قال ابن وهبان والفتّاك عن جماعة: مضينا مع أمير المؤمنين عليه السلام فوصلنا إلى غابة فإذا أسد بارك في الطريق وأشباله خلفه. قال جُوَيْريَةَ بن مسهّر: فلوّيت بدابّتي لأرجع، فقال الإمام: إلى أين؟ أقدم يا جويرية، أنّما هو كلب الله ثمّ قرأ قوله تعالى: {ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ}. فإذا قد أقبل نحوه، وتبصبص بذنبه وهو يقول: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أمير المؤمنِينَ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ يا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ. فَقَالَ الإمامُ: "وَعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أبَا الْحَارِثِ، مَا تَسْبِيحَكَ؟" فَقَالَ: سُبْحَانَ مَنْ ألْبَسَنِي الْمَهَابَةَ وقَذَفَ في قُلُوبِ عِبَادِهِ مِنّي الْمَخَافَةَ[1].
وقال الإمام الباقر عليه السلام: "قال أمير المؤمنين عليه السلام لجويرية بن مسهّر وقد عزم على الخروج: إمّا أنّه سيعرض لك في طريقك الأسد. قال: فما الحيلة؟ فقال: تقرئه السلام، وتخبره أنّي أعطيتك منه الأمان. فبينما جويرية يسير إذ أقبل نحوه أسد، فقال: يا أبا الحارث، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام يقرئك السلام وأنّه قد أمّنني منك. قال: فولّي وهمهم خمساً. فلمّا رجع، حكي ذلك لأمير المؤمنين، فقال عليه السلام فأنّه قال لك فاقر أوصيّ محمّد منّي السلام وعَقَدَ بيده خمساً"[2].
قال عمرو بن حمزة العلويّ في كتاب «فضائل الكوفة» أنّه كان أمير المؤمنين عليه السلام ذات يومٍ في محراب جامع الكوفة، إذ قام بين يديه رجل للوضوء، فمضى نحو رحبة الكوفة يتوضّأ فإذا أفعى قد لقيه في طريقه ليلتقمه، فهرب من بين يديه إلى أمير المؤمنين، فحدّثه بما لحقه في طريقه. فنهض أمير المؤمنين حتى وقف على باب الثقب الذي فيه الأفعى، فأخذ سيفه وتركه في باب الثقب، وقال: إن كنت معجزة مثل عصا موسى فاخرج الأفعى. فما كان إلّا ساعة حتى خرج يسارّه ثمّ رفع رأسه إلى الأعرابيّ وقال: "أنّك ظننت أنّي رابع أربعة لمّا قمت بين يدي؟ فقال: هو صحيح، ثمّ لطم على رأسه وأسلم"[3].
قال عمّار بن ياسر وجابر بن عبد الله الأنصاريّ، كلًّا على حدة: كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام في البريّة، فرأيته قد عدل عن الطريق فتبعته فرأيته ينظر إلى السماء ثمّ تبسّم ضاحكاً، فقال: أحسنت أيّها الطير إذ صفرت (ونجوت من الصيد) بفضله. فقلت له: مولاي، أين الطير؟ فقال: في الهواء، تحبّ أن تراه وتسمع كلامه؟ فقلت: نعم يا مولاي. فنظر إلى السماء ودعا بدعاء خفيّ، فإذا الطير يهوي إلى الأرض، فسقط على يد أمير المؤمنين. فمسح الإمام يده على ظهره، فقال: "انطق بإذن الله أنا عليّ بن أبي طالب. فأنطق الله الطير بلسان عربيّ مبين، فقال: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أميرَ الْمُؤمِنِينَ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ. فردّ عليه، وقال له: من أين مطعمك وشربك في هذه الفلاة القفراء التي لا نبات فيها ولا ماء؟ فقال: يا مولاي إذا جعت ذكرت ولايتكم أهل البيت فأشبع، وإذا عطشت أتبرّأ من أعدائكم فأروى. فقال الإمام: بورك فيك، بورك فيك، وطارت مثل قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ}[4]
ونقل محمّد بن وهبان الأزديّ الديبليّ في «معجزات النبوّة» ضمن خبر في أمير المؤمنين أنّه «عبر في السماء خيط من الإوّز طائراً على رأس أمير المؤمنين فصرصرن وصرخن، فقال أمير المؤمنين لأصحابه: قد سلّمن عليّ وعليكم، فتغامز أهل النفاق بينهم. فقال أمير المؤمنين: يا قنبر ناد بأعلى صوتك أيّها الإوّز أجيبوا أمير المؤمنين وأخا رسول ربّ العالمين. فنادى قنبر بذلك فإذا الطير ترفرف على رأس أمير المؤمنين. فقال: قل لها انزلن، فلمّا قال لها، رأيت الإوّز وقد ضربت بصدورها إلى الأرض حتى صارت في صحن المسجد على أرض واحدة. فجعل أمير المؤمنين يخاطبها بلغة لا نعرفها، وهنّ يلززن بأعناقهنّ إليه ويصرصرن. ثمّ قال لهنّ: انطقن بإذن الله العزيز الجبّار، قال: فإذا هنّ ينطقن بلسان عربيّ مبين: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أميرَ الْمُؤمِنِينَ وخَليفَةَ رَبِّ الْعَالَمِينَ- الخبر. وهذا كقوله تعالى (في داود عليه السلام): {يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ والطَّيْرَ وأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[5].
وجاء في «علل الشرائع» عن على بن حاتم القزوينيّ بإسناده عن الأعمش، عن إبراهيم بن عليّ بن أبي طالب: «أنّ أميرَ المُؤْمِنينَ عَلَيهِ السَّلامُ خرج ذات يوم فوقف على الفرات، وقال: يا هناش، فأطلع الجرّيّ رأسه (نوع من السمك تسمّيه العرب: الحَنكَلَيس، وثعبان الماء). فقال له عليّ عليه السلام: "من أنت؟ قال: أنا من امّة بني إسرائيل، عُرِضَتْ عليّ ولايتكم، فلم أقبلها، فمُسخت جرّيّاً"[6].
قال ابن شهر آشوب: روى أبو بكر بن مردويه في «المناقب» وأبو إسحاق الثعلبيّ في تفسيره، وأبو عبد الله بن منده في كتاب «المعرفة» وأبو عبد الله النطنزيّ في كتاب «الخصائص»، والخطيب في «الأربعين» وأبو أحمد الجرجانيّ في «تاريخ جرجان» ردّ الشمس لعليّ عليه السلام ولأبي بكر الورّاق كتاب طرق من روى ردّ الشمس، ولأبي عبد الله الجعل مصنّف في جواز ردّ الشمس، ولأبي القاسم الحسكانيّ مسألة في تصحيح ردّ الشمس وترغيم النواصب الشُّمُس، ولأبي الحسن بن شاذان كتاب بيان ردّ الشمس على أمير المؤمنين عليه السلام، وذكر أبو بكر الشيرازيّ في كتابه بالإسناد عن شعبة، عن قَتادة، عن الحسن البصريّ، عن امّ هاني هذا الحديث مستوفي، ثمّ قال: قال الحسن البصريّ عقيب هذا الخبر: وأنزل الله عزّ وجلّ آيتين في ذلك: (الاولى): قوله تعالى: {وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ والنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً}[7] وأنزل أيضاً (الثانية قوله تعالى): {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ ويُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ}[8]. وذكر أنّ الشمس رُدّت عليه مراراً. الذي رواه سلمان، ويوم البساط، ويوم الخندق، ويوم حنين، ويوم خيبر، ويوم قرقيساء[9]، ويوم براثا، ويوم الغاضريّة، ويوم النهروان، ويوم بيعة الرضوان، ويوم صفّين، وفي النجف، وفي بني مازر، وبوادي العقيق، وبعد احُد.
وروى الكلينيّ في «الكافي» أنّها رجعت بمسجد الفضيخ في المدينة. وأمّا المعروف مرّتان (الاولى): في حياة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بكراع الغميم، و(الثانية): بعد وفاته، ببابل.
فأمّا في حال حياته عليه السلام ما روت امّ سلمة، وأسماء بنت عُمَيس، وجابر (بن عبد الله) الأنصاريّ، وأبو ذرّ (الغفاريّ)، وابن عبّاس و(أبو سعيد) الخُدريّ، وأبو هريرة، و(الإمام) الصادق عليه السلام: "أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم صلّى بكراع الْغَميم؛ فلمّا سلّم نزل عليه الوحي. وجاء عليّ (بن أبي طالب) عليه السلام، وهو على ذلك الحال، فأسنده إلى ظهره، فلم يزل على تلك الحال حتى غابت الشمس والقرآن ينزل على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. فلمّا تمّ الوحي، قال: يا عليّ! صلّيتَ؟ قال: لا، وقصّ عليه. فقال: ادع ليردّ الله عليك الشمس. فسأل الله، فردّت عليه بيضاء نقيّة".
وفي رواية أبي جعفر الطحاويّ: أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: "اللهُمّ أنّ عليّاً كان في طاعتك، وطاعة رسولك فأردد عليه الشمس، فردّت، فقام عليّ عليه السلام وصلّى. فلمّا فرغ من صلاته وقعت الشمس وبدر [ت] الكواكب".
وفي رواية أبي بكر مَهرويه: «قالت أسماء: أمَا والله لقد سمعنا لها عند غروبها صريراً كصرير المنشار في الخشب». قال (أبو بكر مهرويه): وذلك بالضهْيَاء[10] في غزاة خيبر. وروي أنّه صلّى أيماءً. فلمّا ردّت الشمس بأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أعاد الصلاة[11].
وسُئل الصاحب بن عبّاد أن ينشد في ذلك فأنشأ:
لَا تُقْبَلُ التَّوبَةُ مِنْ تَائِب *** إلّا بِحُبِّ ابْنِ أبي طالِبِ
أخي رَسُولِ اللهِ بَلْ صِهْرِهِ *** وَالصِّهْرُ لا يُعْدَلُ بِالصّاحِبِ
يَا قَوْمِ مَنْ مِثْلُ عَلِيّ وقَدْ *** رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ مِنْ غَائِبِ[12]
وأنشد الحِمْيَرِيّ يقول:
فَلَمّا قَضَى وَحْيُ النَّبِيّ دَعا لَهُ *** وَلَمْ يَكُ صَلَّى الْعَصْرَ والشَّمْسُ تَنْزِعُ
فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدَ غُرُوبِهِا *** فَصَارَ لَهَا في أوَّلِ اللَّيْلِ مَطْلَعُ[13]
[وأمّا المرّة الثانية فهي] بعد وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم. ما روى جويرية بن مسهّر، وأبو رافع، والحُسين بن على عليهما السلام: «أنّ أمير المؤمنين لمّا عبر الفرات ببابل، صلّى بنفسه في طائفة معه العصر، ثمّ لم يفرغ الناس من عبورهم حتى غربت الشمس وفاتت صلاة العصر الجمهور. فتكلّموا في ذلك، فسأل الله تعالى ردّ الشمس عليه، فردّها عليه، فكانت في الافق، فلمّا سلّم القوم، غابت، فسُمع لها وجيب شديد هال الناس ذلك وأكثروا التهليل والتسبيح والتكبير». ومسجد ردّ الشمس بالصاعديّة من أرض بابل شائع ذائع.
وعن ابن عبّاس بطرق كثيرة أنّه لم تردّ الشمس إلّا لسليمان وصيّ داود؛ وليوشع (بن نون) وصيّ موسى؛ ولعليّ بن أبي طالب وصيّ محمّد صلوات الله عليهم أجمعين[14].
يقول السيّد الحِميريّ:
رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَمَّا فَاتَهُ *** وَقْتُ الصَّلاةِ وقَدْ دَنَتْ لِلْمَغْرِبِ
حتى تَبَلَّجَ نُورُهَا في أُفقِهَا *** لِلْعَصْرِ ثُمَّ هَوَتْ هُوِيّ الْكْوكَبِ
وَعَلَيْهِ قَدْ رُدَّتْ بِبَابِلَ مَرَّةً *** اخرى ومَا رُدَّدتْ لِخَلْقٍ مُعْرَبِ
إلّا لِيُوشَعَ أوْ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ *** وَلِرَدِّهَا تَأوِيلُ أمْرٍ مُعجِبِ[15]
وله أيضاً:
عَلِيّ عَلَيْهِ رُدَّتِ الشَّمْسُ مَرَّةً *** بِطَيْبَهَ يَوْمَ الْوَحْي بَعْدَ مُغَيَّبِ
وَرُدَّتْ لَهُ اخرى بِبَابِلَ بَعْدَ *** مَا أفَتْ[16] وتَدَلَّتْ عَيْنُهَا لِغُرُوبِ[17]
وأنشد ابن حمّاد يقول:
وَرُدَّتْ لَكَ الشَّمْسُ في بَابِلَ *** فَسَامَيْتَ يُوشَعَ لَمّا سَمَي
وَيَعْقُوبُ مَا كَانَ أسْبَاطُهُ *** كَنَجْلَيْكَ سِبْطَيْ نَبِيّ الْهُدَى[18]
وله أيضاً:
قَرَنَ الإلَهُ وِلَاءَهُ بِوِلَائِهِ *** لَمّا تَزَكّي وهوَ حانٍ يَرْكَعُ
سَمّاهُ رَبُّ الْعَرْشِ نَفْسَ مُحَمَّدٍ *** يَوْمَ الْبِهَالِ وذَاكَ ما لَا يُدْفَعُ
فَالْشَّمْسُ قَدْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِخَيْبَرٍ *** وَقَدِ ابْتَدَتْ زَهْرُ الْكَواكِبِ تَطْلُعُ
وَبِبَابِلَ رُدَّتْ عَلَيْهِ ولَمْ يَكُنْ *** وَاللهِ خَيْراً مِنْ عَلِيّ يُوشَعُ[19]
وقال العونيّ:
وَلَا تَنْسَ يَوْمَ الشَّمْسِ إذْ رَجَعَتْ لَهُ *** بِمُنْتَشَرٍ وأرى مِنَ النُّورِ مُمتِع
فَذَلِكَ بِالضَّهْيَا[20] وقَدْ رَجَعَتْ لَهُ *** بِبَابِلَ أيضاً رَجْعَةُ الْمُتَطوِّعِ[21]
وقال السروجيّ:
والشَّمسُ لَمْ تَعْدِلْ بِيَوْمِ بَابِل *** وَلَا تَعَدَّتْ أمْرَهُ حِينَ أمَر
جَاءَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ والْحَرْبُ على *** ساقٍ فَأوْمئ نَحْوَهَا رَدَّ النَّظَر
فَلَمْ تَزَلْ وَاقِفَةً حتى قَضَى *** صَلَاتَهُ ثُمَّ هَوَتْ نَحْوَ الْمَقَر[22]
يقول ابن شهرآشوب: وحدّثني ابن شيرويه الديلميّ، وعبدوس الهمدانيّ، والخطيب الخوارزميّ من كتبهم، وأجازني جدّي الكيا شهرآشوب، ومحمّد الفتّال من كتب أصحابنا نحو: ابن قولويه، والكشّيّ والعبدكيّ عن سلمان، وأبي ذرّ، وابن عبّاس، وعليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه «لمّا فتح مكّة وانتهينا إلى هوازن، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: "قم يا عليّ وانظر كرامتك على الله، كلّم الشمس إذا طلعت. فقام عليّ فقال [للشمس عند طلوعها]: السَّلامُ عَلَيْكَ أيهَا الْعَبْدُ الدَّائِبُ في طَاعَةِ اللهِ رَبهِ".
فَأجابته الشمس وهي تقول: وعَلَيْكَ السَّلامُ يَا أخا رَسُولِ اللهِ ووَصِيَّهُ وحُجَّةَ اللهِ على خَلْقِهِ.
فانكبَّ عليّ ساجداً شكراً لله، (وهو يبكي) فأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقيمه ويمسح وجهه وقال: قم يا حبيبي، فَقَدْ أبكَيْتَ أهلَ السَّماء من بُكائِكَ وباهى الله بك حملة عرشه. ثمّ قال: الْحَمْدُ لِلهِ الذي فَضَّلَني عَلى سَائِرِ الأنْبِيَاء، وأيَّدَني بوصِيّي سَيِّدِ الأوْصِيَاءِ، ثُمَّ قَرَأ: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ طَوْعاً وكَرْهاً وإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ}[23].
قال العونيّ:
إمَامي كَلِيمُ الشَّمْسِ رَاجَعَ نُورَهَا *** فَهَلْ بِكَليمِ الشَّمْسِ في الْقَوْمِ مِنْ مِثْلِ[24]
وقال ابن حمّاد:
وَرَجَعَتِ الشَّمْسُ حِينَ تَكَلَّمْتَ *** وَأبْدَتْ مِنْ أسْمَاءِ الإمَامِ حَامَهَا[25]،[26]
وقال ابن هاني المغربيّ:
وَالشَّمْسُ حاسِرَةُ الْقِنَاعِ ووُدُّهَا *** لَوْ تَسْتَطِيعُ الأرْض والتَّقبيلا
وَعلى أمير المؤمِنِينَ غَمامَةٌ *** نَشَأتْ تُظَلِّلُ تَاجَهُ تَظْلِيلَا
وَمُديرُهَا مِنْ حَيْثُ شَاءَ وطالَما *** زَاحَتْ تَحِت ظِلَالُهُ جِبْريلا[27]
وروى الشيخ الطوسيّ في «الأمالي» عن أبي الفحّام بالإسناد عن أبي مريم، عن سلمان قال: كنّا جلوساً عند النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فناوله النبيّ حصاة، فلمّا استقرّت الحصاة في كفّه، نطقت؛ لَا إلَهَ إلّا اللهُ. مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ. رَضيْتُ بِاللهِ رَبّاً وبِمُحَمَّدٍ نَبيّاً وبِعَلِيّ وَلِيّاً. فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: "مَنْ أصْبَحَ رَاضِياً بِوِلَايَةِ عَلِيّ، فَقَدْ أ مِنَ خَوْفَ اللهِ وعِقَابَهُ"[28].
قال العونيّ:
مَنْ صَاحِبُ الْمِنْدِيلِ والسَّطْلِ ومَنْ *** في كَفِّهِ سَبَّحَ لِلهِ الْحَصى[29]
وقال ابن حمّاد:
مَنْ سَبَّحَتْ في كَفِّهِ بِيضُ الْحَصى *** لِيَكُونَ ذَاكَ لِفَضْلِهِ تِبْيَانَا[30]
وقال عبد الواحد بن زيد: «كنت في الطواف إذ رأيت جارية تقول لُأختها: لَا وحَقِّ الْمُنتَجَبِ بِالْوَصِيَّةِ الْحَاكِمِ بِالسَّوِيَّةِ الْعَادِلِ في الْقَضِيَّةِ الْعَالي الْبَيِّنَةُ زَوْجِ فَاطِمَةَ الْمَرْضِيَّةِ مَا كَانَ كَذَا. فقلت: أ تعرفين عليّاً؟ قالت: وكيف لا أعرف من قُتل أبي بين يديه في يوم صفّين؟ وأنّه دخل على امّي ذات يوم فقال لها: كيف أنت يا امّ الأيتام؟ فقالت: بخير. ثمّ أخرجتني أنا واختي هذه إليه، وكان قد ركبني من الجدريّ ما ذهب له بصري. فلمّا رآني تأوّه ثمّ قال:
ما إن تَأوَّهْتُ مِنْ شيء رُزيتُ بِهِ *** كَمَا تَأوَّهْتُ لِلأطْفَالِ في الصِّغَرِ
قَدْ مَاتَ وَالِدُهُمْ مَنْ كَانَ يَكْفُلُهُمْ *** في النَّائِباتِ وفي الأسْفَارِ والْحَضَرِ
ثمّ أمرّ يده المباركة على وجهي فانفتحت عيني لوقتي وأنّي لأنظر إلى الجمل الشارد في اللية الظلماء»[31].
وروى الحاتميّ بإسناده عن ابن عبّاس: «أنّه دخل أسود إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأقرّ أنّه سرق. فسأله ثلاث مرّات، قال: يا أمير المؤمنين طهّرني فإني سرقت، فأمر عليه السلام بقطع يده، فاستقبله ابن الكَوّاء، فقال: من قطع يدك؟ قال: لَيْثُ الْحِجَازِ، وكَبْشُ الْعِرَاقِ، ومُصَادِمُ الأبْطَالِ، الْمُنْتَقَمُ مِنَ الْجُهَّالِ، كَريمُ الأصْلِ، شَريفُ الْفَصْلِ، مُحِلَّ الْحَرَمينِ، وَارثِ الْمَشْعَرَيْنِ، أبو السِّبْطَيْنِ، أوَّلُ السّابِقِينَ، وآخِرُ الْوَصِيِّينَ مِنْ آلِ يَس، الْمُؤَيَّدُ بِجَبْرَائِيلَ، الْمَنْصُورُ بِمِيكَائِيلَ، الْحَبْلُ الْمَتِينُ، الْمَحْفُوظُ بِجُنْدِ السَّمَاءِ أجْمَعِينَ، ذَاكَ واللهِ أميرُ الْمُؤمِنِينَ، على رَغْمِ الرَّاغِمِينَ.
قال ابن الكوّاء: قطع يدك وتثني عليه؟ قال: لو قطّعني إرباً إرباً ما ازددتُ له إلّا حبّا. فدخل (ابن الكوّاء) على أمير المؤمنين وأخبره بقصّة الأسود. فقال (الإمام): "يا ابن الكوّاء، أنّ محبّينا لو قطّعناهم إرباً إرباً ما ازدادوا لنا إلّا حبّاً. وأنّ في أعدائنا من لو ألعقناهم السمنَ والعسل ما ازدادوا لنا إلّا بغضاً. وقال للحسن عليه السلام عليك بعمّك الأسود، فأحضر الحسن الأسود إلى أمير المؤمنين، وأخذ يده ونصبها في موضعها وتغطّى بردائه وكلّم بكلمات يخفيها، فاستوت يده، وصار يقاتل بين يدي أمير المؤمنين إلى أن استشهد بالنهروان. ويقال كان اسم هذا الأسود: أفْلَح"[32].
قال ابن مكّيّ:
أما رَدَّ كَفَّ الْعَبْدِ بَعْدَ انْقِطَاعِهَا *** أ ما رَدَّ عَيْناً بَعْدَ مَا انْطَمَسَتْ طَمْسَا[33]
وابينت إحدى يدي هشام بن عديّ الهَمْدَانِيّ في حرب صفّين فأخذ عليّ يده، وقرأ شيئاً وألصقها. فقال هشام: يا أمير المؤمنين، ما قرأتَ؟ قال: فاتحة الكتاب. [ف] كأنّه استقلّها فانفصلت يده بنصفين فتركه عليّ عليه السلام ومضى[34].
قال ابن مكّيّ:
رَدَدْتَ الْكَفَّ جَهْراً بَعْدَ قَطْعٍ *** كَرَدِّ الْعَيْنِ مِنْ بَعْدِ الذَّهَابِ
وَجُمْجُمَةُ الْجُلَنْدِي وهوَ عَظْمٌ *** رَمِيمٌ جاوَبَتْكَ عَنِ الْخِطَابِ
وجاء في كتاب ابن بابويه، وأبي القاسم البُستيّ، والقاضي أبي عمرو بن أحمد، عن جابر (بن عبد الله الأنصاريّ)، وأنس (بن مالك): «أنّ جماعة تنقّصوا عليّاً عند عمر. فقال سلمان: أو ما تذكر يا عمر اليوم الذي كنتَ فيه، وأبو بكر، وأنا، وأبو ذر عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وبسط لنا شملة وأجلس كلّ واحد منّا على طرف، وأخذ بيد عليّ وأجلسه في وسطها، ثمّ قال: قم يا أبا بكر وسلّم على عليّ بالإمامة وخلافة المسلمين، وهكذا كلّ واحد منّا، ثمّ قال: قم يا عليّ وسلّم على هذا النور، يعني: الشمس، فقال أمير المؤمنين: أيَّتُها الآية المشرقة، السَّلامُ عليكِ. فأجابت القرصة وارتعدت وقالت: وعليك السلام. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "اللهُمَّ أنّكَ أعْطَيْتَ لاخِي سُلَيْمَانَ صَفِيِّكَ مُلْكاً وريحاً {غُدُوُّها شَهْرٌ ورَواحُها شَهْرٌ}[35]. اللهُمَّ أرْسِلْ تِلْكَ لِتَحْمِلَهُمْ إلى أصْحَابِ الْكَهْفِ" ...
فقال أمير المؤمنين: يا ريح احملينا، فإذا نحن في الهواء، فسرنا ما شاء الله، ثمّ قال: يا ريح ضعينا، فوضعتنا عند الكهف. فقام كلّ واحد منّا وسلّم، فلم يردّوا الجواب. فقام عليّ، فقال: "السَّلامُ عَلَيْكُمْ أهْلَ الْكَهْفِ. فسمعنا: وعَلَيْكَ السَّلامُ يَا وَصِيّ مُحَمَّدٍ (ثمّ قالوا): أنّا قوم محبوسون هاهنا من زمن دقيانوس. فقال لهم: لِمَ لا تردّوا سلام القوم؟ فقالوا: نحن فتية لا نردّ إلّا على نبيّ أو وصيّ نبيّ، وأنتَ وصيّ خاتم النَّبِيِّين وخليفة رسول ربّ العالمين. ثمّ قال (لنا أمير المؤمنين): خذوا مجالسكم، فأخذنا مجالسنا (فوق الشملة). ثمّ قال: يا ريح احملينا، فإذا نحن في الهواء، فسرنا ما شاء الله، ثمّ قال: يا ريح ضعينا (فوضعتنا). ثمّ ركض برجله الأرض، فنبعت عين ماء، فتوضّأ وتوضّأنا، ثمّ قال: ستدركون الصلاة مع النبيّ أو بعضها. ثمّ قال: يا ريح احملينا، ثمّ قال: ضعينا، فوضعتنا، فإذا نحن في مسجد رسول الله وقد صلّى من الغداة ركعة. فقال أنس فاستشهدني عليّ وهو على منبر الكوفة، فداهنتُ، فقال: إن كنت كتمتَها مداهنةً بعد وصيّة رسول الله إيّاك، فرماك الله ببياض في جسمك، ولظى في جوفك، وعمي في عينيك، [قال أنس]، فما برحت حتى برصت وعميت، فكان أنس لا يطيق الصيام في شهر رمضان ولا في غيره، والبساط أهدوه أهل هربوق، والكهف في بلاد الروم في موضع يقال له: أركدي، وكان في ملك باهتدت وهو اليوم اسم لضيعة. وفي خبر أنّ الكساء أتى به خُطَيّ بن الأشرف أخو كعب. فلمّا رأى معجزات أمير المؤمنين عليه السلام أسلم، وسمّاه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: محمّداً»[36].
قال خطيب منيح:
وَمَنْ حَمَلَتْهُ رِيحُ اللهِ حتى *** أتى أهْلَ الرَّقِيمِ الرَّافِدينا
وَمَنْ نَادَى بِأهْلِ الْكَهْفِ حتى *** أقَرُّوا بالْوِلَايَةِ مُفَرِّحِينَا[37]
وقال العونيّ:
عَلِيّ كَلِيمُ الْقَوْمِ في الْكَهْفِ فَاعْلَمَا *** وَقَدْ صُمّ مِنْ شَيْخَاكُمَا الصَّدْيَان[38]
وقال أيضاً:
وَمَنْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فَوْقَ بسَاطِهِ *** فَأسْمَعَ أهْلَ الْكَهْفِ حِينَ تَكَلَّمَا[39]
وقال الحِميريّ:
لَهُ الْبَسَاطُ إذْ سَرى *** وَفِتْيَةَ الْكَهْفِ دَعَا
فَمَا أجَابُوا في النِّدا *** سِوَى الْوَصِيّ الْمُرْتَضَى[40]
وقال أيضاً:
سَلْ فِتْيَةَ الْكَهْفِ الَّذِينَ أتَاهُم *** فَأيْقَظَ في رَدِّ السَّلَامِ مَنَامَهَا[41]
وقال البرقيّ:
حتى إذَا يَئِسُوا جَوابَ سَلَامِهِمْ *** قَامَ الْوَصِيّ إلَيْهِمُ إبْدَاءا
قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمُ مِنْ فِتْيَةٍ *** عَبَدُوا الإلَهَ وتَابَعُوا السَّنَاءا
قَالُوا عَلَيْكَ مِنَ الإلَهِ تَحِيَّةٌ *** تُهْدى إلَيْكَ ورَحْمَةٌ وضِيَاءا
أنّا مُنِعْنَا أنْ نُكَلِّمَ هَاتِفاً *** إلّا نِبيّاً كَانَ أوْ مُوصَاءا[42]
وقال ابن الأطيس:
وَطَارِقُ الْبَابِ على كَهْفِهِمْ *** في الْخَبَرِ الْمَشْهُورِ عَنْ جَابِرِ[43]،[44]
وقال ابن العضد:
مَنْ كَلَّمَ الْفِتْيَةَ في الْكَهْفِ ولَمْ *** يُكَلِّمُوا حَقّاً سِواهُ إذْ دَعَا[45]
وقال أبو الفتح:
وَفي الْكَهْفِ مَنْقَبَةٌ حُسْنُها *** على الرَّغْمِ مِنْ مَعْطَسِ الأدْلَمِ
غَداةً يُسَلِّمُ في صَحْبِهِمْ *** سَلامَ الصُّحَاةِ على النُّوَّمِ
فَنَادَوهُ أجْمَعْ عَلَيْكَ السَّلامُ *** فَذَاكَ عَظِيمٌ لِمُسْتَعْظِمِ[46]
وعن سلمان شلقان[47] قال: سمعتُ أبا عبد الله عليه السلام يقول: «أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كانت له خُؤولة في بني مخزوم. وأنّ شاباً منهم أتاه فقال: يا خال، أنّ أخي وتربي مات وقد حزنت عليه حزناً شديداً. فقال له: أ تشتهي أن تراه؟ قال: نعم. قال: فأرني قبره، فخرج وتقنّع برداء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المستجاب. فلمّا انتهى إلى القبر تكلّم بشفتاه ثمّ، ركضه برجله، فخرج أخي من قبره، وهو يقول: وميكا بلسان الفُرس. فقال له عليّ: أ لم تمت وأنت رجل من العرب؟ فقال: نعم ولكنّا متنا على سنّة فلان وفلان فانقلبت ألسنتنا».[48]
وأنشد السيّد الحِميريّ يقول:
فَقَالَ لَهُ فَرْمَانُ: عيسى ابْنُ مَرْيَمِ[49] *** بِزَعْمِكَ يحيى كُلَّ مَيْتٍ ومُقْبِرِ
فَما ذا الذي اعْطِيتَ؟ قَالَ مُحَمَّدٌ *** لِمِثْلِ الذي اعْطاهُ إن شِئتَ فَانْظُرِ
إلى مِثْلِ مَا اعْطَى فَقَالُوا لِكُفْرِهِم *** ألَا أرنَا مَا قُلْتَ غَيْرَ مُعَذَّرِ
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ قُمْ لِوَصِيِّهِ *** فَقَامَ وقِدْماً كَانَ غَيْرَ مُقَصِّرِ
وَرَدّاهُ بِالْمَنْجَابِ والله خَصَّهُ *** وَقَالَ اتْبَعُوهُ بِالدُّعَاءِ الْمُبَرَّرِ
فَلَمّا أتى ظَهْرَ الْبَقيعِ دَعا بِهِ *** فَرُجَّتْ قُبُورٌ بِالْوَرى لَمْ تَغَيَّرِ
فَقَالُوا لَهُ: يا وَارِثَ الْعِلْمِ اعْفِنا *** وَمُنَّ عَلَيْنَا بِالرِّضَا مِنْكَ واغْفِرِ[50]
ثمّ قال ابن شهرآشوب: إبراء المرضى وأحياء الموتى على أيدي الأنبياء والأوصياء عليهم السلام من فعل الله تعالى. قال عيسى عليه السلام: {وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ والْأَبْرَصَ وأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ}[51]، وقوله تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي ... وإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي}[52].
{وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَ ولَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} (الآيات)[53]. وقال في عُزَيْرَ وإرْمِيا: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ} - إلى قوله: {قَدِيرٌ}[54]. وكذلك في قصّة بني إسرائيل: {وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ}[55].
روى محمّد بن ثابت بإسناده عن ابن مسعود والفلكيّ المفسّر بإسناده عن محمّد بن الحنفيّة قال: «بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله عليّاً في غزوة بدر أن يأتيه بالماء حين سكت أصحابه عن إيراده فلمّا أتى القليب وملأ القربة الماء فأخرجها، جاءت ريح فأهرقته، ثمّ عاد إلى القليب وملأ القربة فأخرجها، فجاءت ريح فأهرقته. وهكذا في الثالثة. فلمّا كانت الرابعة، ملأها فأتى بها النبيّ، فأخبره بخبره. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أمّا الريح الاولى فجبرئيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك. وأمّا الريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك. والريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلّموا عليك. وفي رواية: ما أتوك إلّا ليحفظوك».
وقد رواه عبد الرحمن بن صالح بإسناده عن اللّيث، وكان يقول: «كان لعليّ [بن أبي طالب] عليه السلام في ليلة واحدة ثلاثة آلاف منقبة وثلاث مناقب. ثمّ يروي هذا الخبر»[56].
يقول السيّد الحِميريّ:
اقْسِمُ بِاللهِ وآلَائِهِ *** وَالْمَرْءُ عَمّا قَالَ مَسْؤولُ
أنّ عَلِيّ بْنَ أبي طالِبٍ *** عَلى التُّقى والْبِرِّ مِجْبُولُ
كانَ إذَا الْحَرْبُ مَرَتْها الْقَنا *** وَأحْجَمَتْ عَنْها الْبَهاليلُ
يَمْشي إلى الْقِرْنَ وفي كَفِّهِ *** أبْيَضُ ماضِي الْحَدِّ مَصْقُولُ
مَشْيَ الْعَفَرْنى بَيْنَ أشْبَالِهِ *** أبْرَزَهُ لِلْقَنَصِ الْغِيلُ
ذَاكَ الذي سَلَّمَ في لَيْلَةٍ *** عَلَيْهِ مِيكَالُ وجِبْرِيلُ
مِيكَالُ في ألْفٍ وجِبْريلُ في *** ألْفٍ ويَتْلُوهُمْ سِرافِيلُ
لَيْلَةَ بَدْرٍ مَدَداً انزِلُوا *** كَأنّهُمْ طَيْرٌ أبابيلُ[57]
وقال السيّد الحِميريّ أيضاً:
وَسَلَّمَ جِبْرِيلُ ومِيكَالُ لَيْلَةً *** عَلَيْهِ وحَيّاهُ سِرافِيلُ مُعْرِبَا
أحَاطُوا بِهِ في رَدْؤه [روعة خ ل] جَاءَ يَسْتَقِي *** وَكَانَ على ألْفٍ بِهَا قَدْ تَخَزَّبَا
ثَلَاثَةُّ آلَافٍ مَلائِكَ سَلَّمُوا *** عَلَيْهِ فَأدْنَاهُمْ وحَيّا ورَحَّبا[58]
وروى محبّ الدين الطبريّ[59] عن «مناقب أحمد»، والقندوزيّ الشافعيّ[60] عن «مسند» أحمد بن حنبل أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قال: "لَمّا كَانَتْ لَيْلَةٌ في بَدْرٍ (و في عبارة الطبريّ: لَيْلَةُ يَوْمِ بَدْرٍ) قَالَ رَسُولُ اللهَ صلّى الله عليه وآله وسلّم مَنْ يَسْتَسْقَي لَنَا مِنَ الْمَاءِ؟ فَمَا أجَابَ النَّاسُ (و في لفظ الطبريّ: فَأحجَمَ النَّاسُ) فَقَالَ عَلِيّ: أنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَاحتضَنَ قِرْبَةً ثُمَّ أتى بِئراً بَعيدَةَ الْقَعْرِ مُظْلِمَةً فَانحَدَرَ فِيها، فَأوْحَى اللهُ عزَّ وجَلَّ إلى جِبرائيلَ ومِيكَائيلَ وإسْرَافِيلَ تَأهَّبُوا لِنَصْرِ مُحَمَّدٍ وحِزْبِهِ، فَهَبَطُوا مِنَ السَّمَاءِ (و في لفظ الطبريّ: لَهُمْ لَغْطٌ يَذْعَرُ مَنْ سَمِعَهُ) فَلَمّا حاذُوا الْبِئرَ سَلَّمُوا على عَلِيّ مِنْ عِنْدِ رِبِّهِمْ" (و في لفظ الطبريّ: سَلَّمُوا عَلَيْهِ مِنْ عِنْدَ آخِرِهِمْ إكْرَاماً وتَبْجِيلًا).
ونقل عن «جمع الفوائد»: قال عليّ عليه السلام: "كُنْتُ عَلى قَليبِ بَدْرٍ أميحُ وأمْنَحُ مِنْهُ مَاءً جَاءَتْ رِيحٌ شَديدَةٌ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ جَاءَتْ رِيحٌ شَديدةٌ. فَكَانَتِ الاولى مِيكَائِيلَ، والثَّانِيةُ إسْرافِيلَ، والثّالِثَةُ جَبْرائِيلَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ألْفٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَسَلَّموا عَلَيّ. لأحمد والموصليّ"[61].
وقال الشاعر في هذا:
أعْنِي الذي سَلَّمَ عَلَيْهِ جَبْرَائِيلُ *** في لَيْلَةِ بَدْرٍ ومِيكَائِيلُ وإسْرَافِيلُ[62]
وعن كتاب «المناقب» لابن شهرآشوب بسنده عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجهد، عن أبي ذرّ الغفاريّ أنّ عليّاً قال لأصحاب الشورى: "هَلْ فِيكُمْ مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ في سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَةُ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وفِيهِمْ جَبْرائِيلُ ومِيكَائِيلُ وإسرافِيلُ لَيْلَةً في قَلِيبِ بَدْرٍ مِثْلِي لَمّا جِئْتُ بِالْمَاءِ إلى رَسُولِ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم؟
قالوا: لَا". نقله أيضاً ابن مسعود[63].
وفي كتاب «الإصابة» عن «فايْد» مولى عبد الله بن سلام قال: نزل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم الجحفة في غزوة الحديبيّة فلم يجد بها ماءً، فبعث سعد بن أبي وقّاص، فرجع بلا ماء، واعتذر. وبعث عليّاً فلم يرجع حتى ملأ القربة من الماء[64].
وظهرت لأمير المؤمنين أيضاً معجزة شقّ الحجر كما شُقّ لموسى. في طريق صفّين غلب العطش على جيش أمير المؤمنين، فأمر بحفر بئر، فحفروا حتى وصلوا إلى حجر عظيم عجزوا عن شقّه وعن اقتلاعه، فجاء الإمام فضربه ضربة واحدة حتى شقّه وهو الذي لا تشقّه ألف ضربة، فنبع الماء من تحت الحجر عذباً بارداً، وتدفّق حتى بلع أعلى البئر. فشربوا وارتووا جميعهم، وهم مندهشون من هذه المعجزة وما شاهدوه من هذا المنظر العجيب.
وذكر الخطيب البغداديّ هذه الرواية في «تاريخ بغداد» ج12 ص305 بسلسلة سنده عن أبي سعيد المعروف بعقيصا. قال: أقبلتُ من الأنبار مع عليّ عليه السلام نريد الكوفة، [فغلب العطش على الناس] فبينا نحن نسير على شاطئ الفرات إذ لجج في الصحراء فتبعه ناس من أصحابه وأخذ ناس على شاطئ الماء قال فكنتُ ممّن اخذ مع عليّ عليه السلام حتى توسّط الصحراء، فقال الناس: يا أمير المؤمنين، أنّا نخاف العطش، فقال: أنّ الله سيسقيكم. قال: وراهب قريب منّا، قال: فجاء عليّ إلى مكان، فقال: احفروا هاهنا، قال: فحفرنا. قال: وكنت فيمن حفر، حتى نزلنا- يعني عرض لنا حجر- قال: فقال عليّ: ارفعوا هذا الحجر، قال: فأعانونا عليه حتى رفعناه، فإذا عين باردة طيّبة، قال: فشربنا، ثمّ سرنا ليلًا أو نحو ذلك قال: فعطشنا. قال: فقال بعض القوم: لو رجعنا فشربنا، قال: فرجع ناس وكنت فيمن رجع، فالتمسناها، فلم نقدر عليها، فأتينا الراهب، فقلنا: أين العين التي هاهنا؟ قال: أية عين؟ قال: التي شربنا منها واستقينا والتمسناها، فلم نقدر عليها. فقال الراهب: لا يستخرجها إلّا نبيّ أو وصيّ نبيّ.
وذكر العلّامة الأمينيّ هذه القضيّة في كتاب «الغدير» ج 3 ص 393 عن كتاب «صفّين» لنصر بن مزاحم مع اختلاف يسير. وقال في آخرها: أخرجها الخطيب في «تاريخ بغداد».
يقول السيّد الحِميريّ في هذا الموضوع:
وَمَنْ حَمَلَتْهُ الرِّيحُ فَوْقَ سَحَابَةٍ *** بِقُدْرَةِ رَبٍّ قَدْرَ مَنْ شَاءَ يَرْفَعُ
وَمَرَّ بِأصْحَابِ الرَّقِيمِ مُسَلِّماً *** فَرَدُّوا مِنَ الْكَهْفِ السَّلَامَ فَأسْمَعُوا
وَمَنْ فَجَّرَ الصَّخرَ الأصَمَّ لِجُنْدِهِ *** فَفَاضَ مَعِيناً مِنْهُ لِلْقَومَ يَنْبَعُ
وَمَنْ لِصَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَ غُرُوبِهَا *** تُرَدُّ لَهُ الشَّمْسُ بَيْضَاءَ تَلْمَعُ
فَصَلّى صَلاةَ الْعَصْرِ ثُمَّ أنّثَنَتْ لَهُ *** تَسيرُ كَسَيْرِ الْبَرْقِ والْبَرْقُ مُسْرِعُ
فَيَا لائِمي في حُبِّهِمْ كُفَّ أنّني *** حُبِّ أميرِ الْمُؤمِنينَ لَمُولِعُ
وَلَا دِنْتُ إلّا حُبَّ آلِ مُحَمَّدٍ *** وَلَا شىْءَ مِنْهُ في الْقِيَامَةِ أنْفَعُ
إذَا الْعَدْلُ والتَّوْحيدُ كَانَا وحُبُّهُ *** بِقَلْبِي فَأنّي الْعَابِدُ الْمُتَطَوِّعُ
أنَا السَّيدُ الْقَوّالُ فِيهِمْ مَدائِحاً *** تَمُرُّ بِقَلْبِ النَّاصِبينَ فَتَصْدَعُ[65]
أنّ ما ذكرناه كان موجزاً لمعجزات أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد جئنا به هنا كنموذج على ما نقول، ولو قُدّر أن نذكر معجزات الأنبياء واحدة بعد الاخرى، ونقارنها مع معجزات عليّ كلّها فأنّنا نحتاج إلى كتاب مستقلّ ليستوعبها، بَيدَ أنّه قد تبيّن لنا إجمالًا أنّ الإمام عليه السلام كان قادراً على المعجزات جميعها بإذن الله تعالى. وكان كرسول الله له مقام الكمال والشمول، ولم يكن بمقدور أيّ نبيّ أن يبلغ ذلك المقام المنيع والذروة الرفيعة.
[1] «المصدر السابق» ج 1، ص 450.
[3] «مناقب ابن شهر آشوب» ج 1، ص 451.
[5] «مناقب ابن شهر آشوب» ج 1 ص 452. والآية 10، من السورة 34: سبأ.
[7] الآية 62، من السورة 25: الفرقان.
[8] الآية 5، من السورة 39: الزمر.
[9] قرقيساء مدينة على ساحل الفرات.
[10] يمكن أن تكون الضهياء أرضاً قفراء بلا نبات ولا ماء.
[11] «مناقب ابن شهر آشوب» ج 1، ص 459.
[12] «مناقب ابن شهر آشوب» ج 1، ص 459.
[13] «المصدر السابق» ص 460.
[14] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 460. وتحدّث العلّامة الأمينيّ في الجزء الثالث من «الغدير» من ص 126 إلى 142 عن موضوع ردّ الشمس وجواب المنكرين، وبيان رواته من أعلام العلماء وقال: الكبار من الأعلام الذين رووا هذا الحديث ثلاثة وأربعون. ومن أراد التفصيل، فليراجع. وقال أيضاً في ص 393 من ج 3: حديث ردّ الشمس لعليّ عليه السلام ببابل أخرجه نصر بن مزاحم في كتاب «صفّين» بإسناده عن عبد خير. وينقل عبد خير كيفيّة صلاته مع عليّ. وتختلف روايته- طبعاً- عن رواية ابن شهرآشوب.
[15] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 460.
[16] وفي هامش المناقب: أفا إفائة الظلُّ: رجع، ونقله العلّامة الأمينيّ في «الغدير» ج 2، ص 277 بلفظ «عفت» بمعني زالت ومحيت. (م)
[17] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 461، الطبعة الحجريّة.
[19] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 461، الطبعة الحجريّة.
[20] اسم موضع؛ وفي رواية المناقب ج 2 طبع المطبعة العلميّة بقم «بالصَّهبا».
[21] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 461، الطبعة الحجريّة.
[23] الآية 83، من السورة 3: آل عمران.
[24] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 464. «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 464. وقال العلّامة الأمينيّ في «الغدير» ج 3 ص 392: روى الحموينيّ في «فرائد السمطين»، والخوارزميّ في «المناقب» ص 68، والقندوزيّ في «ينابيع المودّة» ص 140عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم باب 38 أنّه قال لعليّ: "يا أبا الحسن، كلّم الشمس فأنّها تكلّمك. قال عليّ عليه السلام: السلام عليك أيّها العبد المطيع لله ولرسوله. فقالت الشمس: السلام عليك يا أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ المحجّلين، يا عليّ أنت وشيعتك في الجنّة. يا عليّ، أوّل من تنشقّ عنه الأرض محمّد ثمّ أنت، وأوّل من يحيى محمّد ثمّ أنت، وأوّل من يكسى محمّد ثمّ أنت. فسجد عليّ عليه السلام لله تعالى وعيناه تذرفان بالدموع، فانكبّ عليه النبيّ فقال: يا أخي وحبيبي ارفع رأسك فقد باهى الله بك أهل سبع سماوات خامة الشيء بأعجام الخاء من الزرع أوّل ما ينبت على ساق واللفظ بالإعجام أولى في الشعر منها بالإهمال كما في النسخ المشهورة لقلّة مناسبة ما ذكر من معانيها فيكون اللفظ كناية عن ابتداء ظهور أسمائه الكماليّة وشئونه الجماليّة صلوات الله عليه، (حاشية المناقب).
[25] خامة الشيء بأعجام الخاء من الزرع أوّل ما ينبت على ساق واللفظ بالإعجام أولى في الشعر منها بالإهمال كما في النسخ المشهورة لقلّة مناسبة ما ذكر من معانيها فيكون اللفظ كناية عن ابتداء ظهور أسمائه الكماليّة وشئونه الجماليّة صلوات الله عليه، (حاشية المناقب).
[26] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 464.
[27] «نفس المصدر السابق».
[28] «نفس المصدر السابق».
[29] «نفس المصدر السابق».
[30] «نفس المصدر السابق».
[31] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 472، الطبعة الحجريّة.
[32] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 473.
[33] «نفس المصدر السابق».
[34] نفس المصدر السابق. وفيما يخصّ توضيح معنى البيت الثاني، فقد جاء في «المناقب» عن كتاب «معرفة الفضائل» و«علل الشرائع» للشيخ الصدوق، عن سدير، عن الإمام الصادق عليه السلام وقد سُئل: لِمَ أخّر أمير المؤمنين عليه السلام العصر في بابل؟ قال: "أنّه لمّا صلّى الظهر، التفت إلى جمجمة ملقاة، فكلّمها أمير المؤمنين، عليه السلام فقال: يا أيّتُها الجمجمة، من أين أنت؟ فقالت: أنا فلان بن فلان، ملك بلد آل فلان. قال لها أمير أمير المؤمنين: فقصّي عليّ الخبر، وما كنتِ وما كان في عصركِ. فأقبلت الجمجمة تقصّ خبرها، وما كان في عصرها من خير ومن شرّ، فاشتغل بها حتى غابت الشمس، فكلّمها بثلاثة أحرف من الإنجيل لئلّا يفقه العرب كلامه" (القصّة). [و هذه الجمجمة هي جمجمة جلندي ملك الحبشة واسمه أبرهة، وكان قد جاء على فيل لهدم الكعبة]. ابن شهرآشوب، ص 474.
[35] الآية 12، من السورة 34: سبأ.
[36] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 475.
[37] «نفس المصدر السابق».
[38] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 475. وفي الهامش الأوّل كناية عن أنّهما ماتا وهلكا.
[39] «نفس المصدر السابق».
[40] «نفس المصدر السابق».
[41] «نفس المصدر السابق».
[42] «نفس المصدر السابق».
[43] أي جابر بن عبد الله الأنصاريّ.
[44] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 476.
[45] «نفس المصدر السابق».
[46] «نفس المصدر السابق».
[47] شلقان: قرية في مصر، وربّما ذكرت بعد سلمان للتفريق بين سلمان المذكور وسلمان الفارسيّ، لأنّ سلمان لقان من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام، وقد روي عنه.
[48] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 476. و«ديوان الحِميريّ» ص 242.
[49] جاء في «ديوان الحِميريّ» ص 242: فقال له: قد كان عيسَى ابن مريم.
[50] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 2، ص 341.
[51] الآية 49، من السورة 3: آل عمران.
[52] الآية 110، من السورة 5: المائدة.
[53] الآية 260، من السورة 2: البقرة.
[54] الآية 259، من السورة 2: البقرة.
[55] الآية 243، من السورة 2: البقرة.
[56] «مناقب ابن شهرآشوب» ج 1، ص 406.
[57] «ديوان الحميريّ» ص 322 و323.
[58] «مناقب» ج 1 ص 407. و«ديوان الحميريّ» ص 77.
[59] «ذخائر العقبي» ص 68.
[60] «ينابيع المودّة» باب 40، ص 122.
[61] «ينابيع المودّة» ص 122، باب 40.
[62] «نفس المصدر السابق».
[63] «ينابيع المودّة» ص 122، باب 40.
[64] «المصدر السابق» ص 123، باب 40.
[65] «ديوان السيّد الحِميريّ» ص 278.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة