• مستوى التشغيل الشامل 

كيف يتحدد مستوى التشغيل ؟ وهل يجب ان يكون المستوى المتحقق هو مستوى التشغيل الشامل دائماً كما يعتقد الكلاسيك ؟

ان الاتناج والتشغيل يتحددان عند المستوى ⁽¹⁾ الذي يتساوى فيه حجم الطلب الاستثماري مع الادخار الذي يحققه المجتمع كله ، فعند كل مستوى من الانتاج والتشغيل يوجد قدر من الادخار وهذا الادخار عنصر انكماشي معناه بقاء جزء من السلع دون ان تُطلب للاستهلاك فلكي يعم الانتاج من فترة لأخرى عند نفس المستوى يجب ان يُصرف جزء من السلع الذي بقي دون تصريف بسبب الادخار ولا يكون ذلك الا اذا صرف على شكل طلب الاستثماري .

الادخار عنصر انكماشي يميل بالانتاج والتشغيل الى النقص ، والاستثمار عنصر ايجابي يعوض الأثر الانكماشي للادخار ، فاذا كان الاستثمار متساوياً مع الادخار بقي الانتاج والتشغيل ثابتين عند نفس المستوى ، واذا زاد الاستثمار على الادخار فإن ذلك يدفع الانتاج والتشغيل للزيادة ، لأن معنى ذلك ان الطلب الاستثماري اكبر من السلع التي تكون متبقية بعد الاستهلاك فيزيد الطلب الكلي عن الانتاج ، مما يدفع المنظمين لزيادة الانتاج والتشغيل ، واذا قل الاستثمار عن الادخار فإن الانتاج والتشغيل يتجهان نحو النقص والانكماش وهذا يعني ان كل السلع المتبقية بعد الاستهلاك من غير الممكن تصريفها مما يدفع المنتجين لتخفيض الانتاج والتشغيل .

ويقرر كينز انه ليس من الضروري ان يكون المستوى الذي يتحدد عنده التشغيل هو مستوى التشغيل الشامل لأنه حتى يتحقق التشغيل الشامل لا بد وان يتساوى الطلب الاستثماري مع الادخار ، وهنا الرد على السؤال انه ليس من الضروري ان يكون المستوى الذي يتحدد عنده التشغيل هو مستوى التشغيل الشامل ، ومن الممكن ان نصل لهذه النقطة (نقطة التعادل) دون الوصول الى الاستخدام الكامل ، ومن ذلك ممكن ان تكون هناك طاقات عالية ممكن تحفزيها عندما يزداد الدخل الكلي والانقاق الكلي والتي يمكن استخدامها لمقابلة هذا الانفاق وبذلك ستتم معالجة البطالة في الامد القصير بمستوى مقبول وطبيعي ، ولا يوجد ضمان لتحقق هذا الشرط (الاستخدام الكامل) في الدول الرأسمالية المتقدمة حسب اعتقاد كينز ، ففي هذه الدول يكون الطلب الاستثماري غالباً وفي الظروف العادية اقل من المستوى المطلوب وسبب ذلك ان حجم الاستثمارات والآلات المجودة فعلاً في هذه البلدان نتيجة لاستثماراتها السابقة يكون كبيراً مما يؤدي الى انخفاض الكفاية الحدية عن سعر الفائدة فتقل الاستثمارات ولا تتساوى مع الادخار الذي يتحقق عنده التشغيل الشامل اضافة الى سيادة موجات التشاؤم التي تدفع المنظمين الى انقاص الاستثمارات .                

وبذلك اوضح كينز ان الرأسمالية المتقدمة تميل في الظروف العادية في الوقت الحاضر الى عدم تحقيق التشغيل الشامل والى بقاء قدر من العمال في حالة بطالة ، وسبب ذلك هو عدم وجود طلب كلي كافي وخاصة طلب استثماري كافي لجعل المنظمين يشغلّون كل العمال في هذه الفكرة يكمن معنى الثورة الكينزية في الفكر الاقتصادي .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1ـ احمد عبد الله سليمان ، مجلة الكوت ، مصدر سابق  ، ص15 .