طوائف من روايات أمير المؤمنين في أنّه هو المراد بالشاهد
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص145-149
2025-12-11
50
روايات جمّة اثرت عن أمير المؤمنين عليه السلام نفسه. وتقسم هذه الروايات إلى أقسام من حيث المضمون:
الأوّل: روايات جاء فيها استشهاد الإمام بالآية المذكورة فقط. فقد روى ابن شهرآشوب عن الحافظ أبي نعيم الإصفهانيّ، عن ابن عبّاس بثلاثة طرق، أنّه قال: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: قَوْلُ الله تعالى: {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ} رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآلِهِ وسَلَّمَ على بَيِّنَةٍ وأنَا الشَّاهِدُ[1].
ونقل الشيخ سليمان القندوزيّ مثل هذه الرواية عن الحموينيّ في «فرائد السمطين» عن ابن عبّاس، وعن زاذان، عن أمير المؤمنين عليه السلام[2]. وكذلك عن الحموينيّ بإسناده عن جابر بن عبد الله وبإسناده الآخر عن البُختريّ، وكلاهما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام[3]. وروي أيضاً عن أبي نعيم الإصفهانيّ، والثعلبيّ، والواقديّ بأسانيدهم عن ابن عبّاس، وزاذان، وجابر، وكلّهم رووا عن أمير المؤمنين عليه السلام[4]. ونقل العلّامة الطباطبائيّ مدّ ظله ذلك عن «تفسير البرهان» عن ابن مردويه، عن أمير المؤمنين عليه السلام[5]. ورواه السيوطيّ عن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم في كتاب «معرفة الصحابة»[6]، وعن ابن مردويه، وابن ساكر[7]، أيضاً، عن أمير المؤمنين عليه السلام. ورواه الحاكم الحسكانيّ بسند واحد عن عبّاد بن عبد الله[8]، وبسند ثان عن عبّاد بن عبد الله أيضاً[9]، وبسند ثالث عن الحارث، عن أمير المؤمنين عليه السلام[10].
الثاني: روايات يقول فيها الإمام: لو ثنّيت لي وسادة، فأجلست عليها لحكمت بين جميع أهل الأديان السماويّة بكتبهم، وفي تضاعيف كلامه ذكر نزول الآية المشار إليها فيه. روى الحموينيّ في «فرائد السمطين» بسلسلة سنده عن زاذان أنّه قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: "وَالذي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ لَوْ كُسِرَتْ لِي وسَادَةٌ (يَقُولُ ثُنِّيَت) فَأجْلِسْتُ عَلَيْهَا لَحَكَمْتُ بَيْنَ أهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَوْرَاتِهِمْ، وبَيْنَ أهْلِ الإنْجِيلِ بِإنْجِيلِهِمْ، وبَيْنَ أهْلَ الزَّبُورِ بِزَبُورِهِمْ، وبَيْنَ أهْلِ الْفُرقَانِ بِفُرْقَانِهِم. والذي فَلَقَ الْحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ مَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمَواسِي إلّا وأنَا أعْرِفُ آيةً تَسُوقُهُ إلى جَنَّةٍ أوْ تَسُوقُهُ إلى نَارٍ"، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: فَأنْتَ أيِّشْ[11] نَزَلَ فِيكَ؟ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيهِ السَّلَامُ "أفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ منْ رَّبِّهِ ويَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ» فَرَسُولُ اللهِ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ على بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ويَتلُوهُ أنَا شَاهِدٌ مِنْهُ"[12].
وروى مثل هذه الرواية: الثعلبيّ في تفسيره أيضاً عن زاذان، عن الإمام[13]، ومحمّد بن الحسن الصفّار في «بصائر الدرجات» عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين[14]، والعلّامة الطباطبائيّ عن «بصائر الدرجات»[15]، والحاكم الحسكانيّ بسندين، أحدهما عن فرات بن إبراهيم الكوفيّ بسنده عن حبيب بن يسار[16]، ورواه الطبريّ بإسناده عن جابر بن عبد الله، عن أمير المؤمنين عليه السلام[17].
والرواية التي تتكفّل ببيان مواصفات كلام الإمام بشكل خاصّ، وبنحو مفصّل، هي التي رواها الحموينيّ بسلسلة سنده عن أبي المؤيّد موفّق بن أحمد المكّيّ بسلسلة سنده عن طريق العامّة عن نوح بن قيس، عن الأعمش، عن عمر بن مُرّة، عن أبي البُختريّ قَال: رَأيْتُ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ عَلِيّاً عَلَيهِ السَّلَامُ صَعِدَ الْمِنْبَرَ بالْكُوفَةَ عَلَيْهِ مِدْرَعَةٌ كَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ مُتَقَلِّداً بِسَيْفِ رَسُولِ اللهِ مُتَعَمِّماً بِعِمَامَةِ رَسُولِ اللهِ وفي إصْبَعِةِ خَاتَمُ رَسُولِ اللهِ فَقَعَدَ عَلَيهِ السَّلَامُ على الْمِنْبَرِ وكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ وقَالَ "اسْألُونِي مِنْ قَبْلِ أنْ تَفْقِدُونِي فَأنّ مَا بَيْنَ الْجَوانِحِ مِنِّي عِلْمٌ جَمٌّ، هَذَا سَفَطُ الْعِلْمِ هَذَا لُعَابُ رَسولِ اللهِ، هَذَا مَا زَقَّني رَسُولُ اللهِ زَقّاً مِنْ غَيْرِ وَحيٍ أوحِيَ إلَيّ فَوَ اللهِ لَوْ ثُنِّيَتْ لِيَ الْوِسَادَةُ فَجَلَسْتُ عَلَيْهَا لأفْتَيْتُ لأهْلِ التَّوْرَاةِ بِتَورَاتِهِمْ ولأهْلِ الإنْجِيلِ بِإنْجِيلِهِمْ حتى يُنْطِقَ اللهُ التَّورَاةَ والإنْجِيلَ فَتَقُولُ: صَدَقَ عَلِيّ، قَدْ أفْتَاكُمْ بِمَا انْزِلَ فِيّ؛ {وَأنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أفَلَا تَعْقِلُونَ} ويَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ[18].
الثالث: روايات اثرت عن الإمام في شأن نزول الآية، ليس فيها عبارة لو ثنّيت لي الوسادة، بل قال الإمام فقط: ما من رجل من قريش جرت عليه المواسي إلّا وأنا أعرف آية تسوقه إلى جنّة أو تسوقه إلى نار، فقام إليه ابن الكوّاء فقال: وما انزل فيك؟ ولا يذكر اسمه في أغلب هذه الروايات بل يقول: قام إليه رجل وسأله، ويقرأ الإمام قوله تعالى: {أَ فَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ} ويفسّره بأنّ المراد من صاحب البيّنة رسول الله، والشاهد هو نفسه، ويقول في بعضها: والله لأن تعلمون ما خصّنا الله به أهل البيت أحبّ إليّ ممّا على الأرض من ذهبة حمراء أو فضّة بيضاء.
ومن هذه الروايات رواية رواها ابن المغازليّ الشافعيّ بسنده عن عبّاد بن عبد الله، قال: سَمِعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ: "مَا نَزَلَتْ آيَةٌ في كِتَابِ الله جَلّ وعَزّ إلّا وقَدْ عَلِمْتُ متى نَزَلَتْ وفِيمَ انْزِلَتْ، ومَا مِنْ قُرَيْشٍ رَجُلٌ إلّا قَدْ نَزَلَتْ فِيهِ آيةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ تَسُوقُهُ إلى جَنَّةٍ أوْ نَارٍ". فَقَامَ إلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أميرَ الْمُؤمِنِينَ فَمَا نَزَلَتْ فِيكَ؟ فَقَالَ: لَوْ لَا أنّكَ سَألْتَنِي على رُؤوُسِ الْمَلاء مَا حَدَّثْتُكَ! أمّا تَقْرَا: {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ}؟ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ {عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ} وأنَا الشَّاهِدُ مِنْهُ، أتْلُوهُ وأتَّبِعُهُ واللهِ لأنْ تَعْلَمُونَ مَا خَصَّنَا اللهُ عَزَّ وجَلَّ بِهِ أهْلَ الْبَيْتِ أحَبُّ إلَيّ مِمّا على الأرْضِ مِنْ ذَهَبَةٍ حَمْرَاءَ أوْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ"[19].
[1] تفسير «الميزان» ج 10، ص 201.
[2] «ينابيع المودّة» الباب 26، ص 99.
[5] تفسير «الميزان» ج 10، ص 201.
[6] «الدرّ المنثور» ج 3، ص 324.
[7] «الدرّ المنثور» ج 3، ص 324.
[8] «شواهد التنزيل» ج 1، ص 275.
[9] «شواهد التنزيل»، ص 276.
[10] «شواهد التنزيل»، ص 278.
[12] «غاية المرام» ص 359، الحديث الرابع نقلًا عن «فرائد السمطين».
[13] «غاية المرام» ص 360، الحديث التاسع.
[14] «غاية المرام» ص 361، الحديث الثالث.
[15] تفسير «الميزان» ج 10، ص 200.
[16] «شواهد التنزيل» ج 1، ص 280.
[17] «غاية المرام» ص 360، الحديث العاشر.
[18] «غاية المرام» ص 295، الحديث السادس.
[19] «مناقب» ابن المغازليّ، الحديث 318، ص 270.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة