أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-10-2015
![]()
التاريخ: 2-8-2016
![]()
التاريخ: 3-8-2016
![]()
التاريخ: 31-7-2016
![]() |
أنّ الإسلام لم يخرج في عهد الرسول (صلَّى الله عليه وآله) عن دائرة الحجاز، غير انّه ولتمتعه بأساس رصين أخذ يتسع وينمو بعد وفاته (صلَّى الله عليه وآله) بسرعة، كما أنّه وفي مدة قصيرة أخذ يحتوي جميع العالم المتحضر آنذاك، وصهر في بوتقته ما تبقى من الحضارات الخمس العظيمة: الروم ، إيران، مصر، اليمن، والحضارة الكلدانية والآشورية، التي كانت في الشمال والشرق والغرب وفي جنوب الحجاز، حتى يذوب وينصهر ما هو من الخرافات والظلم والانحراف والفساد والاستبداد ويبقى الإيجابي المفيد تحت مظلة الحضارة الإسلامية العظيمة بصبغة إلهية وتوحيدية، بل ويتسع وينمو كذلك .
وقد اقتضت طبيعة حب العلم والمعرفة في الإسلام أن ينتقل ما احتوته تلك الحضارات من تقدّم في المجال العلمي والفكري إلى المجتمع الإسلامي، ويترجم كتب اليونان والروم ومصر والهند وفارس إلى اللغة العربية التي كانت لغة القرآن .
فأخذ علماء الإسلام الذين استنار فكرهم بمشعل القرآن يدرسون علوم الآخرين وينقدونها فأبدعوا إبداعات جديدة وكثيرة وأضافوها إليها، كما أنّهم منحوا الثقافة والحضارة السابقة صورة جديدة بطابع إسلامي. فقد بدأت ترجمة الأعمال العلمية للآخرين منذ عهد الأمويين الذين كانوا بعيدين عن العلم والإسلام وبلغت في عصر العباسيين لا سيما في عهد الرشيد والمأمون ذروتها كما اتسعت دائرة العالم الإسلامي إلى أقصى حدودها في العصر الحاضر على طول التاريخ، ومن المؤكد انّ هذه الحركة العلمية لم تكن أمراً قد أسّسه العباسيون أو الأمويون، بل كانت حصيلة تعاليم الإسلام في العلم والمعرفة مباشرة .
الإسلام الذي لم يحدد وطناً معيناً للعلم والمعرفة وحثّ المسلمين على طلبه أينما كان حتى لو كان بأقصى نقطة في العالم أي الصين حينذاك، ومهما بلغ الأمر من العناء والمشقة بقوله: اطلبوا العلم ولو بالصين، واطلبوا العلم ولو بسفك المهج وخوض اللجج .
وقد ذكر في كتب التاريخ انّ المأمون قد رأى ذات ليلة أرسطو طاليس الفيلسوف اليوناني الشهير في المنام وسأله عن بعض المسائل، و ما ان استيقظ من نومه أخذ يفكر بترجمة كتبه، فأرسل رسالة إلى ملك الروم يطلب منه أن يرسل إليه مجموعة من الكتب العلمية القديمة التي كانت في بلاد الروم، فقبل ملك الروم ذلك الطلب بعد كثير من تبادل الرسائل، وقد أرسل المأمون مجموعة من العلماء من أمثال الحجاج بن مطرد وابن البطريق وسلما مدير بيت الحكمة المكتبة الكبيرة والشهيرة في بغداد في تنفيذ هذه المهمة .
فراحوا يرسلون ما وجدوه في بلاد الروم ورغبوا فيه إلى المأمون، وهو يأمر بعد ذلك بترجمتها وممّا لا شكّ فيه انّ أحلام السياسيّين المجرّبين من أمثال المأمون ليست بهذه البساطة، وينبغي أن يكون لها دافع سياسي، فإنّهم يرون في هذه الأحلام الأشياء التي تقوّي أُسس سلطان ظلمهم .
وعلى أية حال فانّ لعمل المأمون هذا عدة احتمالات من وجهة نظر التحليل السياسي، وهي :
3. استمالة فكر المفكّرين في المجتمع الإسلامي وعلمائه نحوه وبالتالي تقوية قواعد سلطانه .
4. انّه أراد بذلك أن يخلق تياراً فكرياً ازاء مدرسة أهل البيت العلمية الذين اشتهروا بالعلم والمعرفة حتى يقلل منشأن أبناء تلك المدرسة ويطفئ نورها .
5. انّه أراد أن يثبت انّ جهاز بني العباس الحاكم يتمتع بجدارة تولّي الحكم لبلاد كإيران والروم ومصر .
وطبعاً لا توجد هناك أيّة مغايرة بين تلك الاحتمالات، ويمكن أن يكون المأمون قد التفت إليها جميعها، ومهما كان السبب فانّه لا شكّ في أنّه بذل جهداً كبيراً في ترجمة الكتب اليونانية، وصرف أموالاً طائلة لدرجة انّه كان يدفع بزنة الكتب ذهباً، وبلغ اهتمامه بالترجمة حداً جعله يضع على كلّ كتاب يترجم باسمه علامة، ورغّب الناس في تلك الكتب، وحثّهم على قراءتها وتعلّمها، وكان يختلي بالحكماء ويبتهج بمعاشرتهم وهكذا أصبح بثّ علوم الآخرين إلى جانب العلوم الإسلامية حاجة العصر وموظته حتى تبع المأمون في ذلك الأشراف ورجال الحكم الذين لهم حاسة قوية وحساسة في هذا النوع من الأُمور، فأكرم طلاب العلم والفلسفة والمنطق واعتزوا به، وبالتالي وفد الكثير من المترجمين من إيران والشام وغيرها إلى بغداد .
وكتب جرجي زيدان المؤرّخ المسيحي المشهور حول ذلك: فلمّا أفضت الخلافة إلى الرشيد حكم من سنة170ـ193هـ كانت الأفكار قد نضجت والأذهان قد زادت تنبهاً إلى علوم الأقدمين بما كان يتقاطر إلى بغداد من الأطباء والعلماء من السريان والفرس والهنود، وكانوا أهل تمدن وعلم كما رأيت، وكانوا يتعلّمون العربية ويعاشرون المسلمين ويباحثونهم في تلك العلوم، والمسلمون يتهيّبون من ذلك لما سبق إلى أذهانهم من مخالفته للدين إلاّ الكتب الطبية، فكانوا يرغبون في نقلها أو مطالعتها، ولكن الأطباء أنفسهم كانوا يومئذ من غير المسلمين ويغلب أن يكونوا من محبي الفلسفة والمنطق، وكانوا من الجهة الثانية يخدمون الخلفاء بذكر الفلسفة، وأصبحوا إذا فتحوا بلداً ووجدوا فيه كتباً لا يأمرون بإحراقها أو إعدامها، بل يأمرون بحملها إلى عاصمتهم والاحتفاظ بها لنقلها إلى لسانهم كما اتّفق للرشيد في أثناء حربه في انقرة وعمورية وغيرها من بلاد الروم، فإنّه عثر هناك على كتب كثيرة حملها إلى بغداد وأمر يوحنا بن ماسويه بترجمتها، ولكنّها ليست من الفلسفة بشيء وإنّما هي في الطب اليوناني أيّام الرشيد نقل كتاب اُقليدس النقلة الأُولى على يد الحجاج بن مطر وتسمى الهارونية تمييزاً لها عن النقلة المأمونية التي نقلها للمأمون .
وفي أيّامه نقل المِجَسْطي إلى العربية، وأوّل من عنى بنقله يحيى بن خالد البرمكي، ففسّره له جماعة لم يتقنوه، فندب لتفسيره أبا حسان وسلماً صاحب بيت الحكمة، فأتقناه واجتهدا في تصحيحه .
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|