أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-26
![]()
التاريخ: 2023-06-07
![]()
التاريخ: 2023-06-01
![]()
التاريخ: 23-8-2022
![]() |
يرى الطباطبائي ، كما يرى جميع المسلمين ، أن القرآن هو كتاب هداية وتغيير ، ونور من رب العالمين ، كما قال الله تعالى : ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ . . . ﴾ [الاسراء 9] ، إضافة إلى كثير من الآيات التي تصف القرآن بأنه هدى ونور مبين وتِبيان لكل شيء ، وكما رأى الطباطبائي أنه لا يمكن أن يكون القرآن تبياناً لكل شيء ، ولا يكون تبياناً لنفسه ، «وكيف يكون القرآن هدىً وبيّنة وفرقاناً ونوراً مبيناً للناس في جميع ما يحتاجون ولا يكفيهم في احتياجهم إليه وهو أشد الاحتياج !! (1) .
فالقرآن هو الكتاب الكامل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وقد جعله الله تعالى نوراً لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، كما قال الله تعالى : ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ [البقرة : 257] .
لقد انكشف هذا المعنى القرآني ، بما هو هدف للعلامة الطباطبائي ، واستلهم منه الهدف ما ينبغي أن يكون عليه الباحث ، أو المفسر في بحوثه القرآنية ، وخاصة في مجال التفسير القرآني ، ولعل المتأمل والمتدبر في مقدمة الميزان فيما عرض له الطباطبائي في مناقشة بعض الأراء والمناهج التفسيرية ، قادرٌ على ملاحظة جملة الأسئلة التي تنمّ عن وعي العلامة الطباطبائي بما ينبغي أن يكون عليه المسلك والمنهج ، فضلاً عن الأسلوب ، في تفسير وإخراج أبكار الحقائق من القرآن الكريم ، وهو في معرض رده على ما ذهب إليه بعض الباحثين في مجال المعارف القرآنية والدينية بشكل عام ، والذين يقولون بأصالة المادة وخواصها المحسوسة إضافة إلى ما ذهب إليه بعض المفسرين في مسالكهم فيما خلطوا فيه بين ما هو تفسير وما هو تطبيق ، يرى العلامة أن لازم ذلك أن يكون القرآن الذي يعرّف نفسه بأنه هدى ونور وتبيان لكل شيء مهدياً إليه بغيره ، ومستنيراً بغيره ، ومبيناً بغيره ، فما هو هذا الغير؟ وما هو شأنه؟ وبماذا يهدي إليه ؟ وما هو المرجع والملجأ إذا اختلف فيه؟! وقد اختلف واشتد الخلاف !!! .
إذاً ، المبدأ العام الذي حكم رؤية الطباطبائي في تفسيره منهجاً وأسلوباً وهدفاً ، هو أن القرآن كتاب هداية ونور ، فضلاً عن كونه تغيير وإخراج للناس من الظلمات إلى النور بما احتوى عليه من نظم وقوانين وتعاليم وأحكام وسنن أخلاقية وتاريخية ، وأداب وأخلاق ، وغير ذلك مما لم يتعرف إليه الإنسان في كتاب آخر ، وقد ألمح الطباطبائي إلى معنى أن يكون العلم نوراً وكشفاً للإنسان في حياته العلمية والعملية ، وذلك من حيث أن العلم له قيمة معتبرة إلى حد كبير ، يقول العلامة : «عظّمَ القرآن الكريم مكانة العلم تعظيماً لم يسبق له مثيل في الكتب السماوية الأخرى ، ويكفي أنه نعت العصر العربي قبل الإسلام بالجاهلية» (2) .
وكيفما كان ، فإن الطباطبائي يبقى له ما يميزه عمن سبقه من المفسرين في إخراج الكنوز القرآنية ، لتكون بمتناول الباحثين عنها والطالبين لها ، فهو من خلال الفضاء القرآني اللامتناهي استطاع أن يوجه البحوث لتكون أكثر واقعية فيما تعرض له من قضايا ومسائل دينية ، بحيث يستطيع كل باحث أو مفسر أن يسأل القرآن ، وأن يعرض بين يديه ما هو مبحوث عنه لتكون له الإجابة بعيداً عن المؤثرات الخارجية ، وعن طريقة البعض ممن حاول أن يرمي بثقل التجارب العلمية والإنسانية على القرآن ظناً منه أن القرآن هو كتاب علم أو تاريخ ، أو تجربة ، ساهياً عما للقرآن من أبعاد أخرى تجعله حاكماً على كل طرح أو رؤية ، بحيث ينتهي إليه كل رأي ديني (3) .
فالقرآن هو كتاب هداية وحسب ، وتبيان لكل شيء فيما يحتاج إليه الإنسان في حركته ، بما أرشده إليه من سنن وقوانين وتعاليم وأحكام تُرشِده في طريق الحياة ، وتجعله مستوياً على سوقه فيما يريد الخوض فيه والوصول إليه من سعادة في الدنيا ، وخلود في الآخرة . أما أن يُجعل القرآن رهينة مسالكهم وتجاربهم ، وامتحاناتهم العملية والعلمية على نحو ما ذهب إليه الكثير من العلماء ، سواء في مسالك التفسير ، أم في مسالك التجارب والأحداث ، فذلك مما لا يستقيم مع أطروحة القرآن للحياة ، ولا مع ما هدف إليه القرآن من هداية ونور وتبيان ، لأن القرآن ، كما يرى الطباطبائي ، لا يحتاج إلى أن يكون له تسويغ في الواقع ليكون حقاً ، ولا إلى امتحان عصري كي يكون هداية ونوراً, إنه القرآن الذي يُفسر بعضه بعضاً (4) ، ويصدّق بعضه بعضاً ، ويشهد بعضه على بعض ، وينطق بعضه ببعض ، وكونه كذلك فهو لا يحتاج لتفسير وتبيان من تجارب الناس ، أو غير ذلك مما يعتقدون فيه الإحاطة ، سواء في علوم الحياة ، أم في علوم الجماد .
إن الطباطبائي ، فيما عرض له من رؤية تفسيرية متميزة في الأسلوب والمنهج معاً ، ارتكز إلى مبادئ ثابتة للقرآن الكريم ، كانت واضحة لديه ، ولم تتأتَّ له من سياق البحث القرآني ليبرزها كهدف قرآني ، باعتبارها واضحة في تنزيل القرآن ، وفي هداية القرآن خلافاً لما زعمه البعض من تعقيد لابس الرؤية القرآنية أو الحقيقية القرآنية مما جعلها بحاجة إلى توضيح ، أو تأويل ، أو تفسير كيما تكون واضحة وهادفة ، بحيث تسجّل للمفسر وكأنها إنجاز قرآني في سياق البحث التفسيري ، ولهذا يقول الطباطبائي : «وليس بين آيات القرآن آية واحدة ذات إغلاق وتعقيد في مفهومها بحيث يتحيّر الذهن في فهم معناها ، وكيف! وهو أفصح الكلام ومن شرط الفصاحة خلوا الكلام عن الإغلاق والتعقيد ، حتى أن الآيات المعدودة من المتشابه في القرآن كالآيات المنسوخة وغيرها . هي في غاية الوضوح من جهة المفهوم ، وإنما التشابه هو في المراد منها وهو ظاهر ، وإنما الاختلاف في المصداق الذي ينطبق عليه المفاهيم اللفظية . . .» (5) .
نلاحظ كيف أن الطباطبائي قد تحرى الهدف مسبقاً في أُسلوبه ومنهجه التفسيري ، خلافاً لكثير من المفسرين الذين اعتقدوا وهماً أن القرآن فيه مغاليق وتحتاج إلى مفاتيح عبقريتهم اللغوية والمنطقية والروائية والفلسفية والتاريخية ، وغير ذلك مما احتشدوا به في محافل الآيات القرآنية لجعلها نوراً مبيناً يهتدي به الناس ، وغالباً ما كانت النتيجة عكسية ومخالفة لما أرادوه من بحوثهم ، حيث تجد الكثير من التفاسير ، التي لم تقدم للناس سوى التعقيد سواء في المفهوم ، أم في المصداق ، في اللفظ أم في المعنى ، وخاصة تلك البحوث القرآنية التي احتاجت إلى طلاسم اللغة العربية وآدابها بما اعتقدته حيرة وإغلاقاً في القرآن !! .
لقد بنى الطباطبائي ، بما قدمه في تفسيره ، أن القرآن مبين لكل شيء وهو الدليل والبرهان على كل شيء ، وليس على الباحث في علوم القرآن ، إلاّ أن يهتدي إلى نور القرآن من منطلق أن القرآن هو تبيان لنفسه قبل أن يكون تبياناً لكل شيء ، كما قال تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت : 69] ، وأي جهاد أعظم من بذل الجهد في فهم كتابه ، أو أي سبيل أهدى إليه من القرآن . وهكذا ، فإن ما تقصّد له الطباطبائي ، هو أن ينطلق الباحث من القرآن إلى القرآن طلباً للهداية والنور المبين ليكون ممن اهتدوا إلى سبيله ، وفازوا بيقينه على نحو ما فعل الطباطبائي وغيره من المفسرين ، الذين اهتدوا بالقرآن إلى كل الحقائق ، سواء في مجال الدين ، أم في مجال الدنيا ، لأن القرآن هو كتاب كامل وشامل ، كما قال الله تعال : ﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً ﴾ [المائدة : 3] .
____________________________________
|
|
دراسة: حفنة من الجوز يوميا تحميك من سرطان القولون
|
|
|
|
|
تنشيط أول مفاعل ملح منصهر يستعمل الثوريوم في العالم.. سباق "الأرنب والسلحفاة"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يقدم محاضرة عن الذكاء الاصطناعي لطلبة مشروع التعليم المستمر في كربلاء
|
|
|