وظائـف النـقود

يُعرف معظم الاقتصاديون النقود في حدود الوظائف العامة التي تؤديها ، وعادة ما يُقال في هذا الصدد ( ان النقود هي ما تـعمله Money is what money does ) وفي أدناه أهم الوظائف التي تؤديـها النقود :

1ـ وحدة حساب ((Unit of Account أو مقياس لقيم السلع والخدمات

تسمح النقود بتحديد عدد الوحدات النقدية اللازمة التي تُدفع للحصول على السلع والخدمات ، وذلك ان أهم ما يميز النقود هو أنها معادل عام مقيم للسلع والخدمات ، أي مـقياس عام للقـيمة ، وبهذا يـكون باستطاعة جميع المتعاملين في السوق المقارنة بين القيم النسبية لمختلف السلع عن طريق تقدير عدد الوحدات النقدية اللازمة للحصول على كل سلعة ، وعادة ما يعبر عن العلاقة بين كمية الوحدات النقدية وكمية السلع والخدمات التي تجري مبادلتها بها بالسعر أو الثمن وهو التعبير النقدي لقيم الأشياء.

وبهذا المعنى ، فإن النقود كوحدة لقياس القيم الاقتصادية تشبه وحدات القياس الأخرى ، فعلى سبيل المثال يُـستخدم المتر لقياس الطول واللـتر لقياس السوائل ، ومع ذلك فان هناك فرقاً جوهرياً بينها وبين وحدات القياس الأخرى يكمن في أن قيمة النقود متغيرة نتيجة التغير الحاصل في المستوى العام للأسعار .

2ـ أداة للتبادل (Medium of Exchange)

النقود كأداة للتبادل تعني أنها تتوسط عملية مبادلة السلع والخدمات بالنقود (عملية البيع) ، ثم مبادلة النقود بالسلع والخدمات (عملية الشراء) ، فالنقود هي من تسمح بمبادلة سلعة أو خدمة بسلعة أو خدمة أخرى بطريقة غير مباشرة ، وبهذا فهي تفكك عملية البيع والشراء الموحدة في ظل المقايضة الى عمليتين منفصلتين وغير متزامنتين.

 كما يترتب على وساطة النقود في المبادلة أنها تمكن الأفراد من تأجيل الإنفاق ، لأن استلام النقود كثمن للسلع المباعة لا يكون مصحوباً بالضرورة بإنفاق فوري لها ، بل بالإمكان الاحتفاظ بها لمدة حتى تحين الحاجة اليها ، فهي توفر إمكانية ادخارها بشكل أرصدة نقدية يمكن إعادة استخدامها في وقت لاحق .

3ـ مخزن للقيمة (Store of Value)    

لا يمكن في ظل نظام المقايضة تخزين السلع من أجل استخدامها في المستقبل (ادخار) ، وذلك بسبب اختلاف طبيعة السلع وقابليتها للتخزيـن ، أو صعوبة الاحتفاظ بكميات كبيرة منها في صورة ثروة ، لكن مع وجود النقود فانه من السهل الاحتفاظ بها من أجل تخزين القوة الشرائية في الوقت الحالي لإعادة استخدامها في المستقبل.

ان النقود تمكن مالكها من حجزها عن التداول مؤقتاً ، أي استخدامها كأداة للادخار ، ولأن الأخير هو عدم إنفاق جزء من الدخل النـقدي على الاستهلاك الجاري ـ لذا فالنقود تكتسب قدرة نقل القوة الشرائية من مدة لأخرى واختيار اللحظة الزمنية المناسبة لإنفاقها .

وفي الواقع ، فان هذه الوظائف ليست متماثلة التأثير على نقديـة الشيء المتخذ نقوداً ، فهذا الشيء يمكن أن يحافظ على نقديته (أي على كونه نقداً) حتى وان لم يكن مؤدياً لبعض وظائفه بالشكل المطلوب ، ولعل النقود الورقيـة وما تتعرض له من تذبذب مستمر في قوتها الشرائية خير مثال على ذلك ، فالأوراق النقدية رغم انها أداة ادخارية غير مكتملة الجودة وبالتالي فإنها وسيلة غير كاملة الصلاحية للدفع المؤجل ، الا انها تمثل شكلاً واسع الانتشار من أشكال النقود المعاصرة