المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الإصغاء إلى النصيحة النراقية  
  
608   11:29 صباحاً   التاريخ: 2024-09-28
المؤلف : الشيخ توفيق حسن علوية
الكتاب أو المصدر : مائة نصيحة للزوج السعيد
الجزء والصفحة : ص116ــ117
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الزوج و الزوجة /

الزوج السعيد هو الذي يصغي بإمعان لإيقاظ وموعظة ونصيحة العلامة محمد مهدي النراقي قدس سره، حيث قال:

((فانظر يا حبيبي أين تضع نفسك، فإن الغلبة لو كانت لقوتك الشهوية حتى يكون أكثر همك إلى الشهوات الحيوانية كالأكل والشرب والجماع وسائر النزوات البهيمية، كنت واحداً من البهائم. وإن كانت ـ أي الغلبة ـ لقوتك الغضبية حتى يكون جلّ ميلك إلى المناصب والرياسات الردية، وإيذاء الناس بالضرب والشتم وباقي الحركات السبعية نزلت منزلة السباع، وإن كانت - أي الغلبة - لقوتك الشيطانية حتى يكون غالب سعيك في استنباط وجوه المكر والحيل للوصول إلى مقتضيات قوتي الشهوة والغضب بأنواع الخداع والتلبيسات الوهمية دخلت في حزب الأبالسة، وإن كانت - الغلبة - لقوتك العقلية حتى يكون جدّك مقصوراً على أخذ المعارف الإلهية، واقتفاء الفضائل الخُلقية عرجت إلى أفق الملائكة القادسة، فمن كان عاقلاً غير عدو لنفسه وجب عليه أن يصرف جلّ همه في تحصيل السعادة العلمية والعملية، وإزالة النقائص الكامنة في نفسه، ولتقصر على الأمور الشهوانية، واللذات الجسمانية بقدر الضرورة، بأن يكتفي من الغذاء بما يحفظ اعتدال مزاجه وقوام حياته، ولا يكون قصده منه الإلتذاذ بل سد الضرورة ودفع الألم، ولا يضيع وقته في تحصيل أزيد من ذلك، فإن تجاوز عنه فبقدر ما يحفظ رتبته ولا يوجب مهانته وذلته، ومن اللباس بقدر ما يستر العورة، ويدفع الحر والبرد فإن تجاوز عن ذلك فبقدر ما لا يؤدي إلى حقارته، ولا يوجب السقوط بين أقرانه وأهل طبقته ومن الجماع بقدر ما يحفظ نوعه ويبقي نسله، وإن تعدى فبقدر ما لا يخرجه عن السنة، وليحذر عن الإنهماك في مقتضيات قوتي الشهوة والغضب لأنه يوجب الشقاوة الدائمة، والهلاكة السرمدية، فالله الله في نفوسكم معاشر الأخوان أدركوها قبل أن تغرقوا في بحار المهالك، وتنبهوا عن نوم الغفلة قبل أن تنسد عليكم السبل والمهالك، وبادروا إلى تحصيل السعادات قبل أن تستحكم فيكم الملكات المهلكة، والعادات المفسدة، فإن إزالة الرذائل بعد استحكامها في غاية الصعوبة، والمجاهدة مع أحزاب الشياطين بعد الكبر قلما يفيد الأثر، والغلبة على النفس الأمارة بعد ضعف الهرم في غاية الإشكال، إلا أنه في أي حال لا ينبغي أن تيأسوا من روح الله، فاجتهدوا بقدر القوة والإستطاعة، فإنه خير من التمادي في الباطل فلعل الله يدرككم بعظيم رحمة))(1).

____________________________

(1) جامع السعادات، ج1، ص44ــ45. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.