
تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء


الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية


الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية


علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت


الفيزياء الحديثة


النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية


الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي


فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد


الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر


علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء


المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة


الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات


الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة


مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى
الحرارة والطاقة
المؤلف:
الدكتور مهند البديري
المصدر:
الفيزياء من الخرافة الى الحقيقة
الجزء والصفحة:
ص167
2025-12-22
18
عندما يفكر الإنسان بالحرارة، فإنه عادة ما يفكر في الاحساس الذي يجعله يشعر بالحرارة والاحساس بالحرارة هي من خواص حاسة اللمس في الإنسان وهي مشابهة لحاسة البصر والسمع ، والشم والذوق من حيث انتقالها عبر أعصاب جسم الإنسان الى الدماغ ، وتحولها إلى إشارات كهربائية يفسرها الدماغ على أنها حرارة ويستطيع الإنسان أن يختبر حرارة الأجسام عن طريقة حاسة اللمس ، لكن هذا الاختبار نسبي ، ولا يكفي لوصف كمي للحرارة. ولنأت بمثال على ذلك فلو كان لدينا ثلاثة أواني، الإناء الأول يحتوي على ماء بارد ، والاناء الثاني يحتوي ماء دافئاً ، والاناء الثالث يحتوي على ماء ساخن ، فإذا جعلنا احد الاشخاص يغمس يديه في اناء الماء البارد ، وجعلنا شخصا آخر يغمس يديه في اناء الماء الساخن ، ثم بعد ذلك جعلناهما يغمسان ايديهما في الماء الدافئ عند ذلك سيكون للشخصين شعوران متناقضان فالشخص الذي غمس يديه في الاناء الماء البارد ، ثم الدافئ سيقول : ان هذا الماء حار ، وهو صادق فيما يقول والشخص الذي غمس يديه في اناء الماء الساخن ثم الدافئ سيقول : ان هذا الماء بارد ، وهو صادق ايضاً ؛ فالشعور بالحرارة مرتبط بحرارة ايديهم قبلا ، والفرق في الحرارة هو الذي يولد الفرق في الاحساس بالحرارة من حيث ارتفاعها ، أو انخفاضها. فنحن مثلا في العراق نشعر ان جو العراق في الشتاء بارد لكنه يعد معتدلاً بالنسبة الى رجل يعيش في موسكو حيث الأجواء الباردة جدا. فإذا جاء رجل من موسكو الى العراق في فصل الشتاء قد يستغرب عندما يرى الناس ترتدي الملابس الثقيلة في مثل هذا الجو اللطيف! فالشعور بارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها أمر نسبي يختلف من شخص إلى آخر باختلاف حرارة الجو الذي يعيش فيه، ويعتاد عليه.
إن الجسم الإنسان درجة حرارة خاصة به، وثابتة، وقيمتها 37 مئوية وهو لا يشعر بها ما دامت ثابتة، وذلك لأنها تكمن في داخله، ونشأ عليها منذ ولادته، والإنسان بطبيعته لا يشعر بشيء اعتاد عليه الا إذا حصل تغير، وتحول الشيء الذي اعتاد عليه إلى شيء آخر جديد فالإنسان يشعر بلحظات التغيير والانتقال، وإذا استمر على شيء مدة طويلة من الزمن فإنه سيفقد الاحساس او الشعور به تدريجياً. فمثلا الإنسان يشعر بالساعة اليدوية التي تطوق رسغ يده ، وتلاصق جلده لحظة، وضعها ثم يبدأ يفقد الشعور بالساعة تدريجيا مع الزمن وكلما مضى عليه الزمن فقد الاحساس بها ، ثم ينساها تماما ، ويصبح الأمر اعتيادياً ، ولا يتذكرها الا لحظة خلعها. كذلك هي حرارة جسم الإنسان ، فالإنسان لا يشعر بها الاً لحظة ارتفاعها ، أو انخفاضها ، واضافة لإحساسه الداخلي بها تظهر أعراض ارتفاع الحرارة على جسم الإنسان بصورة واضحة فيبدو وجهه شاحبا ويكون شكله مختلفا عما لو كانت درجة حرارته طبيعية ، واذا لمست جبهته ستشعر بارتفاع درجة حرارة جسمه ، اما اذا لمست انسانا درجة حرارته طبيعية ؛ فإنك سوف لا تشعر بأي اختلاف بين درجة حرارة يدك ودرجة حرارة جبهته ؛ لان درجة الحرارة في كليهما متساوية ولا يوجد فرق اذن فلا تشعر به. لكن الانسان لا يكاد يفكر بحرارة جسمه . ، حتى يبدأ بالشعور بها ، وان كانت طبيعية كما يشعر بالساعة التي تلامس جلده عندما يتذكرها في لحظة عابرة. كذلك درجة حرارة جسمه فهي منسية عنده لكنه ما ان يبدأ بالتفكير بها والتركيز عليها حتى ينتابه الشعور بأن درجة حرارة جسمه قد ارتفعت او انخفضت فاذا سيطرت فكرة ارتفاع درجة حرارة جسمه على تفكيره تسللت تلك الفكرة الى أغوار عقله الباطن ، وصارت فكرة ارتفاع درجة حرارة جسمه مستحوذة على تفكيره وهو مهما بذل الجهود الواعية في مخالفة هذا الفكرة فذلك لا ينفعه في شيء ما دامت الفكرة سيطرت على مخيلته وعند ذلك تجعله عبدا مسخرا لها من حيث يريد ، أو لا يريد ، وكثيرا ما يتوهم الإنسان المرض ؛ فيمرض بفعل الايحاء النفسي.
طلب مني ذات مرة أحد الاشخاص أن ألمس جبهته؛ لأتحسس درجة حرارة جسمه، وكانت درجة حرارته طبيعية ، لكني وعلى سبيل المزاح قلت له : ان حرارتك مرتفعة جدا ؛ فاحمرت وجنتاه ، وسارع للتمدد على الفراش، وقال : لا بد انني قد أصبت بالانفلونزا ، فأخبرته بأني كنت أمزح معه وأن حرارة جسمه طبيعية ، لكنه لم يقتنع ، وانا مهما حاولت أن استخدم شتى الوسائل لاقناعه بأن حرارة جسمه طبيعية زاد يقينه بأنه مصاب بالانفلونزا ؛ فهو قد تخيل مسبقا انه مصاب بالانفلونزا ، وكلامي له بأن درجة حرارته مرتفعة استحوذ على ذهنه استحواذاً تاماً فصارت عنده قناعة لا شعورية بأنه مصاب بالانفلونزا ، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
ان الانسان ما أن يتخيل الشيء ويكثر من التفكير فيه حتى ينتابه الوسواس فيتوهم ان ذلك الشيء قد تحقق فعلا.
عندما كنت في بريطانيا كان يسكن معي احد الطلبة اللبنانيين وعندما انتشر مرض فيروس كورونا في العالم وبريطانيا ، أخذ الوسواس ينتاب هذا الطالب كل لحظه ، فيتخيل انه مصاب بفيروس كورونا ، طلب مني ذات يوم أن ألمس جبهته لأتحسس درجة حرارة جسمه ، فقلت له بعد أن لمستها: ان درجة حرارة جسمك طبيعية ، لكن الوسواس سيطر على شعوره ، فاتصل بالمركز الصحي وأخبرهم بأنه مصاب بمرض كورونا ، وطلب منهم أد م أن يعالجوه فوراً ، وينقذوه من الموت.
إن هذا الطالب رأى ان فايروس كورونا قد أصاب الكثير من الناس، فتخيل انه أصابه كما أصابهم؛ فأصبح يتوهم بأعراض المرض، وسيطر الوهم على تفكيره. ان كثرة التفكير بالشيء يجعل هذا الشيء متغلغلاً في عقله الباطن ، والانسان غالبا ما يندفع في أعماله وفقاً لما يمليه عليه عقله الباطن ، لا شعوريا فالأفكار المنبثقة من العقل الباطن تسيطر على الإنسان في معظم حركاته وسكناته، وهو يحسب ان كل أعماله ناتجة من عقله الواعي وتفكيره السليم.
ان مما لا شك فيه هو أن المادة تؤثر في الحرارة والحرارة تؤثر في المادة. حيث إن تأثير الحرارة على المادة يكمن في تمدد المادة وتغير شكلها والمادة بدورها تؤثر في الحرارة، فاذا قربت مادة من مصدر حراري فإنه تؤثر على درجة حرارته، زيادة أو نقصانا. والإنسان عندما ترتفع درجة حرارته ترى ذلك التأثير واضحاً على جسمه ووجهه؛ كما أن المادة تؤثر في حرارة جسم الإنسان كتناول بعض الأطعمة، او الشراب فللمادة، والحرارة تفاعل متبادل.
ان المصدر الطبيعي الوحيد للحرارة على الارض هو الشمس ، والإنسان يعتقد أن الحرارة الناتجة من الشمس أو النار أمر بديهي ناتج من مجريات الطبيعة ، وان التفكير في الامور الطبيعية حسب رأيه هو سخف ولهو ممقوت لا يليق بالإنسان العاقل أن يشغل نفسه به، وما درى أن الانسان العاقل هو الذي يفكر في الامور الطبيعية ، ويبحث عن السبب الذي يكمن وراء كل ظاهرة طبيعية وهذا الإعتقاد أدى إلى ندرة المفكرين في المجتمع الشرقي وكثرتهم في المجتمع الغربي ؛ فالإنسان في المجتمع الشرقي يعتقد أن الظواهر الطبيعية تحدث بأمر الخالق من دون عله، ولذلك تراه عندما يرى ظاهرة طبيعية يتعجب بسبحان الله ! ثم ينشغل عنها بالتفكير بالأمور التافهة التي يظن انها ترفع منزلته في المجتمع من ركوب السيارة الفارهة، وبناء القصر الفخم، والمجاملات الاجتماعية الفارغة، فهو يسعى نحو الصفة التي يقدرها الناس، ويستسيغ آنذاك كل وسيلة تمكنه من الاتصاف بتلك الصفة. اما الإنسان الغربي، فيركز انتباهه على الظواهر الطبيعية، ويحاول جاهداً ان يكتشف قوانينها؛ وبذلك ترتفع منزلته بمقدار نتاجه العلمي يقول أحد المفكرين: إذا أردت أن تعرف مدى تقدم أي مجتمع انظر الى الصفة التي يقدرها المجتمع).
إن مصدر الحرارة الطبيعي الوحيد للأرض هو الشمس كما قلنا، والحرارة التي تصل الى الأرض من الشمس تختلف من فصل إلى آخر ارتفاعا، وانخفاضاً. يتصور المغفلون ان الشمس هي قرص صغير ذو ارتفاع محدود قريب من الأرض، وان ارتفاع حرارة الجو وانخفاضها من فصل إلى آخر ناتج من ابتعاد قرص الشمس واقترابه من الأرض. فالشمس في نظرهم ترتفع ، وتنخفض من وقت إلى آخر. ففي نظرهم ان ارتفاع درجة حرارة الجو ناتج من اقتراب الشمس من الأرض ، وانخفاضها ناتج من ابتعادها عنها. انهم يتصورون أن الشمس قريبة جدا من الأرض ويحددون ارتفاعها كما تراها اعينهم لكن من جانب آخر يتصورون أن الانسان لا يستطيع أن يبلغ الشمس مهما بلغ في الارتفاع ومهما كانت الشمس قريبة ، كأن الأمر عندهم أشبه بالنسر الذي ربط على جسمه عصا من أحد طرفيها ومن الطرف الآخر للعصا ربطت قطعة من اللحم يراها أمام عينيه فهو مهما حلّق في الارتفاع إلى الأعلى باتجاهها لا يصل إليها مهما بلغ في الارتفاع. انهم يطلقون الأحكام اعتماداً على ما يشاهدونه في حياتهم و يلمسونه في حياتهم اليومية فهم عندما يرون اقترابهم من النار ، يجعلهم يشعرون بارتفاع الحرارة ، وابتعادهم عنها يجعلهم يشعرون بانخفاضها ، فيعممون فهمهم هذا على ارتفاع حرارة الأرض وانخفاضها فيتصورون انهم اذا ارتفعوا أعلى الأرض سوف يشعرون بارتفاع الحرارة ؛ لانهم يقتربون من الشمس كما يقترب الإنسان من النار وانت مهما حاولت إثبات خطأ تصورهم تبجحوا بالبراهين السخيفة التي تؤيد تصورهم. ان الأرض تدور حول الشمس في مدار بيضوي تقع الشمس في إحدى بؤرتيه ، وليس في مركزه ، وهي في فصل الشتاء تكون أقرب إلى الشمس من فصل الصيف ، ففي فصل الصيف تكون الأرض أبعد ما يمكن عن الشمس ، وان ارتفاع درجة حرارة جو الأرض في فصل الصيف ، وانخفاضها في فصل الشتاء ناتج من تغير اتجاه محور الأرض الذي تدور حوله ، والمحور هذا هو المحور الذي تدور به الأرض حول نفسها. ففي فصل الشتاء ينحرف محور الأرض الذي تدور حوله بدرجة 23 مبتعدا عن الشمس مما يجعل أشعة الشمس تسقط بصورة مائلة على المناطق التي تقع أعلى خط الاستواء ، فتنخفض درجة الحرارة أما في المناطق التي تقع أسفل خط الاستواء ؛ فتسقط الشمس بشكل عمودي مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة في تلك المناطق .اما في فصل الصيف فأن محور الأرض ينحرف بزاوية 23 باتجاه الشمس مما يجعل أشعة الشمس تسقط بشكل عمودي على المناطق التي تقع أعلى خط الاستواء ويؤدي ذلك الى ارتفاع درجة الحرارة في تلك المناطق وتسقط بشكل مائل على المناطق التي تقع أسفل خط الاستواء مما يسبب انخفاض درجة الحرارة في تلك المناطق . اما في فصلي الربيع والخريف فإن محور الأرض يكون معتدلاً أي يصنع زاوية صفر مع الخط الشاقولي الموازي لمحور الأرض ؛ وبذلك يكون جو الأرض معتدلاً في هذين الفصلين. كما أن ليس كل المناطق لها درجة الحرارة نفسها خلال الفصول الأربعة، فهي تختلف باختلاف مواقعها من خط الاستواء ، فكلما ارتفعت أعلى خط الاستواء كانت درجات الحرارة منخفضة أكثر.
كنت أشرح لأحد الأصدقاء ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة وانخفاضها في الفصول المختلفة وفق هذا المفهوم، فلم يستوعب ذلك فهو يفهم ان ارتفاع الحرارة ناتج عن اقتراب الأرض من الشمس، وانخفاضها ناتج من ابتعادها عن الشمس، فتركته قانعا بفهمه لهذه الظاهرة، خوفا من اتهامه لي بأني اتبع علوم الغرب الذين لا يريدون للمسلم خيرا.
ان الكثير من الناس على شاكلة هذا الرجل ؛ فهم لا يستطيعون التصديق بأي ظاهره مالم يروها رأي العين ، او تدركها حواسهم الأخرى كنت استمع لرجل دين في مقطع فيديو يقول فيه : إن ارتفاع الحرارة في بلداننا هو مؤامرة من الاستعمار العالمي ، فالاستعمار الغربي يرسل لنا اشعاعات تؤثر في الظروف المناخية لبلداننا ، فيرفعون درجة حرارة بلداننا كيفما يشتهون وكذلك يتسببون في الزلازل ، والفيضانات التي تحدث في بلداننا ، والغريب أن الجالسين أمامه يصدقونه فيما يقول، فيرفعون أيديهم بالدعاء راجين من الله تعالى أن يخلصهم من ظلم الظالمين ، وكفر الكافرين، فإذا قلت لهم إن فهمكم هذا غير صحيح، نسبوا اليك الزندقة ، او ضعف الوطنية. وذات مرة كنت استمع إلى أحد هؤلاء المغفلين وهو يشرح للناس فيقول إن الشمس لا يمكن أن تكون فوق الغيوم ، ويستدل على ذلك بأن الشمس تضيء السطح الاسفل للغيوم ، فنراها حمراء أو بيضاء. ويستنتج من فكرته هذه ان الشمس لابد أن تكون تحت الغيوم والا لما أضاءت الغيوم من الأسفل، وقد ساءني حقا أن أرى الجالسين امامه فاتحين افواههم اعجاباً ببراهينه (الساطعة) فهو مقتنع فيها ويظن أن الناس جميعا سيقتنعون بها وما درى أن علماء الفيزياء عندما يستمعون الى براهينه سيضحكون على ذقنه بدلا من ان يردوا عليه. ان هذا المغفل يستدل على ذلك بأنه اذا وجه مصباحًا إلى سقف الغرفة ، فإن ضوء المصباح سيضيء السطح الداخلي للغرفة ، ولا يضيء السطح الخارجي لها ، فيبني قياسه هذا على الشمس و يريد من هذا الاستدلال أن يفسر ظاهرة طبيعية ، ليفند بها نظريات الغرب حول الكون، ثم يقول : إن الغلاف الجوي يحجب ضوء الشمس كما يحجب الغبار ضوء مصباح السيارة، ويضعف ضوء مصباح السيارة ، كلما ابتعدت ، ويستنتج من ذلك : ان الشمس لابد أن تكون تحت الغلاف الجوي والاً فإن ذرات الغلاف الجوي ستحجب ضوء الشمس ، فلا يصل إلى الأرض ، واعتمادا على ذلك يظن ان الشمس ، والقمر لابد ان يكونا قريبين جدا من الأرض ، بحيث لا يستطيع غبار الأرض أن يحجب ضوءهما. ان هذا المغفل قد اغتر بما فهمته مداركه للظواهر الطبيعة، فأمسى يعتقد انه قد نال ذلك بتفكيره وتدبيره ويحسب نفسه مصدر تنوير ، وإبداع للبشرية.
ان الانسان البدائي يستند في فهمه للظواهر الطبيعية على مداركه ، فهو يعتقد أن مداركه تأتي له بالحقيقة دائما ، وأنت مهما سلحته بالأجهزة التي توسع مداركه عد تلك الاجهزة من صنع الاستعمار العالمي الذي يريد من الإنسان ان يكذب الحقيقة التي تأتي بها مداركهم، ويصدق اجهزتهم الشيطانية وهو اذا شاهدها بالأجهزة عدّ ذلك من أفعال الجن والسحر والعياذ بالله، فهو يريد أن يفهم الظواهر الطبيعية كما فهمها السلف الصالح -رضوان الله عليهم.
إن الانسان الشرقي المتزمت يرفض اي فكرة علمية تأتي من الغرب فهو يظن أن هذه الفكرة لا بد ان يكون وراءها غرض سيء فهو يتصور أن الغرب يريدون أن يجعلوا من المسلمين مشككين في دينهم. فالشرقي المتزمت يفهم القرآن الكريم على الظاهر ، فإذا قرأ الآية (( واذا الأرض سطحت )) يفهم منها أن الأرض مسطحة ، والشمس قرص صغير فوقها يتحرك شرقا وغربا فإذا جاءت نظرية من الغرب تناقض فهمه للقرآن عد ذلك مؤامرة منهم هدفها صد المسلمين عن دينهم وجرهم نحو الكفر والإلحاد فإذا صدق الناس نظريات الغرب أمطروهم بوابل من المواعظ الفارغة والخطب الشعواء يوما بعد يوم.
يعتقد معظم الناس ان لا فرق بين الحرارة ودرجة الحرارة فعندما يسمعونها يتصورون أن الحرارة ودرجة الحرارة سواء والحقيقة ان هناك فرقاً كبيراً بينهما فالحرارة تتعلق بكمية الحرارة الناتجة من مصدر حراري وهي طاقة اما درجة الحرارة هي مقياس للحرارة فلو اوقدت عود ثقاب واحد وقمت بقياس درجة حرارته بجهاز قياس درجة الحرارة، ثم أوقدت عشرة أعواد ثقاب وقمت بقياس درجة حرارتهم بالجهاز نفسه الذي قست به درجة حرارة عود الثقاب الأول، فإنك ستحصل على القيمة نفسها في الحالتين، لكن الفرق يكون في كمية الحرارة الناتجة من عود الثقاب الواحد والاعواد العشرة فكمية الحرارة الناتجة من أعواد الثقاب العشرة تكون أكبر من كمية الحرارة الناتجة من عود الثقاب الواحد. تنتقل الحرارة تلقائيا من الجسم الأكثر حرارة إلى الجسم الأوطأ حرارة ، فإذا تلامس جسمان او اكثر ذوا درجات حرارة مختلفة فإن الحرارة ستنتقل بينهم من الجسم الأعلى حرارة إلى الجسم الأوطأ حرارة في مدة زمنية معينة إلى أن : يصبحوا بالدرجة الحرارية نفسها ، ويصلون الى حالة التوازن الحراري.
يعتقد الكثير من الناس أن الحرارة والبرودة مفهومان مختلفان والحقيقة أنها تسميتان مختلفتان لمفهوم واحد ، فالبرودة هي نقصان في الحرارة ولا يوجد مفهوم في الفيزياء يسمى البرودة ، فنحن لا نقول درجة برودة الثلج بل نقول درجة حرارة الثلج ، وهي تساوي صفر بالمقياس المئوي لدرجة الحرارة . ومن المهازل التي رأيتها في حياتي أن شخصا قال ذات يوم ، وكان الطقس شتاءً بارداً : سبحان الله اذا درجة الحرارة اليوم هي 2 درجة مئوية فيا ترى كم هي درجة البرودة ؟ فهو يتصور أن للبرودة مقياساً خاصاً بها ومختلفاً كلياً عن مقياس درجة الحرارة ، وما درى ان البرودة هو شعور يجعل الإنسان يشعر به الانسان عندما تنخفض درجة الحرارة.
هنالك ثلاث طرق لانتقال الحرارة وهي اولاً : طريقة التوصيل وهذا يحصل عند ملامسة الجسم الصلب لمصدر حرارة ، إذ يؤدي ذلك إلى انتقال الحرارة عند جزيئات الجسم الصلب لمصدر حرارة ؛ حيث يؤدي ذلك إلى انتقال الحرارة عبر جزيئات الجسم الصلب من الطرف الملامس لمصدر الحرارة إلى الطرف الآخر ؛ حيث تهتز جزيئات الطرف الملامس لمصدر الحرارة ، وتتنقل الاهتزازات على الجزيئات المجاورة ، فتنتقل الحرارة إلى كل الجسم تدريجيا كما ان انتقال الحرارة هنا يعتمد على نوع المادة وتختلف سرعة انتقال الحرارة باختلاف المواد ؛ فانتقال الحرارة في الألمنيوم يكون أسرع مما عليه في الرصاص.
والطريقة الثانية لانتقال الحرارة هي تيارات الحمل ، وهي وسيلة تحدث في الموائع نتيجة اختلاف درجة حرارة المادة ، وهو ما يحدث عند تسخين الماء في الوعاء ؛ فعندما يسخن الماء القريب من مصدر الحرارة يكتسب طاقة حركية فيرتفع للأعلى ثم يبرد قليلا ، فينزل للأسفل وتصعد بدلا عنه جزيئات الماء ذات درجة الحرارة الأعلى وهذا ما يسمى بالغليان. والطريقة الثالثة هي : الإشعاع الحراري حيث تنتقل الحرارة فيه على شكل اشعاع كهرومغناطيسي دون الحاجة الى وسط مادي لانتقالها ، ومثال ذلك هو انتقال حرارة الشمس إلى الأرض. وهنالك مبدأ آخر يسمى بالحرارة النوعية ويمكن أن نوضحه بمثال : فلو احتوى اناء على كليو غرام واحد من الماء ، واناء آخر على كيلو غرام واحد من الزئبق ، وسُخّن الإناثان بمصدر حراري بدرجة الحرارة نفسها سنرى أن الزئبق يسخن أكثر من الماء بكثير ؛ فلكل مادة سعة حرارية معينه ، فالسعة الحرارية للماء أكبر من السعة الحرارية للزئبق. كان معظم الفيزيائيين القدماء ، ومنهم العالم الفيزيائي (سيليزيوز) يعتقدون أن الحرارة هي مائع غير مرئي سموه بالسائل السعري وتصوروا ان هذا السائل ينساب من الجسم ذي الدرجة الحرارة الأعلى إلى الجسم ذي الدرجة الحرارة الأوطأ كما ينساب الماء من مستوى أعلى إلى مستوى اوطأ ، ووفق تصورهم فإن انسياب المائع يستمر إلى أن يصبح الجسمان بدرجة حرارة واحدة.
فسر علماء الفيزياء الاوائل الحرارة على أنها تشبه الكتلة فهي كامنة في الأشياء وخاصية من خصائص المادة ، فكما أن كتلة الجسم لا تتغير، فالحرارة كذلك في نظرهم، فإذا انتقلت من جسم أعلى حرارة ، إلى جسم اقل حرارة فإنها تبقى محفوظه قيمتها ، اذا جمعت حرارة الجسمين معا ، وهذا صحيح من حيث المفهوم الفيزيائي للحرارة ، لكنه لا يشابه قانون حفظ الكتلة فالحرارة هي طاقة يمكن ان تتحول من شكل إلى آخر ؛ فالجسم الحار يفقد حرارته اذا وضع في وسط اقل حرارة لان الحرارة كما قلنا تنتقل تلقائيا من الوسط الأكثر حرارة إلى الوسط الأقل حرارة ، لكنها قد تتحول الى طاقة حركية على عكس مفهوم الكتلة التي لا تتغير في الظروف الطبيعية إلى طاقة بدون تدخل قوة خارجية ، كالذي يحصل في الانفجار النووي. هنالك أوجه تشابه بين الحرارة ، والكهرباء من حيث سريانها ، فاذا تلامس جسيمان مختلفان بدرجة الحرارة ، فانها سوف يصلان الى درجة الحرارة نفسها بعد مدة من الزمن ، وإذا تلامس موصلان مختلفان بالجهد فانهما سيصلان الى الجهد نفسه بعد مدة من الزمن. إن الاختلاف الجوهري بين الحرارة ، والكتلة هو أن الحرارة طاقة تتحول من شكل إلى آخر بدون تدخل قوة خارجية في بعض الأشكال منها، أي ان ذلك يحدث عند الظروف الطبيعية، اما الكتلة فهي طاقة لا تتحول من شكل لآخر الا بفعل قوة خارجية. اعتمادا على
وسُخّن الإناثان بمصدر حراري بدرجة الحرارة نفسها سنرى أن الزئبق يسخن أكثر من الماء بكثير فلكل مادة سعة حرارية معينه فالسعة الحرارية للماء أكبر من السعة الحرارية للزئبق. كان معظم الفيزيائيين القدماء ومنهم العالم الفيزيائي (سيليزيوز) يعتقدون أن الحرارة هي مائع غير مرئي سموه بالسائل السعري وتصوروا ان هذا السائل ينساب من الجسم ذي الدرجة الحرارة الأعلى إلى الجسم ذي الدرجة الحرارة الأوطأ كما ينساب الماء من مستوى أعلى إلى مستوى اوطأ، ووفق تصورهم فإن انسياب المائع يستمر إلى أن يصبح الجسمان بدرجة حرارة واحدة.
فسر علماء الفيزياء الاوائل الحرارة على أنها تشبه الكتلة فهي كامنة في الأشياء وخاصية من خصائص المادة ، فكما أن كتلة الجسم لا تتغير، فالحرارة كذلك في نظرهم، فإذا انتقلت من جسم أعلى حرارة ، إلى جسم اقل حرارة فإنها تبقى محفوظه قيمتها ، اذا جمعت حرارة الجسمين معا ، وهذا صحيح من حيث المفهوم الفيزيائي للحرارة ، لكنه لا يشابه قانون حفظ الكتلة فالحرارة هي طاقة يمكن ان تتحول من شكل إلى آخر ؛ فالجسم الحار يفقد حرارته اذا وضع في وسط اقل حرارة لان الحرارة كما قلنا تنتقل تلقائيا من الوسط الأكثر حرارة إلى الوسط الأقل حرارة ، لكنها قد تتحول الى طاقة حركية على عكس مفهوم الكتلة التي لا تتغير في الظروف الطبيعية إلى طاقة بدون تدخل قوة خارجية ، كالذي يحصل في الانفجار النووي. هنالك أوجه تشابه بين الحرارة ، والكهرباء من حيث سريانها ، فاذا تلامس جسيمان مختلفان بدرجة الحرارة ، فانها سوف يصلان الى درجة الحرارة نفسها بعد مدة من الزمن ، وإذا تلامس موصلان مختلفان بالجهد فانهما سيصلان الى الجهد نفسه بعد مدة من الزمن. إن الاختلاف الجوهري بين الحرارة ، والكتلة هو أن الحرارة طاقة تتحول من شكل إلى آخر بدون تدخل قوة خارجية في بعض الأشكال منها، أي ان ذلك يحدث عند الظروف الطبيعية، اما الكتلة فهي طاقة لا تتحول من شكل لآخر الا بفعل قوة خارجية. اعتمادا على مفهوم السيال الحراري الذي كان الفيزيائيون الاوائل يعتقدون به يجب ان يكون للحرارة وزن ، فكما لأي سائل وزن ، فلابد للحرارة من وزن فالجسم الساخن في نظرهم أكثر وزناً من الجسم البارد اذا كان الجسمان متشابهين بالكتلة ، والنوع . ادرك الفيزيائيون الأوائل ان الجسم الساخن ، والجسم البارد المتشابهين بالكتلة ، والنوع لها الوزن نفسه؛ وبذلك قالوا ان السائل الحراري لا وزن ،له وهذا مخالف لقوانين الفيزياء الكلاسيكية ، فالسائل مادة ، ولابد أن يكون له وزن فسرت الكهربائية كما فسرت الحرارة ، فافترضت على انها مائع ينساب من الأعلى جهد الى الموصل الأقل جهداً كما ينساب المائع الحراري من الجسم الأعلى ودرجة حرارة الى الجسم الأقل درجة حرارة ، وفسر المغناطيس أيضا بأن له عند نهاياته منعات مغناطيسيات مختلفة النوع.
ان فكرة السيال ، او المائع الحراري، والمائع الكهربائي، والمائع المغناطيسي ماهي الا محاولات بدائية للفكر البشري لتفسير هذه الظواهر.
لقد أجرى العالم الأمريكي كاونت رمفورد Count Rumford) (1753 - 1814) في عام 1718 تجربة قضى فيها على نظرية السائل الحراري نهائياً ؛ يقول رمفورد : ( وبينما كنت أشرف منذ فترة وجيزة على صناعة المدافع في المصانع الحربية في ميونخ اثار انتباهي درجة الحرارة العالية التي تصل اليها بندقية مصنوعة من البرونز في وقت قصير في أثناء فخرها ، وايضا الحرارة العالية لشظايا المعدن المتطاير منها بواسطة المثقاب، فتساءلت من اين تأتي هذه الحرارة التي تظهر في العملية الميكانيكية ؟ هل تنشأ من شظايا المعدن المنفصلة بواسطة المثقاب؟ اذا كان كذلك فحسب نظرية السائل الحراري يجب ان تتغير الحرارة النوعية ، ويكون التغير كبيراً ، بحيث يسبب كل هذه الحرارة ويسترسل قائلا : أخذت كميتين متساويتين من القطع المتطايرة واخري من نفس المعدن ، ووضعت كلا منهما في وعاء يحتوي على ماء بنفس الكمية من الماء البارد ، فلم ألحظ اي اختلاف في درجة حرارة الماء في الحالتين، فاستنتجت ان الحرارة المتولدة في الشظايا المتطايرة لابد ان تكون ناتجة من الاحتكاك، وبذلك لا يمكن ان تكون الحرارة شيئا ماديا).
ان ملاحظة ومفورد هذه دحضت نظرية السائل الحراري ومهدت الطريق لفهم حقيقة الحرارة، حيث تصور الطبيب ماير ان الحرارة هي طاقة، وقد حقق جول تصور ماير في التجربة، ومن الجدير بالذكر ان أغلب الابحاث الاساسية المتعلقة بطبيعة الحرارة تحققت على ايدي رجال لم يحترفوا علم الفيزياء بل كانوا ينظرون الى علم الطبيعة على انه هواية مفضلة لهم. فالعالم جول الذي صار اسمه يستخدم مقياسًا للطاقة كان يعمل بإنتاج الخمور. وماير كان طبيبا والامريكي رمفورد كان محاسبا. فالحرارة هي ظاهرة فيزيائية تدعو للتأمل بها مما دعا غير الفيزيائيين الى دراستها والتفكر بها.
في السبعينيات من القرن التاسع عشر حقق جول بالتجربة ان الحرارة هي احدى صور الطاقة كما استطاع ان يحول الطاقة الميكانيكية الى طاقة حرارية، واصبحت الطاقة الميكانيكية، والحرارة صورتين من صور الطاقة ويمكن تحويل الصورتين من شكل لآخر من اشكال الطاقة. فالإشعاع الناتج من الشمس هو طاقة، والتيار الكهربائي بما انه يقوم بتسخين السلك المار به او يستطع تدوير عجلة المحرك ، هو طاقة، والفحم يمثل طاقة كيميائية مخزونة على شكل مادة، فما ان يحترق حتى تتحول الطاقة الكيميائية الى طاقة حرارية اذن كل حدث من احداث الطبيعة يمكن للطاقة فيه ان تتحول من شكل الى اخر، اما في حالة نظام معزول عن محيطه باحكام نجد ان الطاقة محفوظة وبذلك تكون خواصها مشابهة لخواص المادة ، ومن ثم صار للطاقة ، والكتلة قانون واحد هو قانون الحفظ ، وهو ان الطاقة، والكتلة محفوظة دائما مهما تحولت من شكل الى آخر. اعتمادا على ذلك اعتبرت طاقة الكون ثابتة لا تتغير وأنها محفوظة لايضيع منها شيء ولا يضاف اليها شيء ، وانها تتحول باستمرار من شكل لأخر، واذا جمعنا الطاقة بعد التحول لوجدنا لها المقدار نفسه قبل التحول. ان الطاقة تشبه المادة من حيث الاحتفاظ بالذات والفرق بينهما هو ان للمادة وزنًا بينما الطاقة لاوزن لها.
ان التكافؤ بين الحرارة والحركة ادى الى صياغة النظرية الحركية بين عامي 1845و 1868 بواسطة عالم الفيزياء البريطاني جون وتستون (John-Watasten (1811- 1883م) بالتعاون مع العالمين كلاسيوس وماكس ويل وعالم الفيزيائي النمساوي لودنج بولتزمان (Ledwing Boltzman ) 19061844م). ان النظرية الحركية للغازات اعطت وصفاً رياضياً لتأثيرات الحرارية بدلالة حركة الجزيئات، واستطاع بولتزمان صياغة قانون التوزيع الطاقي بين الجزيئات المتصادمة مع بعضها، واشتق معادلة اسية تربط معدل الطاقة الكلية للجزيئات مع درجة حرارتها والتي تحتوي على الثابت الشهير وهو ثابت بولتزمان، وصار لهذا الثابت دور مهم في علم الفيزياء الكلاسيكية والكمية.
ان اكتساب الجزيئات حرارة، سوف يؤدي ذلك الى زيادة سرعتها ومن ثم تتحول هذه الطاقة الحرارية الى طاقة حركية للجزيئات، وهذا مفهوم بسيط عن تحول الطاقة من شكل الى اخر.
تمكن العلماء من اسالة الغاز وذلك بخفض درجة حرارته فانخفاض درجة حرارة الجسيم يؤدي الى نقصان حركته، وعلى ذلك يتضح ان حركة جزيء السائل أقل من حركة جزيء الغاز المناظر له ، ومن هذا يتضح ان ظاهرة الحرارة تعطي مفهوماً عاماً للمادة. في عام 1877 نشر بولتزمان معادلته الشهيرة التي تربط بين الانتروبي، والاحتمالية، واستطاع التوصل الى معادلة ستيفان ( Stefan) نظريا ، حيث اثبت نظريا ان الطاقة الكلية التي تشع من مساحة معينة للجسم الاسود في زمن معين تتناسب مع القوة الرابعة لدرجة الحرارة المطلقة ، وسميت هذه المعادلة قانون الأس الرابع.
كما ان للحرارة علاقة وثيقة بالضغط، والضغط هو مقدار القوة العمودية لوحدة المساحة اي هو التأثير الذي تحدثه القوة على سطح ما، ويقاس بوحدة الباسكال، وهي الوحدة المعتمدة في النظام الدولي كما يقاس بوحدة ملي متر زئبق وان هناك انواعاً عديدة من الضغط مثل الضغط الجوي الذي يمثل وزن عمود الهواء على مساحة مقدارها 1 سنتيمتر مربع. اما ضغط الغاز المحبوس في وعاء، فهو القوة التي تسببها عند اصطدام جزيئات الغاز مع جدران الوعاء، وكل ما ازدادت درجة الحرارة ازداد الضغط؛ نتيجةً الزيادة طاقتها الحركية.
وللحرارة علاقة بالحجم ايضا؛ فعندما تزداد درجة الحرارة يزداد الضغط ، وبزيادة الضغط يزداد الحجم، فلو وضعت وعاءً مصنوعاً من البلاستك فيه ماء في الثلاجة ، فعندما يبرد ستراه ينكمش من احد جوانبه؛ والسبب هو ان درجة الحرارة المنخفضة تسبب انخفاضاً بالضغط ، وهذا بدوره يؤدي الى نقصان بالحجم واصبحت لهم علاقة رياضية موحدة تربطهم مع بعض وعندما تزداد حركة الجزيئات نتيجة ازدياد درجة الحرارة، فان سرعتها ستزداد ومن ثم تحتل حيزا اكبر؛ لذلك نرى الجسم يتمدد ويحدث العكس عندما تنخفض درجة الحرارة لذلك فكل المواد مهما كانت حالتها (صلبة، او سائلة ، اوغازية) تتمدد بازدياد درجة الحرارة وتنكمش بانخفاضها لكن ليس بالمعدل نفسه فالغاز اكثر تمددا بازدياد درجة الحرارة ثم يليه السائل ثم الصلب كان الانسان القديم يعتمد على حاسة اللمس في معرفة درجة الحرارة لكن هذا ليس بقياس كمي ولا يمكن ان يعبر عنه : بالأرقام فبدأ الفيزيائييون بالتفكير لتصميم جهاز يقيس درجة الحرارة ويعبر عنها بالأرقام، وأول من بدأ بهذه الخطوة هو غاليليو حيث صمم اول جهاز يقيس درجة الحرارة في عام 1593 وهو جهاز غازي يعتمد على تمدد وتقلص بوصلة الغاز المغمور في عمود الماء واسماه محراراً وكان هذا الجهاز غير دقيق، لأنه لم يأخذ بنظر الاعتبار تأثير الضغط الجوي.
بعد ذلك استطاع غوليوم أمونتونس (Gulluume Amontons)-1663) 1705) تجنب تاثير الضغط الجوي باستبدال الزئبق بالماء حيث ان الزئبق، يتمدد بانتظام اذا تأثر بالحرارة، كما انه يمكن أن يستخدم لمدى واسع من التدريجات. ثم أخذت التطورات تتوالى تدريجيا في تصميم وسائل قياس درجة الحرارة. ففي عام 1717 ابتكر عالم الفيزياء الهولندي الاصل البولندي الولادة دانيال جبريل فهرنهايت ) Daniel Gabriel fahrenheit ) (1736-1686م) اول محرار زئبقي دقيق يستخدم تدريجا خاصا لقياس درجة الحرارة سمي بالتدريج الفهرنهايتي، وما زال هذا المقياس هو المعتمد في انكلترا على الرغم من استبداله مؤخرا بالمئوي في معظم بلدان العالم. استخدم فهرنهايت الكحول في البداية وذلك لأن الكحول يتميز بتمدد ، وتقلص سريعين و كانت أعلى قيمة للتدريج في هذا الجهاز هي درجة غليان الماء حيث تساوي 60 درجة واقل قيمة هي درجة انجماد مخلوط الماء ، والملح ، وكانت تساوي صفراً وفق تدريج هذا الجهاز ، وكانت درجة حرارة الجسم حسب تدریج هذا الجهاز هي 22.5 درجة، ودرجة انجماد الماء 7.5 درجة لكن فهرنهايت واعتمادا على أفكار رومر صمم اول جهاز زجاجي يعمل بالزئبق في عام 1714 ، فكانت درجة حرارة الجسم وفق هذا الجهاز هي 40 درجة، ودرجة خليط الملح ، والثلج 5 درجة ، ودرجة انجماد الماء كانت 30 درجة غير فهرنهايت، التدريج فيما بعد فقسم تدريج المحرار الى 180 قسماً واصبحت درجة تجمد الماء 32 درجة فهرنهايتية ودرجة غليانه 212 درجة فهرنهايتية ان المقياس الرئيس والمعتمد في معظم دول العالم هو المقياس المئوي، او مايسمى السيليزي حيث يحتوي هذا المقياس على تدريج من صفر الى 100 قسم وهو تدريج محصور بين درجة غليان الماء وانجماده واصبحت الدرجة على المقياس المئوي تساوي 9/5 من الدرجة على المقياس الفهرنهايت، اما سلّم درجة الحرارة المطلقة فهو يستخدم في دراسة علم الحرارة، أو الديناميكا الحرارية (Thermodynamics)، وهو سلم معياري لدرجات
الحرارة يستخدم وحدة كلفن (kelvin) حيث تعادل درجة الصفر المطلق 273.5 درجة مئوية ودرجة الصفر المطلق هي أدنى درجة في الكون ، ويتعذر الوصول اليها عملياً لأن ذلك يتطلب قدرا كبيرا من الشغل الحراري لكن تلك الدرجة ممكن تحقيقها نظريا. في عام 1824م طورت المولدات الحرارية فبدأ عالم الفيزياء والمهندس (نيكولاس سادي كارنوت (Nicholus sadi carnot))(1832-1796م) بوضع الاساسيات الفيزيائية لعمل الماكنة البخارية، وتحسين كفاءتها، وقد ادخل مفهوم دورة سميت باسمه (دورة كارنوت)، وبعمله هذا يكون قد أرسى حجر الزاوية للديناميكا الحرارية. فيما بعد صاغ عالم الفيزياء الالماني جليوس روبر مایر lius Robar Mayer مبدأ حفظ الطاقة بصيغة عامة، وحصل على قيمة نظرية لكمية الشغل الذي ينتج من تحول الحرارة، وهو التكافؤ الميكانيكي للحرارة.
اكتشف عالم الفيزياء السويسري بيري بريفست (Pierre preivest)(1751 1839م) ان كل الاجسام تشع حرارة مهما كانت درجة حرارتها بغض النظر عن كون الجسم حاراً او بارداً. حيث اثبت ان الحرارة تنتشر على شكل اشعة بخطوط مستقيمة كما يحصل في انتشار الضوء. وفي عام 1800 اكتشف الموسيقار، وعالم الفلك الالماني ويليم هيرشيت (William Herschet) (1822-1738) ان الاشعاع الشمسي يحتوي على اشعة تحت الحمراء، وفي عام 1862 صاغ كيرشوف مفهوم الجسم الاسود (وهو الجسم الذي يمتص الاشعاع بكل الترددات)، وفي عام 1879 اكتشف عالم الفيزياء النمساوي جوزيف ستيفان (Joseph Stephan (1893-1835، قانون يربط بين كمية الطاقة المنبعثة من الجسم الاسود بدرجة حرارته وقال ان التردد يزداد كلما ارتفعت درجة الحرارة، وهذا: توهج الجسم بلون احمر مصفر، ثم ابيض كلما زادت درجة الحرارة.
تواصلت جهود العلماء في دراسة الجسم الاسود، وفي عام 1893 نشر عالم الفيزياء الالماني ويلهيلم فين Wilhelm Vein)(1928-1864) بحثاً عن الجسم الاسود خلاصته ان الطول الموجي للإشعاع يتناسب عكسيا مع درجة الحرارة المطلقة للجسم عند الطاقة العظمى، وصاغ قانوناً بذلك سمي بقانون فين للإزاحة وينص هذا القانون على ان عند الاطوال الموجية المقابلة تتناسب كثافة الطاقة لإشعاع احادي الطول الموجي في تجويف الجسم الاسود طرديا مع الاس الخامس لدرجة الحرارة المطلقة، لكن تحقق فيما بعد ان هذا القانون لا ينطبق على الاطوال الموجية الطويلة ، بل ينطبق على الاطوال الموجية القصيرة فقط وفي العام نفسه صاغ عالم الفيزياء البريطاني لورد رايلي ( Lord Rayleigh)(1842 1919) قانوناً ينطبق على الاطوال الموجية الكبيرة ، ولا ينطبق على الاطوال الموجية القصيرة واعتمادا على هذا التناقض بين فين ، ورايلي طور ماكس بلانك (Max Plan)(1858 1947) نظرية تصلح لكل مديات الاطوال الموجية ان نتائج نظرية بلانك اسهمت في ظهور النظرية الكمية في عام 1900، وقادت الى استنتاج ان الاشعاع ينبعث بشكل حزم متقطعة من الطاقة وليس بكميات متصلة ، وان هذه الحزم من الطاقة تساوي ثابتا (سمي بثابت بلانك مضروبا بتردد الاشعاع). ان هذه الحزم من الطاقة الاشعاعية هي ما تعرف الان باسم (فوتونات). وحصل تطور اخر في دراسة الحرارة بجهود عدد من العلماء أدى الى صياغة نظرية لدرجة الحرارة تسمى باللغة العربية فيزياء الزمهرير. واعتمادا على تلك النظرية استطاع كل من العالم مول، والعالم كلفن في عام 1952 اكتشاف ظاهرة تستخدم لإنتاج التبريد بواسطة التمدد الاديباتيكي للغاز. وفي عام 1877 طور عالم الفيزياء والكيمياء البريطاني جيمس ديوار Games Dewar) (1923-1842)) هذه الظاهرة وقام بتسييل الغازات في درجة الزمهرير بطريقة علمية كما درس ديوار خواص المادة في درجات الحرارة الواطئة جدا واثبت ان الفراغ يمنع انتقال الحرارة بطريقة التوصيل، او طريقة الحمل.
واسهم عالم الفيزياء الهولندي هيك اونسز (Heck Ounces) (1926-1853) في دراسة خواص المادة تحت درجات الحرارة الواطئة جدا ، وهو اول من سيل غاز الهليوم وعند اكتشاف المواد فائقة التوصيل في عام 1911 قال كلفن كلما اقتربت درجة الحرارة من الصفر المطلق ازدادت المقاومة الكهربائية للمواد، لكن اونسز استطاع عمليا ان يدحض مقولة كلفن، واثبت ان المقاومة الكهربائية للموصل تقل، وتتلاشى كلما اقتربت درجة الحرارة من الصفر المطلق.
الاكثر قراءة في الديناميكا الحرارية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)