في أمير المؤمنين سبع خصال لم تكن في أحد سواه
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج4/ص24-27
2025-12-06
38
أخرج أبو نعيم الإصفهانيّ بسلسلة سنده عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي سعيد الخدريّ أنّه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ لعليّ- وضَرَبَ ببَيْنَ كِتْفَيْهِ-: "يَا عَلِيّ! لَكَ سَبْعُ خِصَالٍ لَا يُحَاجُّكَ فِيهِنَّ أحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ أنْتَ أوَّلُ الْمُؤمِنِينَ بِاللهِ إيمَاناً، وأوفَاهُمْ بِعهْدِ اللهِ، وأقْوَمُهُمْ بِأمْرِ اللهِ، وأرأَفُهُمْ بِالرَّعِيَّةِ، وأقْسَمُهُمْ بِالسَّوِيَّةِ، وأعْلَمُهُمْ بِالْقَضِيَّةِ، وأعْظَمُهُمْ مَزِيَّةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ"[1].
وواضح أنّ رسول الله قال لعليّ بنحو مطلق أنّ هذه الصفات التي فيك لا يساويك فيها أحد يوم القيامة. أي: أنّ جميع الأنبياء والمرسلين لا يساوونك فيها، وأنّ الدرجة التي ارتقيت إليها في هذه الصفات السبع لم يرتقوا إليها.
وأخرج أبو نعيم أيضاً بسنده عن أنس بن مالك أنّه قال: بَعَثَنِي النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ إلى أبي بَرْزَةَ الأسْلَمِيّ فَقَالَ لَهُ- وأنَا أسْمَعُ: "يَا أبَا بَرْزَةَ! أنّ رَبَّ الْعَالَمِينَ عَهِدَ إلَيّ عَهْداً في عَلِيّ بْنِ أبي طَالِبٍ فَقَالَ: أنّهُ رَايَةُ الْهُدَى، ومَنارُ الإيمَانِ، وإمامُ أوليائي، ونُورُ جَمِيع مَنْ أطَاعني. يَا أبا بَرْزَةَ! عَلِيّ بْنُ أبي طَالِبٍ أمِينِي غَداً في الْقِيَامَةِ وصَاحِبُ رَايَتي في الْقِيَامَةِ على مَفَاتِيحِ خَزائِنِ رَحْمَةِ رَبّي"[2].
وواضح أنّ رسول الله لمّا كان أفضل الأنبياء جميعهم، وليس فيهم من هو على مفاتيح خزائن رحمة الله إلّا أمينه عليّ بن أبي طالب، فأنّ حصر هذا المقام به يدلّ على أنّ له منزلة خاصّة ليست لأحد من الأنبياء.
وذكر الحموينيّ في «فرائد السمطين»، وأبو نعيم بإسناده رواية نقلاها عن إسحاق بن كعب بن عُجْرة أنّه روى عن أبيه قال: قَالَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ: "لا تَسُبُّوا عَلِيّاً فَأنّهُ مَمْسُوسٌ في ذاتِ الله تعالى"[3].
وأخرج أبو نعيم أيضاً بسنده عن سليمان، وهو ابن محمّد بن كعب بن عُجْرة، عن عمّته زينب بنت كعب بن عجرة، وكانت زوجة أبي سعيد الخدريّ، عن أبي سعيد الخُدريّ أنّه قال: شَكَى النَّاسُ عَلِيّاً: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وآله وسَلَّمَ خَطِيباً، فَقَالَ: "يَا أيُّهَا النَّاسُ! لَا تَشْكُوا عَلِيّاً فَوَ اللهِ أنّهُ لأخْشَنُ في ذَاتِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ"[4].
ونقل القندوزيّ الشافعيّ أيضاً نحوه عن رسول الله، ثمّ قال: أخرج أحمد بن حنبل هذا الحديث[5].
وأيضاً عن كعب بن عجرة مرفوعاً أنّ رسول الله قال: "أنّ عَلِيّاً مَخْشُونٌ في ذَاتِ اللهِ عزَّ وجَلَ". ثمّ يقول: أخرجه أبو عمر[6].
وعلى هذا الأساس كانت تصدر معجزات الأنبياء والمرسلين عن أمير المؤمنين. وقال الإمام الفخر الرازيّ في تفسير الآية الشريفة: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ والرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً}[7]. ولِهَذَا قَالَ عَلِيّ بْنُ أبي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: "وَاللهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرٍ بِقُوَّةٍ جَسَدَانِيَّةٍ ولَكِنْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ". وذَلِكَ لأنّ عَلِيًّا كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ في ذَلِكَ الْوَقْتِ انْقَطَعَ نَظَرُهُ عَنْ عَالَمِ الأجْسَادِ وأشْرَقَتِ الْمَلائِكَةُ بِأنْوَارِ عَالَمِ الْكِبْرِيَاءِ فَتَقْوى رُوحُهُ وتَشَبَّهَ بِجَوَاهِرِ الأرْوَاحِ الْمَلَكِيَّةِ وتَلألأتْ فِيهِ أضْواءُ عَالَمِ الْقُدْسِ والْعَظَمَةِ فَلَا جَرَمَ حَصَلَ لَهُ مِنَ الْقُدْرَةِ مَا قَدَرَ بِهَا على مَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ[8]. علماً أنّ أربعة وأربعين شخصاً لم يستطيعوا أن يرفعوه عن الأرض، فقلعه الإمام بضربة واحدة ورماه فصار جسراً لعبور الجيش إلى داخل قلعة خيبر.
[1] «حلية الأولياء» ج 1، ص 66.
[2] «المصدر السابق» ص 66 و68.
[3] «حلية الأولياء» ج 1، ص 66 و68.
[5] «ينابيع المودّة» ص 216.
[7] الآية 9، من السورة 18: الكهف.
[8] «التفسير الكبير» للفخر الرازيّ ج 21، ص 91.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة