مولد إبراهيم بن النبي "ص"
المؤلف:
هاشم معروف الحسني
المصدر:
سيرة المصطفى "ص"
الجزء والصفحة:
ص616-618
2025-12-08
18
وقيل في نهاية السنة الثامنة ولدت له مارية القبطية ولده إبراهيم فقد روى الطبري واليعقوبي انه ولد في ذي الحجة من السنة الثامنة ولما بشره به أبو رافع وهب له مملوكا واستبشر به وسماه إبراهيم تيمنا بصاحب هذا الاسم جد الأنبياء وجاءه جبرائيل وقال له : السلام عليك يا أبا إبراهيم وتمنت كل مرضعة من نساء الأنصار ان تتولى ارضاعه ، ولكن النبي ( ص ) سلمه إلى أم بردة بنت المنذر بن يزيد من نساء بني النجار .
وأضاف اليعقوبي إلى ذلك ما رواه الزهري عن عروة عن عائشة انها قالت دخل علي رسول اللّه ومعه ابنه إبراهيم يحمله فقال انظري إلى شبهه بي ، قالت عائشة أراه يشبهها ، فقال لها : أما ترين بياضه ولحمه ، فقالت من قصر عليه اللقاح ابيض وسمن .
لقد أراد النبي ( ص ) بقوله بياضه ولحمه ان يدفع افتراءها على زوجته مارية القبطية ويؤكد لها انه لا يشبه أحدا سواه ، ولكنها لم تتراجع عن موقفها بالرغم من أن إثارة هذه الشبهة حول زوجته تسيء إليه وتعرضها للعقوبة التي فرضها الاسلام فقالت من قصر عليه اللقاح ابيض وسمن .
وقيل إن الآية من سورة النور إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ نزلت فيمن اتهم مارية حيث إنها اتهمتها بابن خالتها جبير كما ذكرنا خلال حديثنا عما ورد من اتهام عائشة بصفوان بن المعطل السلمي بعد رجوع النبي من غزوة بني المصطلق ، كما قيل إن الآية إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ نزلت بهذه المناسبة كما ذكرنا من قبل .
وكانت تستبد بها الغيرة في كثير من الأحيان فتتفق هي وحفصة ومن يلوذ إليهما من نسائه فيطلبن من النفقة ما لا يستطيع حتى آذينه بغيرتهن وطلباتهن فأنكر أبو بكر وعمر بن الخطاب على ابنتيهما هذا الموقف من رسول اللّه وبهذه المناسبة نزلت الآية :
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها فَتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَمِيلًا . وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ( الأحزاب 28 - 29 ) .
وصادف انه دخل مرة على زوجته زينب بنت جحش ، وفي رواية ثانية على أمّ سلمة وتأخر عندها فلعبت الغيرة في نفوس زوجاته ، قالت عائشة كما جاء في الرواية عنها فاتفقت انا وحفصة ان دخل عليها ان نقول له اني أجد ريح مغافير ، والمغافير نبت كريه الرائحة والنبي لا يحب الرائحة الكريهة ، فدخل على عائشة ، فقالت له اني أجد ريح مغافير ، فقال لها لقد شربت عسلا عند زينب ولن أعود إليه ، ثم دخل على حفصة فقالت له ذلك أيضا فأجابها بما أجاب به عائشة .
وجاء في رواية ثانية ان أكثر نسائه تواطأن مع عائشة على أن يقلن له ذلك فحرمه على نفسه[1] ، وحدث حفصة حديثا وامرها ان لا تنقله لأحد ، وقيل حدث به عائشة فنقلته لأبيها أو إلى رفيقتها كما في رواية ثانية إلى كثير من التصرفات التي كانت تبدر منهن بين الحين والآخر ، فاعتزلهن النبي شهرا كاملا ، وشاع بين المسلمين ان النبي ( ص ) قد طلق زوجاته ، وبلغ الحال به ان خطب المسلمين يوما وكان مما قال : من هاهنا تخرج الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان قالها ثلاثا وأشار بيده إلى بيت عائشة على حد تعبير البخاري في صحيحه ج 2 ص 189 .
وقد انزل اللّه عليه بهذه المناسبات الآيات التالية :
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ . وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ . فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ . إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ . عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْواجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانِتاتٍ تائِباتٍ عابِداتٍ سائِحاتٍ ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً ( التحريم 1 - 5 ) .
وقيل إن النبي ( ص ) حرم مارية على نفسه وذلك بعد ان وجدته حفصة معها في يومها فحرمها على نفسه واوصاها ان تكتم ذلك ، كما أخبرها بأن أبا بكر وعمر سيملكان من بعده فعاهدته على أن لا تخبر أحدا بذلك ، ولما فارقها أخبرت عائشة ، وقيل إن ذلك وقع مع عائشة فأخبرت هي حفصة بما عاهدت النبي عليه إلى غير ذلك مما جاء في كتب التفسير حول أسباب نزول هذه الآيات .
[1] وتبدو على هذه الرواية دلائل الكذب والوضع لأنها تصور النبي وكأنه آلة بيد نسائه يتصرفن به كما يردن وهو ارفع واجل من أن يكون بهذا المستوى كما تؤكد ذلك مواقفه معهن في مختلف المناسبات .
الاكثر قراءة في زوجاته واولاده
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة