شهدت أوروبا تطورا كبيرا في السياحة في القرن العشرين إلى درجة أنها أصبحت صناعة تنافس الصناعات الأخرى من حيث أهميتها كمصدر دخل قومي لكثير من البلاد. وإلى حد ما يمكن القول بأن السياحة كانت من نتاج الثورة الصناعية فالتطور الكبير الذى حدث في تكنولوجيا وسائل النقل المختلفة قد قلل من الوقت الذي يستغرق في الرحلات كما أدى إلى سهولة الاتصال بالقارة وبين أجزائها ، وعلاوة على ذلك فإن الثورة الصناعية قد أفرزت طبقة متوسطة في أوروبا وأمريكا تملك الموارد المالية الكافية لتسمح لها بالسفر والتجوال خاصة قبل 1920 ، ومنذ 1945 فإن جماهير هذه الطبقة المتوسطة قد ساعدت في نهضة هذه الصناعة وللأمريكيين دور كبير في بعث هذه النهضة السياحية في أوروبا ، لأن أوروبا كانت لها جاذبية خاصة عند الأمريكيين على مختلف طبقاتهم:

(1) فبالنسبة إلى الفئة المثقفة والمتعلمة من الأمريكيين فإن أوروبا تمثل ماضيهم العنيد والولايات المتحدة دولة حديثة يرجع تاريخها  الأوروبى إلى 350 سنة ، وهذه المدة صغيرة بالقياس إلى عمر الشعوب ، ولذا كان لابد للأمريكي لكي يشبع فضوله الثقافي عن أصله وفصله الحضاري أن يلجأ إلى رحاب القارة الأم ، لأن تاريخه ينفذ في أوروبا ويتخلل كيانها فإن خرائب اليونان من العهد الكلاسيكي وكاتدرائية شارلمان في آخر، ومزوج رونى ميد حيث وقعت معاهدة ماقنا كارتا ، ومدن العصور الوسطى المحفوظة مثل روتنبرج في ألمانيا وكاركسون في فرنسا وعظمة البندقية الداوية . كلها تمثل جزءا من ماضى أمريكا.

(2) وإغراء آخر يتمثل في كون أوروبا منطقة فريدة : فهي تمثل العالم القديم وجذابة بحكم كونها غير مألوفة أو عتيقة الطراز، فأوروبا تختلف في نواحي كثيرة عن أمريكا وهذا الاختلاف يرجع أساسا إلى عمر القارة الحضاري وعراقتها ، والمظهر الحضاري لأوروبا ينصح بالاستقرار والديمومة والنظافة والتناسق والتكامل ، فهي تسر العين الأمريكية لأنها تظهر متكاملة ومصقولة بالمقارنة إلى دولتهم وفتنة أوروبا تنبثق أيضا من تنوعها وعبر مسافة قصيرة يرى السائح أنواعا من المظاهر الحضارية ويستمع إلى لغات عدة ويكتشف عادات وتقاليد كثيرة والعبور الكثير للحدود الدولية يضيف نكهة إضافية إلى الرحلة ذاتها على عكس أمريكا حيث نشاهد رغم تنوع بيتها الطبيعية اتساقا مملا في كل مظاهرها الحضارية.

أما السياحة بين الدول الأوروبية نفسها فبعثها الاختلافات المناخية بين أجزائها فالسويديون والألمان والبريطانيون يلجأون إلى دفى أجواء حوض البحر الأبيض المتوسط هربا من مناخهم البارد الممطر والملبد بالغيوم ، وكثيرا ما نرى مجموعات قومية معينة تفضل أماكن سياحية معينة ، ومثلا السواح الألمان يفضلون ساحل يوغسلافيا الأدرياتي في حين أن السويديين والبريطانيين من أكثر المترددين في جزيرة رودس اليونانية.

وقد استجابت أوروبا لهذا الإقبال الشديد من السواح الأمريكيين والأوروبيين على حد سواء ببناء شبكة ضخمة من الفنادق على جميع المستويات وإنشاء المصايف وإدارتها بواسطة خبراء يجيدون عدة لغات وهناك أيضا الرحلات المبرمجة على أنواعها والكازينوهات وصالات القمار وأماكن التزحلق على الجليد وغيره من المغريات الأخرى التي تدر ملايين الدولارات على شعوبها وخاصة بعض الشعوب الصغيرة التي تمثل السياحة عمودها الفقري الاقتصادي .

اخر الاخبار

اخبار العتبة العباسية المقدسة

اللجنة المنظّمة: مهرجان رحمةً للعالمين يسعى لإحياء مبدأ التعايش السلمي والحوار الحضاري

ضمن فعاليات مهرجان رحمة للعالمين.. افتتاح معرض للكتاب في منطقة بين الحرمين الشريفين

مهرجان رحمة للعالمين يشهد إطلاق طابع بريدي تذكاري بمرور 1500 عام على المولد النبوي

عرض فيلم وثائقي يتناول جزءًا من سيرة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ضمن فعّاليات مهرجان رحمةً للعالمين

المزيد

الآخبار الصحية

تحذير من الإفراط في شربها.. متى تصبح الماتشا خطيرة؟

من بناء العضلات إلى "تسميم الجسم".. الوجه الآخر للبروتين ؟

دراسة جديدة: مخ الانسان يغتسل أثناء النوم

هل من الآمن شرب القهوة على معدة فارغة؟

المزيد

الآخبار التكنلوجية

مزايا مرآة الرؤية الخلفية ذاتية التعتيم في السيارات

دراسة.. كوكب غريب أمد الأرض بمقومات الحياة !

يهدد عرش هوليود.. أول فيلم رسوم متحركة بالذكاء الاصطناعي

أكبر تغيير منذ سنوات.. هل تكشف أبل النقاب عن "iPhone Air"؟

المزيد

مواضيع ذات صلة

دور الجغرافية في حماية مناطق السياحة والاصطياف والاستجمام

الخيارات المحدودة لمعالجة مشكلة الموسمية

السفر والسياحة في إشباع الحاجات الإنسانية

السياسات البيئية

دوافع ومحفزات السفر والسياحة

مكونات السياحة كسلعة ملموسة وغير ملموسة

توفير العمالة المطلوبة للقطاع السياحي

ظروف العرض السياحي والموقع

اثار السياحة السياسية

التخطيط السياحي والبيئة

أثر السياحة في العلاقات الدولية

أثر السياحة في تحقيق التوازن الاقتصادي داخل حدود الدول السياحية