كلام الشيخ عبد الكريم الجيليّ حول الإنسان الكامل
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج5/ص78-77
2025-12-18
37
يقول الشيخ عبد الكريم الجيليّ في كتاب «الإنسان الكامل»: «اعلم أنّ (الإنسان) هو نسخة الحقّ تعالى كما أخبر صلّى الله عليه وآله وسلّم حيث قال: "خَلَقَ اللهُ آدَمَ على صُورَةِ الرَّحْمَنِ" وفي حديث آخر: "خَلَقَ اللهُ آدَمَ على صُورَتِهِ."
وذلك أنّ الله تعالى حَيّ عليمٌ قادِرٌ مُريدٌ سَمِيعٌ بَصيرٌ مُتَكلِّمٌ، وكذلك الإنسان حيّ عليم إلخ، [إلى آخر الصفات]. ثمّ يقابل الهويّة بالهويّة، والأنيّة بالأنيّة، والذات بالذات، والكلّ بالكلّ، والشمول بالشمول، والخصوص بالخصوص. وله مقابلة اخرى يقابل الحقّ بحقائقه الذاتيّة.
واعلم أنّ الإنسان الكامل هو الذي يستحقّ الأسماء الذاتيّة والصفات الإلهيّة استحقاق الأصالة والملك بحكم المقتضى الذاتيّ، فإنّه المعبّر عن حقيقته بتلك العبارات والمشار إلى لطيفته بتلك الإشارات ليس لها مستند في الوجود إلّا الإنسان الكامل. فمثاله للحقّ مثال المرآة التي لا يرى الشخص صورته إلّا فيها، وإلّا فلا يمكنه أن يرى صورة نفسه إلّا بمرآة الاسم: الله، فهو مرآته والإنسان الكامل أيضاً مرآة الحقّ؛ فإنّ الحقّ تعالى أوجب على نفسه أن لا ترى أسماؤه وصفاته إلّا في الإنسان الكامل، وهذا معنى قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ والْأَرْضِ والْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وأَشْفَقْنَ مِنْها وحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا}.[1]
يعني قد ظلم نفسه بأن أنزلها من تلك الدرجة جهولًا بمقداره، لأنه محلّ الأمانة الإلهيّة وهو لا يدري.
إلى أن يقول: ولِلإنْسَانِ الْكَامِلِ تَمَكُّنٌ مِنْ مَنْعِ الْخَوَاطِرِ عَنْ نَفْسِهِ جَليلِهَا ودَقِيقِهَا؛ ثُمَّ أنّ تَصَرُّفَهُ في الأشْيَاءِ لَا عَنِ اتِّصَافٍ ولَا عَنْ آلَةٍ ولَا عَنِ اسْمٍ ولَا عَنْ رَسْمٍ؛ بَلْ كَمَا يَتَصَرَّفُ أحَدُنَا في كَلَامِهِ وأكْلِهِ وشُرْبِهِ- الخ.[2]
[1] الآية 72، من السورة 33: الأحزاب.
[2] «الإنسان الكامل» ج 2 طبع مطبعة الأزْهر في مصر، سنة 1316 هـ، ص 48.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة