نبوّة سليمان عليه السلام وملكه
المؤلف:
قطب الدين الرّاوندي
المصدر:
قصص الانبياء
الجزء والصفحة:
ص 208-211.
4-2-2016
2909
1 ـ وبإسناده عن الحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن ابي حمزة الثّمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : كان ملك سليمان ما بين الشّامات إلى بلاد إصطخّر (1).
2 ـ وبإسناده عن زيد الشّحام ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} [سبأ : 13]. قال : كانوا ثمانين رجلاً وسبعين امرأة ما أغبّ (2) المحراب رجل واحد منهم يصلّي فيه ، وكانوا آل داود. فلمّا قبض داود ولّى سليمان عليهما السلام قال : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [النمل : 16]. سخّر الله له الجنّ والإنس وكان لا يسمع يملك في ناحية الأرض إلاّ أتاه حتّى يذلّه ويدخله في دينه وسخّ الرّيح له ، فكان إذا خرج إلى مجلسه عكف عليه الطّير وقام الجنّ والإنس ، وكان إذا أراد أن يغزو أمر بمعسكره فضرب له من الخشب ، ثمّ جعل عليه النّاس والدّواب وآلة الرب كلّها حتّى إذا حمل معه ما يريد ، أمر العاصف من الرّيح ، فدخلت تحت الخشب ، فحملته حتّى ينتهي به إلى حيث يريد ، وكان غدوّها شهراً ورواحها شهراً (3).
3 ـ وعن أبي حمزة ، عن الأصبغ ، قال : خرج سليمان بن داود عليهما السلام من بيت المقدس مع ثلاثمائة ألف كرسيّ عن يمينه عليها الإنس ، وثلاثمائة ألف كرسيّ عن يساره عليها الحنّ ، وأمر الطير فأظلّتهم ، وأمر الرّيح فحملتهم ، حتّى ورجت بهم المدائن ، ثمّ رجل وبات في إصطخر ، ثم غدا فانتهى إلى جزيرة بركادان (4) ، ثمّ أمر الرّيح فخفضتهم حتّى كادت أقدامهم أن يصيبها الماء ، فقال بعضهم لبعض : هل رأيتم ملكاً أعظم من هذا ؟ فنادى ملك (5) : لثواب تسبيحة واحدة أعظم مما رأيتم (6).
4 ـ وبالإسناد المتقدّم ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنّ الله تعالى أوحى إلى سليمان إنّ آية موتك أنّ شجرة تخرج في بيت المقدس ، يقال لها : الخرنوبة ، قال : فنظر سليمان يوماً إلى شجرة قد طلعت في بيت المقدس ، فقال لها سليمان : ما اسمك ؟ فقالت : الخرنوبة ، فولّى مدبراً إلى محرابه حتّى قام فيه متكئاً على عصاه فقبضه الله من ساعته فجعلت الإنس والجنّ يخدمونه كما كانوا من قبل وهم يظنّون أنّه حيّ ، حتّى دبّت الأرضة في عصاه فأكلت منسأته ووقع سليمان إلى الارض (7).
5 ـ وعن ابن محبوب ، عن أبي ولاّد ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : كان لسليمان العطر وفرض النّكاح في حصن بناه (8) الشّياطين له ، فيه ألف بيت ، في كلّ بيت طروقة منهنّ سبعمائة أمة قبطيّة وثلاثمائة حر مهيرة ، فأعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلاً في مباضعة النّساء ، وكان يطوف بهنّ جميعاً ويسعفهنّ ، قال : وكان سليمان يأمر الشّياطين فتحمل له الحجارة من موضع إلى موضع ، فقال لهم ابليس : كيف أنتم ؟
قالوا : مالنا طاقة بما نحن فيه ، فقال إبليس : أليس تذهبون بالحجارة وترجعون فراغاً ؟ قالو : نعم ، قال : فأنتم في راحة.
فأبلغت الرّيح سليمان ما قال إبليس للشّياطين فأمرهم أن يحملوا الحجارة ذاهبين ويحملوا الطّين راجعين إلى موضعها ، فتراءى لهم إبليس ، فقال : كيف أنتم ؟ فشكوا إليه ، فقال : ألستم تنامون باللّيل ؟ قالوا : بلى ، قال : فأنتم في راحة ، فأبلغت الّريح سليمان ما قالت الشّياطين وإبليس ، فأمرهم أن يعملوا باللّيل والنّهار ، فما لبثوا إلاّ يسيراً حتى مات سليمان عليه السلام.
وقال : خرج سليمان يستسقي ومعه الجنّ والإنس ، فمرّ بنملة عرجاء ناشرة جناحها رافعة يدها ، وتقول : اللّهم إنّ خلق من خلقك لأغنى بنا عن رزقك ، فلا تؤاخذنا بذنوب بني آدم واسقنا ، فقال سليمان لمن كان معه : ارجعوا فقد شفع فيكم غيركم. وفي خبر : قد كفيتم بغيركم (9).
6 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن يحيى المكتّب ، حدّثنا أحمد بن محمد الورّاق ابو الطّيب ، حدّثنا عليّ بن هارون الحميري ، حدّثنا عليّ بن محمد بن سليمان النّوفلي ، عن أبيه ، عن عليّ بن يقطين ، قال : قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام أيجوز أن يكون نبيّ الله بخيلاً ؟ فقال : لا ، قلت : فقول سليمان : {وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص : 35] ما وجهه ؟ قال : إنّ الملك ملكان :
ملك مأخوذ بالغلبة والقهر والجور.
وملك مأخوذ من قبل الله تعالى فقال سليمان : هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي أن يقول : إنّه مأخوذ بالقهر والغلبة فقلت : قول رسول الله صلى الله عليه واله : رحم الله أخي سليمان ما كان أبخله فقال : لقوله صلى الله عليه واله وجهان :
احدهما : ما كان أبخله بعرضه وسوء القول فيه.
والآخر : ما كان أبخله ان أراد ما يذهب إليه الجهّال.
ثمّ قال عليه السلام : قد اُوتينا ما اُوتي سليمان وما لم يؤت أحدٌ من العالمين ، قال الله تعالى في قصّة سليمان : {هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [ص : 39]. وقال عزّ وجلّ في قصّة محمد صلى الله عليه واله : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7]. (10).
وقصّة بلقيس معه معروفة وهي في القرآن (11).
__________________
- بحار الأنوار ( 14/70 ) ، برقم : ( 7 ).
- كذا في البحار وقال فيه : بيان ـ ما أغبّ المحراب أي لم يكونوا يأتون المحراب ، بل كان كل منهم يواظبه وفي جميع النّسخ : قال : كانوا ثمانين رجلاً أو سبعين فأغبّ.
- بحار الأنوار ( 14/71 ) ، برقم : ( 10 ) .
- في البحار : بر كاوان ، وفي إثبات الوصية ص ( 61 ) : جزيرة كاوان ، ثمّ أمر الريح أن تحفظهم حتى كادت أقدامهم تلحق الماء.
- في البحار : فنادى ملك من السّماء.
- بحار الأنوار ( 14/72 ) ، برقم : ( 11 ) وفيه : بالإسناد إلى الصّدوق بإسناده عن أبي حمزة.
- ب حار الأنوار ( 14/140 ) ، برقم : ( 7 ).
- في البحار : قال : كان لسليمان عليه السلام : حصن بناه.
- بحار الأنوار ( 14/72 ـ 73 ) ، برقم : ( 12 ). ومن قوله : قال : كان سليمان يأمر ... إلى قوله :حتّى مات سليمان عليه السلام في الجزء ( 63/195 ) ، برقم : ( 2 ).
- بحار الأنوار ( 14/85 ـ 86 ) عن العلل ( 1/71 ) ومعاني الاخبار ( 353 ) مع فرق مّا في السّند وزيادة مّا في المتن وقد عدّلنا السّند عن بعض اسانيد العيون ( 1/79 ).
- ذكرها في البحار ( 14/109 ) وهي أربع وعشرون آية. ثمّ أسدل بعدها في ذلك ( 14 ) رواية.
الاكثر قراءة في قصة النبي سليمان وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة