أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-23
![]()
التاريخ: 2023-06-12
![]()
التاريخ: 2023-04-04
![]()
التاريخ: 2023-07-17
![]() |
إِنّ الله بعد ذلك عين مدّة يقضها الإِنسان على هذه الأرض للنمو والتكامل : {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} [الأنعام : 2].
«الأجل» في الأصل بمعنى «المدّة المعينة» و«قضاء الأجل» يعني تعيين تلك المدّة أو إِنهاءها ، ولكن كثيراً ما يطلق على الفرصة الأخيرة اسم «الأجل» ، فتقول ، مثلا : جاء أجل الدَّين ، أي أنّ آخر موعد التسديد الدّين قد حل. ومن هنا أيضاً يكون التعبير عن آخر لحظة من اللحظات عمر الإِنسان بالأجل لأنّها موعد حلول الموت.
ثمّ لإِستكمال البحث تقول : {وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ} [الأنعام : 2]
بعد ذلك تخاطب الآية المشركين وتقول لهم : (ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) أي تشكون في قدرة الخالق الذي خلق الإِنسان من هذه المادة التافهة (الطين) واجتاز به هذه المراحل المدهشة ، وتعبدون من دونه موجودات لا قيمة لها كالأصنام.
ما معنى الأجل المسمى؟
لا شك أنّ «الأجل المسمى» و«أجلا» في الآية مختلفتان في المعنى ، أمّا اعتبار الإِثنين بمعنى واحد فلا ينسجم مع تكرار كلمة «أجل» خاصّة مع ذكر القيد : «مسمى» في الثّاني.
لذلك بحث المفسّرون كثيراً في الإِختلاف بين التعبيرين ، والقرائن الموجودة في القرآن والرّوايات التي وصلتنا عن أهل البيت (عليهم السلام) تفيد أنّ «أجل» وحدها تعني غير الحتمي من العمر والوقت والمدّة ، و«الأجل المسمى» بمعنى الحتمي منها ، وبعبارة أُخرى «الأجل المسمى» هو «الموت الطبيعي» و«الأجل» هو الموت غير الطبيعي. (1)
ولتوضيح ذلك نقول : إنّ الكثير من الموجودات لها من حيث البناء الطبيعي والذاتي الإِستعداد القابلية للبقاء مدّة طويلة ، ولكن قد تحصل خلال ذلك موانع تحول بينها وبين الوصول إلى الحد الطبيعي الأعلى ، افترض سراجاً نفطياً يستطيع أنّ يبقى مشتعلا مدّة عشرين ساعة مع الأخذ بنظر الإِعتبار سعته النفطية ، غير أن هبوب ريح قوية ، أو هطول المطر عليه أو عدم العناية به ، يكون سبباً في قصر مدّة الإضاءة ، فإِذا لم يصادف السراج أي مانع ، وظل مشتعلا حتى آخر قطرة من نفطه ثمّ انطفأ نقول : إِنّه وصل إِلى أجله المحتوم ، وإذا أطفأته الموانع قبل ذلك ، فيكون عمره «أجل» غير محتوم.
والحال كذلك بالنسبة للإِنسان ، فإِذا توفرت جميع ظروف بقاءة وزالت جميع الموانع من طريق استمرار حياته ، فإن بنيته تضمن بقاءه مدّة طويلة إِلى حد معيّن ، ولكنّه إِذا تعرض لسوء التغذية ، أو ابتلى بنوع من الإِدمان ، أو إِذا انتحر ، أو أعدم لجريمة ومات قبل تلك المدّة ، فإنّ موته في الحالة الاُولى يكون أجلا محتوماً ، وفي الحالة الثّانية أجلا غير محتوم.
وبعبارة أُخرى : الأجل الحتمي يكون عندما ننظر إِلى «مجموع العلل التامّة» ، والأجل غير الحتمي يكون عندما ننظر إِلى «المقتضيات» فقط.
استناداً إِلى هذين النوعين من الأجل يتّضح لنا كثير من الأُمور ، من ذلك مثلا ما نقرؤه في الرّوايات والأحاديث من أن صلة الرحم تطيل العمر ، وقطعها يقصر العمر ، وواضح أنّ العمر هنا هو الأجل غير الحتمي. (2)
أمّا قوله تعالى : {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ } [الأعراف : 34].
فهو الأجل المحتوم ، أي أنّ الإِنسان قد وصل إِلى نهاية عمره ، وهو لا يشمل الموت غير المحتوم السابق لأوانه.
ولكن علينا أن نعلم ـ على كل حال ـ أنّ الأجلين يعينهما الله ، الأوّل بصورة مطلقة ، والثّاني بصورة معلقة أو مشروطة ، وهذا يشبه بالضبط قولنا : إِنّ هذا السراج ينطفيء بعد عشرين ساعة بدون قيد ولا شرط ، ونقول إِنّه ينطفيء بعد ساعتين إِذا هبت عليه ريح ، كذلك الأمر بالنسبة للإِنسان والأقوام والملل ، فنقول : إِنّ الله شاء أن يموت الشخص الفلاني أو أن تنقرض الأُمّة الفلانية بعد كذا من السنين ، ونقول إِنّ هذه الأُمّة إِذا سلكت طريق الظلم والنفاق والتفرقة والكسل والتهاون فإنّها ستهلك في ثلث تلك المدّة ، كلا الأجلين من الله ، الأوّل مطلق والآخر مقيد بشروط.
جاء عن الإِمام الصادق (عليه السلام) تعقيباً على هذه الآية قوله : «هما أجلان : أجل محتوم وأجل موقوف» كما جاء عنه في أحاديث أُخرى أنّ الأجل الموقوف قابل للتقديم والتأخير ، والأجل الحتمي لا يقبل التغيير (3).
_____________________
1- بحار الانوار ج4 ، ص116 ، 117 و تفسير نور الثقلين ج1 ، ص703 .
2- وسائل الشيعة ج9 ، ص 284 و 397 .
3- تفسير «نور الثقلين» ، ج 1 ، ص 504.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|