مجيء أمير المؤمنين عليه السّلام للمدائن في وفاة سلمان
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص27-29
2025-12-06
38
روى ابن شهرآشوب عن حبيب بن حسن العَتَكيّ، عن جابر بن عبد الله الأنصاريّ قال: صلّى بنا أمير المؤمنين عليه السلام صلاة الصبح ثمّ أقبل علينا، فقال: معاشر النّاس، أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان فقالوا في ذلك. فلبس عمامة رسول الله ودراعته وأخذ قضيبه وسيفه وركب على العضباء (الناقة التي ورثها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم) وقال لقنبر: عدّ عشراً. قال: ففعلت، فإذا نحن على باب سلمان (في المدائن) قال زاذان: فلمّا أدرك سلمان الوفاة، فقلت له: من المغسِّل لك؟ قال: من غسّل رسول الله. فقلتُ: أنّك بالمدائن وهو بالمدينة! فقال: يا زاذان إذا شددت لحيتي، تسمع الوجبة، فلمّا شددت لحيته سمعت الوجبة وأدركت الباب، فإذا أنا بأمير المؤمنين. فقال: يا زاذان قضى [العبد الصالح] أبو عبد الله سلمان؟ قلت: نعم يا سيّدي، فدخل وكشف الرداء، عن وجهه، فتبسّم سلمان إلى أمير المؤمنين. فقال له: مرحباً يا أبا عبد الله، إذا لقيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقل له ما مرّ على أخيك من قومك، ثمّ أخذ في تجهيزه. فلمّا صلّى عليه كنّا نسمع من أمير المؤمنين تكبيراً شديداً، وكنت رأيت معه رجلين. فقال: أحدهما جعفر أخي، والآخر الخضر عليه السلام ومع كلّ واحد منهما سبعون صفّاً من الملائكةِ، في كلّ صفّ ألف مَلَك (وضع سلمان في ملحودته وأهال عليه التراب، ثمّ رجع إلى المدينة ولم ينشقّ الفجر بعد). وفي ذلك يقول أبو الفضل التميميّ:
سَمِعْتَ مِنّي يَسيراً مِنْ عَجَائِبِهِ *** وَكُلُّ أمْرِ عَلِيّ لَمْ يَزَلْ عَجَبا
أدَرَيْتَ في لَيْلَةٍ سَارَ الْوَصِيّ إلى *** أرْضِ الْمَدَائِنِ لَمّا أنْ لها طَلَبا
فَألْحَدَ الطُّهْرَ سَلْمَاناً وعَادَ إلى *** عِرَاصِ[1] يَثْرِبَ والإصْبَاحُ مَا قَرُبَا
كَآصِفٍ[2] قَبْلَ رَدِّ الطَّرْفِ منْ سَبَإٍ *** بِعَرْشِ بَلْقَيْسَ وأي يَخْرُقُ الْحُجُبا
في آصف لَمْ تَقُلْ أَ أنْتَ بلى *** أنَا بِحَيْدَرِ غَالٍ اورِدُ الْكَذِبا؟
إنْ كَانَ أحْمَدُ خَيْرَ الْمُرْسَلِينَ فَذَا *** خَيْرُ الْوَصِيِّينَ أوْ كُلُّ الْحَدِيثِ هَبا[3]
وَقُلْتَ مَا قُلْتَ مِنْ قَوْلِ الْغُلاةِ فَمَا *** ذَنْبُ الْغُلاةِ إذَا قَالُوا الذي وَجَبا[4]
[1] العرصة ساحة الدار، ويقال لكلّ بقعة ليس فيها بناء: عرصة. وجمعها عراص وأعراص وعَرَصَات.
[2] وصيّ سليمان بن داود عليهما السلام.
[3] إن أمكن لآصف بن برخيا- وهو وصيّ سليمان- أن يُحضر عرش بلقيس من مدينة سبأ قبل ارتداد الطرف، فأحمد خاتم الأنبياء والمرسلين ووصيّة خير الوصيّين، فكيف لا يمكنه أن يأتى من المدينة إلى المدائن ثمّ يعود في ليلة واحدة؟! عليك أمّا أنْ تُنْكر ذلك كلّه وتقول أنّ جميع مطالب القرآن وإحضار عرش بلقيس من سبأ كان جزافاً من القول؛ أو أن تؤمن به كلّه.
[4] «مناقب ابن شهر آشوب» ج 1، ص 448 و449.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة