أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-6-2018
![]()
التاريخ: 2025-04-15
![]()
التاريخ: 2024-09-08
![]()
التاريخ: 7-4-2016
![]() |
لم تتفق كلمة فقهاء القانون الدولي عند بحثهم الشخصية القانونية الدولية على موقف واحد ، اذ توزع الفقه بين معارض للفكرة ومؤيد لها ، لذا سنتناول تلك المواقف تباعاً :-
اولاً :- الاتجاه المنكر للشخصية القانونية الدولية :
ذهب بعض الشخصية القانونية الدولية ماهي إلا نظرية تقوم على الافتراض، ومن انصار هذا الاتجاه الفقيه (ديجي)، الذي عداه مجرد افتراض (1) ، وينطلق أن الأنسان هو الشخص الوحيد الذي يتمتع بالشخصية القانونية وما يرى (ديجي) مقرر أن لا توجد ضرورة من تمتع الدولة بالشخصية القانونية ، وان وجدت فهي مجرد افتراض لإسباغ الحماية على المراكز الاجتماعية ، لأنه يجب على كل مجتمع منظم متى ما وجد في مركز قانوني وكان موضوعه وهدفه مشروعين ، ان يتكفل بتوفير وسائل الحماية اللازمة لصيانة المجتمع (2).
الفقه الدولي الى عدم إضفاء الشخصية القانونية على الدولة ، وينطلق هذا الاتجاه من إن فكرة ومن هذا الفريق ايضاً الفقيه (ج. سكيل) الذي ينكر على الدولة تمتعها بالشخصية القانونية ، ويرى انها مجرد جهاز من المرافق العامة يعمل في خدمة الجماعة (3).
وكذلك يذهب الفقيه (جورج) (سل) الى عدم الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة، إذ يرى أن محل الشخصية القانونية هو الاختصاص، والاعمال التي يقوم بها الفرد داخل الدولة لها اختصاص محدود لمصلحة الجماعة وعند البحث في تلك الاعمال لا تظهر لنا إرادة الدولة بل إرادة الاشخاص القائمين بالعمل (4) ، ويرى جورج سل أن فكرة الشخصية القانونية الدولية ، ليست الا فكرة مصطنعة ، وهي احد الأسباب الاساسية لتخلف تطور القانون الدولي العام (5).
وبين العالم الانكليزي بر علي بعدم وجود شخصية قانونية للدولة ، لأنه يعتقد بأن من يمتلك الشخصية القانونية لابد ان يكون كائنا حياً، والدولة لا تمتلك عنصر الحياة، وليس لها إرادة ذاتية ، بل هي مؤسسة يقيمها الافراد لحماية انفسهم ويوضعون لها قانونا معيناً للسير بمقتضاه (6) .
إلا ان هذا الاتجاه لم يسلم من النقد ، ومن بين تلك الانتقادات ، هو ضعف الأساس القانوني الذي استند علي، فالشخصية القانونية الدولية لم تقم على الادراك او الإرادة التي يتمتع بها الفرد ، بل أنها استندت على اداة قانونية مثالية تهدف الى حماية المصالح الجماعية للأفراد المكونين للدولة، إذ ان الافراد يتمتعون بمصالح جم قـ ولا يمكن ان تسند اليهم حماية تلك المصالح بإرادتهم مالم تكن هنالك هيأة تمارس اختصاصات في النطاق الدولي والداخلي، ولها كيان قانوني مستقل عن الافراد المكونين للدولة، والاعتراف لها بالشخصية القانونية المستقلة عن اعضائها الذين تمثلهم ، وهذه الشخصية القانونية أملت وجودها الضرورات العملية ، فنشاط الجماعات يتعذر مباشرته من أعضائها ، لذلك اصبح ضرورياً أن تسند مباشرة تلك المصالح الى أشخاص معينين من اعضاء الجماعة . كما ان القول بأن الدولة لا تتمتع بعنصر الحياة ، قول ينقصه الدقة، لان الدولة قائمة على عنصر الاستمرارية وتمتلك الارادة الذاتية لما تتمتع به من سيادة واستقلال ، ومن ثم فالشخصية القانونية الدولية توجد بعناصر قانونية واجتماعية متمثلة أولاً ، بوجود مصالح عامة مشتركة ، وثانياً وجود وسيلة قانونية ومالية لتمثيل تلك المصالح ، وثالثاً لابد من وجود جهاز يناط به التعبير عن الشخصية القانونية الدولية (7).
ثانياً : الاتجاه المؤيد للشخصية القانونية الدولية :
يذهب أكثر فقهاء القانون العام الى الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة، إذ يعدونها من الاشخاص المعنوية العامة (8) لما تتمتع به من حقوق ، وتحملها الواجبات التي يفرضها النظام القانوني ، وتمثيلها لأعضائها ورعاية مصالحهم ، بوصفها صاحبة السيادة، لأنه ليس من المتصور وجود كيان قانوني كالدولة لا تتمتع بصفة الشخصية القانونية عن اعضائها المنتمين لها (9).
وبغير التسليم بالشخصية القانونية للدولة ، لا يمكن تفسير ما تقوم به الدولة من تصرفات قانونية سواء في نطاق النظام القانوني الداخلي أم الدولي ، ومنها إبرام الاتفاقيات الدولية ، كما ان بغير الشخصية القانونية لا يمكن تفسير خاصية الدوام التي تتمتع بها الدولة مهما تغير نظام الحكم ، فضلاً عما تتمتع به الدولة من ذمة مالية مستقلة.
فالقيام بالتصرفات القانونية بما للدولة من اهلية قانونية، وخاصية الدوام ، والذمة المالية المستقلة ، ماهي إلا النتائج الطبيعية المترتبة على الاعتراف بالشخصية القانونية للدولة ، بوصفها كياناً قانونياً مستقلاً عن الاعضاء المكونين لها ، كذلك ان جميع التصرفات القانونية ومنها إبرام الاتفاقيات الدولية تبقى نافذة مهما تغيرنظام الحكم في الدولة (10) ، فضلاً عن استمرار نفاذ القوانين والتمتع بالحقوق وتحمل الواجبات على الرغم التغييرات التي تصيب كيان الدولة ، ماهي الا دلائل على تمتع الدولة بالشخصية القانونية الدولية (11).
كل ذلك أدى الى ان يسوق فقهاء القانون الدولي المؤيدون لهذه الفكرة، تعاريف عديدة للشخصية القانونية للدولة تدور معظمها حول محور واحد وان اختلفت بالألفاظ .
إذ عرفها الفقيه كلسن بأنها مجموعة من القواعد الدولية الأمرة " (12) . ويلاحظ على هذا التعريف ، انه اعطى للشخصية القانونية قيمة القواعد الدولية الأمرة التي تكتسب أعلوية في النطاق الدولي بعدم جواز الاتفاق على مخالفتها . و يعرفها الدكتور عمر حسن عدس بأنها مقدرة هيئة ذات صلاحية مستقلة بالقيام بالأعمال في المجال الدولي ، والاهلية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ، والمحافظة عليها برفع الدعاوي الدولية (13) ، ويلاحظ على هذا التعريف ، انه حدد ثلاثة عناصر لكسب الشخصية القانونية يتمثل الاول بعنصر الاستقلال، اما الثاني هي المقدرة على اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية ، والعنصر الأخير يتمثل بضرورة المحافظة على تلك الحقوق عن طريق التقاضي امام المحاكم الدولية . في حين يعرفها الدكتور محمد كامل ياقوت بأنها : " كل وحدة انسانية تشغل مركزاً في بناء المجتمع الدولي وتباشر اختصاصاً دولياً أو اقليمياً أو فرعياً تتولى تنظيمه القواعد القانونية الدولية ، كما تتولى تحديد ما لهذه الوحدة من حقوق والتزامات ومسؤولة اتجاه الوحدات الدولية الاخرى او اتجاه المجتمع الدولي كله " (14) . ويلاحظ على هذا التعريف ، إن الوحدة لكي تكتسب وصف الشخصية القانونية الدولية ، لابد إن تمتلك الارادة الشارعة ، عن طريق ان يكون لها دوراً في إرساء قواعد القانون الدولي . اما الدكتور محمد طلعت الغنيمي فيعرفها بانها: " اهلية اكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات مع القدرة على حمايتها بالمطالبات الدولية سواء كان ذلك عن طريق رفع الدعاوي او غيرها (15) "
ويورد الدكتور محمد حافظ غانم تعريفاً للشخصية القانونية الدولية ، بأنها : "العلاقة التي تقوم بين نظام قانوني معين وبين الاشخاص الذين يتمتعون بالحقوق التي يقرها ذلك النظام ويلتزمون بما يفرضه من التزامات، ويقوم كل نظام بتعي في الاشخاص الذين تخاطبهم قواعده (16) . ويذكر الدكتور مصطفى ابو القاسم تعريفاً للشخصية القانونية الدولية بانها: "فكرة" مألوفة في اطار كل النظم القانونية الحالية في العالم، إذ انها تشير الى وضع يتمتع فيه أشخاص القانون الدولي أو ما يعرف بالأشخاص الدوليين بحقوق والقيام بالواجبات في اطار نظام قانوني معين" (17).
مما تقدم يتضح ، ان الفقه الدولي في تعريفه - الشخصية القانونية الدولية - قد انقسم الى اتجاهين، الاتجاه الأول عرف الشخصية القانونية الدولية بأفها تعبير عن العلاقة بين وحدة معينة ونظام قانوني معين ، اي بمعنى اخر ان تسند الى تلك الوحدة اهلية اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية ، الأمر الذي يجعل منها احد اشخاص القانون الدولي، في حين الاتجاه الثاني اضاف عنصراً آخر الى عناصر الشخصية القانونية فلم يكتف بتمتعها بالأهلية القانونية ، بل اشترط الى جانب ذلك ، أن تكون تلك الوحدة قادرة على انشاء قواعد القانون الدولي عن طريق التراضي مع غيرها من اشخاص القانون الدولي .
ويمكن القول : ان الاتجاه الأول هو أقرب الى الصواب ، إذ يعد انشاء القواعد الدولية القانونية عن طريق التصرفات القانونية في نطاق القانون الدولي نتيجة مترتبة على التمتع بالأهلية القانونية الدولية لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية .
مما تقدم يتضح ، إن الاتجاه الثاني المنصب على اضفاء الشخصية القانونية للدولة ، هو الارجح وذلك لأن الشخصية القانونية كيان قانوني مستقل يتمتع بإرادة ذاتية عن ارادة الأفراد المكونين لها ، بمعنى أن تتوافر لها القدرة على انشاء القواعد الدولية بالتراضي مع غيرها من اشخاص القانون الدولي ، بما لديها من ارادة ذاتية ، وإلا كيف يتم تفسير احترام الاطراف المتعاقدة لتصرفاتها القانونية ومنها الاتفاقيات الدولية وتعهداتها المالية ، الا بتفسير واحد هو تمتعها بالشخصية القانونية الدولية .
وتأسيساً على ذلك ، فإن ارادة الدولة هي العلة ، ويتكفل بالتعبير عنها اعضاؤها ، والشخصية القانونية هي المعلول ، ومن ثم اذا وجدت العلة وجد المعلول ، اضف الى ذلك ان كل نظام قانوني يحدد الأشخاص المخاطبين بأحكامه ، ومن ثم يتفرع عن هذا المبدأ بحكم المنطق مبدأ آخر ، يتعلق بتحديد من له الحق في التعبير
عن إرادة الاشخاص القانونيين ، وذلك بوضع القواعد القانونية التي تعمل لتنظيم العمل القانوني للشخص المخاطب ، وعلى هدى ذلك، يمكن القول : بأن القانون الدولي يبين من له الحق في التعبير عن إرادة الدولة في النطاق الدولي ، أو بتعبير آخر من هم اشخاص القانون الدولي .
لذلك يمكن ان نعرف الشخصية القانونية الدولية ، بانها : عبارة عن مركز قانوني يمنحه القانون الدولي لوحدة معينة ، ما يجعلها اهلاً لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات الدولية بصورة قانونية .
ويترتب على عد الدولة شخصا دائما ، وتمتعها بالشخصية القانونية جملة من الآثار وكما يأتي (18) :-
1- ان يكون للدولة ذاتية متميزة عن ذاتية حكامها ، و لا تتأثر بتغييرهم وتداولهم السلطة ، لانهم ليسوا الا ممثلين للدولة خلال فترة زمنية معينة .
2- ان يكون لها ذمة مالية مستقلة بحقوقها والتزاماتها . وتبقى الالتزامات المالية التي تحملت بها الدولة ، وكذلك الحقوق التي اكتسبتها ، بغض النظر عن تبدل شكل الدولة او تغير حكامها بالأساليب الديمقراطية وغير الديمقراطية .
3- بقاء تعهداتها وقوانينها سارية المفعول ، حتى إذا تغيرت الحكومة او نظام الحكم أو شكل الدولة وان التشريعات الداخلية كالقوانين تظل باقية ونافذة على الرغم من اي تغيير يحصل في الدولة ونظامها السياسي ، مالم تقم الدولة نفسها بإصدار تشريعات اخرى تلغي التشريعات الأولى أو تعدلها صراحة أو ضمنا على وفق أوضاع الدولة الدستورية .
4- بقاء حقوق الدولة والتزاماتها في المجال الدولي قائمة طالما بقيت الدولة. أي ان كل تغيير في شكل الدولة او تغيير نظامها السياسي أو تغيير حكامها ، لا يؤثر في بقاء حقوق الدولة والتزاماتها الدولية ، فتبقى ملتزمة بالاتفاقات الدولية التي أبرمتها ، فتظل سارية حتى تنتهي مدتها أو تلغى أو تعدل بالاتفاق بين اطرافها الدولية .
وخير مثال على ذلك ما حصل في العراق من تغيير سياسي جوهري، فقد استمرت التزاماته الدولية كافة، حتى التزاماته المفروضة عليه بموجب أحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ومنها دفع مبالغ التعويضات التي تقدم الى دولة الكويت (19).
وكذلك الالتزامات الدولية للدول العربية ، بعد تغيير نظمها السياسية ، وخاصة في تونس ومصر وليبيا . فعلى سبيل المثال عبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر في الفقرة ( خامسا ) من بيانه رقم ( 4 في 13 فبراير 2011) عن التزام جمهورية مصر العربية بالالتزامات والاتفاقيات والدولية (20) .
______________
1- ينظر، د. محمد طلعت الغنيمي : الغنيمي في قانون السلام ، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 1975 ، ص 26-27
2- د. حسين عثمان محمد ، النظم السياسية، دار الجامعة الجديدة ، الاسكندرية ، 2005،ص34.
3- د. هاني الهراوي، النظم السياسية والقانون الدستوري، دار الثقافة للنشر والتوزيع ، عمان ، 2008، ص 42. وينظر، د. ماجد راغب الحلو النظم السياسية والقانون الدستوري، منشأة المعارف، الاسكندرية ، 2005 ،ص 60. د.
4- محمد حافظ غانم، مبادئ القانون الدولي العام (دراسة لضوابطه الأصولية ولأحكامه العامة ) ، طرح مطبعة نهضة مصر، القاهرة ، 1959، ص141 . وينظر، د. ابراهيم العناني : القانون الدولي العام، ط1، دار الفكر العربي، من دون مكان طبع ، 1976، ص 75.
5- د. يحيى الجمل ، الاعتراف في القانون الدولي العام، دار النهضة العربية ، القاهرة، 1963، ص22.
6- د. محمد حافظ غانم ، مرجع سابق، ص 141.
7- د. حسن الجلبي ، اصول القانون الدولي العام ، مطبعة المعارف ، بغداد ، 1972، ص 174 .
8- ينظر، د. سعاد الشرقاوي : النظم السياسية في العالم المعاصر - تحديات وتحولات، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2002، ص 74.
9- ينظر، د. حسين عثمان محمد عثمان : مرجع سابق، ص 35-36.
10- ينظر، د. رياض صالح ابو العطا : القانون الدولي العام ، ط 1 مكتبة الجامعة ، الشارقة ، 2010 ،ص 196 . ود. سهيل حسين الفتلاوي : القانون الدولي العام، ط1، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010، ص 247.
11- ينظر، د. عبد الغني بسيوني عبد الله: النظم السياسية ، الدار الجامعية ، بيروت ، 1984، ص41.
12- نقلا عن د. محمد حافظ غانم، مرجع سابق، ص 121 الهامش رقم (1).
13- د. عمر حسن عدس ، القانون الدولي العام، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1972 ، ص 72.
14- د. محمد كامل ياقوت، الشخصية القانونية في القانون الدولي والشريعة الاسلامية ، دار النهضة العربية، القاهرة ، 1971 ، ص 740.
15- د. محمد طلعت الغنيمي ، الغنيمي في قانون السلام، مرجع سابق، ص 494.
16- د. محمد حافظ غانم، مرجع سابق، ص 121
17- د. مصطفى ابو القاسم خشيم ، مبادئ القانون الدولي المعاصر (الاشخاص)، ط1، المكتب الوطني للبحث والتطوير ، ليبيا ،2004 ، ص 30.
18- استاذنا د. علي هادي حميدي الشكراوي، النظم السياسية المعاصرة، مخطوطة كتاب قيد النشر ، العراق ،بابل، 2013 ، ص 40-41 .
19- علي هادي حميدي الشكراوي، النظم السياسية المعاصرة، مخطوطة كتاب قيد النشر ، العراق ،بابل، 2013 ، ص 42
20- علي هادي حميدي الشكراوي، النظم السياسية المعاصرة، مخطوطة كتاب قيد النشر ، العراق ،بابل، 2013 ، ص42
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|