المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



المشورة مع الأهل  
  
1704   09:55 صباحاً   التاريخ: 2023-11-10
المؤلف : الشيخ محمد جواد الطبسي
الكتاب أو المصدر : الزواج الموفّق
الجزء والصفحة : ص 131 ــ 135
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مقبلون على الزواج /

إنّ من أحسن الصفات الإنسانيّة وأعلى مراتب الكمالات الأخلاقية في الإنسان هو الإهتمام بأمر الشورى والاستشارة وضمّ آراء الآخرين إلى رأيه والعمل بأحسنه وأفضله، وما ورد من إهتمام النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) والعترة (عليهم ‌السلام) بهذا الأمر.

وأما المشورة بالنّسبة إلى الزّوجين فيما بعد الزّواج وفي نطاق الحياة الزوجيّة فأيضاً أمر مشروع وممدوح وقد مدح الله المؤمنين في كتابه العزيز، بتمشية أمورهم عن طريق الشورى بينهم، فقال في كتابه: {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 38].

قال الفيض الكاشاني في ذيل هذه الآية الشريفة: ولا ينفردون برأي حتى يتشاوروا ويجتمعوا عليه وذلك من فرط تيقّظهم في الأمور (1).

ثم إنّه جل وعلا طلب من نبيّه بالشور مع أصحابه بقوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: 159]. فقال الطّبرسي في ذيل هذه الآية: وفي هذه الآية ترغيب للمؤمنين في العفو عن المسيء وحثّهم على الإستغفار لمن يذنب منهم وعلى مشاورة بعضهم بعضاً فيما يعرض لهم من الأمور (2).

معالجة الروايات الناهية

فما جاء في بعض الروايات عن الصادق (عليه ‌السلام) من انّه قال: إياكم ومشاورة النساء (3) أو فشاوروهن وخالفوهن (4) فبعد الفراغ عن صحة إسناد هذه الروايات، يحتمل أن يقال: إنّه نهى النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) أن يشاورْن في مهامّ الأمور كالحرب مع الأعداء والدفاع عن الدين والكرامة الإنسانية فلا شك بما أنهنّ إمرأة والذي يغلب على المرأة هو الإحساس والعاطفة، ربما منعت الزوج من الإقدام على أمر الجهاد والدفاع خوفاً عليه من القتل والأسر وغير ذلك.

فيمكن حمل هذه الروايات على هذا النوع من المشاورة معهنّ، كما نقل عن النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) من أنه إذا أراد الحرب دعا نساءه فاستشارهن ثم خالفهن (5).

وثانياً: انه كما ورد، ان النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) إستشار نساءه في أمر الحرب، فخالفهن لا مطلق المشاورة. فيحكم بعدم الأخذ بقولهن في أمر الجهاد فقط إن وقع الشّور معهنّ.

وثالثاً: إنه شاور نساءه لا مطلق النساء، فمن المحتمل إن شاور غير نساءه وأبدين نظرهنّ وكان مطابقاً لمصلحة الإسلام لم يخالفهن.

ورابعاً: من المحتمل وقع خلط والتباس بين روايات المشورة والإطاعة، فشّدد بعض الأمر على عدم المشورة معهنّ في حين أنه وقع التأكيد من النبي (صلى الله عليه وآله) والعترة على عدم طاعة الرجل من المرأة لأن في طاعتهن ندامة كما ورد الحديث بذلك عن النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): طاعة المرأة ندامة (6).

والسبب في ذلك لأنه يؤدّي في النهاية إلى تلبية الطّلبات المحرّمة إن سلب الاختيار عنه.

كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): يا علي من أطاع امرأته أكبّه الله على وجهه في النار (7).

وقال: يا علي من أطاع امرأته في أربعة أشياء أكبه الله على منخريه في النار.

قيل: وما هي.

قال: في الثياب الرقاق، والحمامات والعرائس والنائحات (8).

إذاً فالمنهي عنه هو الإطاعة لا المشورة بقصد الإطلاع على آراء الاخرين والعمل بأحسنه. فإنه لا مانع فيه.

1ـ الأمر بالمشورة لفصال الولد

ويدّل على ما نقول، أمر الله تبارك وتعالى الأزواج بالمشورة فيما بينهم إذا أرادا فصال الولد عن الرضاعة حفظاً على سلامة الولد.

فقال في سورة البقرة: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: 233]، فقال المفسرون ومنهم الطبرسي في ذيل هذه الآية: عن تراض منهما، أي من الأب والام وتشاور يعني اتفاق ومشاورة وإنما بشرط تراضيهما وتشاورهما مصلحة للولد، لأن الوالدة تعلم من تربية الصبي ما لا يعلمه الوالد، فلو لم يتفكروا ويتشاورا في ذلك أدي الى ضرر الصبي (9).

2ـ المشورة مع الأم في زواج البنت

والمورد الثاني الذي ورد في الروايات والأحاديث الإسلامية على حث الشور والاستشارة بين الزّوج والزّوجة، هو ما ورد في زواج البنت. فقال النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): إئتمروا النساء في بناتهنّ (10).

فلو كانت مطلق المشاورة معهن أمر منهي فلماذا أمر النبي (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) بالشّور معهنّ.

وهنا موارد أخر تبيّن شرعية الشّور مع النساء كقول (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله): إذا أراد أحدكم أن يزوّج ابنته فليستأمرها (11).

وكان رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله) يستشير الزهراء فاطمة (عليها‌ السلام) في أمر زواجها (12) وغير ذلك.

فتلخّص من جميع ذلك أن الله (جلّ وعلا) رغّب المؤمنين وحثّهم على المشورة فيما بينهم ولا شك أن من جملة من يشملهم هذا الحثّ والترغيب الزّوج والزّوجة، فعليهما أن يشاورا في الأمور ولا حرج في ذلك.

خصوصاً إذا كانت المرأة ممّن جرّبت بكمال العقل كما أرشدنا الإمام (عليه السلام) بذلك قائلاً: إيّاك ومشاورة النساء إلاّ من جرّبت بكمال عقل (13).

نعم ! لا يجوز للزّوج أن يطيع زوجته عملاً بمفاد روايات كثير تدلّ على ذلك.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ تفسير الصافي، ج 2، ص 518.

2ـ مجمع البيان، ج 2، ص 870.

3ـ الكافي، ج 5، ص 517.

4ـ ذرايع البيان، ج 1، ص 216.

5ـ المصدر السابق.

6ـ المصدر السابق، ج 2، ص 216.

7ـ الخصال، ص 35.

8ـ ذرايع البيان، ج 2، ص 218.

9ـ مجمع البيان، ج 2، ص 588.

10ـ نهج الفصاحة، ص 2.

11ـ كنز العمال، ج 16، ص 316.

12ـ بحار الأنوار، ج 43، ص 136.

13ـ المصدر السابق، ج 3، ص 253. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.