حادثة الافك ابتلاء وامحتان للمؤمنين
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص108-109.
2025-07-29
465
حادثة الافك ابتلاء وامحتان للمؤمنين
قال تعالى : {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ (13) وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15) وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16) يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (17) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 12 - 18].
قال الشيخ الطبرسيّ ( رحمه اللّه تعالى ) :
1 - لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً معناه :
هلا حين سمعت هذا الإفك من القائلين له ، ظن المؤمنون والمؤمنات بالذين هم كأنفسهم خيرا ، لأن المؤمنين كلهم كالنفس الواحدة فيما يجري عليها من الأمور . فإذا جرى على أحدهم محنة ، فكأنها جرت على جماعتهم ، فهو كقوله : فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ . . . وعلى هذا يكون خطابا لمن سمعه ، فسكت ولم يصدق ولم يكذب . وقيل : هو خطاب لمن أشاعه ، والمعنى :
هلا إذا سمعتم هذا الحديث ، ظننتم بها ما تظنونه بأنفسكم ، لو خلوتم بها ، وذلك لأنها كانت أم المؤمنين . ومن خلا بأمه لا يطمع فيها ، وهي لا تطمع وَقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِينٌ أي : وهلا قالوا هذا القول كذب ظاهر.
2 - لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أي : هلا جاءوا على ما قالوه ببينة ، وهي أربعة شهداء يشهدون بما قالوه . فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ أي :
فحين لم يأتوا بالشهداء فَأُولئِكَ الذين قالوا هذا الإفك عِنْدَ اللَّهِ أي :
في حكمه هُمُ الْكاذِبُونَ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ بأن أمهلكم لتتوبوا ، ولم يعاجلكم بالعقوبة لَمَسَّكُمْ أي : أصابكم فِيما أَفَضْتُمْ أي : خضتم فِيهِ من الإفك عَذابٌ عَظِيمٌ أي : عذاب لا انقطاع له .
3 - ثم ذكر الوقت الذي كان يصيبهم العذاب فيه لولا فضله فقال : إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ أي : يرويه بعضكم عن بعض . . . وقيل : معناه تقبلونه من غير دليل ، ولذلك أضافه إلى اللسان . وقيل : معناه يلقيه بعضكم إلى بعض . . . وَتَقُولُونَ بِأَفْواهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً أي :
تظنون أن ذلك سهل ، لا إثم فيه وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ في الوزر ، لأنه كذب وافتراء .
4 - ثم زاد سبحانه في الإنكار عليهم ، فقال : وَلَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ أي : هلا قلتم حين سمعتم ذلك الحديث ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا أي : لا يحل لنا أن نخوض في هذا الحديث ، وما ينبغي لنا أن نتكلم به سُبْحانَكَ يا ربنا بِهذا الذي قالوه بُهْتانٌ عَظِيمٌ أي : كذب وزور عظيم عقابه ، أو نتحير من عظمه . وقيل : إن سبحانك هنا معناه التعجب كقول الأعشى : « سبحان من علقمة الفاخر » . وقيل : معناه ننزهك ربنا من أن نعصيك بهذه المعصية .
5 - ثم وعظ سبحانه الذين خاضوا في الإفك فقال : يَعِظُكُمُ اللَّهُ أي : ينهاكم اللّه . . . وقيل : يحرم اللّه عليكم أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ . . . وقيل :
معناه كراهة أن تعودوا ، أو لئلا تعودوا إلى مثله من الإفك أَبَداً أي : طول أعماركم إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي : مصدقين باللّه ونبيه ، قابلين موعظة اللّه .
6 - وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ في الأمر والنهي وَاللَّهُ عَلِيمٌ بما يكون منكم حَكِيمٌ فيما يفعله ، لا يضع الشيء إلّا في موضعه « 1 ».
________________
( 1 ) مجمع البيان : ج 7 ، ص 231 - 232 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة