الشيعة أهل سنّة رسول الله ورافضي الباطل
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج3/ص100-103
2025-12-01
22
يقول الشيعة: السنّة تعني العمل بكلام رسول الله واتّباع فعله ونهجه. إذَن فأهل السنّة هم الذين يعملون بتعاليم النبيّ لا الذين يتخلّفون عنها. وما هم إلّا الشيعة، أطاعوا تعاليم نبيّهم واتّبعوا أهل بيته عملًا بتذكيراته ووصاياه المتواترة فيهم. أمّا العامّة فقد تركوا السنّة وخالفوا تعاليم ذلك الرسول العظيم. فالشيعة هم من أهل السنّة، والعامّة من تاركي السنّة.
وأمّا الرفض الذي نسبوه إلى الشيعة، فله معنى صحيح وحقيقيّ، وإن أرادوا خلافه. إنَّهم يقولون: تبرّأ الشيعة بعد رسول الله من صحابته الذين تربّوا على يده، ونبذوا سنّة رسول الله وراء ظهورهم. ويقول الشيعة: نحن كنّا ولا نزال نحترم الصحابة، ولكن ليس جميع الصحابة، لأنَّ الصحابة- من منظور قرآنيّ- غير متساوين، فكان بينهم عدد من المنافقين. مضافاً إلى ذلك فانَّ احترام الصحابة يتوقّف على اتّباعهم تعاليم الرسول الأكرم. أمّا لو خالفوا، وأبدعوا في الدين، وأضاعوا جهود نبيّهم، فهل يا ترى نحترمهم ونطيعهم؟ يقول الشيعة: نحن رفضنا سنّة الباطل والبدعة، وابتعدنا عن جماعة الباطل وأعوانه الهالكين، والتحقنا بجماعة الحقّ، فالرفض- إذَن- شرفنا، وعنوان الرافضة فخرنا. إنَّكم أخذتم بعين الاعتبار المعنى الباطل من هذا العنوان ونسبتموه إلينا. فذنبكم هو فهمكم القاصر وإدراككم العاثر.
نقل أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ في كتاب «المحاسن» عن عتيبة بيّاع القصب عن الإمام الصادق عليه السلام أنَّه قال: «وَاللهِ لَنِعْمَ الاسْمُ الذي مَنَحَكُمُ اللهُ ما دُمْتُمْ تأخُذُونَ بِقَولِنَا ولَا تَكْذِبُونَ عَلَيْنا»[1].
وفي «المحاسن» أيضاً عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام انَّه قال: «أنَا مِنَ الرَّافِضَة وهِيَ مِنِّي، قالَها ثَلاثاً»[2].
وفيه أيضاً عن أبي بصير أنَّه قال: قُلْتُ لأبي جَعفرٍ عَلَيهِ السَّلامُ جُعِلْتُ فِداكَ اسمٌ سُمِّينا بِهِ اسْتَحَلَّتْ بِهِ الوُلاةُ دِماءَنا وأموالَنا وعَذَابَنا قَالَ: «وَمَا هُوَ؟» قَالَ الرّافِضَةُ، فَقَالَ أبُو جَعْفَرٍ عَلَيهِ السَّلامُ: «إنَّ سَبْعِينَ رَجُلًا مِن عَسْكَرِ فِرعَونَ رَفَضُوا فِرعَونَ فَأتَوا موسى عَلَيهِ السَّلامُ فَلَمْ يَكُنْ في قَومِ موسى أحَدٌ أشَدَّ اجْتِهَاداً وأشَدَّ حُبّاً لِهارُونَ مِنْهُمْ، فَسَمّاهُمْ قَوْمُ موسى: الرّافِضَةَ، فَأوحَى الله تعالى إلى موسى عَلَيهِ السَّلامُ: أن أثبت لهم هذا الاسم في التوراة فإني نحلتهم، وذلك اسم قد نحلكموه الله»[3].
وجاء في «الكافي» أيضاً مثل هذه الرواية عن أبي بصير بشكل مفصّل[4].
وورد في التفسير المنسوب إلى الإمام الحسن العسكريّ عليه السلام أنَّه «قيل للصادق عليه السلام: إنَّ عمّاراً الدهنيّ شهد إلىوم عند ابن أبي ليلى قاضي الكوفة بشهادة. فقال له القاضي: قم يا عمّار فقد عرفناك، لا تقبل شهادتك لأنَّك رافضيّ. فقام عمّار وقد ارتعدت فرائصه، واستفرغه البكاء. فقال له ابن أبي ليلى: أنت رجل من أهل العلم والحديث، إن كان يسوئك أن يقال لك «رافضيّ» فتبرّأ من الرفض، فأنت من إخواننا، فقال له عمّار: يا هذا ما ذهبتُ والله حيثُ ذهبتَ، ولكنّي بكيتُ عليك وعليّ: أمّا بكائي على نفسي فإنَّك نسبتني إلى رتبةٍ شريفة لستُ من أهلها، زعمتَ أنَّي رافضيّ. ويحك لقد حدّثني الصادق عليه السلام «إنَّ أوّل من سمّي الرافضة: السحرة الذين لمّا شاهدوا آية موسى في عصاه، آمنوا به واتّبعوه، ورفضوا أمر فرعون، واستسلموا لكلّ ما نزل بهم فسمّاهم فرعون: الرافضة لمّا رفضوا دينه. فالرافضي من رفض كلّ ما كرهه الله، تعالى، وفعل كلّ ما أمره الله، فأين في الزمان مثل هذا؟» فإنَّما بكيتُ على نفسي خشية أن يطّلع الله تعالى على قلبي، وقد تقبّلت هذا الاسم الشريف على نفسي، فيعاتبني ربّي عزّ وجلّ ويقول: يا عمّار، أ كنتَ رافضاً للأباطيل، عاملًا للطّاعات كما قال لك؟ فيكون ذلك تقصيراً بي في الدرجات إن سامحني، وموجباً لشديد العتاب عَلَيّ إن ناقشني، إلّا أن يتداركني موالي بشفاعتهم.
وأمّا بكائي عليك، فلعظم كذبك في تسميتي بغير اسمي، وشفقتي الشديدة عليك من عذاب الله تعالى أن صرفتَ أشرف الأسماء إلى أن جعلته من أرذلها، كيف يصبر بدنك على عذاب الله، وعذاب كلمتك هذه؟!
فقال الصادق عليه السلام: «لو أنَّ على عمّار من الذنوب ما هو أعظم من السماوات والأرضين، لمحيت عنه بهذه الكلمات. وإنَّها لتزيد في حسناته عند ربّه عزّ وجلّ حتى يجعل كلّ خردلة منها أعظم من الدنيا ألف مرّة»[5].
يستنتج ممّا تقدّم أنَّ الرافضة عنوان صحيح للشيعة، بَيدَ أنَّ العامّة قصدت منه معنى سيّئاً، كما أنَّ كلمة الشيعة جاءت من الفعل شاعَ يشيعُ بمعنى المطاوعة، والمشايعة بمعنى المتابعة.
يقول ابن الأثير في كتابه اللغويّ «النهاية» في مادّة «شيع» وأصل الشيعة الفرقة من الناس، وتقع على الواحد، والاثنين، والجمع، والمذكّر والمؤنث بلفظ واحد، ومعنى واحد. وقد غلب هذا الاسم على كلّ من يزعم أنَّه يتولّى عليّاً رضي الله عنه وأهل بيته، حتى صار لهم اسماً خاصّاً. فاذا قيل: فلانٌ من الشيعة، عُرِفَ أنَّه منهم، وفي مذهب الشيعة كذا: أي عندهم. وتجمع الشيعة على شِيَع. وأصلها من المشايعة. وهي المتابعة والمطاوعة- انتهى كلام ابن الأثير.
[1] «بحار الأنوار» ج 15، كتاب الإيمان، ص 127.
[4] «بحار الأنوار» جلد 15، كتاب الإيمان ص 115. وجاء في كتاب «الصواعق المحرقة» ص 79: ومن كلام الشافعيّ رضي الله عنه:
قَالُوا تَرَفَّضْتَ قُلتُ كَلّا *** وَمَا الرَّفضُ دِيني ولا اعْتِقَادي
لَكِن تَوَلّيتُ غَيرَ شَكٍ *** خَيرَ إمَامٍ وخَيْرَ هَادي
إن كَانَ حُبُّ الْوَلِيّ رَفْضاً *** فَإنَّني أرفَضُ الْعِبَادِ
وقال أيضاً رضي الله عنه:
يَا رَاكِباً قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِن مِني *** وَاهْتِف بِسَاكِنِ خَيْفِهَا والنَّاهِض
سَحَراً إذَا فَاضَ الْحَجيجُ إلى مِني *** فَيْضاً كَمُلتَطِمِ الْفُراتِ الْفَائِضِ
إن كَانَ رَفْضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ *** فَلْيَشهَدِ الثَّقَلانِ أنِّي رَافِضي
[5] التفسير المنسوب إلى الإمام العسكريّ عليه السلام، ص 310.
الاكثر قراءة في فرق واديان ومذاهب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة