
تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء


الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية


الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية


علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت


الفيزياء الحديثة


النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية


الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي


فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد


الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر


علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء


المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة


الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات


الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة


مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى
النسبية الخاصة
المؤلف:
الدكتور مهند البديري
المصدر:
الفيزياء من الخرافة الى الحقيقة
الجزء والصفحة:
ص213
2025-12-22
13
يجب أن نعلم منذ البداية أن كل شيء في حياتنا نسبي؛ فالأذواق والاخلاق والثقافات تختلف من شخص الى آخر ، و من مجتمع الى آخر. انك قد تحب اللون الازرق؛ فتعتقد أن هذا اللون هو أجمل لون في الكون وفي الحقيقة هو أجمل لون بالنسبة لك ، وليس بالضرورة أن يكون أجمل لون بالنسبة لأنسان ،آخر ، فاذا تحججت ، وقلت: لو لم يكن أجمل الألوان أزرقها ما جعله الله لونا للسماوات؛ احتج آخر وقال لو لم يكن أجمل الالوان أخضرها ما جعله الله لونا للنباتات؛ فالانسان بارع في جمع الأدلة ، والبراهين التي تؤيد رأيه، وهو يعتقد ان هذه الأدلة ، والبراهين ممكن يقتنع بها جميع الناس كما اقتنع هو بها، فهو يعتقد خطأ أن أدلته ، وبراهينه ثابتة ومطلقة.
إن الانسان المعتنق عقيدة معينة يعتقد أن عقيدته هي خير عقيدة في الدنيا كلها، وهو يتعجب، ويتساءل لماذا لايؤمن الآخرون بما يؤمن به؟ إن عقيدته قد تكون ساذجة، لكنها في نظره مقدسة مصونة.
إن الكثير من الناس ورثوا عقائدهم من آبائهم ولم يعتنقوها بإرادتهم ، ويظنون ان عقيدتهم هذه هي الحق المطلق، ويريدون من الناس جميعا اعتناقها. إن كل طائفة في العالم تعتقد ان عقيدتها هي العقيدة الصحيحة وعقائد الاخرين باطلة حتى تلك الأقوام البدائية التي تقوم بالطقوس السخيفة تؤمن أن عقيدتها هي الاصح ، ويجب على كل الناس اعتناقها ، ولذلك نرى أن كل طائفة من الطوائف الإسلامية ، وغير الإسلامية تسمي نفسها (الفرقة الناجية).
لا يوجد في الكون مقياس ثابت ومطلق يمكن أن نقيس به الامور، فما هو حسن في نظرك قد يكون قبيحًا في نظر الآخرين. قد تشاهد فيلما ، أو تقرأ كتابا ، فيعجبك لكن من السذاجة أن تعتقد أنه سيعجب جميع الناس اننا كثيرا ما نجد في مواقع التواصل الاجتماعي منشورات تافهة لا معنى لها ، لكن الناشر المسكين أعجب بها واستحسنها ويظن أن الآخرين لابد أن يستحسنوها حالما يرونها وهو عندما يرى التعليقات المؤيدة له يعتقد اعتقادا جازما انها اعجبتهم، ولا يدري أن تلك التعليقات تأتي مجاملة له ، وهذه عادة اعتاد عليها الناس في حياتهم الاجتماعية.
وغالبا ما نرى الخصام ينشأ بين الازواج ؛ بسبب وجهات نظرهم المختلفة ، فالزوجة اذا استحسنت شيئًا تريد من زوجها أن يستحسنه أيضًا ، ولا تراعي الأمور النسبية في وجهات النظر ، وغالبا ما ينتهي أمرهم الى الانفصال دون أن يقفوا لحظة ليتبنوا الحالة الطبيعية في المقاييس النسبية. إن الاذواق نسبية ايضا، وهذا واقع يجب على الناس الاعتراف به ، لكن للأسف نجد الكثير من الناس يتخاصمون من اجل هذا الاختلاف إن أغلب الاختلافات بين البشر ناشئة من وجهات النظر المختلفة و كثيرا ما يؤدي ذلك الى السب، والقذف بينهم أو العراك احيانًا، والانسان المثقف هو الذي يتقبل الراي المخالف لرأيه ، ويقابله بالاحترام. فوجهة نظر الانسان تحكمها الرغبات والميول؛ فالفتاة عندما تنظر الى فتاة أخرى غالبًا ما تنظر الى حياكة فستانها، وتسريحة شعرها، والرجل عندما ينظر الى الفتاة غالبًا ما ينظر الى جمالها ، ومفاتنها، فكل إنسان ينظر الى الجانب الذي يميل اليه. ان الانسان عندما يعجب بشخص؛ يجعل منه إنها يعبد، وكثيرا ما ينظر إلى مساوئه على أنها محاسن.
تعتبر الثقافة أمراً نسبياً تختلف من بلد الى آخر، وهي أيضا تختلف داخل البلد الواحد منطقة الى أخرى ، و لا توجد ثقافة واحدة يسلكها الناس جميعا ان الثقافة هي مركب يشتمل على المعرفة والفنون والقيم والعادات والتقاليد التي يكتسبها الانسان من بيئته التي ينشأ فيها، كما انها تتغير، وتتطور من جيل الى آخر، وكثيرا ما يساهم العامل الاقتصادي، والديني، والجغرافي في هذا التطور ان الثقافة هي موروث اجتماعي، والانسان لا يستطيع ان يتخلص من موروثه الاجتماعي دفعة واحدة، فاذا انتقل من بلد الى اخر، حاول ان يجري في سلوكه على نمط يلائم ثقافة ذلك البلد ، اذ يتقمص آنذاك شخصية غير الشخصية التي اعتاد عليها في مجتمعه، وغالبا ما يعاني من الجهد ، والتكلف في ذلك من اجل ان لا يكون موضع سخرية لهم، فهو يتقمص شخصيتين، فتارة يتقمص شخصية مستر كريس ، وتارة شخصية الحاج عباس، وعندما يستمر على التناوب بين هاتين الشخصيتين غالبًا ما يضيع المشيتين - كما يقول المثل الدارج.....
في بداية عهدي في الحياة البريطانية جلست مع زملاء لي أجانب في فترة استراحة الغداء، وكان قسم من الحديث يدور حول الطرائف والنكات ، وكانوا يأتون بالنكت التافهة ويضحكون عليها من أعماق قلوبهم ،اما انا فكنت أضحك . مجاملة لهم، فقررت أن معهم احكي لهم نكتة عربية ، وظننت أنهم (سيموتون من الضحك ، وأنهم سوف يطلبون مني أن أعيدها عليهم مرة بعد مرة ، فتحدثت لهم بالنكتة ، وانا أرنو ببصري خلسة نحوهم لأرى مدى تأثير نكتني فيهم فلم أحصل الا على ضحكات باردة مجاملة لي. ان من البلاهة أن نظن انتا اذا استحسنا شيئا ، فلابد للآخرين أن يستحسنوه ، ويعجبوا به ؛ فالأذواق والثقافات نسبية تختلف من مجتمع لآخر ، و لولا تعدد الاذواق لبارت السلع – كما جاء في الأثر. وهذا الأمر ينسحب أيضا على تراثنا الادبي، فلو ترجمنا أدب المتنبي الى اللغات الأخرى ، فسوف لا نحصل الا على اللامبالاة، إنه في نظرنا جميل جدا، لكنه في نظر المجتمعات الاخرى سخيف جدا لكننا بقينا مئات السنين مغرورين ومعجبين به ، و نريد من الآخرين أن يعجبوا به ، فإذا وجدناهم لا يكترثون له هتفنا قائلين: " حسبنا اننا عرب ". إن النكتة التي تحدثت بها لزملائي الأجانب جميلة بالنسبة لنا، لكنها طبيعية بالنسبة لهم ، ولا داعي للضحك عليها ؛ والسبب ناشئ من اختلاف الثقافة من بلد إلى آخر.....
أردت أن أبين مما ذكرت هو ان النسبية لا تقتصر على المفاهيم الفيزيائية فقط ؛ فهي موجودة في كل مفاصل الحياة. ليس من الغريب أن يختلف الناس في أذواقهم وثقافاتهم واخلاقهم، لكن الغريب هو ان يتفقوا في ذلك ، وكل انسان له منظار خاص ينظر الى الأشياء من خلاله وهذا المنظار مؤلف من المعتقدات والقيم والتقاليد الاجتماعية التي نشأ عليها ومن غير الطبيعي ان يكون الجميع الناس منظار واحد لا يختلف من شخص الى اخر او من مجتمع الى اخر. ان المجتمع الذي يكون متفقاً في كل شيء هو مجتمع مريض يجب أن يعالج؛ فالحالة الطبيعية للمجتمع هي الاختلاف لا الاتفاق. لندخل الآن الى الفيزياء، ونرى كيف تكون الأمور نسبية. لم تلق نظرية في الفيزياء من الرواج، والانتشار مثلما لقيت نظرية النسبية، وحتى الذين هم غير متخصصين في الفيزياء يتشوقون لمعرفتها؛ ولذلك كثرت الكتب والمقالات حولها ؛ والسبب في ذلك يعود الى ما جاءت به من أفكار يخالف ما ألفه الانسان في حياته.
يروى أن اينشتاين عندما قدم نظرية النسبية الى كلية العلوم في جامعة بيرن، رفضتها الكلية، وكتب له عميد الكلية البروفيسور فيلهيم ها بنريتش: (عزيزي السيد اينشتاين: طلب الدكتوراه الخاص بك لم يكتب له النجاح هذه المرة، وهذا ما يجعلك غير مؤهل لنيل منصب أستاذ مشارك رغم أنك طرحت نظرية مثيرة للاهتمام نشرت في النشرة الدورية للفيزياء، الا اننا نشعر بأن استنتاجاتك المتعلقة بطبيعة الضوء والارتباط المهم بين المكان والزمان هي متطرفة نوعا ما، بشكل اجمالي نحن نجد أن افتراضاتك تنتمي للفن أكثر من كونها تنتمي للفيزياء الحقيقية). هذه الرسالة كُتبت قبل أن تقلب النظرية علم الفيزياء رأسًا على عقب. إن النسبية تعني قياس شيء نسبة الى شيء آخر فمثلا لو أن يوما من الايام جاء ابنك من المدرسة، وأخبرك ان درجته في الامتحان 45 فأكيد ستسأله من كم؟ فاذا قال لك من 50 اعتبرت الدرجة جيدة ، واذا قال لك من 100 اعتبرت الدرجة سيئة ، معنى هذا انك استخدمت مقياسًا معياريًا تقيس الدرجة على أساسه.
تستند نظرية النسبية الى ثلاثة اسس ثابتة وهي اولا لا يوجد شيء مطلق، وثابت؛ فلازمان مطلق ولا مكان مطلق أي لا توجد محاور مرجعية ثابتة ، ومعيارية نستطيع ان نقيس على اساسها كل شيء. ثانيا أن للضوء سرعة ثابتة، وهي: الثابت والمطلق الوحيد في الكون فسرعة الضوء هي نفسها بالنسبة للمتحرك والساكن، وثالثا: لا توجد سرعة اكبر من سرعة الضوء، ولا يمكن أن يصل الجسم الى سرعة الضوء، أو أكبر من سرعة الضوء. ان ثبات سرعة الضوء تجعل من الزمان والمكان متغيرين، فلو كنت راكباً سيارة تسير بسرعة 1متر بالثانية، ورميت كرة بسرعة 1 متر بالثانية باتجاه سرعة السيارة؛ فستكون سرعة الكرة 1 متر بالثانية بالنسبة لك اما بالنسبة لشخص واقف على الطريق فستكون سرعة الكرة هي 2 متر بالثانية أي سرعة الكرة مضافا لها سرعة السيارة. اما لو استبدلت بالكرة فوتونا ضوئيا وأطلقته بسرعة 1 متر بالثانية على سبيل الفرض فسرعة الفوتون بالنسبة لك وانت راكب في السيارة ستكون 1 متر بالثانية، وبالنسبة للشخص الواقف على الطريق ستكون 1 متر بالثانية أيضا. معنى هذا ان سرعة الفوتون تبقى ثابتة بالنسبة لك، وبالنسبة للشخص الواقف، وان المسافة والزمن يتغيران تغيرا بحيث يجعلان سرع عة الفوتون ثابتة، ونفسها بالنسبة لك، وبالنسبة للشخص الواقف، فالثانية عند الشخص الواقف تمددت وأصبحت أطول من الثانية عندك، والمتر عندك اختلف في طوله عن المتر عند الشخص الواقف بحيث ان هذين الاختلافين جعلا سرعة الفوتون هي نفسها عندك، وعند الشخص الثابت. بعد ما كان الانسان قبل ظهور نظرية النسبية يعتبر السرعة ثابتة، ولا تختلف في القياس من شخص ثابت الى شخص متحرك أصبح بعد نظرية النسبية ينظر الى السرع بمنظار مختلف عن السابق، وهو لا يستغرب ما يقيسه وفق هذا المنظار الجديد؛ اذا فهم قوانين نظرية النسبية، بل صار يعتبر ان هذا المنظار هو اقرب للروح العلمية مما عليه سابقا ؛ ما دامت نظرية النسبية تعلل ذلك تعليلا علميا مقبولا مبنياً على قوانين رياضية لا تقبل الخطأ. اصبح الاختلاف في السرعة من شخص لآخر امرا اعتيادياً و مألوفا ، ومفهوما لا يختلف فيه اثنان ؛ وذلك حين رآها اقرب الى المنطق العلمي منه الى المنطق التقليدي السابق الذي يعتبر ان الحركة مستقلة عن محيطها.
لنأتِ الآن على مثال يوضح اختلاف السرع تبعا لاختلاف الملاحظين، فاذا كنت تقود سيارتك بسرعة 90 كيلومتر بالساعة ، وكان صديقك يقود سيارته بسرعة 60 كيلومتر بالساعة ، وكان لكما صديق ثالث واقف على الطريق ويستطيع ان يقيس سيارتيكما معا بجهاز خاص وفي الطريق وفي أثناء سيركما اتصلت بصديقك الذي يقود سيارته بسرعة 60 كيلومتر بالساعة واتصلت أيضا بصديقك الواقف على الطريق وقلت لهما كم سرعة سيارتي فستحصل على اجابتين مختلفتين وكلتاهما صحيحة، فسيقول لك صديقك المتحرك انك تسير بسرعة 30 كيلومتر بالساعة ، وسيقول لك صديقك الواقف انك تسير بسرعة 90 كيلومتر بالساعة ، فكل شخص يقيس سرعتك بالنسبة له ، و ينبغي ان لا تستغرب من الاجابتين المتناقضتين فكل منهما يقيس ابتعادك عنه فالشخص المتحرك سيقيس سرعة سيارتك منقوصا منها سرعة سيارته والشخص الثابت يقيس سرعة سيارتك منقوصا منها سرعته التي تساوي صفرا.
ان هذا العلم هو الذي ينبغي ان نستضيء به ونفهم الامور وفق هذا المقياس النسبي. ان سرعتك هذه هي التي اعطت مقدارين مختلفين وهي ايضا غير حقيقية وغير مطلقة. انها حقيقية بالنسبة للشخص المتحرك بسرعة 60 كيلومتر بالساعة وبالنسبة للشخص الثابت لكنها لا تكون حقيقية بالنسبة الى شخص يعيش على كوكب آخر؛ فسرعتك بالنسبة الى كوكب اخر يجب أن يضاف اليها سرعة الارض ، وسرعة الكوكب الذي يعيش عليه الشخص اننا نستطيع ان نقيس سرعة الأرض بالنسبة للشمس أما إذا أردنا أن نعرف سرعتها بالنسبة لمركز المجرة فعلينا ان نجمع سرعة الارض مع سرعة الشمس والامر يتعقد اكثر اذا اردنا ان نقيس سرعة الارض بالنسبة الى مجرة اخرى فهنا تدخل سرعة الارض وسرعة الشمس ، و سرعة المنظومة الشمسية ، و سرعة المجرة أيضا. خلاصة الأمر هو انه لا يوجد مكان في الكون نستطيع من خلاله قياس سرعة الجسم المتحرك في الكون؛ فالسرع مختلفة في قياساتها من مكان الى اخر ، فلو كان بإمكانك أن تضع أشخاصا موزعين في أماكن مختلفة من الكون ، فكل شخص سوف يعطيك قيمة لسرعتك مختلفة عن الآخر ، وكل القيم صحيحة ، فكل شخص يقيس سرعتك بالنسبة له سواء كنت مقتربا منه ، أو مبتعدا ، ويجدر بك أن تصدق هذه القيم المختلفة إذا كنت تتبع الطريقة العلمية وفق نظرية النسبية، فالأفكار القديمة حول قياس السرع لا تأخذ بنظر الاعتبار حركة الجسم الذي يقيس السرع اذ تعتبره ثابتا ، وهذه الافكار اثبتت خطأها نظرية النسبية و الشيء الوحيد الذي لا تنطبق عليه هذه القياسات النسبية هو سرعة الضوء فالضوء ثابت في سرعته في اي مكان في الكون ولا يأخذ سرعة الشخص الذي يقيسه بنظر الاعتبار، فالضوء يسير بالسرعة نفسها للشخص المتحرك والثابت أي انك اذا كنت منطلقاً بمركبة فضائية تسير بسرعة الف كيلو متر في الثانية، وتمت قياس الضوء المنبعث من مصباح مركبتك الفضائية ستجده 300 الف كيلو بالثانية ، واذا قاسه شخص ثابت في مكان ما سيجده 300 الف كيلومتر في الثانية ايضا فإضافة وطرح السرعات لا تنطبق على سرعة الضوء، فسرعة الضوء هي الثابت الوحيد و المطلق في الكون وكل ما عداه نسبي. اما اذا اردنا معرفة السرعة الحقيقية لأي جسم متحرك يجب علينا ان نرصده من مكان ثابت في الكون ومن المستحيل أن نجد مكانا ثابتا في الكون؛ فالحركة هي الأصل في الكون أما السكون فلا وجود له، فأنت الان ربما جالس لكنك متحرك مع حركة الأرض حول نفسها، وحول الشمس، ومتحرك مع حركة المنظومة الشمسية في داخل مجرة درب التبانة، ومتحرك أيضا مع حركة المجرة فمنذ بدء قراءتك للفصل الى الآن تكون تحركت مئات الأميال، إضافة الى ذلك فأنت متحرك في بعد الزمن فأنت تتحرك في خط الزمن ثانية بعد ثانية كما تتحرك في البعد المكاني مترًا بعد متر، انك في تحركك في بعد الزمن كالشخص الراكب في القطار المتحرك فاذا لم يشعر بحركة القطار ونظر من نافذة القطار الى الأشجار والمباني على جانبي الطريق سيرى ان الأشجار والمباني وكأنها هي التي تتحرك، أنك تتصور ان الزمن هو الذي يمر عليك كما تمر الأشجار والمباني على راكب القطار المتحرك. اننا نعيش في الوهم، ونتصوره حقيقة ، والسبب هو عدم شعورنا بالحركة في البعد الزمني. فالزمن هو بعد رابع يضاف الى الابعاد المكانية الثلاثة كما بينا ذلك انفا في فصل المكان، والزمان، وهذا يعد من الغرائب التي جاءت به نظرية النسبية فكل جسم يتحرك في أربعة ابعاد وهي الأبعاد المكانية الثلاثة مضافا اليها بعد الزمن.
إن الانسان يعجز عن تخيل عالم ذي أربعة ابعاد مهما تعمق في التفكير فيه وقد يمرض مرضاً يصعب شفاؤه ؛ نتيجة التفكير، ومن طريف ما يروى أن امرأة جميلة سألت اينشتاين ذات يوم قائلة: ( كيف يمكن لك أن تتخيل الفضاء بأربعة أبعاد فأنا لا أستطيع أن أتخيله الا بثلاثة أبعاد)، فقال لها اينشتاين ( أنتِ مخطئة ياسيدتي، فأنا الآن لا أتخيل الفضاء الا ببعد واحد وهو المسافة التي بيني وبينك).
يقول البروفيسور (جينو): (تصور مثلا نوعا من الديدان العمياء لا تتعدى مداركها الحسية سطح الأرض ذي البعدين فهي ترى الأرض تبتل بالماء بين آونة وأخرى فنحن الذين نستطيع أن ندرك البعد الثالث نعلل ذلك البلل بسقوط المطر من السحاب ونقدر أحيانا أن نتنبأ عن الأجزاء التي سينالها المطر من الأرض والتي ستبقى جافة منها. أما تلك الديدان العمياء التي لا تحس بالبعد الثالث فهي غير قادرة طبعا على تحري الأسباب التي تجعل اجزاء معينة من الأرض مبتلة وأجزاء أخرى جافة. ان علماء الديدان وحدهم قد يقدرون أن يحسبوا شيئا من ذلك بمساعدة جداول الاحتمالات التي يضعونها). إننا في هذا الكون لا نرى حقيقته الكاملة، بل نرى ظل الكون، فنحن لا نرى سوى ظل مكون من ثلاث أبعاد لأجسام مكونة من أربعة أبعاد، ونحن في ذلك أشبه بالذي ينظر الى ظل جسم مكون من بعدين، بينما هو في حقيقته مكون من ثلاثة أبعاد.
إن الزمن من الأمور النسبية ؛ فهو لا يجري في كل الكون بالتساوي بل يختلف من مكان الى اخر تبعا لاختلاف السرع. فالزمن على الارض يختلف عن الزمن على كوكب آخر من حيث القياس اننا نقيس الزمن على الأرض بالثانية، والدقيقة ، والساعة ، أو نقيسه باليوم ومضاعفاته كالشهر ، والسنة، واليوم هو دوران الأرض حول نفسها دورة واحدة ، و استنادا الى ذلك قسمنا اليوم الى ساعات ودقائق وثواني و السنة هي دوران الأرض حول الشمس دورة واحده ، و قسمناها الى 365.25 يوم لكن هذا اليوم، وهذه السنة هو يوم ارضي وسنة ارضية أي انها بالنسبة الى كوكب الارض، لكن يوم كوكب المشتري يختلف عن يوم كوكب الأرض من حيث القياس فهو يعادل عشرة ساعات أرضية أي ان المشتري يكمل دورة واحدة حول نفسه في عشر ساعات من ساعات كوكب الارض، اما السنة فهي الزمن الذي يستغرقه الكوكب ليكمل دورة واحدة حول الشمس وهي تختلف من كوكب الى اخر تبعا لسرعة الكوكب حول الشمس وبعده او قربه عنها، فالسنة على كوكب بلوتو تعادل 248 سنة من سنين الأرض اي ان الأرض تدور 248 مرة حول الشمس في حين ان كوكب بلوتو يكمل دورة واحدة اما على كوكب عطارد فالسنة فيه تعادل ثلاثة اشهر من اشهر الارض فاذا سافر شخص الى كوكب عطارد ، واتصلت به بعد سنة ، وقلت له: كم مضى على بقائك على كوكب عطارد، سيقول لك: مضى على بقائي أربع سنوات ؛ ذلك لأن كوكب عطارد قد دار حول الشمس اربع دورات في حين ان كوكب الارض أكمل دورة واحدة ، وهكذا الزمن يختلف من كوكب الى آخر ومن مجرّة الى أخرى فلو علق أحدنا في زاوية ثابتة من زوايا الكون، واستطاع أن يتفرج على الكون كما يتفرج على لاعبي كرة القدم في ملعب، لعلم أن لكل مكان في الكون زمنه الخاص به.
تقول نظرية النسبية أن الزمن مرتبط بالحركة ، فالزمن الذي يقيسه الشخص المتحرك يختلف عن الزمن الذي يقيسه الشخص الثابت ، وكلما زادت سرعة الجسم تباطأ زمنه ، اي ان ميل ساعته يتحرك ابطأ من ميل ساعة الشخص الثابت وكلما زادت سرعة الشخص تباطاً زمنه ، واصبحت حركة ميل ساعته ابطأ. ان هذا غير محسوس في السرع الواطئة فالشخص الذي يتحرك بسرعة 100 كيلو متر في الساعة يتباطأ زمنه بمقدار جزء واحد من مليار جزء من الثانية نسبة الى شخص ،ثابت لكن هذا الشيء يصبح واضحا عند السرع العالية التي تقترب من سرعة الضوء ؛ فالشخص المنطلق في مركبة فضائية تسير بسرعة 90% من سرعة الضوء، وبقي يجوب الفضاء سنة كاملة من سنين الارض وفق ما يقيسه هو داخل مركبته الفضائية فستمر على الأرض سبع سنوات ذلك لأن زمنه تباطأ وهو منطلق داخل المركبة بهذه السرعة بمعدلات كبيرة نتيجة سرعته العالية ولنأت بالمثال الشهير في هذا الصدد ، وهو مفارقة التوأم فاذا كان هناك توأمان على الأرض عمر كل منهما عشرون سنة وسافر احدهما على متن مركبة فضائية تسير بسرعة تعادل 99.99% من سرع رعة الضوء ، وبقي سنة واحدة يجوب الفضاء حسب مقياس الزمن في داخل المركبة فعندما يعود الى الارض سيجد أن أخاه بلغ من العمر اربعين عاما بينما هو يكون عمره واحدا وعشرين عاما ؛ والسبب في ذلك هو ان زمن الشخص المسافر على متن المركبة الفضائية تباطأ ، وتباطأ معه كل شيء من نمو خلية جسمه وتنفسه وعمليات الهضم في امعائه وحركته ، وحتى تفكيره ، ولذلك فهو لا يشعر في هذا التباطؤ طالما كل شيء تباطأ معه بنسبة ثابتة، ان عدم شعور هذا الشخص بهذا التباطؤ هو امر طبيعي، ذلك الانسان يقدر سرعة حركة الاشياء من حوله طبقا لإحساسه ، وتفكيره ، وبما ان احساسه وتفكيره تباطأ بنفس النسبة لذلك فهو لايشعر بالتباطؤ؛ فلو لمس جسما ساخنًا وهو في المركبة الفضائية فزمن وصول احساسه بحرارة الجسم الساخن الى دماغه قد يستغرق ثانية لكن هذه الثانية هي وفق ما تقيسه ساعة يده ، وهو في المركبة الفضائية، والتي تختلف عن الثانية التي تقيسها ساعة شخص يعيش على كوكب الأرض ، فثانيته تعادل ملايين الثواني التي تقيسها الساعة على الارض .
إن الإنسان يعتقد أن ساعته الأرضية هي ساعة كونية فإذا وضعتها في أي جزء من أجزاء الكون قاست الزمن بالمعدلات نفسها التي تقيسها على الأرض، ولا يدري أنها تتسارع وتتباطأ حسب السرعة والمكان إذا اخبرته بخطأ اعتقاده وقلت له انها الساعة تتباطأ عقاربها بازدياد السرعة استغرب وأنكر.
إن الانسان لا يشعر بتغير الاشياء الا إذا قاسها بالنسبة لشي اخر افرض مثلا إنك استيقظت صباحا وكان جسمك قد كبر في الحجم بمقدار عشرة اضعاف ، وبيتك زاد في الحجم بمقدار عشرة اضعاف ، واشجار حديقتك زادت في الحجم بمقدار عشرة اضعاف وسيارتك ، والشارع والمباني من حولها كلها زادت في الحجم بمقدار عشرة اضعاف ؛ فإنك سوف لا تشعر بهذه الزيادة في الحجم ؛ طالما ان كل شيء من حولك قد زاد بنفس المقدار. ان التؤام الذي عاد الى الارض بعد ان بقي في الفضاء سنة كاملة من الطبيعي ان يستغرب ، ويقول لأخيه اني لم ابق في المركبة الفضائية اكثر من سنة فلماذا كبرت بمقدار 20 سنة ، اما اخوه الذي بقى على كوكب الارض ، فانه سوف يستغرب بدوره ، ويقول لأخيه المسافر قد مضى على فراقك عشرون عاما ان التوأم الذي انطلق بالمركبة الفضائية قد سافر الى مستقبل الأرض؛ وبذلك هو يكسب من العمر ، ويبقى محافظا على شبابه ان الانسان الذي يسافر بسرعة تساوي سرعة الضوء ، وهذا مستحيل حسب اسس النظرية النسبية ؛ فان الزمن سيتوقف تماما وفي هذه الحالة يصل الانسان الى الأبدية ، أو الخلود اما إذا زادت سرعته فان الزمن سيكون بالسالب اي ان الانسان سيعود الى الماضي ، ولو أمكن ذلك لاستطاع أينشتاين ان يعود ثلاثين سنة الى الماضي ليقتل هتلر ؛ وبذلك يخلص العالم في المستقبل من حروبه الحارة والباردة.
اننا إذا سرنا بسرعة أكبر من سرعة الضوء يمكننا رؤية أحداث الماضي، وسنرى الحوادث بترتيب عكسي لنظام صدورها إذ اننا سنلحق بالموجات المرسلة حديثاً ثم المرسلة قبلها ، وهكذا. وستظهر أمامنا سلسلة الأحداث التي وقعت على سطح الأرض كصور فلم سينمائي بدأ من نهايته إلى أوله.
ان التسارع والتباطؤ في الزمن يدخل في الحالة النفسية للإنسان؛ فانت عندما تجلس مع انسان تحبه ، وتأنس به تشعر ان الساعات تمر وكأنها دقائق ، اما اذا جلست مع انسان ثقيل الظل تشعر ان الدقائق تمر وكأنها ساعات وغالبا ما تحاول ان تشعره بذلك بقيامك ببعض الحركات التي توحي اليه بذلك مثلا قيامك بالنظر الى ساعتك باستمرار، او قيامك ببعض الحركات التي تبين له بعدم ارتياحك للجلوس معه، إن هذا الامر تشعر به عندما تتابع مباراة لكرة القدم فاذا كان فريقك متأخراً وبقيت دقائق معدودة على انتهاء المباراة تشعر ان هذه الدقائق المتبقية على انتهاء المباراة تمر وكأنها ثواني أما اذا كان فريقك متقدماً وبقي على انتهاء المباراة دقائق قليلة تشعر وكأن هذه الدقائق تمر وكأنها ساعات، لكن هذا الشعور مرتبط بالحالة النفسية للإنسان لا على قوانين النسبية في الزمن ولعل الانسان هو زمكان بحد ذاته. ان الماضي والحاضر والمستقبل هي من الامور النسبية ايضا ، فما هو ماضي بالنسبة لمكان ما في الارض قد يكون حاضراً بالنسبة لكوكب اخر، وما هو حاضر بالنسبة لنا قد يكون مستقبلاً بالنسبة لكوكب آخر ، ويعتمد ذلك على بعد الكوكب عن الارض فنحن الآن نعيش في العام 1442 هجري فاذا كان هناك كوكب يبعد عنا 1442 سنة ضوئية (والسنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة كاملة ) ، وكان هناك كائنات حية ذكية تعيش على ذلك الكوكب ، وتستطيع أن تنظر الى الارض بواسطة تلسكوب عالي الدقة في يوم 1 محرم والذي يعتبر اليوم الذي هاجر به النبي واصحابه من مكة الى المدينة، فانهم سوف لا يشاهدوننا كما نحن اليوم بل سيشاهدون النبي واصحابه وهم يهاجرون من مكة الى المدينة؛ والسبب في ذلك هو ان الضوء الذي يعتبر هو الناقل للأحداث يحتاج 1442 سنة حتى يصل اليهم ، وإذا أرادوا ان ينظروا الينا كما نحن الان عليهم ان ينتظروا 1442 سنة. إن الضوء القادم من الشمس يحتاج الى ثماني دقائق للوصول الينا، فاذا شاهدنا الشمس ، وهي تشرق للتو، فهي في الحقيقة قد اشرقت قبل ثماني دقائق ، وإذا شاهدناها قد غربت للتو، فهي في الحقيقة قد غربت قبل ثماني دقائق، ولتوضيح ذلك افترض ان سرعة الضوء 1 متر بالدقيقة، فإنك اذا دخلت الى مكان معين، وفيه اشخاص جالسون فيه ، و وقفت في مكان يبعد عنهم عشرة أمتار؛ فانهم سوف لا يرونك لحظة دخولك عليهم بل سيرونك بعد مرور عشر دقائق، وكل حركة تقوم بها سيرونها بعد مضي عشرة دقائق، ذلك لأن الضوء الصادر من جسمك يستغرق عشر دقائق للوصول الى أعينهم. فهم يرون ماضيك ، ويعتبرونه حاضرا بالنسبة لهم، ويكون مستقبلاً بالنسبة الى اشخاص يجلسون خلفهم بمسافة عشرة أمتار ، او اقل، أو أكثر.
اننا حين ننظر الى السماء ليلا فأننا نرى ماضي السماء ، لا حاضرها، ولا لحظتها الانية ؛ ذلك لان الضوء القادم من النجوم يستغرق عشرات أو الآلاف أو ملايين السنين لكي يصل الينا تبعا لبعدها عنا ، فالنجم الذي يبعد عنا خمسين ألف سنة ضوئية فعندما نراه في السماء ، فأننا نراه كما هو قبل خمسين ألف سنة اي اننا ننظر الى ماضيه فهو قد يكون الان انفجر ،او تحول الى ثقب اسود لكننا لا نرى انفجاره لحظة حدوثه ؛ وذلك لان الضوء الصادر من الانفجار يحتاج الى خمسين ألف سنة كي يصل البنا.
إن الماضي والحاضر والمستقبل امور نسبية ايضا في حياتنا اليومية، فنحن عندما نمشي على الأرض لا نعرف ما سيواجهنا في نهاية الطريق لكن كابتن الطائرة التي تسير فوقنا
يستطيع أن يعرف ماذا سنشاهد في نهاية الطريق؟ ، ومن ثم فهو يعرف مستقبلنا. وفي الكلام أيضا يكون الماضي والحاضر والمستقبل أموراً نسبية، فمثلا عندما تلفظ كلمة (قلم) فعندما تلفظ حرف القاف يكون حرف اللام والميم مستقبلاً اما القاف لحظه لفظك له فهو حاضر بالنسبة لك، وعندما تصل الى حرف اللام يكون حرف القاف ماضياً وحرف اللام حاضراً وحرف الميم مستقبلاً.
تقول النظرية النسبية ان الطول يتغير مع السرعة؛ فهو ينكمش، او يقصر بزيادة السرعة، وهذا الانكماش في الطول لا نشعر به في حياتنا اليومية ؛ ذلك لان السرع ضئيلة جدا بالنسبة الى سرعة الضوء ، فمثلا السيارة التي تسير بسرعة 100 كم في الساعة يتقلص طولها بمقدار قطر البروتون ( 14-10 متر ) وهذا الانكماش في الطول من المستحيل قياسه ؛الصغره لكن الامر يكون محسوما عندما تقترب سرعة الجسم من سرعة الضوء؛ فالجسم الذي يساوي طوله سبعة أمتار ويسير بسرعة 90% من سرعة الضوء سيكون طوله 4 أمتار، اما اذا بلغ سرعة الضوء عند ذلك سيكون طوله يساوي صفرًا لكن هناك ملاحظة يجب أن نقف عندها وهي أن الانكماش في الطول يكون بالنسبة لشخص ثابت ، أي أنه اذا استطاع شخص واقف على الارض ان يقيس الجسم المتحرك بسرعة %90% من سرعة الضوء سيجد ان طوله هو 4 متر ، أي ان القياس يكون في أثناء حركة الجسم ، وليس في أثناء وقوفه.
تقول نظرية النسبية: إن الكتلة تتزايد مع تزايد السرعة ؛ فالكتلة في النظرية النسبية متغيرة وليست ثابتة كما تقول الفيزياء الكلاسيكية ؛ فكلما زادت السرعة زادت الكتلة ، فاذا بلغ الجسم سرعة الضوء ، وهذا مستحيل حسب اسس النظرية النسبية؛ ستكون كتلته لانهائية ويكون طوله صفرًا. كانت الفيزياء قبل النظرية النسبية تفرق بين الكتلة والطاقة وجاءت النظرية النسبية وألغت الفرق بين الكتلة والطاقة، فالكتلة طاقة والطاقة كتلة، وصاغت قانوناً رياضياً يربطهما معا.
اننا قد تستغرب من هذه المفاهيم، والمشكلة كامنة في عقولنا ، لا في المفاهيم ؛ فعقولنا قد تأطرت باطار المألوفات التي اعتدنا عليها، وان عقولنا لا تنمو الا بحدود هذا الاطار؛ لذلك نحن ننكر ونستغرب أي شيء لا يدخل ضمن هذا الاطار، ونعده مستحيلا ، ومما يزيد من سمك ذلك الاطار هو قبوعنا في بيئة لا نفارقها ذهنيا، فنحن لا نكسر ذلك الاطار ولا نريد ان نكسره ، وحجتنا في ذلك هو اننا نخالف المنطق ، وليتنا نعلم ان المنطق الذي ننجح فيه هو صنيعة من صنائع مألوفاتنا، والنادر منا من استطاع ان يكسر ذلك الاطار ، ويتحرر من قيوده الذهنية مثل أينشتاين ، وقليلين. اننا نفهم الاشياء استنادا الى المقاييس، والمعلومات التي نشأنا عليها ، ومن الصعب ان نفهم الأشياء على أساس غير مألوف. اننا نشاهد الزمن يجري في معدلات متساوية في حياتنا اليومية ، ومن المستحيل ان نشعر بالتغيير الطفيف في الزمن؛ فدفعنا ذلك الى الاعتقاد بأن الزمن يجري بمعدلات ثابتة في كل جزء من اجزاء الكون. فالكثير من الناس يعتقدون ان الساعة اليدوية هي ساعة كونية تقيس الزمن بنفس المعدل في كل مكان في الكون.
ذُهل العلماء عندما وضعوا ساعة ذرية في مركبة فضائية تسير بسرعة هائلة ، ووجدوها قد أبطأت بزمنها عن الساعة الذرية الموجودة على الأرض بنفس المعدل الذي تنبأت به قوانین اینشتاين في النسبية ؛ حيث كانوا يعتقدون سابقا ان الزمن ثابت ويجري بالتساوي ولا يختلف باختلاف السرعة ؛ فهم كانوا يفهمون الزمن حسبما فهمه نيوتن ،وذُهلوا ايضا عندما وجدوا كتلة البروتون المتسارع في المعجلات الذرية تزداد بنفس المعدل الذي تنبأت به قوانين أينشتاين، وتقلص طوله أيضا.
صار لقوانين أينشتاين تطبيقات عدة بعدما وثق العلماء من صحتها، ومن جملة التطبيقات لها هو الجي بي اس. لم يحصل أينشتاين على جائزة نوبل على هذه النظرية ؛ اذ كانت مخالفة تماما للفيزياء القديمة ، والتي جاء بها نيوتن ، وعدوها مفاهيم غريبة وغير معقولة ومن المستحيل أن تطبق على أرض الواقع، لكن اينشتاين كان هادئا مطمئنا الى نظريته ، ولسان حاله يقول: سياتي اليوم الذي ستكونون فيه مؤمنين بهذه النظرية، صاغ أينشتاين نظريته بالقلم والورقة، فصار لهذه الورقة والقلم أكبر تكنولوجيا في العالم فعد اينشتاين أكبر عبقري في التأريخ و أنه نبي غير مرسل.
ان الكثير من الناس اليوم تقدر اينشتاين من غير أن يعرفوا عن نظريته شيئًا؛ اذ إن الصدى الإعلامي الكبير حول هذه النظرية جعلت الناس قديما وحديثا متأثرين بصاحبها، ومقدسين له.
ويمكن القول ان غموض نظرية النسبية أسبغ عليها شيئا من الروعة والقداسة لدى عامة الناس، وهي قد تفقد روعتها وقدسيتها اذا فهمها الناس ، وتفلسفوا فيها.
الاكثر قراءة في النظرية النسبية الخاصة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة
الآخبار الصحية

قسم الشؤون الفكرية يصدر كتاباً يوثق تاريخ السدانة في العتبة العباسية المقدسة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)