يوم كلاب الاول
المؤلف:
ابن الاثير
المصدر:
الكامل في التاريخ
الجزء والصفحة:
المجلد الاول،ج1، ص 456-458
9-11-2016
3424
قال ابن الكلبي أول من اشتد ملكه من كندة حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية بن الحارث الكندي فلما هلك ملك بعد أبيه عمرو ومثل ملك أبيه فسمي المقصور لأنه قصر على ملك أبيه فتزوج عمرو أم إياس بنت عوف بن محلم الشيباني فولدت له الحارث فملك بعد أربعين سنة وقيل ستين سنة فخرج يتصيد فرأى عانة وهي حمر الوحش فشد عليها فانفرد منها حمار فتتبعه وأقسم أن لا يأكل شيئا قبل كبده وهو بمسحلان فطلبته الخيل ثلاثة أيام حتى أدركته فأتى به وقد كاد يموت من الجوع فشوى على النار وأطعم من كبده وهي حارة فمات وكان الحارث فرق بنيه في القبائل معد فجعل حجرا في بني أسد وكنانة وهو أكبر ولده وجعل شرحبيل في بكر بن وائل وبني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وبني أسيد بن عمرو بن تميم والرباب وجعل سلمة وهو أصغرهم في بني تغلب والنمر بن قاسط وبني سعد بن زيد مناة بن تميم وجعل ابنه معد يكرب ويعرف بغلفاء في قيس عيلان وقد تقدم هذا في قتل حجر أبي امرئ القيس وإنما أعدناه ههنا للحاجة إليه، فلما هلك الحارث تشتت أمر أولاده وتفرقت كلمتهم ومشى بينهم الرجال وكانت المغاورة بين الأحياء الذين معهم وتفاقم أمرهم حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه الجموع وزحف إليه بالجيوش فسار شرحبيل فيمن معه وفي الصنائع أيضا وهم قوم كانوا مع الملوك من شذاذ العرب فأقبلوا إلى كلاب وعلى تغلب السفاح بن خالد بن كعب بن زهير فاقتتلوا قتالا شديدا وثبت بعضهم لبعض فلما كان آخر النهار من ذلك اليوم خذلت بنو حنظلة وعمرو بن تميم والرباب بكر بن وائل وانهزموا وثبتت بكر وانصرفت بنو سعد ومن معها عن تغلب وصبرت تغلب ونادى منادي شرحبيل من أتاني برأس سلمة فله مائة من الإبل ونادى منادي سلمة من أتاني برأس شرحبيل فله مائة من الإبل فكانت الغلبة آخر النهار لتغلب وسلمة ومضى شرحبيل منهزما فتبعه ذو السنينة التغلبي فالتفت إليه شرحبيل فضربه على ركبته فأطن رجله وكان ذو السنينة أخا أبي حنش لأمه فقال لأخيه قتلني الرجل وهلك ذو السنينة فقال أبو حنش لشرحبيل قتلني الله ان لم أقتلك وحمل عليه فأدركه فقال يا أبا حنش اللبن اللبن يعني الدية، فقال قد هرقت لبنا كثيرا فقال يا أبا حنش أملكا بسوقة فقال إن أخي ملكي فطعنه فألقاه عن فرسه ونزل إليه فأخذ رأسه وبعث به إلى سلمة مع ابن عم له فأتاه به وألقاه بين يديه فقال سلمة لو كنت ألقيته أرفق من هذا وعرفت الندامة في وجه سلمة والجزع عليه فهرب أبو حنش منه فقال سلمة:
ألا أبلغ أبا حنش رســولا فمالك لا تجيء إلى الثواب
لتعلم أن خير الناس طـرا قتيل بين أحجـــار الكلاب
تداعت حوله جشم بن بكر وأسلمه جعاسيس الربـاب
فأجابه أبو حنش فقال:
أحاذر أن أجيئـك ثم تحبو حباء أبيك يوم ضبيعات
وكانت غدرة شنعاء تهفو تقلدها أبوك إلى الممـات
وكان سبب يوم ضبيعات ان ابنا للحارث كان مسترضعا في تميم وبكر ولدغته حية فمات فأخذ خمسين رجلا من تميم وخمسين رجلا من بكر فقتلهم به ولما قتل شرحبيل قام بنو زيد مناة من تميم دون أهله وعياله فمنعوهم وحالوا بين الناس وبينهم حتى ألحقوهم بقومهم ومأمنهم ولما بلغ خبر قتله أخاه معد يكرب وهو غلفاء قال يرثيه:
ان جنبي عن الفراش لنـــــــــابي كتجافي الاسر فوق الظراب
من حديث نمى إلى فما تــــــرقأ عينــــي ولا أســـــبغ شـرابي
مرة كالذعاف أكتمها النــــــــاس على حــر مــلة كالشـــــهاب
من شرحبيل إذ تعـاوره الأرماح مــــن بعـــــد لذة وشبــــــاب
يا بن أمي ولو شهدك إذ تــدعوا تميمـــــا وأنـــت غير مجاب
ثم طاعنت من ورائــــــك حـتى يبـــــلغ الرحـب أو تبز ثيابي
أحسنت وائل وعادتهـا الأحسان بالحبــــو يوم ضرب الرقاب
يوم فرت بنــــو تميــــــم وولت خيـــــلهم يتقـــين بالأذنــــاب
وهي طويلة.
ثم إن تغلب أخرجوا سلمة من بينهم فلجأ إلى بكر بن وائل وانضم إليهم ولحقت تغلب بالمنذر بن امرئ القيس اللخمي.
( الكلاب ): بضم الكاف : أسيد بن عمرو بضم الهمزة وفتح السين المهملة وتشديد الياء المثناة من تحت. وذو السنينة بضم السين المهملة تصغير سن. والرباب: بكسر الراء وتخفيف الباء الأولى الموحدة.
الاكثر قراءة في ايام العرب قبل الاسلام
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة