2 ـ أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في مستوى التوظيف 

يعمل الاستثمار الأجنبي المباشر على توفير فرص عمل للعمالة المحلية، وبالتالي التقليل من مستويات البطالة المنتشرة في البلدان النامية، عن طريق التوسع الأفقي في مشاريع الاستثمار الأجنبي ذات الأحجام الكبيرة التي تحتاج إلى أيدي عاملة ماهرة، وغير ماهرة، وبالتالي يشجع ذلك الشركات متعددة الجنسية على فتح برامج لتدريب وتطوير مهارات الأيدي العاملة في اقتصاديات البلدان المضيفة، وذلك بتطور رأس المال البشري ⁽¹⁾. 

وفي مجال البحث عن أثر الاستثمار الأجنبي المباشر في مستوى التوظيف، في دراسة للانكتاد عام (1994) بينت أن مستوى الاستخدام المتحقق من قبل الشركات متعددة الجنسية بلغ حوالي (73) مليون نسمة، وهذه النسبة لا تمثل سوى (%3) من السكان النشطين في مختلف أرجاء العالم، وإن (10%) فقط من هذه الأعداد يعمل في قطاعات أخرى غير القطاع الزراعي ⁽²⁾.

إن اكتساب العمال المحليين للخبرات والمهارات الفنية والإدارية والعلمية يساعدهم على نقلها واستخدامها في الشركات الوطنية عندما يلتحقون بها، ومن ناحية أخرى يؤثر الاستثمار الأجنبي المباشر في إعادة توزيع الدخول في البلدان النامية عن طريق استخدامه لفنون الإنتاج المتقدمة كثيفة رأس المال وعمالة ماهرة، وهذه الإعادة في توزيع الدخل تكون لصالح الفئات المرتفعة الدخل من الموظفين والعمال المهرة المستخدمين وهم في الأغلب محدودي العدد، ويبقى العمال غير المهرة يحصلون على دخول منخفضة، وما يزيد الأمور سوءاً هو زيادة أعــداد الشركات الأجنبية كثيفة رأس المال وحلولها محل الشركات الوطنية كثيفة العمل وهذا يعني تزايد معدلات البطالة وحرمان عدد كبير من المواطنين من الحصول على مستوى دخل مستقر⁽³⁾ .

كما يتحدد المؤشر الحقيقي لمساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الإنتاج والتوظيف في الدول المضيفة بالدخل المتحقق من عناصر الإنتاج الوطنية (أي القيمة المضافة المتحققة) وبذلك فدخل الشركات متعددة الجنسية المدفوع لعناصر إنتاج غير وطنية لا يمثل أي فائدة حقيقية للبلد المضيف إلا الجزء المنفق منه في داخل البلد، كما أن لجوء الشركات الأجنبية إلى استيراد جزء كبير من مدخلاتها في العملية الإنتاجية من الشركة الأصلية أو من الخارج، عندئذ تنخفض مساهمتها في الاقتصاد الوطني، وتصبح أرقام مبيعاتها مؤشر مضلل لتقدير مساهمتها في الاقتصاد الوطني ⁽⁴⁾. 

مما سبق لاحظنا التناقض في نتائج الدراسات حول البعد الوظيفي للاستثمارات الأجنبية فمن جهة تشير بعضها إلى قيام تلك الشركات بدور هام في توظيف الأيدي العاملة عن طريق انسياب رؤوس الأموال الأجنبية إلى البلدان المضيفة، بالإضافة إلى فرص العمل التي تتحقق نتيجة دعم الروابط الخلفية والأمامية مع الصناعات المحلية وزيادة مستوى الإنتاجية في المجتمع وزيادة دخول أصحاب الميل الحدي المرتفع للادخار والاستثمار، ومن جهة أخرى يشكك البعض في قدرة هذه الشركات بسبب تركيزها على الصناعات والأنشطة التي تعتمد على أساليب إنتاجية كثيفة رأس المال واستخدامها لأنواع محددة من العمال واتجاهاً لزيادة مستوى الأجور مما يجعل استخدام الآلة أفضل من العمالة. إن نتائج وآثارالشركات متعددة الجنسية في العمالة تعتمد على ممارسات الشركات الأجنبية المستثمرة والبيئة التنظيمية التي تعمل فيها والمستوى الفني للأيدي العاملة في البلدان المضيفة ⁽⁵⁾.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) افريت هاجن، اقتصاديات التنمية، ترجمة جورج خوري، مركز الكتب الأردن، 1988، ص 531 .

(2) UNCTAD (Foreign Direct Investment, Trade, Aid and Migration) U. N, Geneva, March 1996, p 51.

(3) هناء عبد الغفار (الاستثمار الأجنبي المباشر والتجارة الدولية: الصين أنموذجاً) مصدر سابق ص 297.

(4) ميل عجمي جميل، (تدفق رؤوس الأموال الأجنبية الخاصة إلى البلدان النامية وآثارها المتوقعة)، مجلة العلوم الاقتصادية والإدارية، المجلد (8) العدد (28) كلية الإدارة والاقتصاد جامعة بغداد 2001، ص54.

(5) زيدان محمد (الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان التي تمر بمرحلة انتقالية – نظرة تحليلية للمكاسب والمخاطر) ، مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا، السنة الأولى، العدد الأول، 2004، ص 138.