أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-11-2016
![]()
التاريخ: 13-11-2016
![]()
التاريخ: 13-11-2016
![]()
التاريخ: 13-11-2016
![]() |
قامت هذه الدولة في جنوبي الشام وشمالي شبه جزيرة سيناء، وكان اليونان يسمونها الدولة العربية الحجرية Arabia Petro، وأول من سكن تلك الديار من العرب هم «الحوريون» الذين كانوا يسكنون الكهوف، وهم الذين يسميهم اليونان «تروغلودیت Troglodytes»، وكانوا على جانب عظيم من القوة؛ ينحتون من الجبال بيوتا، ويتخذون الكهوف مساكن وهياكل، وليست لدينا معلومات مفصَّلة عن تاريخهم وأحوالهم السياسية والعلمية (1). وقد انقرضوا وضاعت أخبارهم، وخلفهم في تلك الديار «الأدميون»؛ وهم من أبناء أدوم، وهو عيصو بن إسحاق - عليه السلام - بعد أن غلبوهم، ولا نعرف بالضبط الزمان الذي استولوا فيه على ديارهم، إلا أن في التوراة إشارات إلى ذلك؛ ففي سفر التكوين(2) آيات تدل على أن هؤلاء الأدوميين قد حاربوا الإسرائيليين في عهد الملك شاوول (طالوت)، وكان ذلك في القرن العاشر ق.م، ولكن طالوت لم يستطع التغلُّب، فلما تولَّى أمر بني إسرائيل «داود» – عليه السلام - حمل عليهم، وأغار على بلادهم وأخضعهم، ورجع إلى فلسطين بعد أن أقام في بلادهم حامية، ولكن زعيم الأدوميين جمع قواه، وأراد التخلُّص منهم، وإقصاء النفوذ اليهودي فلم يفلح قال جرجي زيدان: «وهم قائد من الأدوميين في عهد سليمان بخلع الطاعة فلم يفلح، فما زالوا تحت سيطرة الإسرائيليين إلى أيام «يهو شافاط» فحالفوا أعداءه، وأعانوهم على حربه، فلم يفوزوا ، ولكنهم اغتنموا ضَعْف الإسرائيليين، وعادوا إلى الاستقلال ... حتى إذا حمل نبوخذ نصر على أورشليم كان الأدوميون عونا له على أهلها، واشتركوا في نهبها وذبح أهلها؛ فكافأهم نبوخذ نصر على نصرته بتأييد سلطتهم في أدوم وتوسيعها إلى حدود مصر وشواطئ البحر المتوسط ...(3) فقوي منذ ذلك الحين نفوذهم، وأخذوا يتوسعون حتى بلغوا حوران ودمشق وحدود العراق ومصر، ولكنهم فُوجئوا بزحف إخوانهم الأنباط على ديارهم، فتفاهموا وإياهم، واندمجوا في صفوفهم، وكان ذلك في القرن الرابع قبل الميلاد. وبهذا الاندماج تم تأليف الدولة النبطية القوية التي ظلت إلى أوائل القرن الثاني للميلاد، حين استولى الرومان عليها في سنة 106م، فأصبحت خاضعة لنفوذهم. وقد خلفت دولة الأنباط هذه حضارةً عريقة وعمرانًا، وكانت عاصمتهم مدينة سلع (بطرا - البتراء) في وادي موسى عند ملتقى الطرق التجارية بين تدمر وغزة وأورشليم، واليمن والخليج العربي. وما تزال أطلال هذه المدينة الجبارة، وبخاصة في «الحجر»، شاهدًا على ما بلغه أهلها من الرقي العمراني والهندسي والفني، وأجلُّ هذه الأطلال القصر المعروف اليوم بـ «خزينة فرعون»؛ وهو بناء شامخ منقور في الصخور ذات اللون الوردي البديع، وقد نقشت واجهة هذا القصر نقشًا بديعًا، وزُيّنت بالكتابات النبطية الجميلة (4)، وأقيم إلى جانب القصر مدرج صخري كان يُتَّخذ مسرحًا للألعاب العامة، يذكرنا بمسارح روما وأثينا. ومن آثارها أيضًا «قصر الدير» وهو كهف ضخم بارع الهندسة، كثير النقوش، غني الزخارف. وقد ظلت عاصمتهم «سلع» مركزا تجاريا عظيمًا بين الشرق والغرب والشمال والجنوب منذ عهد ملكهم الحارث الأول الذي حكم من سنة 169 ق.م. إلى عهد آخر ملوكهم مالك الثالث، الذي حكم إلى سنة 106م (5)، وفي تلك السنة جرد الإمبراطور تراجان إمبراطور الرومان حملة على الدولة النبطية؛ فخضعت لنفوذه من ذلك الحين. وقد وصف المؤرخ ديودوروس الصقلي في القرن الأول قبل الميلاد هؤلاء القوم، وما كانوا عليه من حضارة، وما شاهده بنفسه في ديارهم فقال: «إن الأنباط يعيشون في البادية الجرداء التي لا أنهار فيها ولا سيول ولا ينابيع، ومن أمهات قوانينهم: منع زراعة الحبوب أو استثمار الأشجار، وتحريم الخمر، وبناء المنازل، ويعاقبون من يخالف ذلك بالقتل مع التشديد في العمل بهذه القوانين، ويقتات بعضهم بلحوم الإبل وألبانها، وبعضهم بالماشية أو الغنم، وإنهم يشربون الماء المحلّى بالمن، ومنهم قبائل عديدة تقيم في البادية، ولكن النبطيين أغنى تلك القبائل، وإن كان رجالهم لا يزيد عددهم على عشرة آلاف، وثروتهم من الاتجار بالأطياب والمر وغيرهما من العطريات يحملونها من اليمن وغيرها إلى مصر وشواطئ البحر الأبيض المتوسط، ولم تكن تمر تجارة في أيامهم بين الشرق والغرب إلا على يدهم، ويحملون إلى مصر - على الخصوص - القار لأجل التحنيط، وهم ضنينون بحريتهم؛ فإذا دهمهم عدو يخافون بطشه فرُّوا إلى الصحراء، وهي أمنع حصن؛ لأنها خالية من الماء، فلا يدخلها سواهم إلا مات عطشًا، أما هم فيشربون من صهاريج سرية مربعة الشكل منقورة في الصخر تحت الأرض يُخزنون الماء فيها ...(6) وكان للقوم عناية شديدة بالآداب من شعر ونثر وحكمة، وكانوا يعظمون الشعراء وأهل المعرفة، ولكن آثارهم قد ضاعت، وإن كانت النقوش الحجرية التي أبقوها تدل على شيء من ذلك. أما لغتهم فهي اللغة العربية، ولا تكاد تختلف عنها، وبخاصة عن لغة الشعر الجاهلي إلا قليلًا، على ما تقتضيه سُنن النشوء والارتقاء، إلا أنهم لم يكونوا يكتبون بالحروف العربية، وإنما كانوا يكتبون بحروف أبناء عمومتهم الآراميين؛ لأن حروف هؤلاء كانت أشهر (7). وقد خلَّفوا مدنا خالدة أجلُّها سلع، وتُسمى بطرا والبتراء، وهي عاصمتهم، وموقعها بين بحيرة لوط والبحر الأحمر، وفيها آثار عريقة تبين عن مقدار المدنية النبطية، وبخاصة مدافنها ومعابدها ومعاهدها. ومن مدنهم الغنية التي بقيت عامرة إلى العصور المتأخرة؛ مدينتا بصرى الشام،
........................................
1 - انظر التوراة، سفر التثنية، فصل 12:2.
2-انظر التوراة، سفر التثنية، فصل 2 :12.
3- تاريخ العرب قبل الإسلام لزيدان 1، ص69؛ وراجع كذلك تاريخ العرب لجواد علي 2، ص357.
4- انظر تاريخ العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان، 1 :73.
5- انظر سرية ابن هشام 2، ص320؛ المقدسي في أحسن التقاسيم، ص175؛ والإصطخري، ص64.
6- تاريخ العرب قبل الإسلام لجواد علي، 1، ص77.
7- تاريخ العرب قبل الإسلام لجرجي زيدان، 1 :82-83.
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|