أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-08-2015
![]()
التاريخ: 9-12-2018
![]()
التاريخ: 23-10-2014
![]()
التاريخ: 2-4-2018
![]() |
علمه تعالى بالمصلحة في وجود شيء مرجّح لإيجاده بالاختيار ... ، فليس لفعله تصوّر وتصديق ، وشوق وقصد، ولا غيرها ، سوى علمه المخصوص ، وأنت إذا أخذت الفَطانة بيدك تعلم أنّ اعتبار المصلحة المذكورة ؛ لأجل الحذر عن اللغوية والعبثية فقط ، وإلاّ فهو فاعل مختار يمكنه فعل ما يشاء .
هذا بالنظر إلى القضاء العقلي ، وأمّا بالنسبة إلى البيان الشرعي فلفعله تعالى أسباب وهي: المشيئة ، والإرادة ، والقدر ، والقضاء ، كما تدلّ رواية علي بن إبراهيم الهاشمي (1) قال : سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر ( عليه السلام ) يقول : ( لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى . قلت : ما معنى شاء ؟ قال : ابتداء الفعل ، قلت : ما معنى قدّر ؟ قال : تقدير الشيء من طوله وعرضه . قلت : ما معنى قضى ؟ قال : إذا قضى أمضاه فذلك الذي لا مردّ له ) .
في الرواية سقط يظهر من رواية يونس ـ غير المعتبر ـ عن يونس عن الرضا ( عليه السلام)... ( ولكن لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى ، أتدري ما المشيّة يا يونس ؟ قلت : لا . قال: هو الذِكر الأَوّل ، وتدري ما الإرادة ؟ قلت : لا . قال : العزيمة على ما شاء ، وتدري ما التقدير ؟ قلت ، لا ، قال : هو وضع الحدود من الآجال ، والأرزاق ، والبقاء ، والفناء ، وتدري ما القضاء ؟ قلت : لا . قال : هو إقامة العين ولا يكون إلاّ ما شاء الله في الذكر الأَوّل ) (2) .
وحسنة يونس (3) حيث قال يونس : لا يكون إلاّ بما شاء الله وأراد وقدّر وقضى ، فقال الرضا: ( لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى ) .
ورواية حمزة بن حمران (4) ففيها قوله : وإنّهم لا يصنعون شيئاً من ذلك ، إلاّ بإرادة الله ومشيئته وقضائه وقدره. فقال الصادق ( عليه السلام ) : ( هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي ) . ورواه الصدوق بسند آخر عنه عن الصادق ( عليه السلام ) (5) ، والبرقي في محاسنه بسند ثالث عنه مضمراً لكنّ فيه (6) : ( ولا يكون إلاّ ما شاء الله وقضى وقدّر وأراد فقال ... إلخ ) .
ورواية معلّى بن محمد قال (7) : سئل العالم : كيف علم الله ؟ قال : ( علم وشاء وأراد وقدّر وقضى وأمضى ، فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدّر ، وقدّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيئة ، وبمشيئته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء، والعلم متقدّم على المشيئة ، والمشيئة ثانية والإرادة ثالثة: والتقدير واقع على القضاء بالإمضاء... فالعلم في المعلوم قبل كونه ، والمشيئة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم ... فبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشيئة عرف ( من التعريف ) صفاتها ، وحدودها ، وبالإرادة ميّز أنفسها في ألوانها وصفاتها ، وبالتقدير قدّر أقواتها ( عن التوحيد أوقاتها ) وعرف أَوّلها وآخرها... إلخ ) .
ورواية هشام بن سالم المروية عن المحاسن (8) قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ( إنّ الله إذا أراد شيئاً قدّره ، فإذا قدّره قضاه ، فإذا قضاه أمضاه ) .
ورواية ابن إسحاق ... قال : قال أبو الحسن الرضا ( عليه السلام ) ليونس مولى علي بن يقطين : يا يونس : ( لا تتكلّم بالقدر ، قال : إنّي لا أتكلّم بالقدر ولكن أقول : لا يكون إلاّ ما أراد الله وشاء وقضى وقدّر . فقال : ليس هكذا أقول ولكن أقول : لا يكون إلاّ ما شاء الله وأراد وقدّر وقضى ، ثمّ قال : أتدري ما المشيئة ؟ فقال : لا ، فقال : همّه بالشيء ، أو تدري ما أراد ؟ قال : لا . قال : إتمامه على المشيئة ، فقال : أَوَ تدري ما قدّر ؟ قال : لا ، قال : هو الهندسة من الطول والعرض والبقاء ، ثمّ قال : إنّ الله إذا شاء شيئاً أراده ، وإذا أراده قدّره ، وإذا قدّره قضاه، وإذا قضاه أمضاه ... إلخ) (9) .
ورواية حريز وابن مسكان عن الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : ( لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء ، إلاّ بهذه الخصال السبع : بمشيئة ، وإرادة ، وقدر ، وقضاء ، وإذن ، وكتاب ، وأجل ، فمَن زعم أنّه يقدر على نقض واحدة فقد كفر ) (10) .
ورواية زكريا بن عمران عن موسى بن عفر ( عليه السلام ) قال : ( لا يكون شيء في السماوات ولا في الأرض إلاّ بسبع : بقضاء ، وقدر ، وإرادة ، ومشيئة ، وكتاب ، وأجل، وإذن، فمَن زعم غير هذا فقد كذب على الله ، أو ردّ على الله عزّ وجلّ ) (11) .
تعقيب وتحصيل:
قد تحصّل من هذه الروايات وغيرها المستفيضة (12) ، أنّ أسباب فعله تعالى هي المشيئة، والإرادة ، والقدر ، والقضاء ، بالترتيب المذكور ، من تقدّم المشيئة على الإرادة ، المتقدّمة على القدر ، السابق على قضائه ، على عكس ما اشتهر بين الناس من تقدّم القضاء على القدر ، وهذا الترتيب مستفاد من صراحة بعض الروايات ، وظهور بعضها الآخر ، وأمّا ما في بعضها من خلافه ، فهو محمول على مجرّد بيان الأُمور المذكورة ، وعدم النظارة إلى حيثية الترتيب كما لا يخفى ، ومِثله ما في بعض أدعية شهر رمضان من قولهم ( عليهم السلام ) : تقضي وتقدّر .
وأمّا الإذن والأجل والكتاب المزبورة في الروايتين الأخيرتين ، فيمكن أن يُحمل الأَوّل منها ـ وهو الإذن ـ على قدرته أو علمه أو إمضائه ، فعلى الأَوّلين يرجع إلى ذاته ، وعلى الثالث فهو فعله أي إرادته بالمعنى المتقدّم .
وأمّا الأجل فهو داخل في القدر وتخصيصه بالذكر لعلّه للاهتمام ، وأمّا الكتاب فلعلّ المراد به كتابة الأشياء في اللوح المحفوظ ، كما نطق به القرآن قبل السُنة على ما يأتي إن شاء الله ، فلا شيء سبب لفعله تعالى وراء هذه الأُمور الأربعة .
ثمّ إنّه لا شك ـ حسب دلالة هذه الروايات ـ أنّ المشيئة والإرادة اللتينِ هم من أسباب فعله تعالى، غير الإرادة المتقدمة في الفريدة الأُولى ، التي هي نفس إيجاده وإحداثه ، فإنّها بعد القضاء ، والتي وقعت في سلسلة أسباب الفعل تتقدّم على الإمضاء ، الذي هو إيجاده بمراتب ...
وهذا فليكن مفروغاً عنه مقطوعاً به ، بلحاظ هذه الروايات ، ومن هنا ينقدح أنّ لإرادته تعالى معنيين : أحدهما الإيجاد ، والثاني [ ذكره في موضع اخر] .
إذا تقرّر ذلك فنقول : الظاهر أنّ المشيئة بمعنى ذكر أصل إيجاد الشيء في علمه تعالى فقط ، أو في اللوح المحفوظ أيضاً ، كما هو الأظهر المدلول عليه بقوله عليه السلام : ( الذكر الأَوّل)، والإرادة هو تثبيته وتقريره وتتميمه في علمه أو في اللوح أيضاً، فنسبة الإرادة إلى المشيئة في اللوح نسبة المؤكّد ـ بالكسر ـ إلى المؤكّد بالفتح، وإن شئت فقل : إنّ المشيئة تشبه التصوّر في حقّنا ، والإرادة الشوق فينا من وجه ، وإن كان التشبيه غير كامل.
وأمّا القدر فهو بمعناه اللغوي ، وهذا بمنزلة التصديق بالنفع فينا ، وعليه فسببيته لأفعاله تعالى عقلية لا تعبّدية محضة ؛ إذ الفاعل المختار ما لم يتصوّر الشيء بحدوده لا يطلبه؛ لعدم ترتّب غرضه عليه بعد ، كما لا يخفى .
وأمّا ما عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) (13) ، من تفسير القضاء والقدر بالأمر بالطاعة ، والنهي عن المعصية ، والتمكين من فعل الحسنة وترك المعصية ، والمعونة على القربة إليه والخذلان لمَن عصاه ، والوعد والوعيد ، والترغيب والترهيب ، وأنّ كل ذلك قضاء الله في أفعالنا وقدره بأعمالنا ... إلخ ، فهو لا ينافي ما ذكرنا؛ لأنّ مصداق القدر في الأفعال الاختيارية للمكلّفين من وجهتها التشريعية ليس إلاّ ذلك ، فكأنّ الإمام ( عليه السلام ) لم يكن في مقام بيان تقدير الأفعال بما هي تكوينية ، بل بما هي متعلّقة للتكليف، كما يظهر من ملاحظة صدر الرواية ، ولا شك أنّ جميع ما ذكره ( عليه السلام) قدر وقضاء .
وبالجملة ، حمل الأمر والنهي وغيرهما ـ في هذه الرواية ـ على القضاء ، ليس من الحمل الذاتي والحصر المفهومي ، بل من الحمل الشائع الصناعي .
وأمّا القضاء فهو الحكم البتّي المستتبع للإمضاء غالباً ، فهو بمنزلة القصد فينا ، وإنّما قلنا غالباً ؛ للجمع بين هذه الروايات ونحوها ، وبين ما دلّ على أنّ الدعاء ـ وكذا غيره ـ يردّ القضاء .
والخلاصة : أنّه يُكتب في اللوح المحفوظ أَوّلاً أنّ الشيء الفلاني يوجد ، ثمّ يكتب توكيده وإتمامه، فكأنّ الأَوّل مقتضٍ لوجود الشيء والثاني شرطه ، ثمّ يُكتب حدوده من خواصه وأَوّله وآخره وغيرها من تشخّصاته ، ثمّ يُكتب الحكم البتّي على إيجاده ، فالأَوّل هو المشيئة ، والثاني هو الإرادة ، والثالث هو القدر ، والرابع هو القضاء ، والخامس أعني ـ الإيجاد والإمضاء ـ هو الإرادة ...
قال الأديب الطريحي في مجمع البحرين في كلمة المشيئة : قال بعض أفاضل العلماء : المشيئة والإرادة والقدر والقضاء كلّها بمعنى النقش في اللوح المحفوظ ، وهي من صفات الفعل لا الذات ... إلخ .
_________________
(1) أُصول الكافي 1 / 150.
(2) البحار 5 / 117.
(3) الكافي 1 / 158.
(4) بحار الأنوار 5 / 162.
(5) بحار الأنوار 5 / 36.
(6) بحار الأنوار 5 / 41.
(7) أُصول الكافي 1 / 148.
(8) البحار 5 / 121.
(9) البحار 5 / 122.
(10) أُصول الكافي 1 / 149.
(11) المصدر نفسه .
(12) أسانيد أكثرها ضعيفة ، وبحث المتن مبنيّ على فرض الاطمينان بصدور بعضها ، كما هو غير بعيد .
(13) بحار الأنوار 5 / 96، 126.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
مرآة السيارة: مدى دقة عكسها للصورة الصحيحة
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|