1)، وليس من شك في أن هذا إنما يشير إلى إعراض القوم منذ ذلك العهد -وبداية عصر الديانات السماوية، بل إن الملك "ملكيكرب يهأمن" قد تجاهل المقة ولم يتقرب إليه -كما كان يفعل أسلافه- وإنما بدأ يتقرب إلى الإله "ذي سموي" "رب السماء"، مما يدل على أن عقيدة التوحيد إنما بدأت تأخذ طريقها إلى ملوك سبأ، منذ اختفاء الآلهة الوثنية، أمام رب السموات، الأمر الذي لم يحدث فجأة، وإنما كان عبارة عن تطور يتصل بالمعبود الذي كان يقدس إلى جانب "تالب"، واسمه "ذو سماوي"، وكذا "الله" سيد السموات والأرض، ثم بعد ذلك سرعان ما يظهر "الرحمن" في صورة لا تعدلها تلك الصورة التي نجدها في اليهود المتأخرة(2).
وعلى أي حال، فهناك رواية تذهب إلى أن هذا التطور الخطير في الديانة، إنما حدث منذ أيام "ثاران يهنعم" اعتمادًا على رواية "Phiiostorgios" التي ذهب فيها إلى أن "ثيوفيلوس" قد نجح في تنصير الحميريين، وبناء كنائس في ظفار وعدن، وأن الإمبراطور البيزنطي "قسطنطين الثاني" "350-361م" هو الذي أرسل الرسل إلى اليمن للدعوة إلى النصرانية، ومن ثم فإن "ثاران يهنعم" -طبقًا لهذه الرواية- هو الذي هجر دينه الوثني واعتنق النصرانية(3)، اعتمادًا على أن الكتابة التي جاء فيها اسم الإله "ذي سموي"، والتي عثر عليها خارج "ظفار"، إنما ترجع إلى عهد قريب من عهد "ثاران يهنعم"، أي إلى حوالي عام 378، أو عام 384، وبعبارة أخرى إلى عهد ابنه "ملكيكرب يهأمن"، وقد جاء فيها اسم ولديه "أب كرب أسعد "و"ذرأ أمر أيمن" كشريكين له في العرش.
هذا ونشير كذلك إلى أن اسم "ملكيكرب يهأمن" قد جاء محرفًا في المصادر العربية، فهو عند "حمزة الأصفهاني" "كلي كرب بن تبع" وقد حكم 35 عامًا(4)، وهو عند "ابن جرير" "ملكي كرب تبع بن زيد بن عمرو بن تبع"(5)، وهو عند القلقشندي "كليكرب بن تبع الأقرن"، وقد حكم ثلاثًا وخمسين سنة أو ثلاثًا وستين سنة، بعد "شمر مرعش" "شمر يهرعش" وأن اسمه "زيد بن شمر"، وقد عرف بالأقرن لشامة كانت في قرنه(6)، وهو عند ابن الأثير "ملكيكرب تبع زيد بن عمرو بن تبع"(7)، وهو عند المسعودي، "كليكرب بن تبع"(8)، وهو عند اليعقوبي "ملكيكرب بن تبع"(9)، وهو عند نشوان الحميري "ملكي كرب" وهو الرائد بن تبع الأقرن بن شمر يرعش(10).
وأيًّا ما كان الأمر، فلقد جاء بعد "ملكيكرب يهأمن" هذا، ولده "أب كرب اسعد" وربما كان هو "أسعد كامل تبع" الذي يروي الإخباريون أنه أول من تهود من التبابعة، ثم نشر اليهودية بين اليمنيين في قصة طريفة، يذهبون فيها إلى أنه كان قد قدم المدينة المنورة غازيا بعد عودته من المشرق، ربما لأن القوم قد قتلوا ولده الذي كان قد خلفه فيهم وهو في طريقه إلى المشرق، وربما لأن رجلا من بني عدي ابن النجار عدا على رجل من أصحابه فقتله، وربما لأنه جاء لنصرة الأوس والخزرج من أبناء عمومته على اليهود، وهنا جاءه "حبران من يهود بني قريظة" ينهيانه عن تدمير المدينة، لأنها سوف تكون مهاجر نبي سوف يخرج من قريش -دعوه أحمدا مرة، ومحمدا مرة أخرى- وهكذا صرف الحبران تبعا عن تدمير المدينة، فضلا عن إيمانه بدينهما، وقوله شعرًا في النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ- متمنيا فيه أن يعيش حتى يراه، فيكون له وزيرا وابن عم، فضلا عن القتال إلى جانبه، لأنه كان على علم بما سيلاقيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- من قومه من أذى، ثم أودع هذا الشعر عند أهل يثرب ودفعه إلى كبيرهم، وأن القوم كانوا يتوارثونه كابرا عن كابر إلى عهد النبوة.
كانت اليهودية بدأت تأخذ طريقها إلى اليمن منذ فترة طويلة، وإن ازدادت منذ تدمير بيت المقدس على يد "تيتوس" في عام 70م، ومن ثم فإن أصحاب هذا الاتجاه الأخير يرون أننا لو تفحصنا أسماء اليهود المقيمين في بلاد العرب، لرأينا أن معظمهم آراميون وعرب متهودون، وليسوا من ذرية إبراهيم الخليل من ولده إسحاق، عليهما السلام(11)، أو منذ تهود "أب كرب أسعد" وفرضها على الحميريين -طبقًا لرواية أخرى، سبق لنا الإشارة إليها- أو منذ تهود ذي نواس، سواء أكان ذلك رغبة منه في أن يقاوم دينًا سماويًّا بدين سماويٍّ آخر، ومن ثم فهو يمثل الروح القومية في اليمن، حين رأى في النصارى من مواطنيه ما يذكره بحكم الأحباش المسيحيين البغيض(12)، بخاصة وأن المسيحية قد أصبحت وقت ذاك تستند إلى قوة الدولة الرومانية الشرقية الطامعة في غزو اليمن(13)، أو لأنه كان في الأصل- طبقًا لرواية ابن العربي- من أهل الحيرة، وأن أمه يهودية من "نصيبين" وقعت في الأسر فتزوجها والد يوسف فأولده منها، ومن ثم فهو يهودي وفد على اليمن من الحيرة(14)، سواء أكان هذا أو ذاك، فالذي يهمنا هنا أن الفرقة الداخلية -التي ترجع في الدرجة الأولى إلى دخول اليهودية والمسيحية إلى بلاد العرب الجنوبية- بدأت تدفع البلاد في طريق الاضمحلال(15).
__________________________________
(1) Ibid., P.451
(2)فريتز هومل: المرجع السابق ص108، جواد علي 2/ 567.
(3) جواد علي 2/ 567-568.
وكذا Le Museon, 1964, 3-4, P.492 وكذا J. Ryckmans, Op. Cit., P.22
(4) حمزة الأصفهاني: المرجع السابق ص85.
(5) تاريخ الطبري 2/ 566-567.
(6) صبح الأعشى 5/ 23.
(7) ابن الأثير 1/ 276، الاشتقاق 2/ 532.
(8) مروج الذهب 2/ 50.
(9) تاريخ اليعقوبي 1/ 196.
(10) ملوك حمير وأقيال اليمن ص117-118.
(11) P.K. HITTI, OP, CIT., P.61
(12) BONT-MAURY, L'ISLAMISME ET LE CHRISTIANISME EN AFRIQUE, PARIS, 1906, P.47
وكذا P.K. HITTI, OP. CIT., E.62
(13) عبد المجيد عابدين: المرجع السابق ص45.
(14) جواد علي 2/ 593، قارن: الإكليل 2/ 63، وانظر:
F. Altheim and R. Stiehl, Op. Cit., I, P.360
(15) موسكاتي: المرجع السابق ص193.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|