كثيرا ما تسمع بأن الحياة الجميلة يستمتع بها الشبان فقط، وتنقضي معهم وهم الذين يُقبلون على مباهج الدنيا. والذين يؤمنون بهذا القول يتقبلون فكرة الاستمتاع بالحياة كاملة من قبل الشباب فقط. والحقيقة أن الكبار لا يعدون أيام شبابهم أفضل أيامهم، فالغالبية يستمتعون في كبرهم أكثر من أي مرحلة في حياتهم.

كان وارين بروفسورًا في منتصف عمره، ولكونه مرتاحا في أوجه الحياة كافة، توقع أن يواصل مهنة التدريس عدة سنوات. إلا أن الجامعة واجهت نقصا في الميزانيّة، واتخذت خطوة غير متوقعة في إلغاء عدد من دوائرها الأكاديمية، ومنها التي كان وارين فيها.

بدا كل شيء في نظر وارين كأنه قد تدمّر، فكل ما بناه من آمال ذهب أدراج الرياح، وشعر أنه أصبح متقدما بالعمر كي يبدأ من جديد، وأصبح كبيرًا جدا ليبحث عن كلية أخرى توظفه، وكبيرا جدا ليبدأ حياته من جديد.

وبدلاً من الاستسلام أدرك وارين أن للعالم الكثير ليقدمه، وبدلاً من الخروج بخلاصة مفادها أنه قد تكبَّد خسارة لا يمكن تجاوزها، فقد اختار أن يركز على الفرص المتوفرة أمامه. لم تتوفر أمامه فرصة من قبل ليبدأ من جديد، ليقرر ما يريد أن يفعله، وأين يريد أن يفعل ذلك؟ بعد أن أنهى سنة كاملة قضاها في إجازة في مدينة ريفية ماذا شعر يا ترى؟ (لم أشعر بأفضل من ذلك من قبل).

قام الباحثون بدراسة طويلة المدى عن سكان شمال كاليفورنيا، وأجروا مقابلات متعددة مع الأفراد موضوع الدراسة على مدى ثلاثة عقود، وعندما سئلوا عن الفترة التي يعدونها الأكثر سعادة في حياتهم، أجاب ثمانية من بين عشرة: (الوقت الحالي).